عرض مشاركة واحدة
قديم 01-22-2009
  #1
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 17
هيثم السليمان is on a distinguished road
حُسْنُ التَّفَهُمِ والدَّرك لمسألةِ التَّرك

حُسْنُ التَّفَهُمِ والدَّرك لمسألةِ التَّرك

للعلامة المحقق الحافظ السيد عبد الله بن الصديق الغماري الحسني رحمه الله

بسم الله الرّحـمن الرحيـم
الحمد لله الذي هدانا سواء السّبيل,ووفّقنا لمعرفة الحجّة والدّليل,والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وآله الأكرمين,ورضي الله عن صحابته والتّابعين .
أمّـا بعـد : فقد طلب منّي تلميذنا الفاضل الأستاذ محمود سعيد أن أحرّر رسالة في مسألة التّرك,تزيل عن قارئها كلّ حيرة وشك.وذكر أنّه وجد في (إتقان الصّنعة)إشارة إليها موجزة,فأجبت طلبه وأسعفت رغبته,وكتبت هذا المؤلّف محرّراً ليكون قارئه في ميدان الاستدلال على بصيرة من أمره, ويعرف الدليل المقبول من غيره,والله الموفّق والهادي وعليه اعتمادي.

المقدمة:
الأدلّة التي احتج بها أئمّة المسلمين جميعاً هي:الكتاب والسنّة –لا خلاف بينهم في ذلك-وإنّما اختلفوا في الإجماع والقياس؛فالجمهور احتج بهما وهو الراجح لوجوه مقرّرة في علم الأصول,وتوجد أدلّة مختلف فيها بين الأئمّة الأربعة وهي الحديث المرسل وقول الصحابي,وشرع من قبلنا ,والاستصحاب ,والاستحسان وعمل أهل المدينة والكلام عليها مبسوط في كتاب الاستدلال من جمع الجوامع للسبكي.ما هو الحكم الشرعي؟
الحكم هو خطاب الله المتعلّق بفعل المكلّف, وأنواعه خمسة :
1-الواجب أو الفرض:وهو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه مثل الصّلاة والزكاة وصوم رمضان وبر الوالدين.
2-الحرام:وهو ما يعاقب فاعله ويثاب تاركه ,مثل الربا والزنا والعقوق والخمر.المندوب:وهو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه,مثل نوافل الصّلاة.
4-المكروه:وهو ما يثاب تاركه ولا عقاب على فاعله,مثل صلاة النافلة بعد صلاة الصبح أو العصر.
-المباح أو الحلال:وهو ما ليس في فعله ولا تركه ثواب ولا عقاب مثل أكل الطيّبات والتجارة.[/COLOR]
فهذه أنواع الحكم التي يدور عليها الفقه الإسلامي,ولا يجوز لمجتهد صحابياً كان أو غيره أن يصدر حكماً من هذه الأحكام إلاّ بدليل من الأدلّة السّابقة,وهذا معلوم من الدين بالضرورة لا يحتاج إلى بيان.
ما هو الترك؟[/COLOR]
نقصد بالترك الذي ألّفنا هذه الرسالة لبيانه:أن يترك النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم شيئاً لم يفعله أو يتركه السّلف الصالح من غير أن يأتي حديث أو أثر بالنّهي عن ذلك الشيء المتروك يقتضي تحريمه أو كراهته , وقد أكثر الاستدلال به كثير من المتأخرين على تحريم أشياء أو ذمّـها ,وأفرط في استعماله بعض المتنطّعين المتزمّـتين ورأيت ابن تيمية استدل به واعتمده في مواضع سيأتي الكلام على بعضها بحول الله أنواع الترك :
إذا ترك النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم شيئاً فيحتمل وجوهاً غير التحريم:
1-أن يكون تركه عادة:قدّم إليه صلّى الله عليه وآله وسلّم ضب مشوي فمد يده الشريفة ليأكل منه فقيل:إنّه ضب,فأمسك عنه ,فسئل: أحرام هو؟ فقال:لا ولكنّه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه!...والحديث في الصّحيحين وهو يدل على أمرين:
أحدهما:أنّ تركه للشيء ولو بعد الإقبال عليه لا يدل على تحريمه.
والآخر:أنّ استقذار الشيء لا يدل على تحريمه أيضاً.
2-أن يكون تركه نسياناً,سها صلّى الله عليه وآله وسلّم في الصّلاة فترك منها شيئاً فسئل:هل حدث في الصّلاة شيء؟ فقال:((إنّما أنا بشر أنسى كما تنسون ,فإذا نسيت فذكّـروني)).
3-أن يكون تركه مخافة أن يفرض على أمته,كتركه صلاة التراويح حين اجتمع الصّحابة ليصلّوها معه.
4-أن يكون تركه لعدم تفكيره فيه,ولم يخطر على باله,كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يخطب الجمعة إلى جذع نخلة ولم يفكر في عمل كرسي يقوم عليه ساعة الخطبة,فلمّا اقترح عليه عمل منبر يخطب عليه وافق وأقره لأنّه أبلغ في الإسماع.واقترح الصحابة أن يبنوا له دكّة من طين يجلس عليها ليعرفه الوافد الغريب,فوافقهم ولم يفكر فيها من قبل نفسه.
5-أن يكون تركه لدخوله في عموم آيات أو أحاديث ,كتركه صلاة الضحى وكثيراً من المندوبات لأنّها مشمولة لقول الله تعالى((وافعلوا الخير لعلّـكم تفلحون)) وأمثال ذلك كثـيرة.
6-أن يكون تركه خشية تغيّر قلوب الصحابة أو بعضهم: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعائشة:((لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت ثم لبنيته على أساس إبراهيم عليه السّلام فإنّ قريشاً استقصرت بناءه)).وهو في الصحيحين.
فترك صلّى الله عليه وآله وسلّم نقض البيت وإعادة بنائه حفظاً لقلوب أصحابه القريبـي العهد بالإسلام من أهل مكّة...ويحتمل تركه صلّى الله عليه وآله وسلّم وجوهاً أخرى تعلم من تتبع كتب السنّة,ولم يأت في حديث ولا أثر تصريح بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا ترك شيئاً كان حراماً أو مكروهاً.

التعديل الأخير تم بواسطة هيثم السليمان ; 01-22-2009 الساعة 02:40 PM
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس