عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #7
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية:

وإياكم ومظالم العباد فإن الظلم ظلمات يوم القيامة وظلم العباد أن تمنعهم حقوقهم التي أوجب الله عليك أداءها إليهم وقد يكون ذلك بالحال فيما تراه عليه من الاضطرارات وأنت قادر واجد لسد خلته ودفع ضرورته فيتعين عليك أن تعلم أن له بحاله حقاً في مالك فإن الله ما أطلعك عليه إلا لتدفع إليه حقه وإلا فأنت مسؤول فإن لم يكن لك قدرة بما تسد خلته فاعلم أن الله ما أطلعك على حاله سدى فاعلم أنه يريد منك أن تعينه بكلمة طيبة عند من تعلم أنه يسد خلته فإن لم تعمل فلا أقل من دعوة تدعو له ولا يكون هذا إلا بعد بذل المجهود واليأس حتى لا يبقى عندك إلا الدعاء ومهما غفلت عن هذا القدر فأنت جملة من ظلم صاحب هذا الحال كله إن مات ذلك المحتاج من تلك الحاجة فإن لم يمت وسد خلته غيرك من المؤمنين فقد أسقط أخوك عنك هذه المطالبة من حيث لا يشعر فإن المؤمن أخو المؤمن لا يسلمه وإن لم ينو المعطي ذلك ولكن هكذا هو في نفس الأمر وكذا يقبله الله فإذا أعطيت أنت سائلاً بالحال ضرورته فأنوِ في ذلك أن تنوب عن أخيك المؤمن الأوّل الذي حرمه وتجعل ذلك منه إيثاراً لجنابك عليه بذلك الخير الذي أبقاه من أجلك حتى تصيبه إذ لو أعطاه اقتنع بما أعطاه ولم تكن تجد أنت ذلك الخير فبهذه النية عطاء العارفين أصحاب الضرورات السائلين بأحوالهم وأقوالهم (( وأما السائل فلا تنهر)) وسواء كان ذلك في القوت المحسوس أو المعنوي فإن العلم من هذا الباب والإفادة فإن الضال يطلب الهداية والجائع إلا طعام والعاري يطلب الكسوة التي تقيه برد الهواء وحره وتستر عورته والجاني العالم بأنك قادر على مؤاخذته يطلب منك العفو عن جنايته فأهد الجيران وأطعم الجائع واسق الظمآن واكسِ العريان واعلم أنك فقير لما يفتقر إليك فيه والله غني عن العالمين ومع هذا يجيب دعاءهم ويقضي حوائجهم ويسألهم أن يسألوه في دفع المضار عنهم وأيضاً المنافع إليهم فأنت أولى أن تعامل عباد الله بمثل هذا لحاجتك إلى الله في هذه الأمور خرج مسلم في الصحيح عن عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي عن مروان بن محمد الدمشقي عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال (( يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستسكوني أكسكم يا عبادي أنتم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم )) والحق تعالى يعطيكم هذا كله من غير سؤال منك إياه فيه ولكن مع هذا أمرك أن تسأله فيعطيك إجابة لسؤالك ليريك عنايته بك حيث قبل سؤالك وهذه منزلة أخرى زائدة على ما أعطاك وإذا كان سؤالك عن أمره وقد علم منك أنك تسأله ولا بد من ضرورة أصل ما خلقت عليه من الحاجة والسؤال لتكون في سؤالك مؤدياً أمراً واجباً فتجزي جزاء من امتثل أمر الله فنزيد خيراً خير فما أمرك إلا رحمة بك وإيصال خير إليك ولينبهك على أن حاجتك إليه لا إلى غيره فإنه ما خلقك إلا لعبادته أي لتذلّ له فالذي أوصيك به الوقوف عند أوامر الحق ونواهيه والفهم عنه في ذلك حتى تكون من العلماء بما أراده الحق منك في أمره ونهيه إياك ومن لم يسأل ربه فقد بخله هذا في حق العموم فإن فرّطت فيما أوصيتك به فلا تلومن إلا نفسك فإنك إن كنت جاهلاً فقد علمتك وإن كنت ناسياً فلا فقد نبهتك وذكرتك فإن كنت مؤمنً فإن الذكرى تنفعك فإني قد امتثلت أمر الله بما ذكرتك به وانتفاعك بالذكرى شاهد لك بالإيمان قال الله عز وجلّ في حقي وفي حقك (( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )) فإن لم تنفعك الذكرى فإنهم نفسك في إيمانك فإن الله صادق وقد أخبر بأن الذكرى تنفع المؤمنين ومن تمام هذا الخبر الإلهي الذي أوردناه بعد قوله (( أغفر لكم )) إن قال (( عبادي أنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني )) ومعلوم أنه سبحانه لا يتضرر ولا ينتفع فإن الغنيّ عن العالمين ولكن لما أنزل نفسه منزلة عبده فيما ذكرناه من الاستطعام نبهنا بالعجز عن بلوغ الغاية في ضر العباد له أو في نفعهم فمن المحال بلوغ الغاية في ذلك ولكون الله قد قال في حق قوم أنه ما تبعوا ما اسخط وهو في الظاهر ضر ونزه نفسه عن ذلك وكذبك من فعل فعلاً يرضى الله به ويفرحه كالتائب في فرح الله بتوبة عبده فكان هذا الخبر كالدواء لما يطرأ من المرض من ذلك في بعض النفس الضعيفة في العلم بالله التي لا علم لها بما يعطيه قوله (( ليس كمثله شيء )) ثم من تمام هذا الخبر قوله (( يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك من ملكي شيئاً يا عبادي لو أن أولكم وأخركم أنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيءً يا عبادي لو أن أولكم وأخركم أنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا دخل في البحر)) وهذا كله دواء لما ذكرناه من أمراض النفوس الضعيفة فاستعمل يا ولى هذه الأدوية يقول الله (( إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)) ومن سأل عن حاجة فقد ذل ومن ذل لغير الله فقد ضل وظلم ولم يسلك بها طريق هداها (( وهذه وصيتي إياك فالزمها ونصيحتي فاعلمها ومازال الله تعالى يوصي عباده في كتابه وعلى ألسنة رسله فكل من أوصاك بما في استعماله سعادتك فهو رسول من الله إليك فاشكره عند ربك ))
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس