عزّة العلم
القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني ( ت 366هـ ) :
يَقُولُونَ لي فيِْكَ اِنْقِبَاضٌ وإنَّمَا = رَأَوْا رَجَلاً عَنْ مَوْقِفِ الذِّلِّ أَحْجَمَا
أَرَى النَّاسَ مَنْ دَانَاهُمْ هَانَ عِنْدَهُمْ = وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا
وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ العِلْمِ إِنْ كَانَ كُلَّمَا = بَدَا طَمَعٌ صَيَّرَتْهُ لي سُلّّمَا
وَلَمْ أَبْتَذِلْ في خِدْمَةِ العِلْمِ مُهْجَتي = لأَخْدِمَ مَنْ لاقَيْتُ لَكِنْ لأُخْدَمَا
أّأّشْقَى بِهِ غَرْسَاً وَأجْنِيْهِ ذِلَّّّّّةً = إِذَاً فَاتِّبَاعُ الجَهْلِ قَدْ كَانَ أَحْزَمَا
وَلَو أَنَّ أَهْلَ العِلْمِ صَانُوْهُ صَانَهُمْ = وَلَو عَظَّمُوهُ في النُّفُوسِ لَعُظِّمّا
وَلَكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانُوا وَدَنَّسُوا = مُحَيَّاهُ بِالأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا
وَإِنّي إذَا مَا فَاتَني الأمْرُ لم أَبُتْ = أُقَلِّبُ كَفِّي إثْرَهُ مُتَنَدِّمَا
وَلَكِنَّهُ إنْ جَاءَ عَفْواً قَبِلْتُهُ = وَإنْ مَالَ لم أُتْبَعْهُ هَلّا وَلَيْتَمَا
وَأَقْبِضُ خَطْويَ عَنْ حُظُوظٍ كَثِيْرَةٍ = إذَا لم أَنَلْهَا وَافِرُ العِرْضِ مُكْرَمَا
وَأُكْرِمُ نَفْسِي أَنْ أُضَاحِكَ عَابِسَاً = وَأَنْ أَتَلَقَّى بِالمَدِيْحِ مُذَمِّمَا
وَكَمْ طَالِبُ رِقِّيْ بِنُعْمَاهُ لم يَصِلْ = إلَيْهِ وَإنْ كَانَ الرَّئِيْسُ المُعَظَّمَا
وَمَا كُلُّ بَرْقٍ لاحَ لي يَسْتَفِزُّني = وَلا كُلُّ مَنْ في الأرضِ أَرْضَاهُ مُنْعِمَا
وَلَكنْ إذَا مَا اضّطَرني الأَمْرُ لم أَزَلْ = أُقَلِّبُ فِكْرِيْ مُنْجِدَاً ثُمَّ مُتْهِمَا
إلى أَنْ أَرَى مَنْ لا أَغُصُّ بِذِكْرِهِ = إذَا قُلْتُ قَدْ أَسْدَى إليَّ وَأَنْعَمَا
وَكَمْ نِعْمَةٍ كَانَتْ عَلَى الحُرِّ نِقْمَةً = وَكَمْ مَغْنَمٍ يَعْتَدُّهُ الحُرُّ مَغْرَمَا