عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #6
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 61
[سلواني الوحيد]
استاذى العزيز الرؤوف...
انكم تحاولون تنبيه طالبكم الذى يكنّ لكم الحب في الله، هذا العاجز، وتسعون لارشاده بشتى الوسائل وتعلّموه دروساً معنوية رفيعة جداً. بيد أنى لا استطيع ان استفيض كما يستفيض اخوتي الاعزاء الموقرون الذين يجالسونكم ويتشرفون بصحبتكم وقربكم معنىً ومادة ممن لهم قدم صدق في خدمة القرآن الكريم بتوفيق الباري سبحانه وتعالى.
انني احيل سبب ذلك الى العصيان، والى زيادة الخطيئات، والى تأثير المحيط والاحداث التى تعرقل العمل المنور، واحيلها في اوقات كثيرة الى هجمات نفسي الامارة بالسوء وهجمات شياطين الجن والانس.. ومن هنا اشعر بشقاوتي.
نعم، وفضلاً عن هذا فانى اشعر بالنعم التى نلتها والتي لا تعد ولا تحصى، والتي لم اتمكن من ايفاء شكرها مع الاسف الشديد. علماً ان كل يوم وكل ساعة بل كل دقيقة وثانية تنبهني بانقضاء حياتى الفانية والرحيل من هذه الدنيا القصيرة العمر، ورغم هذا لا استطيع ان اكف يدي عنها. وان سلواني الوحيد، هو ارتباطي الوثيق بالقرآن العظيم وايماني الذى لا يتزعزع بالدين المبين والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم وما أتاه من شريعة غراء، وشدة ارتباطي باستاذي المحبوب. فآمل الاّ تدع هذا الغارق في الذنوب محروماً من دعواتك الطيبة.
خلوصي
***

[حول العلاقات بين الاستاذ والطلاب]
اخوتي خسرو، لطفي، رشدي!
سأبين لكم وجهة نظري - بما يفيدكم - حول العلاقات القائمة بين الاستاذ والطلاب وزملاء الدرس، وهي:
انتم يا اخوتي، طلابي - بما هو فوق حدّي - من جهة، وزملائي في الدرس من جهة اخرى، ومساعديّ واصحاب الشورى من جهة اخرى.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 63
نعم، ان الحقائق المجملة والمطلقة، تنطلق ونكون نحن وسائل ظاهرية لها، اما تنظيمها وتنسيقها وتصويرها فهي تعود الى اخوتي الاكفاء، واحياناً اتدخل في التفاصيل والتنظيم بدلاً عنهم فتظل ناقصة.
انكم تعلمون ان الغفلة تستحوذ اكثر في موسم الصيف، حيث يفتر كثير من الزملاء عن الدرس ويضطرون الى تعطيل الاشغال، فلا يقدرون على الانشغال بجد بالحقائق..
اخوتي! نحن في اشد الحاجة في هذا الزمان الى القوة المعنوية تجاه الضلالة والغفلة. فأنا مع الاسف باعتباري الشخصي ضعيف ومفلس. فليست لي كرامة خارقة كي اثبت بها هذه الحقائق، وليست لي همة قدسية كي اجلب بها القلوب. وليس لي دهاء علوي كي اسخّر به العقول، بل انا بمثابة خادم متسول امام ديوان القرآن الكريم.
اخوكم
سعيد النورسي
***

[سؤال حول الروح]
باسمه سبحانه
"كتب للسيد خلوصى"

سؤال: ما الداعى لقول الامام الغزالي: ان النشأة الاولى مخالفة تماماً للنشأة الاخرى؟
الجواب: ان قول حجة الاسلام الامام الغزالي من ان النشأة الاولى مخالفة تماماً للنشأة الاخرى، هى مخالفة باعتبار الكيفية والصورة. وليست باعتبار الماهية والجنسية، لانها تكون معارضة لصراحة آيات كريمة كثيرة، مثل:
(يحيي الارض بعد موتها وكذلك تخرجون) (الروم:19) و(وهو الذى يبدؤا الخلق ثم يعيده) (الروم: 27).


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 64
ثم أنه اشارة الى ان الامور الاخروية من حيث المرتبة رفيعة جداً.. ثم انه اشارة للغزالى الى وقوع الحشر الجسماني مع الحشر الروحاني ايضاً تقليداً ومسايرة لبعض الباطنية.
سؤال: ان سعد التفتازاني 1 بعد تقسيمه الروح الى قسمين احدهما: روح انسانية والاخرى: روح حيوانية، يقول: "ان المعرضة للموت هى الروح الحيوانية وحدها. أما الانسانية فليست مخلوقة، وليست بينها وبين الله نسبة ولا سبب. فقد استقلت بذاتها وليست قائمة بالجسد". ما سبب قوله هذا وما ايضاحه؟.
الجواب: ان قول سعد التفتازانى "الروح الانسانية ليست مخلوقة": يعنى ان ماهية الروح قانون امري ذى حياة ومرآة ذات شعور لإسم الله الحي، وجلوة ذات جوهر من تجليات الحياة السرمدية، وذلك مضمون قوله تعالى
(قل الروح من امر ربي) (الاسراء: 85). لذا فهي مجعولة. ومن هذه الجهة لا يقال انها مخلوقة. وقد قال السعد في المقاصد وفى شرح المقاصد موافقاً لجميع علماء الإسلام المحققين ومنسجماً مع نصوص الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة: "ان قانون الامر ذاك قد ألبس وجوداً خارجياً، فهي مخلوقة وحادثة كسائر المخلوقات" وجميع آثاره شاهدة على عدم قوله بأزلية الروح.
أما قوله: "ليست بينها وبين الله نسبة" فهو اشارة الى ردّ مذهب باطل كالحلول. فروح الحيوانات كذلك باقية، وتفنى اجسامها وحدها في القيامة. بينما الموت ليس فناء بل انقطاع العلاقة.
أما قوله: "ولا سبب" فاشارة الى خلق الروح مباشرة دون توسط الاسباب، كما جاء في مناجاة عزرائيل عليه السلام في قبض الارواح.
أما قوله: "استقلت بذاتها" فان الجسد يستند الى الروح فيبقى قائماً بينما الروح قائمة بذاتها - كما ذكر في اثبات بقاء الروح - فاذا ما دمّر الجسد تكون الروح حرة اكثر وتحلق الى السماء كالملاك، وهو اشارة الى ردّ مذهب باطل.
***

_____________________
1 هــو مسـعـود بــن عمر بن عـبـد الله، ولد بتفـتـازان بخراسان فـي 712 (أو 727هــ) وتـوفي في سـمرقـنـد 793هــ.. إمام في العربية والمنطق والفقه، سعى لإحياء العلوم الاسلامية بعد كسوفها بغزو المغول فألف كثيراً من امهات الكتب. حتى انه يعد الحد الفاصل بين العلماء المتأخرين والمتقدمين. من كتبه (تهذيب المنطق) و(شرح المقاصد) و (شرح العقائد النسفية) و (المطول).. وكتابه (التلويح في كشف حقائق التنقيح) في الاصول شرح فيه كتاب (التوضيح في حل غوامض التنقيح) للعلامة عبيد الله ابن مسعود المحبوبي (ت747هـ). - المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 65
[العلاقة التي لا يقيدها زمان ولا مكان]
"خطاب الى السيد خلوصي"
باسم من
(تسبح له السموات السبع والارض ومن فيهن وان من شيء الاّ يسبح بحمده) (الأسراء: 44).
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته بعدد عاشرات دقائق عمركم، عمّركم الله بالسلامة والعافية.
اخي العزيز!
لقد آلمتنى رسالتكم، ولكن فكرت في حقيقة، فزال الألم. والحقيقة هي الآتية:
ان العلاقة التي تربطنا والاخوة القائمة بيننا خالصة وفي سبيل الله - ان شاء الله - لذا لا يقيدها زمان ولا مكان. فالمدينة والبلدة والبلاد باكملها بل الكرة الارضية، بل الدنيا، بل عالم الوجود، بمثابة مجلس بالنسبة لأخوين حقيقيين. فلا فراق في هذه الصداقة والاخوة، بل وصال كلها. ومالنا.. فليفكر اصحاب الصداقات الفانية المجازية الدنيوية! انه لا فراق في مسلكنا. اينما تكون تستطيع اجراء المحاورة مع اخيك هذا، بوساطة ما في يدك من "الكلمات" وانا كذلك متى ما شئت يمكننى مشاهدتك بجنبى رافعين ايدينا الى المولى الكريم. فإن ارسلك القدر الالهى الى مكان آخر فسلّمْ أمرك اليه بكمال الرضى، اذ الخير فيما اختاره الله. ولعل الاماكن الاخرى محتاجة الى صاحب قلب سليم وعقل مستقيم مثلكم يلقن درس الايمان التحقيقي. فلقد خدمت ولله الحمد للايمان خدمة جليلة في "اكريدير".
اخي العزيز!
ان مشاغل الربيع والصيف وقصر الليالي ومرور الشهور الثلاثة، وأخذ اغلب اخوتي الحصة.. واسباب اخرى تولد بلا شك شيئاً من الفتور في دروس الشتاء. ولكن الفتور الناشئ من تلك الاسباب يجب الاّ يصيبكم، لأن تلك الدروس علوم ايمانية، لا يكفي للانسان ان يسمعها لنفسه وحده. فضلاً عن انكم تجدون دوماً أخاً او اخوين حقيقيين. ثم ان الذىن يستمعون الى ذلك الدرس ليسوا من البشر فقط، بل لله سبحانه وتعالى مخلوقات ذوات شعور كثيرة تتلذذ كثيراً من استماع الحقائق الايمانية، فلكم اذن اصدقاء كثيرون ومستمعون كثيرون من هذا النوع.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 66
وكذا فان المجالسة الايمانية المتسمة بالتفكر على هذا النمط، زينة وبهجة لسطح الارض ومدار شرف لها، ولقد قال احدهم اشارة لهذا:
آســـمان رشــــك بـردبــــهر زمــين كـــه دارد
يك دوكس يك دو نفس بهر خدا بر نشينند
بمعنى ان السموات تغبط الارض لما فيها من شخصين يجلسان انفاساً معدودة - اى لدقيقتين - مجالسة خالصة لوجه الله، في ذكر وتفكر. فيبين كل منهما للآخر الآثار الجميلة لرحمة ربه الجليل وصنعته المزينة الحكيمة فيحب ربه ويحببه، ويفكر في آثاره ويحمل الآخر على التفكير.
ثم ان العلم قسمان:
نوع منه يكفي العلم به ومعرفته والتفكر فيه مرة او مرتين.
والآخر: كالخبز والماء. يحتاجه الانسان ويفكر فيه كل وقت. فلا يمكنه ان يقول: لقد فهمته وكفى. فالعلوم الايمانية من هذا القسم، و"الكلمات" التي في ايديكم من هذا القسم - على الاكثر - ان شاء الله..
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 67
مسائل متفرقة

المسألة الاولى:
سؤال: ما حكمة كثرة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وما سر ذكر السلام معها؟
الجواب: ان الصلاة على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وحدها طريق الحقيقة، فمع انه صلى الله عليه وسلم قد حظي بمنتهى الرحمة الالهية اظهر الحاجة الى منتهى الصلاة عليه، ذلك لان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ذو علاقة مع آلام الامة جميعاً، وله حظ بسعاداتهم. ولعلاقته بسعادة جميع الأمة المتعرضة لأحوال لا نهاية لها في مستقبل غير محدود يمتد الى ابد الآباد، أظهر صلى الله عليه وسلم الحاجة الى منتهى الصلاة عليه.
ثم ان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عبد وهو رسول في الوقت نفسه. فيحتاج الى "الصلاة" من حيث العبودية. ويحتاج الى "السلام" من حيث الرسالة. اذ العبودية تتوجه من الخلق الى الخالق حتى تنال المحبوبية والرحمة، فـ "الصلاة" تفيد هذا المعنى.
اما الرسالة فهى بعثة من الخالق سبحانه الى الخلق فتطلب السلامة (للمبعوث) والتسليم له، وقبول مهمته والتوفيق لإجراء وظيفته. فلفظ "السلام" يفيد هذا المعنى.
ثم اننا نقول "سيدنا" ونعبّر به: يا رب! ارحم رئيسنا الذي هو رسولكم الينا ومبعوثنا الى ديوان حضرتكم، كي تسرى تلك الرحمة فينا.
اللهم صلّ وسلّم على سيدنا محمد عبدك ورسولك وعلى آله وصحبه أجمعين.
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 68
المسألة الثانية:
(جواب قصير لسؤال طويل اورده احد اخواننا).
اذا قلت: ما هذه الطبيعة التي زلّ اليها اهل الضلال والغفلة فدخلوا الكفر والكفران وسقطوا الى اسفل سافلين بعد ان كانوا في مرتبة احسن تقويم؟
الجواب: ان ما يطلقون عليه بـ "الطبيعة" هو : الشريعة الفطرية الالهية الكبرى، التي هى عبارة عن مجموع قوانين عادة الله، التي تبين تنظيم الافعال الالهية ونظامها.
من المعلوم ان القوانين امور اعتبارية، لها وجود علمي، وليس لها وجود خارجي. ولكن الغفلة والضلالة ادت بهم الى الجهل بالكاتب والنقاش الازلي، لذا ظنوا الكتاب والكتابة كاتباً، والنقش نقاشاً والقانون قدرةً، والمسطر مصدراً والنظام نظّاماً والصنعة صانعاً!
فكما اذا دخل انسان جاهل لم ير الحياة الاجتماعية الى معسكر عظيم وشاهد حركات الجيش المطردة وفق الانظمة المعنوية، تخيل انهم مربوطون بحبال مادية، او دخل مسجداً عظيماً وشاهد الاوضاع الطيبة المنظمة للمسلمين في صلاة الجماعة او العيد، تخيل انهم مربوطون بروابط مادية.. كذلك اهل الضلالة الذين هم أجهل من ذلك الجاهل يدخلون هذا الكون الذي هو معسكر عظيم - لمن له جنود السموات والارض سلطان الازل والأبد - او يدخلون هذا العالم الذي هو مسجد كبير للمعبود الازلي، ثم يذكرون انظمة ذلك السلطان باسم الطبيعة، ويتخيلون شريعته الكبرى المشحونة بالحكم غير المتناهية انها كالقوة او كالمادة صماء عمياء جامدة مختلطة.
فلا شك انه لا يقال عن مثل هذا: انه انسان، بل حتى لا يقال له حيوان وحشي، لان ما تخيله "طبيعة" يفرض عليه ان يمنح كل ذرة، وكل سبب قوةً قادرة على خلق الموجودات كلها وعلماً محيطاً بكل شئ، بل عليه ان يمنح كلَّ ذرة وكل سبب جميع صفات الواجب الوجود. وما ذاك الاّ محال في منتهى الضلالة بل هذيان نابع من بلاهة الضلالة.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 69
فـ "الكلمات" ورسائل اخرى قد أردتْ مفهوم الطبيعة قتيلاً في مائة موضع وموضع والى غير رجعة! وكذا الكلمة الثانية والعشرين اثبتت هذا الأمر اثباتاً قاطعاً.
الحاصل: لقد اثبتت في "الكلمات" اثباتاً قاطعاً: ان الذى يؤلّه الطبيعة يضطر الى قبول آلهة غير متناهية لانكاره الإله الواحد، فضلاً عن ان كل إله قادر على كل شئ، وضد كل إله، ومثله.. وذلك لينتظم الكون!. والحال انه لا موضع للشريك قطعاً بدءاً من جناح ذبابة الى المنظومة الشمسية ولو بمقدار جناح الذباب، فكيف يتدخل في شؤونه تعالى غيره؟
نعم ان الآية الكريمة
(لو كان فيهما آلهة الاّ الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون) (الأنبياء: 22) تقطع اساس الشرك والاشتراك ببراهين دامغة.
***

المسألة الثالثة:
ان الكفر بذرة لجهنم معنوىة، كما ان ثمرته جهنم مادىة - كما اثبت في الكلمة الثانية والثامنة وفي سائر الكلمات - فكما أنه سبب لدخول جهنم، فهو سبب لوجودها. إذ كما ان حاكماً صغيراً بعزة ضئيلة وغيرة قليلة وجلال بسيط لو قال له شرير: لا تقدر على عقابي، ولن تقدر. فانه بلا شك ينشئ لذلك الشرير سجناً ويقذفه فيه حتى لو لم يكن هناك سجن.
كذلك الكافر بانكاره جهنم، فانه يوصم من له منتهى الغيرة والعزة والجلال، ويكذّبه ويتهمه بالعجز والكذب، فيمسّ عزته بشدة ويتعرض لجلاله بسوء. فلا شك لو لم يكن اى سبب لوجود جهنم - فرضاً محالاً - فانه سبحانه يخلقها لذلك الكفر المتضمن للاتهام بالعجز والتكذيب الى هذا الحد، وسيقذف فيها الكافر.
***

المسألة الرابعة:
اذا قلت : لماذا يتغلب اهل الكفر والضلال على اهل الهداية في الدنيا؟


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 70
الجواب: لان اللطائف الانسانية واستعداداتها التي منحت لشراء الالماس الابدى تحيلها بلاهة الكفر وسُكر الضلالة وحيرة الغفلة الى قطع زجاجية تافهة وبلورات ثلجية سرعان ما تزول. فلا شك ان الزجاج المتكسر الجماد لانه قد أُشتري بثمن الالماس، يصبح كأنه افضل زجاج واجلى جماد!
كان فيما مضى جوهرى ثرى، فقد عقله واصبح معتوهاً، ولما ذهب الى السوق اخذ يعطي خمس ليرات ذهبية لقطعة زجاجية لا تساوي شيئاً. ولما رأى الناس هذا منه، بدأوا يعطونه ما لديهم من زجاج، حتى الاطفال اعطوه بلورات ثلجية لقاء قطعة ذهب.
وكذا، فقد سكر سلطان في زمن ما، ودخل ضمن الاطفال ظناً منه انهم وزراء وقواد، وبدأ باصدار اوامر سلطانية اليهم. سُرّ الاطفال بذلك، وقضى هو لهواً بينهم لطاعتهم له.
وهكذا الكفر بلاهة والضلالة سكر والغفلة حيرة بحيث يشترى المتاع الفاني بدلاً من الباقي. وهذا هو السر في شدة شعور اهل الضلالة. فيشتد العناد والحرص والحسد وامثالها من الاحاسيس لديهم، حتى ترى احدهم يعاند لسنة كاملة لما لا يساوى دقيقة واحدة من الاهتمام.
نعم، انه ببلاهة الكفر وسكر الضلالة وحيرة الغفلة تهوي اللطيفة الانسانية التى خلقت فطرة للابد والابدية، فتأخذ اشياء فانية بدلاً من الباقية وتعطيها ثمناً غالياً.
وهناك مرض عصبى او مرض قلبى ينتاب المؤمن ايضاً حتى انه - كأهل الضلالة - يعطي اهتماماً لما لا يستحق الاهتمام به. لكن سرعان ما يدرك خطأه فيستغفر ربه ولا يصر عليه.
***

المسألة السادسة (مسالة صغيرة).
ان سبب اطلاق اسم رسائل النور على مجموع الكلمات (وهي ثلاث وثلاثون كلمة) والمكتوبات (وهي ثلاثة وثلاثون مكتوباً) واللمعات (وهي احدى وثلاثون


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 71
لمعة) والشعاعات (وهي ثلاثة عشر شعاعاً) هو: ان كلمة النور قد جابهتني في كل مكان طوال حياتي، منها:
قريتي اسمها: نورس.
اسم والدتي المرحومة: نورية.
اسم استاذي في الطريقة النقشبندية: سيد نور محمد.
و اساتذتي في الطريقة القادرية: نور الدين.
واحد اساتذتي في القرآن: نوري.
واكثر من يلازمني من طلابي من يسمّون باسم نور .
واكثر ما يوضح كتبي وينورها هو التمثيلات النورية.
وأول آية كريمة إلتمعت لعقلي وقلبي وأشغلت فكري هي:
( الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشمكوة...)
واكثر ما حل مشكلاتي في الحقائق الالهية هو: اسم "النور" من الاسماء الحسنى.
ولشدة شوقي نحو القرآن وانحصار خدمتي فيه فان إمامي الخاص هو سيدنا عثمان ذو النورين رضي الله عنه.
***

جواب لسؤال حول تغليف الاسنان.
"جواب لسؤال السيد خلوصي"
اكتب لكم مجملاً مسألة او مسألتين شرعيتين.
ان المضمضة سنة في الوضوء وليست فرضاً. بينما هي فرض في الاغتسال، فلا يجوز بقاء داخل الفم دون غَسل ولو شيئاً جزئياً. ولهذا لم يجرأ العلماء على الفتوى بجواز تغليف الاسنان. والامام ابو حنيفة والامام محمد "رضى الله عنهما" لهما فتاوى في جواز صنع الاسنان من الفضة او الذهب بشرط الاّ يكون تغليفاً ثابتاً. بينما هذه المسألة منتشرة بحيث اخذت طور البلوى العامة، لا يمكن رفعها.
فوردت الى القلب فجأة هذه النقطة:


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 72
انه ليس في طوقي ولا من حدّي التدخل في مهمة المجتهدين، ولكني اقول على الرغم من عدم ميلي الى ضرورة عموم البلوى:
اذا أوصى طبيب حاذق متدين بتغليف السن، عند ذاك تخرج السن من كونها من ظاهر الفم وتكون بمثابة باطنه. فلا يبطل الاغتسال بعدم غسلها، لان غلافها يغسل فحل محلها. فكما يحل شرعاً غسل اغلفة الجرح محل الجرح نفسه لوجود المضرة، فغسل هذا الغلاف الثابت - المبني على الحاجة - يحل محل غسل السن، فلا يبطل الاغتسال. والعلم عند الله. ولما كانت هذه الرخصة تقع للحاجة، فلا شك ان الذي يقوم بتغليف الاسنان او حشوها للتجميل لا يستفيد من هذه الرخصة، لانه لو عمل ذلك بسوء اختياره حتى في حالة الضرورة لا تباح له ذلك. ولكن لو كان قد حدث دون علمه فالجواز للضرورة.
سعيد النورسي
***

[حول رسالة الحشر]
"النكتة الثالثة للمسألة الثامنة من
المكتوب الثامـن والعشـرين"
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم وعلى والديكم وعلى اخوانكم وعلى رفقائكم في درس القرآن
اخي العزيز!
اولاً: لقد سرّني كثيراً رأيكم: أنه لا داعي لما رآه عبد المجيد من ان المبحث الثالث للمكتوب السادس والعشرين، زائد لا داعى له، بناء على حذر في غير محله.
علينا ان ندرك اننا نحظى بسر الآية الكريمة
(ملة ابراهيم حنيفاً) (البقرة:135). والتي تشير الى اتباعنا سيدنا ابراهيم عليه السلام الذي نال ثناء القرآن الكريم في قوله تعالى (وكيف اخاف ما اشركتم ولا تخافون انكم اشركتم بالله) (الأنعام:81).

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس