عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-2009
  #6
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 19
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

دلالات الصلاة على أزواج وذرية النبي عليه الصلاة والسلام:

جاء تحديد آل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في أحاديث تبين كيفية الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنهم أزواج النبي عليه الصلاة والسلام وذريته كما روى ذلك الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحهما عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أن بعض الصحابة قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال:
قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

ومرجعنا في ذلك أيضا حديث الكساء الذي مر بنا في الفصل السابق.

والدلالة الأولى في تفسير آل النبي بأزواجه وذريته صلى الله عليه وآله وسلم هي أننا عند دعائنا بالصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام مؤمنون بأن أزواج النبي هن أمهات لكل المؤمنين سواء كانوا ممن رأوا النبي وصدقوا بما جاء به وآمنوا بدعوته أو من جاء بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فآمن به ولم يره.
كل ذلك لمقامهم من رسول الله عليه الصلاة والسلام.

كما أننا مؤمنون كذلك بأن ذرية النبي عليه الصلاة والسلام هم أعلام الهدى والدين وورثة جدهم في أخلاقه وشمائله وفضائله، وأنهم استمراريته وامتداده في أمته التي كتب لها أن تعيش وتنمو وتتوسع من بعده.
فمسؤولية إقامة الحق والقيام بالقسط بين الناس وهداية الأمة جمعاء مسؤولية كبيرة تحتاج إلى أخلاق عالية من سلامة صدر، وقوة تحمل، وصبر، وحلم، وكظم غيظ، وعفو، وما إلى ذلك من أخلاق الكمل، ولهذا نحن ندعو الله عز وجل ونقول في دعائنا بالصلاة على سيدنا محمد:

يا ربنا نحن نؤمن بأن سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عبدك ورسولك ونؤمن بأن آل سيدنا محمد هم ورثة كتابك، ونحن مع هذا الإيمان موقنون بأن مسؤوليتهم على مدار تاريخ الأمة وفي آفاق مستقبلها جسيمة وعظيمة، ومهمتهم كبيرة وخطيرة، فإياك نطلب يا ربنا أن ترفع من شأنهم وتعلو من قدرهم وتمكنهم من المقامات العليا التي بها المكانة والمجد والحظوة والسؤدد وأن تمنحهم من ذلك في العالمين جميعا وفي مشارق الأرض ومغاربها ما منحته لسيدنا إبراهيم وآل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد.

ومن يتأمل في القرآن الكريم ويتدبر معاني آياته في آل سيدنا إبراهيم وكيف أن الله عز وجل قد أعلى من شأنهم ومكنهم المكانة العظمى وجعل فيهم الكتاب والحكم والنبوة، واختصوا بمزايا لم تحظ بها أي أمة من الأمم في عصورهم. فقد كانوا محط تمجيد وتحميد من الأمم جميعا، حتى في العصور التي كانوا فيها متمردين على الحق عاصين مهملين لأمر الله.

ولهذا نختم دعائنا بالصلاة على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد بقولنا لله عز وجل معللين وراجين: إنك حميد مجيد. فأنت يا ربنا مصدر الحمد ومصدر المجد فامنح سيدنا محمد وآل سيدنا محمد من المجد والحمد ما أنت له أهل.
الدلالة الثانية، أنه لم يأت في أحاديث كيفية الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر الصحابة رضوان الله عليهم ولا مطلق الأولياء الربانيين وإن كانوا يدخلون في آل سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مفهومه الواسع إن اعتبرنا أن آل سيدنا محمد هم كل تقي.

إلا أن التنصيص هنا وفي كيفية الصلاة على رسول الله بما هي تعظيم لسيدنا محمد وآل سيدنا محمد، لم يكن إلا لأزواج النبي من جهة ولذرية النبي من جهة أخرى.

لقد حمى الشرع الكيفية النبوية من أن يطالها في فريضة الصلاة تغيير أو تحوير في لفظها. فلم يستطع أحد من أن يزيد ولو حرفا واحدا على ما ورد في الكيفية النبوية على اختلاف ألفاظها وصيغها. فحفظت الصلاة على سيدنا محمد وعلى آله داخل الصلاة المكتوبة بهذا التنصيص النبوي فلا أحد يدخل أصحاب رسول الله ولا أولياء الله ولا حزب الله ولا أي فئة أخرى قد يرى العقل والمنطق أن دخولها في دعائنا بالصلاة على رسول الله وعلى آله مستحق ومطلوب.

ذلك لتبقى الصيغة النبوية كما حددها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا حجة علينا. فإن كنا ندعو لأزواج النبي ولذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم برفعة المقام وعلو الشأن وبالمجد والحمد فلأنهم يستحقون ذلك أكثر من غيرهم لأن الله عز وجل قد جعلهم ورثة رسوله في الأمة واستمراريته وامتداده فيها.
وإن كنا في مناسبات غير الصلاة المفروضة والمكتوبة نذكر غير الأزواج والذرية الطاهرة في صيغ أخرى كخطاباتنا وكتاباتنا ومحاوراتنا المختلفة.

ولكل من يرى أن فئة ما من فئات الأمة الإسلامية دون أزواج النبي وذريته وعلى مدار التاريخ كله إلى يومنا هذا كانت تستحق الدخول في آل سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، التأمل فيما أجاب به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين سألته أم سلمة الدخول في المجللين بكسائه النبوي فقال لها:
أنت على مكانك وأنت على خير.

فلن نكون أكثر حبا لصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من رسول الله نفسه. ومع ذلك فإنهم ما دخلوا في دعائه لأهل الكساء. فهم بذلك على مكانهم وهم إن شاء الله على خير كثير وفياض رضي الله عنهم.
الدلالة الثالثة، هي التنبه إلى حقيقة أن ذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد تخللتها ذوات أزواجه عليهن السلام وكان من إحداها وهي السيدة خديجة عليها السلام أربع بنات اختار الله منهن بنتا واحدة وهي سيدتنا فاطمة الزهراء جعلها سبحانه سيدة نساء أهل الجنة، وزكاها هي وزوجها سيدنا عليا كرم الله وجهه ليكونا معا أب وأم الذرية النبوية الخالدة الطاهرة، ويكون بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جد الأشراف ورأس دوحتهم الخالدة.

فما كانت الأزواج لتذكر في معرض تحديد آل سيدنا محمد لولا الذرية النبوية. إذ الأزواج هنا امتداد في السلوك لما كانت عليه السيدة النبوية الأولى سيدتنا خديجة رضي الله عنها فهي جدة الأشراف وجدة الحسن والحسين ريحانتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الجنة.

فذكر سائر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحقيقة ذكر لسيدتنا خديجة: أول المؤمنات بالدعوة النبوية والتي منها سيكون هذا النسل المحمدي الشريف.

إن السيدة خديجة وابنتها المخصوصة بكرم الله وعنايته السيدة فاطمة الزهراء حاضرتان في الأمة الإسلامية على مدار التاريخ الإسلامي.

الدلالة الرابعة، هي أن الذرية النبوية قد حظيت بعناية إلهية وحماية ربانية من أن تنقرض أو تندثر، فقد كانت عناية الله بالغة بهم إذ بقراءتنا لتاريخ الدوحة الشريفة وفي القرن الأول من تاريخ الأمة تحديدا سنجد أنهم سطروا ببقائهم معجزة أخرى من معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أن يبقى نسله وتبقى معه مختلف تجليات ذاته الطاهرة مغروسة في جسد الأمة الإسلامية.

فقد تعرضوا للسجن والقتل والتشريد، وقامت الدولة الأموية على أساس مطاردة آل سيدنا محمد ومحاربتهم ولو على المنابر. ففي كربلاء على سبيل المثال يصل الأمر أن لا يبقى من أولاد الإمام الحسين عليه السلام إلا واحد وهو الإمام زين العابدين.

وهكذا الأمر كان مع الدولة العباسية.. ومع ذلك بقيت الذرية النبوية، بل وانتشرت وامتدت بها تجليات الذات النبوية في سائر البقاع الإسلامية من الأندلس والمغرب الأقصى غربا إلى الصين وما وراء الصين شرقا.
وهو ما أشارت إليه الصيغة النبوية في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقولنا: اللهم بارك على سيدنا محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل سيدنا إبراهيم..

إنها بركة ربانية أن تتكاثر الذرية الطاهرة في الوجود وتحفظ من شتى أنواع الملاحقة الجسدية والعرضية ليتحقق موعود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين الذين هما الكتاب والعترة الطاهرة:
لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

بل تجد ذرية الإمام علي من غير سيدتنا فاطمة الزهراء قليلة جدا ونادرة، لتنفرد ذرية كل من الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام بالانتشار الواسع تصديقا لحديث الكساء:
اللهم هؤلاء أهل بيتي..

وهذه أنسابهم معروفة ومشهورة يحفظها العلماء.

وها هم أحفاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تجدهم في المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر والحجاز واليمن والعراق والأردن وسوريا وأندونيسيا وغيرها من البلدان وبأعداد كبيرة.
حتى إنهم معروفون بألقاب خاصة، ففي اليمن والعراق والحجاز يعرفون بلفظ سيد، وفي مصر وتونس بلفظ حبيب، وفي المغرب وبلدان أخرى بلفظ شريف.. وهكذا.

فالمسلمون يميزون ذرية سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ويعلون من قدرهم ويرفعون من شأنهم.
فليس من الطبيعي أن يتكاثر نسل من يتعرضون للقتل والتشريد والطرد والظلم في مئات من السنين من الحروب ضدهم.

الدلالة الخامسة، أن الصلاة على آل سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم تابعة لصلاة الله على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ليكون داخل الدوحة النبوية بشتى فروعها الموجودة في سائر البلاد الإسلامية في كل زمان من يشبه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في شيء أو مجموع من خصائصه أو فضائله، على أن ثلة من الأشراف يتصدرون قائمة الصالحين في الأمة الحاملين لمنهاج النبوة والممثلين له في سلوكهم وتعاملهم وعبادتهم.

يتبع..
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس