عرض مشاركة واحدة
قديم 05-28-2009
  #1
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 17
هيثم السليمان is on a distinguished road
افتراضي الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله تعالى

العالم الرباني والداعية المجدد
الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله تعالى
مولده وظروف الحياة في بلده :
ولد الشيخ عبد الكريم في دمشق مطلع القرن العشرين عام 1901 م وفي أواخر العهد العثماني في بلاد الشام ، حيث الجهل يعمُّ طبقات كثيرة من المجتمع ، وحيث الفقر والتأخر يرخي بظلاله السوداء على حياة الناس .
ولد الشيخ في أسرة مستورة الحال , وكان منذ صغره ضعيف الجسم مريضاً ، تعبت والدته كثيراً في محاولة علاجه مع قلة ذات اليد , فهي المعيلة الوحيدة للأسرة بعد وفاة زوجها , حتى أصابها اليأس من شفائه ، وكانت قد سمعت بعالم من علماء دمشق من الصالحين من ذوي النفوس الرحيمة والنجدة في مساعدة الناس هو الشيخ علي الدقر رحمه الله , فانطلقت بولدها عبد الكريم إليه ,وأخبرته عن حاله وقالت لقد يئست من شفائه وسأتركه أمانة بين يديك عسى الله أن يكتب له الشفاء ببركتك وبركة العلم .
نظر الشيخ إلى الطفل بين يديه , وحدق في وجهه وكأن الله قد أراه ما سيكون عليه في المستقبل من شأن كبير في العلم والدعوة إلى الله عز وجل ، فراح يتوجه لهذا الطفل بالعناية والرعاية ويدعو الله له بكل إخلاص وصدق ، فما هي إلا فترة قليلة من الزمن حتى بدت علامات التحسن والشفاء على الفتى عبد الكريم , وأصبح يذهب ويجيء على قدميه بعد أن كان يُحمل حملاً, وحقق الله تبارك وتعالى ما كانت تؤمله الوالدة الملهوفة اليائسة من هذا الشيخ الصالح المبارك في ولدها عبد الكريم وسُرت بذلك سروراً عظيماً .
طلبه للعلم وشيوخه :
سلك الشيخ عبد الكريم طريق العلم الشرعي على يدي أستاذه ومربيه فضيلة الشيخ علي الدقر رضي الله عنه ,وتلقى عنه مبادئ العلوم ,ومازال يرتقي سلم العلم حتى غدا أستاذاً لحلقة أو أكثر من الحلقات العلمية التي كان يعقدها شيخه لطلبة العلم ، وحينما رأى شيخه إقباله الشديد واجتهاده أذن له بحضور دروس علامة الشام ومحدثها الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني رحمه الله تعالى ، وداوم الشيخ بكل همة ونشاط على حضور دروس الشيخ بدر الدين الذي تفرَّس فيه خيراً فخصه بدروس في علوم التوحيد والمنطق والفلسفة استمرت أكثر من سبعة عشر عاماً ,كان يحضرها وحده ولم يشاركه فيها أحد سواه ، كما تلقى الشيخ عبد الكريم أيضا عن الشيح أمين سويد رحمه الله تعالى ,وهو من كبار علماء عصره ومن الذين تفوقوا في علوم الفقه وأصوله وعلوم الحديث الشريف ، كما استفاد الشيخ عبد الكريم أيضا من دروس الشيخ محمود العطار أحد العلماء الأعلام في بلاد الشام .
كان هؤلاء هم الشيوخ الذين نهل الشيخ عبد الكريم من معين علومهم ,واغترف من فيوضات أرواحهم ، وكان لثباته واجتهاده ومثابرته على دروس هؤلاء الأشياخ وصدقه معهم الأثر الكبير في تكوين شخصيته العلمية بحيث أضحى عالما متميزا من علماء دمشق ، وكان للأحوال التي يعيش فيها مجتمعه من جهل وضعف وشرود عن منهج الله تبارك وتعالى من جهة ,ولإرادة التغيير الكامنة في نفسه, وحبه للإصلاح من جهة أخرى أكبر الأثر أيضا في تكوين شخصيته كمربٍ وداعية .
أعماله :
تنقل الشيخ عبد الكريم في العديد من المعاهد الشرعية مثل ( معهد الجمعية الغراء ـ معهد العلوم الشرعية) مدرسا ومربيا, يبث في طلابه روح الجد و الإخلاص ,ويحمِّلهم مسؤولية العلم والدعوة إلى الله تعالى .
وشاء الله عز وجل أن يستقر الشيخ عبد الكريم في جامع زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه إماماً وخطيباً ومدرساً ، وفي هذا المسجد المبارك بدأ الشيخ عمله الدعويَّ المتميز ,حين أعاد للمسجد رسالته التي ينبغي أن تُؤدى فيه كما كان العهد به في أيام السلف الصالح رضوان الله عليهم ، فأخذ يجمع الشباب على دين الله عزّ وجلّ , وأسس الحلقات العلمية الشرعية ، والحلقات القرآنية ، والتي لم يكن يهدف من ورائها للوصول إلى منصب من المناصب ، ولم يسعَ لينال زخرفاً من زخارف الدنيا ، وإنما كان كل همه أن يُنقذ أبناء بلدته من براثن الضلال والفساد والشرود عن منهج ربهم تبارك وتعالى ، وأن يُحصنهم في سبيل ذلك بالعقيدة الواضحة الثابتة ، وبالعلم الشرعي الرصين ، وبالأخلاق الإسلامية الفاضلة ، وليكونوا من بعد ذلك القدوة الصالحة في خدمة مجتمعهم ووطنهم وأمتهم ، لذلك لم يكن عمله مقتصراً على تخريج طلاب العلم المتخصصين فقط بالعلوم الشرعية ,بل كان يريد إلى جانب هؤلاء أن يتخرج الشباب المثقفون ثقافة عصرية ، ويجمعون معها الثقافة الشرعية اللازمة ، ليكون في المجتمع الطبيب المسلم ، والمهندس المسلم ، والموظف المسلم ، والتاجر المسلم ، والصناعي المسلم ,والعامل المسلم ، الذين يعيدون إلى النفوس الثقة بالإسلام وبالمسلمين من خلال علمهم وسلوكهم وصدقهم وإخلاصهم .
منهجه في التعليم والتربية :
لقد سار الشيخ في دعوته وتربية طلابه على منهج واضح وطريق مستقيم ,يلقنهم مختلف العلوم الشرعية متدرجا معهم من مبادئها وأسسها ,ثم ينتقل بهم إلى ما هو أوسع وأغزر حتى يبني شخصية الطالب العلمية اللائقة ,وليكون على دراية كافية بهذا الدين الذي يحمله ويدعو الناس إليه .
وهو مع ذلك يلاحظ سلوكهم وأخلاقهم ويعالج أخطاءهم وتقصيرهم ,ويوجههم إلى ما يغذي أرواحهم وقلوبهم من ذكر الله تبارك وتعالى وصدق العبودية له , حتى يصبحوا منارات الهدى والحق وجعل عنوان منهجه( علم ـ عمل ـ دعوة )
عنايته بالقرآن الكريم :
ومما توجه له الشيخ عبد الكريم بالعناية الفائقة والاهتمام البالغ دفع الشباب إلى حفظ كتاب الله تعالى وإتقان تلاوته بقراءة متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختار أن تكون رواية حفص , يتلقون ذلك عن شيخ القرآن في جامع زيد والمساجد التابعة له وهو فضيلة الحافظ الجامع للقراءات والفقيه الورع الشيخ محي الدين الكردي أبي الحسن حفظه الله وبارك في حياته , والذي تخرج من بين يديه المئات من حفاظ القرآن الكريم وتخصص الكثير منهم في قراءاته , و انبثوا في أرجاء بلاد الشام والعديد من الدول العربية والإسلامية , يقومون بتحفيظ القرآن, وتلقين تجويده كما تلقوه هم بالسند المتصل إلى سيدنا زيد بن ثابت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام وإلى ربِّ العزة تبارك وتعالى .
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس