عرض مشاركة واحدة
قديم 10-15-2012
  #6
عبدالرزاق
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبدالرزاق
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 329
معدل تقييم المستوى: 14
عبدالرزاق is on a distinguished road
افتراضي رد: اتباع المتشابه بين القدرية والحلولية والجهوية


أخيراً:فقد رأينا كتب علماء السنة التي شرحوا بها كتب الحديث الستة كشروح صحيح البخاري ومسلم ،وسنن أبي داود ،والنسائي ،وجامع الترمذي،وسنن ابن ماجة فوجدناهم اتفقوا على أن الله لايحل في الجهات.
كما وجدناهم صرفوا نصوص حدوث العلم عن ظاهرها وصرفوا نصوص حلول الله في الأرض عن ظاهرها ،وكذلك صرفوا نصوص توهم وجود الله في الجهة عن ظاهرها.
والقاعدة في ذلك أننا آمنابوجود شيء هو المؤثر في العالم كله إيجاداً وإمداداً ولا يتأثر بشيء وهو غني عن مخلوقاته ولا يشبها ،فلا يتغير ولا بتبدل فكل متغير حادث .فكل ما ورد من فهم للنصوص على خلاف هذه القاعدة فهذا الفهم مردود على صاحبه.
وعلمنا أن المخلوقات أجسام لها حدود ،وأيقنا أن الله ليس مثلها فهو ليس بجسم . ومن زعم أن العرش يحدالله تعالى بل وزعم أنه محدود بحدود أخرى لانعلمها فهو غلط واضح لا ينكره عاقل. ولذا تجد بعض من تبنى معتقد الجهة قد التزم أغلاطاً شنيعة وسأذكر بعض الأمثلة:
مسألة النزول :جاء في شرح الطحاوية لابن أبي العزالحنفى ـ وهو من الكتب المعتمدة عند من يعتقد الجهة ـ في 1/280 ما نصه:
الثاني عشر : التصريح بنزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا والنزول المعقول عند جميع الأمم إنمايكون من علو إلى سفل.!!!
وجاء في مجموع الفتاوى للإمام ابن تيمية 4/348
قال:نزل العسكر بأرض كذا ونزل القفل بأرض كذا لنزولهم عن الدواب ولفظ النزول كلفظ الهبوط فلا يستعمل هبط الا اذا كان من علو الى سفل....انتهى
وقال أيضاً فى مجموع الفتاوى الجزء 12 صـــــــ257
قد تبين أنه ليس فى القرآن ولا فى السنة لفظ نزول إلا وفيه معنى النزول المعروف وهذا هو اللائق بالقرآن فإنه نزل بلغة العرب ولاتعرف العرب نزولا إلا بهذاالمعنى ولو أريد غير هذاالمعنى لكان خطاباً بغير لغتها ثم هواستعمال اللفظ المعروف له معنى فى معنى آخر بلا بيان وهذا لا يجوز بما ذكرنا وبهذايحصل مقصود القرآن واللغة الذى أخبر الله تعالى أنه بيّنه وجعله هدى للناس.....انتهى
فانظر إلى قوله :ولاتعرف العرب نزولاً إلا بهذاالمعنى !يقصدالنزول الحسي من علو إلى سفل.
وجاء في أعلام الموقعين لابن القيم2/301
الثاني عشر: التصريح بنزوله كل ليلة إلى السماء الدنيا والنزول المعقول عند جميع الأمم إنما يكون من علو إلى أسفل.....انتهى
بل قال ابن القيم _ وهو يرد على من يتهمهم بأنهم يقولون أن الله في السماء الدنيا _كما جاء في حاشية ابن القيم 13/29
وقد جاءت الأخبار أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلةفكيف يكون فيها وهو ينزل إليها....انتهى كلام ابن القيم .
ومعلوم مما سبق أن ثلث الليل الأخر يتنقل على مدار الساعة في جميع جهات الأرض فلا تخلو الأرض من زمن يكون على أهل تلك البقعة ثلث الليل فدولة مصر مثلاً يدخل عليها ثلث الليل بعد السعودية بساعة وهكذا بالتدرج من مكان إلى مكان. فلازم ذلك قطعاً أن الله حال في السماء الدنيا دائماً .! وهذا كله بسبب التشدد في فهم النصوص على ظاهرها رغم أن لها معان تليق بالله وتسوغ في لغة العرب وتصرفاتهم .
بينما أهل السنة يتأولون أحاديث النزول بما يليق بالله تعالى فإن حملها على ظاهرها لا يقره العقل ولا النقل بل هومخالف للقطعيات:
فمن يعتقد حلول الله في الجهة يقول:أن الله تعالى ينزل بذاته نزولاً يليق به سبحانه وتعالى كما أن الحلولية تقول هو معنا بذاته معية تليق بجلاله ويقول الجهوية أنه جل جلاله في جهة فوق العرش.! وكل هذه الطوائف يستدلون بنصوص من الوحي وفق فهمهم لها .
فإذاتأملنا في كلامهم وجدناه ينقض بعضه بعضاً فإذا كانوا يقولون :ينزل بذاته إلى السماءالدنيا في وقت محدد وهو ثلث الليل الأخر وعلمنا قطعاً أن ثلث الليل الأخر مستمر على أجزاء الكرة الأرضية في جميع الأوقات ،فهو ينتقل من جزء من الأرض إلى جزء أخر وهكذا على مدار الساعة ،فيلزم منه أن الله تعالى في السماء الدنيا دائماً . وهذا ينقض دعواهم أنه في جهة فوق العرش .فأي (عاقل مكلف ) يقبل هذا الكلام المتناقض؟!واما من جهة النقل :فقد روى النسائي في سننه الكبرى :بسنده إلى مسلم الأغر قال سمعت أبا هريرة وأبا سعيد الخدري رضي الله عنهما يقولان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الله يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ثم يأمر منادياًينادي ويقول هل من داع يستجاب له هل من مستغفر يغفر له هل من سائل يعطى " صححهالحافظ أبو محمد عبدالحق و ممن ذكر ذلك الإمام القرطبي في تفسيره (19 – 35)
ويؤيده الحديث الصحيح عن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال((تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد : هل من داع فيستجاب له ؟ هل من سائل فيعطى ؟ هل من مكروب فيفرج عنه ؟ فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله تعالى له إلا زانية تسعى بفرجها أو عشار )رواه حمد والنسائي فالنازل إلى السماء الدنياهو مخلوق من مخلوقات الله تعالى وهو ملك من الملائكة يأمره الله تعالى بذلك ، ويصح في استعمالات العرب ولغتهم أن ينسب الفعل إلى الآمر به فتقول العرب مثلاً : فتح الخليفة بلاد كذا وكذا ،ونادى الخليفة الناس إلى الجهاد مع أنه لم يفارق مكانه ولاناداهم بل الذي فتح البلاد هم الجيش والذي نادى هم رسله.
ولذا تجد الناس يقولون (الملك نادى في الرعية) مع أن المنفذ لذلك النداء هم خدمه ونوابه.ولذافأحاديث هل من مستغفر فأغفر له المنفذ للنزول والنداء هم الملائكة عليهم السلام كماتدل عليه الأحاديث ويؤيده العقل ولغة العرب وتصرفاتهم.
وأما ماجاء بلفظ (عبادي أتوني شعثاً غبراً )فالملائكة يحكون كلام الله ولا يعني أن الملائكة هم الذين يدّعون أن الناس عباد لهم .ألا ترى أن القارىء يقرأ في القرآن ((وأنا ربكم فاعبدون )) وكل عاقل يعلم أن القارىء إنما يقرأكلام الله وليس يزعم أنه هو الله سبحانه وتعالى .
قال الحافظ ابن حجر في شرح صحيح البخاري: قال ابن العربي: حكي عن المبتدعة ‏ردّ هذه الأحاديث, وعن السلف إمرارها, وعن قوم تأويلها وبه أقول. فأما ‏قوله:{ ينزل} فهو راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته, بل ذلك عبارة عن مَلَكِهِ الذي ‏ينزل بأمره ونهيه, والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني, فإن حملته في ‏الحديث على الحسي فتلك صفة المَلَك المبعوث بذلك, وإن حملته على المعنوي بمعنى أنه لم ‏يفعل ثم فعل فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة, فهي عربية صحيحة انتهى. ‏والحاصل أنه تأوّله بوجهين: إما بأن المعنى ينزل أمره أوالمَلَك بأمره, وإما بأنه ‏استعارة بمعنى التلطّف بالداعين والإجابة لهم ونحوه. انتهى كلام الحافظ ابن حجر.
وصدق الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى حيث قال: في فتح الباري(6/136) (و لايلزم من كون جهتي العلو و السفل محال على الله أن لايوصف ـ بالعلو ـ لأن وصفه بالعلو من جهة المعنى و المستحيل كون ذلك من جهةالحس)اهـ أي أن الله يوصف بالعلو المعنوي وهو علو القدر والقهر والسلطة لابمعنى العلو الحسي وهو كونه في جهة من الجهات فالجهة العلوية والسفلية مستحيلة في حق الكامل ـ جل جلاله ـ .
__________________
رفيقك علم الله فلابد ان لا تنسى رفيقك
عبدالرزاق غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس