عرض مشاركة واحدة
قديم 04-05-2009
  #102
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

العَدْلُ جَلَّ جَلالُهُ



" هو العادل في أحكامه، الحكيم في إتقان نظامه، عدل بين البرية، وجعل لكل فرد مزية (1) .


رفع السماء على الأرض لشرفها، ورفع رأس الإنسان على جسمه لمزاياها، ركَّب الجسم من عناصر مختلفة، وأوقف كل عنصر عند حدِّه ، ولولا العدل الإلهي لطغت العناصر على بعضها، وهلك الوجود.


عدل في أحكامه الشرعية فجعل لكل قوة في الإنسان حداً لا تتعداه، فحكم على السارق بقطع يده، وحكم على شارب الخمر بالجلد، وحكم على الزاني المحصن بالرجم، وذلك هو عين العدل.


وعدل في أحكامه القدرية، فجعل لكل شيء قدرا، فضيَّق الأرزاق على قوم بالعدل، ولو بسطها لهم لبغوا في الأرض.


سلَّط الأمراض على قوم ليهذِّب نفوسهم حتى يرجعوا إلى بابه بالذل.


منح كل حقيقة في الوجود كمالها، فصرف الطيور في الهواء، وسخر للأسماك الماء، ومنح الحيوان الأجل والغذاء... بحكمة عادل قادر.


ومن عدله أن جعل في النباتات شيئاً يؤكل، وشيئاً يحرق. فالذي يؤكل مثل: الحبوب والثمار لطيبها ونفعها. والذي يحرق: الخشب والورق، كذلك في الإنسان من هو بمنـزلة الثمار، يستحق الاحترام، والمحافظة عليه، ومنها ما هو بمنـزلة الخشب والورق، يستحق النار بالعدل الإلهي.


وإن الجنة هي مظهر اسمه "الرحيم" والنار هي مظهر اسمه"العدل" ، والله تعالى يحب أن يظهر آثار أسمائه ليتجلى عدله، فلو كشف لك الستار لوجدت أن العدل الإلهي والحكمة العليّة، والمصلحة العامة دخول من يستحق النار فيها.


قال تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا }. فلا يصلح الحطب إلا للنار.


وإذا تجلَّى لك الحقُّ بنور اسمه"العدل" أخذت نصيباً من التخلُّق بهذا الاسم الكريم؛ فتعدل بين روحك ونفسك، وتعدل بين جوارحك وجسمك، فتعطي للروح رتبة الشرف والإجلال، والاحترام، وتعطي للنفس رتبة الأدب والوقوف على الحدود، وتعطي للقلب رتبة المحافظة عليه، لأنه شريف لطيف (2) .


وتعدل بين جوارحك فلا تجعلها تنغمس في شرور ولا منكر، ولو أنك أعطيت رتبة الشرف للوضيع لم تعدل، فإذا جعلت النفس تحكم على الروح فقد ظلمت وأسأت.


وقد ضرب العارفون مثلاً للعدل فقالوا:" لو أن عند الإنسان والداً محترماً، وزوجة لخدمته، ودابة لركوبه، فترك والده عارياً، جائعاً، وأعطى لزوجته الحرية وانقاد لها، وأعطى لدابته العناية الكبرى في الغذاء والمحافظة عليها من الحر والبرد... فهذا الرجل يكون في منتهى الجهل بالحقائق: فالوالد بمنـزلة الروح لأنه أصل وجوده، والنفس بمنـزلة الزوجة لأنها منبع الشهوة، والجسم بمنـزلة الدابة لأنها ركوبة تحمل الروح.


فالعدل يحتِّم عليك العناية بالروح، ويحتم عليك تأديب الزوجة حتى لا تتبرَّج، ويوجب عليك إعطاء القوت الضروري للجسم .


ومن أراد أن يذوق سرَّ الخلافة في نفسه، فليستعمل العدل في قواه، فهي رعية واسعة. " اهـ




الدُّعـــــاءُ


" إلهي ...أنت العدل في أحكامك بين العباد ، تنزل العطاء بالموازين على قدر الاستعداد ، رفعت قوماً وخفضت آخرين بالعدل ، قدرت في الأزل فريقاً في الجنة وفريقاً في السعير ، تجلَّ لي بنور اسمك العدل ، حتى أعدل بين روحي ونفسي ، وجسمي وحسي ، وأعدل بين أهلي وأولادي ، وإخواني وأقاربي وجيراني، فأنال سر الخلافة عنك ، وأتلقى مدد المعونة منك ، لأحظى برضاك مع الأخيار الأبرار ، في جنات تجري من تحتها الأنهار ، إنك على كل شيء قدير.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".



اقتباس:============================================

(1) : : الذي يعطي كل ذي حق حقه ، ويضع كل شيء في موضعه ، ولا يصدر منه إلا العدل ، فهو الذي يفعل ما يريد، وحكمه ماض في العبيد .


(2) : فالتعلق باسمه "العدل" يكون بطلب التسديد والتوفيق في كل أمورك حتى تكون عدلاً فيما تحكم به بقولك، أو همتك، معتدلاً في جميع الأمور، خائفاً من سطوة عدله، طامعاً في نواله وفضله. والتخلق به: أن تعدل في أحكامك، وتعتدل في أوصافك، فلا فرقك يحجبك عن جمعك، ولا جمعك يحجبك عن فرقك، تعطي كل ذي حق حقه، وتوفي كل ذي قسط قسطه .أما التحقق به : فبأن تغيب عن حكمك وعدلك، بشهود حكم من أجرى حكمه وعدله عليك، والله تعالى أعلم."اهـ




(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: اللَّطِيفُ جَلَّ جَلالُهُ....... )



__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس