الموضوع: صلاة الوتر
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-23-2009
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي صلاة الوتر

:extra144:

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

صَلاَةُ الوِتْر

التّعريف :
1 - الوتر " بفتح الواو وكسرها " لغةً : العدد الفرديّ ، كالواحد والثّلاثة والخمسة ، ومنه قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّ اللّه وتر يحبّ الوتر » . ومن كلام العرب : كان القوم شفعاً فوترتهم وأوترتهم ، أي جعلت شفعهم وتراً . وفي الحديث : « من استجمر فليوتر » معناه : فليستنج بثلاثة أحجار أو خمسة أو سبعة ، ولا يستنج بالشّفع .
والوتر في الاصطلاح : صلاة الوتر ، وهي صلاة تفعل ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر ، تختم بها صلاة اللّيل ، سمّيت بذلك لأنّها تصلّى وتراً ، ركعةً واحدةً ، أو ثلاثاً ، أو أكثر ، ولا يجوز جعلها شفعاً ، ويقال : صلّيت الوتر ، وأوترت ، بمعنىً واحد .
وصلاة الوتر اختلف فيها ، ففي قول : هي جزء من صلاة قيام اللّيل والتّهجّد ، قال النّوويّ : هذا هو الصّحيح المنصوص عليه في الأمّ ، وفي المختصر . وفي وجه أي لبعض الشّافعيّة : أنّه لا يسمّى تهجّداً ، بل الوتر غير التّهجّد .
الحكم التّكليفيّ :
2 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الوتر سنّة مؤكّدة ، وليس واجباً ، ودليل سنّيّته قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّ اللّه وتر يحبّ الوتر ، فأوتروا يا أهل القرآن » وأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعله وواظب عليه .
واستدلّوا لعدم وجوبه بما ثبت : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سأله أعرابيّ : عمّا فرض اللّه عليه في اليوم واللّيلة ؟ فقال : خمس صلوات ، فقال : هل عليّ غيرها ؟ قال : لا إلاّ أن تطوّع » .
وعن عبد اللّه بن محيريز « أنّ رجلًا من بني كنانة يدعى المخدجيّ سمع رجلاً بالشّام يكنّى أبا محمّد ، يقول : الوتر واجب . قال المخدجيّ : فرحت إلى عبادة بن الصّامت - رضي الله عنه - فاعترضت له وهو رائح إلى المسجد ، فأخبرته بالّذي قال أبو محمّد ، فقال عبادة : كذب أبو محمّد ، سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول : خمس صلوات كتبهنّ اللّه على العباد ، من جاء بهنّ ، لم يضيّع منهنّ شيئاً ، استخفافاً بحقّهنّ ، كان له عند اللّه عهد أن يدخله الجنّة ، ومن لم يأت بهنّ فليس له عند اللّه عهد ، إن شاء عذّبه وإن شاء أدخله الجنّة » .
وقال عليّ - رضي الله عنه - الوتر ليس بحتم كهيئة الصّلاة المكتوبة ، ولكن سنّة ، سنّها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " قالوا : ولأنّ الوتر يجوز فعله على الرّاحلة لغير الضّرورة، وثبت ذلك بفعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال ابن عمر - رضي الله عنهما - : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يسبّح على الرّاحلة قبل أيّ وجه توجّه ، ويوتر عليها، غير أنّه لا يصلّي عليها المكتوبة » فلو كانت واجبةً لما صلّاها على الرّاحلة ، كالفرائض .
وذهب أبو حنيفة - خلافاً لصاحبيه - وأبو بكر من الحنابلة : إلى أنّ الوتر واجب ، وليس بفرض ، وإنّما لم يجعله فرضاً ، لأنّه لا يكفر جاحده ، ولا يؤذّن له كأذان الفرائض ، واستدلّ بوجوبه بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « الوتر حقّ ، فمن لم يوتر فليس منّا كرّر ثلاثاً » وبقوله صلى الله عليه وسلم : « إنّ اللّه تعالى أمدّكم بصلاة هي خير لكم من حمر النّعم ، وهي صلاة الوتر ، فصلّوها ما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر » وهو أمر ، والأمر يقتضي الوجوب ، والأحاديث الآمرة به كثيرة ، ولأنّه صلاة مؤقّتة تقضى .
وروي عن أبي حنيفة : أنّه سنّة ، وعنه رواية ثالثة : أنّه فرض ، لكن قال ابن الهمام : مراده بكونه سنّةً : أنّه ثبت بالسّنّة ، فلا ينافي الوجوب ، ومراده بأنّه فرض : أنّه فرض عمليّ ، وهو الواجب .
وجوب الوتر على النّبيّ صلى الله عليه وسلم :
3 - صرّح الشّافعيّة والحنابلة : بأنّ من خصائص النّبيّ صلى الله عليه وسلم وجوب الوتر عليه ، قالوا : وكونه كان يصلّي الوتر على الرّاحلة يحتمل أنّه لعذر ، أو أنّه كان واجباً عليه في الحضر دون السّفر . واستدلّوا بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ثلاث هنّ عليّ فرائض ، وهنّ لكم تطوّع : الوتر ، والنّحر ، وصلاة الضّحى » .
درجة السّنّيّة في صلاة الوتر عند غير الحنفيّة ، ومنزلتها بين سائر النّوافل :
4 - صلاة الوتر عند الجمهور سنّة مؤكّدة لحديث عبد اللّه بن محيريز السّابق ، والأحاديث الّتي تحضّ عليها ، وحديث خارجة بن حذافة قال : قال : رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إنّ اللّه أمدّكم بصلاة هي خير لكم من حمر النّعم ، وهي صلاة الوتر ، فصلّوها ما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر » .
ومن هنا ذهب الحنابلة إلى أنّ من تركها فقد أساء ، وكره له ذلك . قال أحمد : من ترك الوتر عمداً فهو رجل سوء ، ولا ينبغي أن تقبل له شهادة . ا هـ .
والوتر من السّنن الرّواتب عند الحنابلة ، وفي أحد قولين للشّافعيّة ، وهو عند المالكيّة والشّافعيّة : آكد الرّواتب وأفضلها .
وآكد النّوافل عند الحنابلة : صلاة الكسوف ، لأنّه صلى الله عليه وسلم لم يتركها عند وجود سببها ، ثمّ الاستسقاء ، لأنّه تشرع لها الجماعة مطلقاً ، فأشبهت الفرائض ، ثمّ التّراويح ، لأنّه لم يداوم عليها خشية أن تفرض ، لكنّها أشبهت الفرائض من حيث مشروعيّة الجماعة لها ، ثمّ الوتر ، لأنّه ورد فيه من الأخبار ما لم يأت مثله في ركعتي الفجر ، ثمّ سنّة الفجر ، ثمّ سنّة المغرب ، ثمّ باقي الرّواتب سواء .
وقت الوتر :
5 - وقت الوتر عند الحنابلة - وهو المعتمد عند الشّافعيّة - يبدأ من بعد صلاة العشاء وذلك لحديث خارجة المتقدّم ، وفيه : « فصلّوها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر » قالوا : ويصلّى استحباباً بعد سنّة العشاء ؛ ليوالي بين العشاء وسنّتها . قالوا : ولو جمع المصلّي بين المغرب والعشاء جمع تقديم ، أي في وقت المغرب فيبدأ وقت الوتر من بعد تمام صلاة العشاء .
ومن صلّى الوتر قبل أن يصلّي العشاء لم يصحّ وتره لعدم دخول وقته ، فإن فعله نسياناً أعاده .
وفي قول عند الشّافعيّة : وقت الوتر هو وقت العشاء ، فلو صلّى الوتر قبل أن يصلّي العشاء صحّ وتره .
وآخر وقته عند الشّافعيّة ، والحنابلة طلوع الفجر الثّاني لحديث خارجة المتقدّم .
وذهب المالكيّة : إلى أنّ أوّل وقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء الصّحيحة ومغيب الشّفق، فمن قدّم العشاء في جمع التّقديم فإنّه لا يصلّي الوتر إلاّ بعد مغيب الشّفق . وأمّا آخر وقت الوتر عندهم فهو طلوع الفجر ، إلاّ في الضّرورة ، وذلك لمن غلبته عيناه عن ورده فله أن يصلّيه ، فيوتر ما بين طلوع الفجر وبين أن يصلّي الصّبح ، ما لم يخش أن تفوت صلاة الصّبح بطلوع الشّمس . فلو شرع في صلاة الصّبح ، وكان منفرداً ، قبل أن يصلّي الوتر ، ندب له قطعها ليصلّي الوتر . ولا يندب ذلك للمؤتمّ ، وفي الإمام روايتان . وذهب الحنفيّة : إلى أنّ وقت الوتر هو وقت العشاء ،أي من غروب الشّفق إلى طلوع الفجر، ولذا اكتفي بأذان العشاء وإقامته ، فلا يؤذّن للوتر ، ولا يقام لها ، مع قولهم بوجوبها . قالوا : ولا يجوز تقديم صلاة الوتر على صلاة العشاء ، لا لعدم دخول وقتها ، بل لوجوب التّرتيب بينها وبين العشاء . فلو صلّى الوتر قبل العشاء ناسياً ، أو صلّاهما ، فظهر فساد صلاة العشاء دون الوتر يصحّ الوتر ويعيد العشاء وحدها عند أبي حنيفة ، لأنّ التّرتيب يسقط بمثل هذا العذر . وقال الحنفيّة - أيضاً - : من لم يجد وقت العشاء والوتر ، بأن كان في بلد يطلع فيه الفجر مع غروب الشّفق ، أو قبله ، فلا يجب عليه العشاء ولا الوتر .
6- واتّفق الفقهاء : على أنّه يسنّ جعل الوتر آخر النّوافل الّتي تصلّى باللّيل ؛ لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « اجعلوا آخر صلاتكم باللّيل وتراً » .
فإن أراد من صلّى العشاء أن يتنفّل يجعل وتره بعد النّفل ، وإن كان يريد أن يتهجّد - أي يقوم من آخر اللّيل - فإنّه إذا وثق باستيقاظه أواخر اللّيل يستحبّ له أن يؤخّر وتره ليفعله آخر اللّيل ، وإلاّ فيستحبّ تقديمه قبل النّوم ؛ لحديث : « من خاف أن لا يقوم من آخر اللّيل فليوتر أوّله ، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر اللّيل ، فإنّ صلاة آخر اللّيل مشهودة ، وذلك أفضل » وحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : « من كلّ اللّيل قد أوتر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، من أوّل اللّيل وأوسطه وآخره ، فانتهى وتره إلى السّحر » .
عدد ركعات صلاة الوتر :
7 - أقلّ صلاة الوتر عند الشّافعيّة والحنابلة ركعة واحدة . قالوا : ويجوز ذلك بلا كراهة لحديث : « صلاة اللّيل مثنى مثنى ، فإذا خفت الصّبح فأوتر بواحدة » والاقتصار عليها خلاف الأولى ، لكن في قول عند الشّافعيّة : شرط الإيتار بركعة سبق نفل بعد العشاء من سنّتها ، أو غيرها ليوتر النّفل .
وفي قول عند الحنابلة - خلاف الصّحيح من المذهب - : يكره الإيتار بركعة حتّى في حقّ المسافر ، تسمّى البتيراء ، ذكره صاحب الإنصاف .
وقال الحنفيّة : لا يجوز الإيتار بركعة ، « لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء » قالوا : " روي أنّ عمر - رضي الله عنه - رأى رجلاً يوتر بواحدة ، فقال : ما هذه البتيراء؟ لتشفعنّها أو لأؤدّبنّك " .
وقال الشّافعيّة والحنابلة : أكثر الوتر إحدى عشرة ركعةً ، وفي قول عند الشّافعيّة أكثره ثلاث عشرة ركعةً ، ويجوز بما بين ذلك من الأوتار ؛ لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من أحبّ أن يوتر بخمس فليفعل ، ومن أحبّ أن يوتر بثلاث فليفعل ، ومن أحبّ أن يوتر بواحدة فليفعل » . وقوله : « أوتروا بخمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة » .
وقالت أمّ سلمة - رضي الله عنها - : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة ركعةً » . لكن قال المحلّيّ : يحمل هذا على أنّها حسبت فيه سنّة العشاء .
وأدنى الكمال عند الشّافعيّة والحنابلة ثلاث ركعات ، فلو اقتصر على ركعة كان خلاف الأولى. ونصّ الحنابلة : على أنّه لا يكره الإيتار بركعة واحدة ، ولو بلا عذر .
وأكمل من الثّلاث خمس ، ثمّ سبع ، ثمّ تسع ثمّ إحدى عشرة ، وهي أكمله .
أمّا الحنفيّة : فلم يذكروا في عدده إلاّ ثلاث ركعات ، بتشهّدين وسلام ، كما يصلّى المغرب . واحتجّوا بقول عائشة - رضي الله عنها - « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يسلّم إلاّ في آخرهنّ » وفي الهداية : حكى الحسن إجماع المسلمين على الثّلاث . قال ابن الهمام : وهو مرويّ عن فقهاء المدينة السّبعة .
أمّا عند المالكيّة : فإنّ الوتر ركعة واحدة ، لكن لا تكون إلاّ بعد شفع يسبقها .
واختلف : هل تقديم الشّفع شرط صحّة أو كمال ؟ قالوا : وقد تسمّى الرّكعات الثّلاث وتراً إلاّ أنّ ذلك مجاز ، والوتر في الحقيقة هو الرّكعة الواحدة . ويكره أن يصلّي واحدةً فقط ، بل بعد نافلة ، وأقلّ تلك النّافلة ركعتان ، ولا حدّ لأكثرها . قالوا : والأصل في ذلك حديث : « صلاة اللّيل مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصّبح صلّى ركعةً واحدةً توتر له ما قد صلّى » .
ويستثنى من كراهة الإيتار بركعة واحدة من كان له عذر ، كالمسافر والمريض ، فقد قيل : لا يكره له ذلك ، وقيل : يكره له أيضاً . فإن أوتر دون عذر بواحدة دون شفع قبلها ، قال أشهب : يعيد وتره بأثر شفع ما لم يصلّ الصّبح . وقال سحنون : إن كان بحضرة ذلك أي بالقرب ، شفعها بركعة ثمّ أوتر ، وإن تباعد أجزأه .
وقالوا : لا يشترط في الشّفع الّذي قبل ركعة الوتر نيّة تخصّه ، بل يكتفي بأيّ ركعتين كانتا .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس