عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق

الملاحق - ملحق بارلا، ص: 43
[ماهية الملاحق]
اخي السعيد خسرو!
ان هذه الرسالة "اي المكتوب السابع والعشرين" مجلس نوراني عظيم، يتدارس فيه طلاب القرآن الكريم الميامين، ويتداولون فيما بينهم ضمناً الافكار الدائرة حول الايمان ويتذاكرون ما فيها من المعاني.
فهذه الرسالة رواق مدرسة عالية رفيعة، يتبادل فيه حملة القرآن الاراء والافكار ووجهات النظر ويدلي كل بدلوه فيما تعلّمه من دروس القرآن الكريم.
وهي ايضاً منزل عظيم، ومعرض واسع لبيع الرسائل التي هي صناديق مجوهرات الخزينة القرآنية المقدسة، فكل طالب يعرض ما أخذه من الجواهر النفيسة الى الزبائن الكرام.
فبارك الله فيكم يا اخي خسرو، فلقد جمّلتم ذلك المنزل اي تجميل.
سعيد النورسي
***

[كنت ابحث عن نور]
"هذه الفقرة للعقيد المرحوم السيد عاصم 1"
ان هذه الرسائل المباركة المسماة بـ "الكلمات" لا تقدر بثمن فهي نابعة من موازين القرآن الكريم وبراهينه، فلقد كنت ابحث عن نور مثل هذا منذ مدة مديدة، فلّله الحمد والمنة ان انعم عليّ هذه "الكلمات". ان قلمي ولساني عاجزان عن التعبير عمّا يكنّه قلبي.
عاصم
***
_____________________
1 ولد سنة 1877 في ازميت وعمل برتبته العسكرية في طرابلس الغرب والشام وعدد من المدن في تركيا توفى سنة 1935 في اثناء التحقيق معه.
يقول الاستاذ النورسي بحقه: »لقد اجري التحقيق مع العقيد السيد عاصم، ففكر: إن قال صدقاً فسيلحق الضرر باستاذه، وإن كذب سيصيب الخلل استقامته وصدقه طوال اربعين سنة من الخدمة العسكرية التي قضاها بعزّ وكرامة. لذا قال: اللهم اقبض روحى. وسلّم روحه خلال عشر دقائق واصبح شهيد الاستقامة«. المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 44
[صفة الدلاّل]
"فقرة لصبري"
نعم ينبغي الاعتراف بهذه الحقيقة:
ان خزينة المجواهرات مهما كانت مليئة وغنية ونفيسة، لا بد ان يكون دلاّلها والبائع لها، على معرفة باصول البيع والشراء. اذ لو لم تكن له تلك القابلية او المعرفة فان ما يملكه من الخزائن الثمينة وما فيها من الامتعة القيمة تحجب عن انظار الناس، اي لا يكون قد ادّى ما يستحقها من قدر.
وبناء على هذا، فان الذي يقوم بعرض الحقائق القرآنية للناس كافة عرضاً خالصاً لله، ويدعو اليها منذ اربعين سنة - وليس منذ ست سنوات - وفي خضم هذه الظروف المضطربة وهو يقرأ على اهل الاسلام الامر الرباني الجليل
(يا ايها الذين آمنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم) (الصف:10) وينادي منذ ذلك الوقت بهذا النداء العلوي، قد جعل الامة المحمدية في موضع شكران عظيم لله، بما قدم من انوار ايمانية الى المحتاجين اليها.
صبري
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 45
الذيل الثالث
للمكتوب السابع والعشرين

"
فقرة لسعيد"
بسم الله الرّحمن الرّحيم

"
رسالة الى طبيب اشتاق كثيراً الى رسائل النور من جراء صحوة روحية انبعثت فيه لكثرة مطالعته لها.
ورغم ان علاقة هذه الرسالة واهية بهذا الذيل، ولكن.. لتكن لي فقرة بين فقرات اخوتى".
مرحباً بك ايها الصديق الحميم، ويا عزيزي الطبيب السعيد الذي اهتدى الى تشخيص مرضه.
ان الصحوة الروحية التى تبينها رسالتكم الخالصة، لجديرة بأن تُهنّأ وتبارك.
يا أخي! اعلم ان الحياة اثمن شئ في عالم الموجودات. وان ما يخدم الحياة هو ارقى واجب من بين الواجبات كلها، وان السعى لصرف الحياة الفانية الى حياة باقية هو أغلى وظيفة في الحياة.
واعلم ان خلاصة قيمة هذه الحياة، وزبدتها واهميتها البالغة هي في كونها نواةً للحياة الخالدة ومنشأ لها، حتى ان تصور خلاف هذا، اي حصر الهمّ والعلم في هذه الحياة الفانية، هو افساد اي افساد للحياة الابدية، وليس ذلك الا جنوناً وبلاهة كمن يستبدل برقاً خاطفاً بشمس سرمدية.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 46
ان الاطباء الغافلين عن الآخرة، والمنغمسين في اوحال المادية هم - في نظر الحقيقة - اًسقم الناس وأشدهم مرضاً ولكن اذا ما تمكن هؤلاء من تناول العلاج الايماني من صيدلية القرآن المقدسة واخذوا جرعات من مضادات السموم فيها، فانهم يضمدون جراحاتهم البشرية، ويداوون مرضهم، فضلاً عن انهم يكونون السبب في مداواة جراح البشرية كلها.
نسأل الله تعالى ان تكون صحوتك الروحية هذه بلسماً شافياً لجرحك انت، ومثالاً حياً، وقدوة طيبة، أمام انظار الاطباء الآخرين ودواء لمرضهم.
ولا يخفى عليك ما لإدخال السلوان في قلب مريض يائس قانط من نور الامل من اهمية، فقد يكون اجدى له من ألف دواء وعلاج. بيد ان الطبيب الغارق في مستنقع المادية والطبيعة الجاسية يزيد اليأس الأليم لهؤلاء المساكين حتى يجعل الحياة كلها امامهم مظلمة محلولكه.. ولكن صحوتك هذه ستجعلك - بإذن الله - مناط سلوان ومدار تسلٍ لاولئك المساكين وامثالهم، وتجعل منك طبيباً حقاً يشع نوراً الى القلوب وينثر البهجة في النفوس.
من المعلوم ان العمر قصير جداً، والوظائف المطلوبة كثيرة جداً، فالواجبات اكثر من الاوقات، فاذا تحريت ما في دماغك من معلومات، مثلما فعلته انا، ستجد بينها ما لا فائدة له ولا اهمية من معلومات تافهة شبيهة بركام الحطب.. لقد قمت انا بهذا الضرب من البحث والتفتيش، فوجدت شيئاً كثيراً مما لا فائدة له ولا اهمية.
نعم انه لا بد من البحث عن علاج وعن وسيلة للوصول الى جعل تلك المعلومات العلمية والمعارف الفلسفية مفيدة نافعة، منورة مضيئة، حية نابضة، تتدفق بالرواء والعطاء.
تضرع انت كذلك يا أخى وادعُ الحكيم الجليل ان يرزقك صحوة روحية تخلّص تفكيرك وتزكّيه لاجله سبحانه، وتضرم النار في اكوام بقايا الحطب تلك ، لكي تتنور وتتحول - تلك المعارف العلمية التي لا طائل وراءها - الى معارف الهية نفيسة غالية.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 47
صديقي الذكي!
ان القلب ليرغب كثيراً في ان يندفع الى الميدان اشخاص من امثال "خلوصي" ممن هم من اهل العلم والشوق اللهيف الى الانوار الايمانية والاسرار القرآنية.
ولما كانت "الكلمات" تستطيع ان تخاطب وجدانك، فلا تحسبها رسالة خاصة مني اليك، بل كل "كلمة" من كلماتها ايضاً رسالة موجهة اليك من داعٍ الى القرآن الكريم، والدال عليه. وخذها وصفة طبية صادرة من صيدلية القرآن الحكيم. فانك بهذا ستفتح - بظهر الغيب - مجلساً واسعاً كريماً، وجلسة مباركة حاضرة.
هذا وانت حرّ في ان تكتب الرسائل اليّ متى شئت، ولكن ارجو الاّ تتضايق من عدم ردي عليها بجواب، ذلك لاني قد اعتدت - من سالف الايام - على عدم كتابة الرسائل الا قليلاً جداً، حتى اننى لم اكتب الى شقيقي - منذ ثلاث سنوات - سوى جوابٍ واحدٍ على الرغم من كثرة رسائله اليّ.
سعيد النورسى
***

[الرسائل اغرقتنا في بحر النور]
"فقرة لخسرو"
استاذي المحترم المحب!
لقد نوّرتنا رسالتكم مادياً ومعنوياً ورفعتنا الى ما لا يطال اليه من الفيوضات واغرقتنا في بحر النور، فأحمد الله ربي بما لا يتناهى من الحمد على نيلنا لهذا الشرف العظيم بوساطتكم وبما بشرتمونا بالتوفيق في الايام الآتية لما يترتب عليه من خدمة القرآن العظيم.
انني في دعاء لكم يا استاذي، بان يرزقكم الله بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 48
استاذي المحترم!
لقد تذكرتكم كثيراً، الاّ ان الخونة المارقين يحولون بيننا وبين الوصول اليكم في كل جانب. وهذا يؤلمني جداً. ان احوالنا الحاضرة تعصر قلوبنا بالأسى. ولكن لا حول لنا ولا قوة إلاّ بالله.
أيما انسان وصلت اليه رسائل النور المفاضة بالانوار يرتبط بها ارتباطاً وثيقاً. لذا فهي جّوالة بين المشتاقين الذين هم اهل لها.
والحمد لله.. هذا من فضل ربي
خسرو
***

[الرسائل بددت الغفلة]
ايها الاستاذ المحترم!
ان رسالتكم المؤلفة بفيض من القرآن الكريم، وكأنها مرآة لأنواره، تكفي دلالة على مدى علوّكم استاذاً جليلاً، فلقد بددت ايها الاستاذ العزيز هذه الرسائل الظلمات المخيمة على الاسلام وهتكت استار الغفلة عن الله المسدلة على الناس، وابرزت بفضله سبحانه حقائق ساطعة براقة من تحت تلك الاستار الملطخة الملوثة.
فعزمكم الذي لا يلين وصلابتكم التي لا تنثني، وسعيكم المتواصل، لم تبق باذن الله دون ثمرات. فلقد فجرتم يا استادي المحترم ينبوعاً دفاقاً بماء الحياة في قلب الاناضول 1.
فمنبع تلك الرسائل وكنزها الدائم انما هو بحر القرآن الحكيم. ستديم لكم تلك المؤلفات القيمة حياتكم وتخلد اسمكم عندما ترحلون من هذه الدار، دار الامتحان الى عوالم السعادة. فطوبى لاولئك السعداء البررة، طلابك الذين تحبهم والذين

_____________________
1 انه لو كانت لي حصة واحدة من الالف التي تتصورونها من الثواب والشرف الحاصل في العمل ضمن هذه الخدمة السامية، فشكراً لله تعالى على تلك الحصة الواحدة. اما اهل الفضل فهم اولاء من امثالكم ممن يعاونونني في الخدمة ويسعون للقيام بها باقلامهم الالماسية - المؤلف..



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 49
يقدّرون ما فجرتموه من نبع فياض حق قدره، ويذبّون عنه بالإعلام عنه وتلقين احكامه بالوف ارواحهم ان استوجب الامر.
فقرّ عيناً يا استاذي العزيز! ان هؤلاء البررة لن يقوموا باعمال لا تنشرح لها في الآخرة.
ان طلابك شاكرون لفضلكم ممتنون بكل مهجهم وارواحهم لما اودعتموه لديهم من مفاتيح كثيرة للأسرار القرآنية.
نعم ان الانوار والفيوضات التي تنشرونها وتنثرونها اليوم تجعل الناس الحقيقيين في سرور غامر اذ تعلّمهم خطوات العمل لوظائفهم الاساس على الارض.
ان سعيكم مشكور وخدماتكم مقبولة باذن الله وتضحيتكم جسيمة.
استاذي العزيز! لتنشر اعمالكم الجليلة، ولتبلغ آفاق السموات، ولتنطق بها الألسن. 1
ان الاعمال الدنيوية التي لم تلق حظاً من الدين والتي بدأت بالانتشار في الاوساط عامة، والتي تزيد عتامة الغفلة للغافلين، وتزيد سكرهم، بل هي السكر بعينه، لا يمكن دفعها الاّ بمؤلّفاتكم القيمة، وارشاداتكم القويمة.
فلقد ثبتت بدلائل معقولة ومنطقية، انه لن ترقى الدول الملحدة الى مستوى الانسانية بل لا يمكنها ان تدركها وهي ما زالت كذلك، حتى تؤول الى الخراب او الانهيار.
ان مؤلفاتكم القيمة عالية رفيعة وجامعة، تنعكس فيها صفات روحك السامية.
استاذي الحبيب! اطمأنوا اطمئناناً تاماً ان سعيكم مشكور ولم يذهب هباءً منثوراً وسوف تتلقف الايدي العديدة رسائلكم الى الابد، وستوقف ملحدي اليوم عند

_____________________
1 انني لا اشارك اخي هذا في دوافعه الحسية ومشاعره هذه، فحسبنا رضى الله، اذ ان كان معنا فكل شئ معنا اذاً والا فلا تغني الدنيا كلها شيئاً. ان اعجاب الناس واستحسانهم في مثل هذه الاعمال، وفي الاعمال الاخروية ان كانت علة، فانها تبطل العمل، ولكن ان كان مرجّحاً، فانه يفسد اخلاص العمل، وان كان مشوقاً فانه يزيل صفوة العمل ونقائه، ولكن إن تفضّل سبحانه وأحسنه، علامةً على القبول بلا طلب، فهو مقبول وشئ حسن إن استعمل في سبيل بيان تأثير ذلك العمل والعلم في الناس، ويشير الى هذا قوله تعالى (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) (الشعراء:84). المؤلف.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 50
حدّهم بل ربما تمنحهم نور الايمان، أليس هذا ما ترجونه؟ أليس عملكم وغايتكم تنحصر في بلوغ ايقاظ الناس وارشادهم الى الايمان؟
ان الادباء المتربين على فتات موائد الفلاسفة، اولئك المحرومون من الادب، سيجدون حتماً الادب الحقيقي في رسائلكم. نعم وسيتحقق هذا فعلاً. وانتم بدوركم تكونون قد وفيتم خدمة الايمان الجليلة حق الايفاء. ان هذه الامة وهذا الوطن مدينة لكم الى الابد، وتعجز ان توفي حقكم. ان ثواب خدماتكم السامية لا تقابلها هذه الامة، بل سيمنحها الله سبحانه ما يليق بها. ليرض الله في الدنيا والآخرة عنكم، وعن أمثالنا من الخدام المذنبين.
زكي
صديق المرحوم لطفي
الطالب القديم لرسائل النور
***
[الرسائل تجرد قارئيها من المشاعر الهابطة]

"فقرة للسيد عاصم"
باسمه سبحانه
(وان من شيء الاّ يسبح بحمده)
حمداً وشكراً، بما لا يتناهي من الحمد والشكر، ارفعه كل دقيقة من دقائق عمري للقدير المطلق وسلطان الابد والازل، الحي القيوم الذي لا يموت، الذي انعم من بحر كرمه الواسع استاذي المحترم الى هذا الفقير. ومهما بالغت من الحمد والشكر لله تعالى فلا اوفي حق الدّين عليّ. فله الحمد والمنة.. وهذا من فضل ربي.
انني هذا الفقير الغارق في الذنوب، قد عصفت بي المعاصي بمقتضى جبلتي البشرية وتقاذفتني موجاتها، قليلا او كثيراً طوال حياتي العسكرية التي دامت اربعاً


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 51
وثلاثين سنة دون انقطاع، فظلت حياتي الدينية والاخروية فقيرة جداً.. هكذا امضيت حياتي وانا ملفع بستار الغفلة. فالآن ادرك ما فات مني، واندم عليه اشد الندم. بل ابكي على ما كنت اضحك منه. ولم يحصل هذا الاّ باكتحال عيني بلقائكم ورسائلكم. فألف حمد وحمد لله تعالى على هذا الاحسان العميم.
لقد بدأتْ بفضل الله مراسلتي معكم بوساطة اخينا الشيخ محمد افندي لدى مجيئي الى "بوردور" قبل اربع سنوات. فألقت تلك الرسائل في يد هذا الفقير مفاتيح تفجّر بالانوار وتفيض بالحكم وتحل المعضلات وتفتح لغز الكائنات.
نعم، ان هذه المفاتيح لا تقدّر بثمن، فهي اغلى من اغلى الجواهر والألماس، بل ان قلمي ولساني ليعجزان عن التعريف بما يكنه قلبي من مشاعر نحوها. فأفضّل ملازمة عجزي.
ان هذه الرسائل التي تضم بين دفتيها خزائن الشريعة الغراء والحقيقة الصادقة والمعرفة الالهية وكنوزها، بل ان كل رسالة منها انور من الاخرى واسطع منها ولاسيما رسالة "اعجاز القرآن" فهي تشع الانوار. فاين وصفي العاجز منها؟ انها بستان رائع تنثر الفرح والبهجة والسرور وتضم ازاهير نادرة لطيفة، حتى يحار المرء من ايها يقطف ويشم، ليزيل حيرته ويبل ريقه ويشفي غليله. ولا شئ امامه ولا مفر الاّ ان يجعل من جميعها باقة عظيمة من الانوار.
فهذه الرسائل المباركة تغرق قارئيها، وكاتبيها والمستمعين لها في بستان النور، في بحر النور، وتحملهم على التفكر والتدبر وهم نشاوى بالاعجاب. انها تجعل الانسان مجرداً من الاحاسيس الدنيوية ومعزولاً عن المشاعر الهابطة، موجهة اياه الى خالقه الكريم بعبودية خالصة دائمة. انها ترفع الانسان الى منازل عالية تسمو على الاخلاق الرذيلة كلها.. انها تقتل عنده النفس الامارة بالسوء.
نعم استطيع ان اقول: بان هذه الرسائل النورانية روضة من الجنان، ولكن اسفاً والف اسف على اولئك الشقاة الذين يعجزون عن اخذ حظهم من هذه الروضة الطيبة.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 52
وكلي أمل أن يصل الى اولئك هذا الإلهام الرباني ايضاً، ليقدروا على تبديل الغفلة الى يقظة وصحوة كما جاء في ختام "الكلمة الثالثة والعشرين".
اتضرع الى المولى القدير الواجب الوجود بأن يجعل المؤمنين الموحدين على الصواب والسداد، وادعوه سبحانه دعاءً فعلياً باستنساخ ما لديّ من الرسائل وتداول قراءتها في ايام الجمع التي قد تستغرق القراءة حتى المساء. فنوفي بفضل الله سبحانه وتعالى حق عبوديتنا لله تعالى. وندعو لاستاذنا ان يديم الله عمره ما دامت الارض ويظل مرشداً لرسائل النور ودالاّ عليها قائماً بامر الدعوة الى النور. وهذا الدعاء دَين في اعناقنا جميعاً تجاه الاستاذ.
اننا جميعاً - انا واهلي - نتضرع الى الله سبحانه عقب كل صلاة بمثل هذا الدعاء.
عاصم
***

[وجدت الباب الذي ابغيه]
"فقرة بابا جان محمد علي "
ايها الاستاذ الموقر يا من هو اغلى من روحي!
اني عاجز عن إيفاء مهمة الطالب حق الايفاء، ولا استطيع تقديم خدمة حقيقية لرسائل النور، اذ كلما فكرت في القوة والقدرة والاسرار والانوار المتظاهرة في رسائل النور، غبت عن نفسي. فانا لا استطيع العروج الى مثل هذه الذرى السامية. ولكن ساحاول ان شاء الله ما وسعني ان استفيد من هذه الرسائل التي تكشف عن اسرار القرآن والتي هي اغلى بالوف المرات من اغلى الجواهر الثمينة وذلك فضل الله على عباده المؤمنين. وسأضئ شطراً من الليل بانوار تلك الرسائل لاننى لا اجد متسعاً من الوقت في النهار لانهماكي بمتطلبات العيش.
انني اشعر في قلبي انشراحاً وفرحاً في منتهي الحلاوة واللذة كلما استنسخ تلك الانوار.. وحقاً انني عاجز عن تقديم مدى الشكر لله المولى القدير الذي انعم علينا


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 53
هذه النعم الجزيلة.. واحيانا افقد ارادتي تجاه الانوار العظيمة. اذ كلما تذكرت الايام التي خلت ومضت بالغفلة، اجدني حزيناً مهموماً، ولكن ما ان وجدت هذه الانوار فاني ارنو ببصري الى المستقبل، فاضحك مستبشراً وتغمرني البهجة والسرور. فلقد كنت انتظر مثل هذه الخدمة الجليلة للقرآن منذ خمس عشرة سنة. اذ ذقت صنوفاً من متع الحياة الدنيا ولكن لم تشبع هذه الرغبة العميقة التواقة للابد. فلقد وجدت فيها الغذاء الكامل والاطمئنان التام.. فالحمد لله اولاً وآخراً.
نعم لقد اغترت نفسي لحد الآن باذواق دنيوية صورية حتى ابلغتني ابواب سجون الآخرة الرهيبة.. ولقد امتطتني نفسي لحد الآن وحملتُ أهواءها على كاهلي.. اما الآن فلله الحمد والشكر فقد اغاثني جل علاه باسرار القرآن الكريم بوساطة الاستاذ سعيد، ونجوت بفضله تعالى من اوضار تلك النفس الامارة. نعم لقد طرقت ابواباً كثيرة طوال خمس عشرة سنة متحرياً عن الطريق الموصل الى الحقيقة وانسحبت من اكثرها لما وجدت فيها من زينة الحياة الدنيا. والآن فلله الحمد وجدت الباب الذي ابغيه حقاً. فاسأله تعالى ان يجعلني من خدّام ذلك الباب ويرزقني الثبات على تلك الخدمة السامية.
ان مدى ما تقدمه هذه الرسائل "رسائل النور" من فوائد جليلة بنشرها انوار حقائق الايمان وتبديدها ظلمات هذا العصر المظلم، لا يمكن اغماض العين عنها وانكارها قطعاً الاّ بالجهل لا غير.
اللّهمّ ارفع الغشاوة عن ابصارنا وارنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه.
بابا جان محمد علي
***

[هل وجدت في نفسك شيئاً؟]
"كتبت هذه الرسالة لمناسبة ماورد في مسألة صغيرة
مــن استفســار: هــل وجــدت فـي نفســك شــيئا؟"
ايها الاستاذ المحترم! يا استاذي القدير!
انك اثمن من حياتي كلها. وانني على استعداد للتضيحة بها في كل لحظة إنفاذاً لامر من اوامرك.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 54
نعم ! انه لا تردد قطعاً في بذل تلك الهدية العظيمة، هدية الحياة، في سبيل الرب الجليل الذي انعمها علينا.
ايها الاستاذ المحترم! اننا مستعدون لأداء تلك الامانة في كل وقت الى منعمها الحقيقي جل جلاله، تلك الحياة التي وهبت لنا امانة ونجهل وقت سلبها منا. فانا متهئ في كل حين ومن دون احجام لإنفاذ امره سبحانه وتعالى. وانتم لما كنتم تبلّغون اوامر ذلك الرب العظيم فان كلامكم الطيب هو حق ورحمة في الوقت نفسه.
ثم يا سيدي! ان الاغصان الدانية تقلّم وتقطّع لترتفع الشجرة وتعلو وتصان من الاحياء المضرة. فليس لتلك الاغصان حق الاعتراض على ذلك العمل قطعاً. حيث انها لو ظلت على ما هي عليه ربما يقطعها حيوان مضر، وتتفسخ جذورها وتعدم.
استاذي القدير!
اقولها دون مبالغة. انني اعتقد انه ليس هناك احد غارق في الذنوب والخطيئات مثلي. بل اقنعت نفسي بذلك احياناً. بل لست غارقاً في الذنوب الى ركبي وظهري ولا الى عنقي وحدها بل من اخمص قدمي الى قمة رأسي، بل حتى اعماق اعماق وجودي وكياني ملوثة بحمأة تلك الذنوب والخطايا.
وفي الوقت الذي بدأ كياني كله بالتعفن والفساد، باشرتم باذن الله بالعلاج والضماد - كالخضر ولقمان الحكيم عليهما السلام - ووضعتم ذلك المرهم الشافي المستخلص من صيدلية الشفاء القرآني على الجروح والعفونات. فانتم وسيلة لمنح الحياة، تلك التي تستحق ان تسمى حياة.
فليس من العقل في شئ الاّ يضحّى في سبيل من انعم تلك الحياة، ومن اصبح وسيلة لذلك الإنعام الجليل.
نعم ان على المريض ان يدرك حاجته الى اجراء العملية الجراحية، فهو مدين بالشكر والثناء لمن يراقب معالجته ويداويه ليل نهار، بل مدين بما لا يحد من الشكر والحمد والثناء لذلك الحكيم العليم الذي ليس كمثله شئ، والذي سلم ذلك الدواء من صيدلية القرآن الكريم.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 55
ولكن يا استاذي انني متألم جداً لعدم ايفائي هذا الدّين الذي في عنقي. ليرضَ الله عنك ابداً يا استاذي.
الحافظ علي 1
***

[اركان الايمان في الرسائل]
ان هذه الآثار النورانية اذ ترغّب من ناحية اذا بها ترهّب من جهة اخرى. فهى تتضمن كليهما الترغيب والترهيب معاً، ولا ريب في جدوى تأثير احدى هاتين الوسيلتين في الانسان. وفي ضوء هذه الحقيقة توقظ اهل القرآن وتلاميذه واضعة نصب أعينهم ستة اسس لئلا ينخدعوا.
1- انها تضع بدلاً من حب الجاه، ابتغاء مرضاة الله النابعة من الإيمان به سبحانه.
2- انها تضع بدلاً من الخوف والوقوع في شكوك الأوهام، الايمان بالقدر.
3- انها تضع بدلاً من الحرص والطمع، الايمان بان الله هو الرزاق ذو القوة المتين.
4- انها تضع بدلاً من الاحاسيس والمشاعر العنصرية الإيمان بالرسل الكرام وفي مقدمتهم الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم المبعوث الى الجن والانس كافة والذي يحقق لنا
(انما المؤمنون اخوة) (الحجرات:10) (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) (آل عمران:103).
5 - انها تضع بدلاً من الانانية وحب الذات، الاعتراف بعجزنا ونقصنا مع الادراك التام اننا مكلفون بأداء الخدمة والعمل للقرآن الكريم بنشر الرسائل المترشحة منه والحفاظ عليها، من دون ترقب النتيجة. بمعنى: التجرد من نوازع البشرية الى حد ما والتشبه بالملائكة الذين هم واسطة لإنزال الكتب والصحف السماوية. فنحقق الايمان بالملائكة بهذه الصورة.
_____________________
1 وهو من الاوائل الذين تتلمذوا على الاستاذ النورسى، كان دؤوباً في الاستنساخ، لما انعم الله عليه من جودة الخط ومن علو الهمة، استشهد في سجن (دنيزلي) سنة 1944 عن (46) سنة من العمر رحمه الله رحمة واسعة. - المترجم.



عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس