عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2011
  #12
عمرأبوحسام
محب فعال
 الصورة الرمزية عمرأبوحسام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 47
معدل تقييم المستوى: 0
عمرأبوحسام is on a distinguished road
افتراضي رد: دراسات في القرآن والنبوة:

يحبهم ويحبونه
يجب أن نُزيل وهما يتمثل في اعتقاد أن القرآن مجرد مجموعة نصوص، وأنه متى جعلنا هذه النصوص دستورا فقد حكمنا بما أنزل الله، وخرجنا من دوائر الكفر والظلم والفسق. نعم في القرآن أحكام مضبوطة وأصول للاجتهاد وشريعة تتناول بالتفصيل أو بالإجمال كل نشاطات الإنسان وكل علاقات المجتمع. لكن الوهم الخطير هو أن نتصور الحكم بما أنزل الله عملية قانونية فقهية، بالمعنى الدارج للفقه لا بالمعنى القرآني. من الوهم أن نتصور أن دولة القرآن تقوم بمجرد رفع النصوص شعارا. والإلزام بها، والناس كالناس، والقلوب جافة من معاني الإيمان والرحمة، ناشفة منها.
كلا حتى تسمع القلوب وتستجيب لله وتقيم الصلاة الإقامة القلبية الخاشعة ليصح أن يكون أمرهم شورى بينهم، ويكون للشورى مدلول غير مدلول الاصطلاح على مسطرة ديمقراطية لتصريف شؤون الناس!
عند الناس هذا دين وهذه دنيا. لا دخل للدين في الدولة ولا تنفي الدولة حُرية الأديان ما دام في حَظيرته التي سيَّجَتْها له الدولة وحصرته فيها. وانفصام الدين والدولة حدث في تاريخ أوربا، فلما غزانا الفكر الأوربي أعدانا بالفهم الازدواجي العدائي بين الدعوة والدولة. أما في تاريخ الإسلام فلم يَجْرُأْ أحد قبل أتاتورك على فصل الدولة عن الدعوة، أي فصل معاني القلب عن مجال الحياة الاجتماعية والسياسية، فإقامة دولة القرآن على المنهاج النبوي تبغي تركيبا اجتماعيا روحه الرحمة الجامعة بين المومنين، محبة وتَوادُداً عضويا يصل العباد بربهم، ويرشحهم ليحبهم الله بمحبتهم لله ولمن يحبهم الله.
قال الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [1].
اسمعْ أن محبة الله عباده ومحبتهم إياه وذلتهم على المومنين وعزتهم على الكافرين فضل من الله. كلمة تلحق بِسِرْب معاني الرحمة والحكمة والنور وأخواتهن. واسمع الشرط الإحساني (يحبهم ويحبونه) الذي تُبْنَى عليه الرَّحِمُ الإيمانية التي بها كانوا رحماء بينهم أشداء على أعدائهم. نرجع إن شاء الله في فصل لاحق للحديث عن الولاية بين المومنين.
أيّ عبد موفق لا يطير فرحا حين يعلم أن الله عز وجل يحب من يحب، وأنه يقربه، ويفعل به ما يفعل بأوليائه مما يحفل بذكره والتشويق إليه القرآن والسنة؟
واتباع الرسول الهادي ومحبته شرط في ذلك. قال الله عز وجل: ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [2]. فمن هنا حرصنا على التمهيد للحديث عن الدولة بالحديث عن الإيمان والإحسان. وبهذا لا يكون بحثنا عن المنهاج النبوي خارج المنهاج النبوي، وكأنَّ هذا المنهاج حيلة فكرية، أو مهارة نظرية، أو أسلوب سياسي، أو تنظيم يبني المجتمع من خارج بقهر الدولة. المنهاج اتباع، والاتباع هو السنة. وهي وحي من الوحي. هي روح من أمر الله: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا﴾ [3]. روى أبو داود والترمذي والإمام أحمد بسند صحيح عن المقدام بن معديكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني، هو متكئ على أريكته، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه، وما وجدنا فيه حراما حرمناه. وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله" . هذه رواية الترمذي. وعند أبي داود يبدأ الحديث هكذا: "ألا أني أوتيت الكتاب ومثله معه" .
قوم حملوا الحديث النبوي سلاحا يقاتلون به المومنين، يبدعون ويضللون ويكفرون. وقوم من الدعاة على أبواب جهنم أنكروا السنة إطلاقا. أولئك أحالوا دين أبي القاسم الرؤوف الرحيم بالمومنين نقمة على المومنين، وسنته ربْقة، فأشاعوا الكراهية بين المسلمين. جمع الله لهم مع عزتهم على المومنين ذلة على عتبات حكام الجبر. أما منكرو السنة فهم أشنع المتكئين أهل الخذلان نعوذ بالله.
عمرأبوحسام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس