عرض مشاركة واحدة
قديم 10-15-2012
  #2
عبدالرزاق
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبدالرزاق
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 329
معدل تقييم المستوى: 14
عبدالرزاق is on a distinguished road
افتراضي رد: اتباع المتشابه بين القدرية والحلولية والجهوية


إذا علمنا هذه الأصول فنشرع في عرض موضوع البحث وبالله التوفيق.
أولاً :أخذ القدرية بظاهر النصوص في صفة العلم:
هذه من الضلالات التي وقع فيها المبتدعة من غلاة القدرية حيث قالوا أن بعض الأمور لايعلمها الله_ سبحانه وتعالى_ إلا بعد وقوعها واستدلوا على ذلك بالنصوص التالية:
1ـ قوله تعالى في سورة البقرة { وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه } فأخذوا الآية بظاهرها وقالوا جعل الله القبلة لغرض أن يعلم من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه سبحانه وتعالى لم يكن يعلم بهذا الشيءفيريد أن يعلم.
2ـ وقوله تعالى { أفحسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم}
[ آل عمران : 142 ] قالوا لا يعلم من الذي من عباده سيجاهد ويصبر ليدخل الجنة،إلا بعد حصول ذلك من العبد !!.تعالى الله عن ذلك.
3ـ وقوله تعالى{ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا}قالوا :هو يريد أن يبعثهم حتى يعلم مالم يكن يعلم من قبل!!!
4ـ وقول الله تعالى { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم } قالوا:فهو لا يعلم بما سيفعلون إلا بعد أن يبتليهم . سبحانه وتعالى عما يقولون.!!
5ـ وقوله تعالى((وما كان له عليهم من سلطان الا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ ))سورة سبأ- آية 21 فقال القدرية:يريد الله أن يعلم من يؤمن بالأخرةلأنه لم يكن يعلم بذلك فحدث له العلم بذلك . سبحانه وتعالى عما يقولون.
6ـ وقوله تعالى ((ومااصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين)) سورة آل عمران آية166قالوا يريد أن يعلم المؤمنين وهم الذين يثبتون في الجهاد لأنه يحصل له العلم بذلك إلا بعد أن يرى ما يفعلون بعد الابتلاء.!!
7ـ وقوله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله ايديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم))
المائدة آية 94 قالوا:لا يعلم من يخافه بالغيب إلا بعد هذا الابتلاءكما هو نص الآية.!
8ـ ((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز )) سورة الحديدوهكذا فقد أخذوا النصوص الواردة على ظاهرها ،فوقعوا في بدعة كفرية عظيمة.

وجواب أهل السنة والجماعة كان جواباً واضحاً صريحاً وهو: أن هذه الآيات من المتشابه الذي لايؤخذ على ظاهره بل يأّول تأويلاً صحيحاً لغة وشرعاً .ليدفع شبهةالقدرية الجفاة وذلك لايمكن إلا بتأويل الآيات على معنى صحيح يليق بالله تعالى .
فكان جواب أهل الحق والسنة عن هذه الآيات بالأجوبةالتالية:
أولاً:أننا نقطع يقيناً بأن الجهل نقص عظيم والله سبحانه وتعالى له الكمال المطلق وما ينبغي له سبحانه وتعالى النقص في ذاته ولا صفاته ومنها العلم،وهذا أصل قطعي وما ورد من الآيات التي توهم منها المبتدعة أن الله لايعلم بعض الأمور إلا بعد وقوعها مؤولة بمعاني أخرى لا تنافي كمال الله تعالى فلا يجوز أخذ هذه النصوص على ظاهرها.
ثانياً: أن أدلة النقل الصحيحة وأدلة العقل القاطعةتدل على أن الله تعالى قديم غير حادث وصفات الله ملازمة له فهي قديمة غير حادثةومنها العلم.
ثالثاً:أنه قد ورد في كتاب الله تعالى آيات محكمة تدل على كمال الله تعالى المطلق وعلى أن علمه غير محدود فلا يترك النص المحكم من أجل النص المتشابه لأن هذا طريق أهل الضلال كما قال الله تعالى ((فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم))
وقد وردت نصوص محكمات تدل على أن الله قد علم كل الأمور قبل وجودها فقال تعالى ((وهو بكل شيء عليم))وقال تعالى ((يعلم مابين أيديهم وما خلفهم ولايحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض))
وقال تعالى ((عالم الغيب والشهادة )) وقال تعالى ((يعلم مافي السموات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون وهو عليم بذات الصدور )). وقال النبي صلى الله عليه وسلم((لما خلق الله القلم قال له اكتب، فكتب ماهو كائن إلى يوم القيامة))
رابعاً :إذا تحقق ما ذكرناه في النقاط السابقة فهذا سرد لبعض أقوال أهل السنة في تأويل معاني هذه النصوص التي تعلق بها القدرية.
التأويل الأول:قال الإمام ابن جريرالطبري في تفسير آية الكهف ( ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى) يقول:ثم بعثنا هؤلاء الفتية الذين أووا إلى الكهف بعد ما ضربنا على آذانهم فيه سنين عددا من رقدتهم، لينظر عبادي فيعلموا بالبحث، أي الطائفتين اللتين اختلفتا في قدرمبلغ مكث الفتية في كهفهم رقودا أحصى لما لبثوا أمدا ). انتهى كلام ابن جرير.وهو نفس الوجه الثاني من الوجوه التي ذكرها البيهقي في ما يأتي قريباً.
التأويل الثاني: ما ذهب إليه جماعة من العلماء ومنهم الفراء : وهو أن حدوث العلم في هذه الآية راجع إلى المخاطبين ، ومثاله أن جاهلاً وعاقلاً اجتمعا ، فيقول الجاهل: الحطب يحرق النار ، ويقول العاقل : بل النار تحرق الحطب ، وسنجمع بينهما لنعلم أيهما يحرق صاحبه معناه : لنعلم أينا الجاهل ، فكذلك قوله : { إلا لنعلم } إلالتعلموا والغرض من هذا الجنس من الكلام : الاستمالة والرفق في الخطاب ، كقوله: { وإنا أو إياكم لعلى هدى } [ سبأ : 24 ] فأضاف الكلام الموهم للشك إلى نفسه ترقيقاللخطاب ورفقا بالمخاطب ، فكذا قوله : { إلا لنعلم } .وقد ذكر نحوه الإمام البيهقي في الأسماء والصفات .حيث قال الإمام البيهقي بسنده إلى :يحيى بن زياد الفراء ، فقوله عز وجل : {وما كان له عليهم من سلطان} أي حجة يضلهم بها إلا أنا سلطناه عليهم لنعلم من يؤمن بالآخرة قال : فإن قال قائل : إن الله خبرهم بتسليط إبليس وبغيرتسليطه قلت : مثل هذا في القرآن كثير.قال الله عز وجل : {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} وهو يعلم المجاهدين والصابرين بغير ابتلاء ففيه وجهان: أحدهما أن العرب تشترط للجاهل إذا كلمته شبه هذا شرطا تسنده إلى أنفسها وهي عالمة ،ومخرج الكلام كأنه لمن لا يعلم : من ذلك أن يقول القائل : النار تحرق الحطب ، فيقول الجاهل : بل الحطب يحرق النار فيقول العالم : سنأتي بحطب ونار لنعلم أيهما يأكل صاحبه ، أو قال : أيهما يحرق صاحبه ، وهو عالم فهذا وجه بيّن.
والوجه الآخر أن يقول: ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم ، معناه حتى نعلم عندكم ، فكأن الفعل لهم في الأصل ومثله مما يدلك عليه قوله : {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} أي عندكم يا كفرة ، ولم يقل عندكم ـ وإن كان ـ ذلك معناه ومثله : {ذق إنك أنت العزيزالكريم} أي ـ كريم ـ عند نفسك إذا كنت تقوله في دنياك ، ومثله قال الله لعيسى: {أأنت قلت للناس} وهو يعلم ما يقول وما يجيبه ، فرد عليه عيسى ، وعيسى يعلم أن الله لا يحتاج إلى إجابته ، فكما صلح أن يسأل عما يعلم ويلتمس من عبده ونبيه الجواب ،فكذلك يشترط ما يعلم من فعل نفسه حتى كأنه عند الجاهل لا يعلم ، وحكى المزني عن الشافعي رضي الله عنه في قوله تعالى : {وما جعلنا القبلةالتي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول} يقول : إلا لنعلم أن قد علمتم من يتبع الرسول ، وعلم الله تعالى كان قبل اتباعهم وبعده سواء وقال غيره : إلا لنعلم من يتبع الرسول بوقوع الاتباع منه كما علمنا قبل ذلك أنه يتبعه. انتهى كلام الإمام البيهقي
التأويل الثالث: تأويل بثمرة العلم وهو: التمييز فمعنى الآيات إلا لنميز هؤلاء من هؤلاء بانكشاف ما في قلوبهم من الإخلاص والنفاق ، فيعلم المؤمنون من يوالون منهم ومن يعادون ، فسمي التمييز علماً ، لأنه أحد فوائد العلم وثمراته.

التأويل الثالث: { إلا لنعلم } معناه : إلا لنرى، ومجاز هذا أن العرب تضع العلم مكان الرؤية ، والرؤية مكان العلم كقوله تعالى : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد} [ الفجر : 6] أي ألم تعلم.وقوله تعالى {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل } ومعناه ألم تعلم .
إذن كلمت رأيت ، وعلمت ، وشهدت ، ألفاظ متعاقبة.
التأويل الرابع : أي كما يقول الملك : فتحنا البلدة الفلانية بمعنى: فتحها أولياؤنا ، ومنه يقال : فتح عمر السواد رغم أن عمر لم يفتح ولم يحضر وإنماالفاتح هو جيشه والعرب تستعمل هذا في لغتهم والقرآن جاء بلغة العرب.فهذا أحد التأويلات فلا تحمل الآية على ظاهرها بل تأول بما يليق بالله تعالى لأن حملها على ظاهرها كفر .ولذا كفر العلماء هؤلاء القدرية الجفاة.
فتلك بعض تأويلات أهل السنة رداً على القدرية ويجرى هذا التأويل في جميع الآيات السابقة حسب الإمكان .
وفيه فوائد:
1ـ أن القدرية ضلوا لأخذهم بظواهر النصوص وتفسيرها بالمعنى المتبادر إلى الذهن.
2ـ أنه يجب صرف الآيات عن المعنى المتبادر إلى الأذهان،وذلك لأن حملها على ظاهر المعنى لايليق بالله تعالى لأنه يقتضي نسبة النقص لله سبحانه وتعالى .وقد علم استحالة ذلك نقلاً وعقلاً.فكان الرجوع للنصوص المحكمة وترك المتشابهة واجب محتم.
3ـ أنهم عالجوا هذه الشبهات بالتأويل على معنى لآئق بالله تعالى سائغ في لغة العرب لتتفق مع الأصول القطعية الثابتة لله تعالى وتتفق مع نصوص أخرى كأخباره تعالى في التوراة والإنجيل ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى فيما يحكيه عن سيدنا عيسى عليه السلام ((ومبشربرسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ..)).
__________________
رفيقك علم الله فلابد ان لا تنسى رفيقك
عبدالرزاق غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس