عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-2010
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
9 ثمرة 24 ذو القعدة 1430



بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا شك لنا أن المؤمنين والمؤمنات يوجد لهم إيمان ، ولكن لا يعملون بمقتضى هذا الإيمان ، ومقتضى الإيمان أن يكون خالصاً لوجه الله ، ولا يدخل فيه شائبة من حظوظ النفس ، وإذا تمسكوا بالأخلاق الموافقة للشريعة والسنة النبوية وأسيادنا ودخلت فيه حظوظ النفس فلا يميزون بين الحظوظ والعمل الخالص وينظرون حولهم إلى من اتبعوهم ، فتكبر نفوسهم بهذا ، ويختلط العمل الخالص بمقتضى الإيمان ، بشائبة دسائس النفس ، ولا يميزون .
ومن قال أنا أميز لا نصدقه ، لأن أفعاله مثل المكبرة ، تُرى فيها دقائق حيل النفس . وإذا قلت : هذا مختلط ، يقول : أنا أعظ الناس . لا نقول لكَ ولكِ أن تترك الوعظ ، لأن من استهان بالوعظ والنصيحة يميل إلى الكفر ، لقوله تعالى : ( وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ) ، بل نقول : لا تخلط الإخلاص بالحظوظ .
أما أنتم فكلكم محامون لأنفسكم ، والله مراقب ، وأنتم تخفون بعض الأمور المختلطة ، فتبقى في حيل النفس وخزانتها ، وحين يأتي وقتها تظهر وأنتم ظننتم أن لا يطلع عليها أحد واللهُ مطلع عليها ، والمؤمن بإيمانه يطلع عليه ، لأننا لسنا كلنا مطلعين على خباثة النفس ودسائسها ، وهي رفيقة الشيطان اللعين الملعون المبعد عن الرحمن ، ولذا قال ربنا جل وعلا : ( إن النفس لأمارة بالسوء ) . كلنا نعرف هذه الآية . وقال جل وعلا : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً ) . لا تظنوا أنكم مطلعون عليها وعلى حيلها حينذاك تُخدعون .
العلماء ينقسمون قسمين : قسماً متعلقاً بظاهر الشريعة فقط ، وقسماً متعلقاً بالظاهر مع تعلقهم بالباطن ،مع تربية أحبابهم وتصفيتهم ومحافظتهم على مقتضى الإخلاص ، وهو الذي يطلبه الله من عباده : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) ، ( ألا لله الدين الخالص ) ، وغير ذلك من آيات الإخلاص .
هكذا علماء الباطن يمشون ظاهراً مع الشريعة والسنة النبوية ، وباطناً يحذرون أحبابهم من حيل النفس الأمارة والشيطان وكلا القسمين مطلوب من العبد . وإذا كان ظاهراً موافق ، والباطن مخالف لا يقبل الله جل وعلا منه لأنه ( يعلم السر وأخفى ) ، وقال جل وعلا : ( وذروا ظاهر الإثم وباطنه ) مع هذا لم يُسلب من العبد جزؤه الاختياري ، ولذا أمرنا الله جل وعلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ظاهراً وباطناً قال جل وعلا : ( ألا إلى الله تصير الأمور ) ، وقال جل وعلا : ( ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته .... ) سورة الشورى أية 8
ليس بيد أحد شئ ( ولو شاء الله ) الهادي لعباده لو أراد هدايتهم جميعاً ( لجعلهم أمو واحدة ) مقتصدة معتدلة ، على مقتضى صرافة الوحدة الإلهية واعتدالها ( ولكن ) راعى سبحانه مقتضيات أوصافه فمنهم مظهر حكمته ومنهم مظهر أفعاله ومنهم مظهر فتحه واسمائه المتقابلة وشؤونه المتخالفة ، لذلك ( يدخل من يشاء في رحمته ) ، ويوصله إلى فضاء وحدته ويوصله على وحدانيته ، بمقتضى جوده وكرمه وحكمته ، عنايةً منه وفضلاً وولايةً لهم ونصراً
قال جل وعلا : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ) سورة الجاثية / آية 18
( ثم ) اعلم يا حبيب الله ، أن مقام فضلنا وجودنا ( جعلناك ) تابعاً ومقتدياً مقتفياً ( على شريعة ) وطريقة منبئة موضحة ( من الأمر ) الذي انت تظهر عليه ، وأتيت لتنبيهه ، ألا وهي الحقيقة التي هي عبارة عن الوحدة الذاتية الإلهية ( فاتبعها ) أي الشريعة الموصلة إلى الحقيقة بالعزيمة الخالصة ( ولا تتبع أهواء ) القوم ( الذين لا يعلمون ) ، فكيف ينكشفون بسرائرها وحكَمها ، ولا تَقبل منهم أباطيلهم الناشئة وآرائهم الفاسدة وأحلامهم السخيفة الفاسدة ،
قال جل وعلا : ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ، إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) الجاثية / آية 29 ، ( هذا كتابنا ) الذي فصلنا فيه اعمال كل منكم ( ينطق عليكم ) ويذكركم ( بالحق ) على الوجه الذي صدر عنكم بلا زيادة ولا نقصان ( إنا ) بعد ما كلفناكم على امتثال أوامرنا ، والاجتناب عما نهيناكم عنه ( كنا نستنسخ ) ونأمر الملائكة الموكلين عليكم ، المراقبين لأحوالكم وأعمالكم ، أن يكتبوا جميع ( ما كنتم تعملون ) أي أعمالكم ، حسناتها وسيئاتها ، صغائرها وكبائرها .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عزوجل قال : ( أذنب عبدٌ ذنباً فقال : اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، ثم عاد فاذنب ........ الخ ) رواه مسلم
نحن نعلم يقيناً أن الله تواب رحيم ، ويحب التوابين ، ولكن مع هذا هل ندخل تحت هذا الأمر الإلهي أو لا . والثاني : لا بد لنا أن نستحيي وهو معنا في كل الأحوال بعلمه . علينا بمقتضى الإيمان أن نستحيي منه وهو ينظر إلينا ونحن نتشبث بالمعاصي .
قال الله جل وعلا : ( قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) هذه الآية الكريمة مكررة في سورة يونس وفي الزمر وفي الأنعام . كل هذا أمر من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ( قل ) لمن تبعك لعلهم ينتبهون ( إني ) بعدما تحققت بمقام الكشف والشهود ( أخاف إن عصيت ربي ) أي إن خرجت عن مقتضى الإيمان بالله ( عذاب يوم عظيم ) هو يوم العرض الأكبر ، الذي تُجزى فيه كل نفس بما تسعى ، ما دام الله تعالى قال لحبيبه الأكرم عليه الصلاة والسلام قل هذا ، وأمره بالخوف ، فإين مقامنا من مقام الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام حتى لا نخاف ونغتر بعفو الله تعالى ونقول : هو أرحم الراحمين ، وهو يعفو عنا ، هذا غرور بالعفو . فإذا فرضاً لم نستحي من الآيات والأحاديث والوعظ والنصيحة ، معناه فرضاً حصل فسق القلب لنا ، ولذا لم نهتم بالآيات والأحاديث والمواعظ ، ولا بالنصيحة ولم نتأثر بها .
نرجو الله جل وعلا من فضله وكرمه أن يجعلنا نقتفي أثر من سلف من خًلَّص اتباعه الذين اهتدوا لمتابعته إلى مقر التوحيد واليقين ، بك وصلوا إلى هدايتك ، والتمكين بعدما انخلعوا عن جلباب الدنيا وزخرفتها بتوفيق من الله ، وجذبٍ من جانبه ، وارشاد حبيبه عليه الصلاة والسلام ، وبركة الأسياد . علينا أن لا نضيع أوقاتنا وعمرنا في هذه النشأة الأولى ، إن شاء الله بفضل الله يحصل لنا في النشأة الآخرة ثمرتها . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .





هذا ثمرة يوم الاربعاء بعد صلاة الظهر 24 ذو القعدة 1430 ، 11 تشرين الثاني 2009
قاله العاجز الغريب خادم الطريقة الشاذلية سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس