عرض مشاركة واحدة
قديم 06-02-2009
  #105
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الحَلِيمُ (1) جَلَّ جَلالُهُ



" هو الذي يرى مخالفة الأوامر ويعلم طغيان الظالم، والفاجر، وهو "حليمٌ" لا يعجل، مع القدرة التامة، رحيمٌ شملت رحمته الطائع والعاصي، بوسعة عامة (2).


قال تعالى: { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ} (3) .


ولو فتَّشنا مكارم الأخلاق لوجدنا الحلم هو الدرة الغالية، وهو منتهى المفاخر العالية. وقد ورد في الأثر: ( الحلم سيد الأخلاق ) (4) . وورد : (كاد الحليم أن يكون نبياً) (5) .


وإن حلم الله على العاصي وستره على المذنب، وإمهاله للكافر، ورزقه للفاجر، بمنـزلة الراح الطهور الذي يشرح الصدور، كأن الحق سبحانه وتعالى يقول: تعلَّموا الحلم مني، وأنا القادر العظيم، وتخلَّقوا بالحلم، واحذروا نزغات الشيطان الرجيم، فأنا الحليم مع قدرتي، والسَّتَّار مع عزتي (6) .


ومن أراد أن يكون مثال الكمال، ويتحلَّى بحلَّة الجمال، فليستعمل الحلم مع الجهلاء، ويستعمل الصفح عن السفهاء، ويتمثَّل معاملة الله لأعدائه، وحلمه على المشركين ، ولطفه في قضائه، يعبدون غيره، ويرزقهم!، ويعظِّمون سواه، ويمهلهم! (7) .


وقد جعل الله السفهاء بمنـزلة المعراج الذي يعرج عليه أهل الحلم، والبراق الموصل لأهل العلم، فمتى تعدَّى عليك سفيه لئيم، فقابل ذلك بالحلم، واشكر الله على خلاصك من الخلق الذميم.


واعلم أن حظ العبد من هذا الاسم أن يكون حليماً على الجهَّال، غاضّاً الطرف عن سيِّء الأعمال ( 8 ).


وأكبر إمام تخلَّق بالحلم، وتحلَّى بهذا الخلق العجيب هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإنه لم يغضب لنفسه أبداً، ولقد رماه الكفار بالجنون والسحر، وكافة أنواع الأذى، وضربوه بالأحجار حتى سال الدم منه، ومع ذلك فهو حليم، لبس حُلَّة الرب "الحليم"، أنس بمولاه الكريم، راضٍ بحكم مولاه الحكيم، قائلاً:" اللهمَّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" (9) .


وصاحب هذا الخلق يحيا ذكره ويصير إماماً لإخوانه، وجيهاً في الدنيا والآخرة."اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي ...تجليت باسمك الحليم، فسترت العيوب، وجذبت القلوب بفضلك، فلا تمنع عنا عطاياك، ننساك جهلاً فتواسينا بالرزق، تنـزهت في علاك. إلهي ... أشرق على قلوبنا بأنوار الحليم حتى نتخلق بالحلم . إلهي .... احفظ نفوسنا من الغضب والحماقة، وجمِّلنا بأنوار أسمائك على قدر الطاقة، حتى نكون نوراً مشرقاً للأحباب، ومورداً عذباً للطلاب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم)." .



اقتباس:============================================

(1) : يقال:حلُم - بالضم - يحلُمُ حلماً-، فهو حليم. وأما حلَم - بالفتح - يحلُم- ، حلماً بضم فسكون- ، وبضمتين - فهو:حالم؛ فرؤيا المنام، والجمع أحلام.

(2) : وقيل: إن الحليم هو الذي لايعجل الانتقام مع غاية الاقتدار، ويعزم على عدم الانتقام ولايظهر ذلك. وقيل: هو الذي لا يحبس آلاءه وأفضاله عن العباد لأجل ذنوبهم . وقيل: هو الذي لايسارع بالعقوبة ولا يعجل بالمؤاخذة بل يتجاوز الزلات ويعفو عن السيئات .

(3) : سورةفاطر - الآية 45.

(4) : لم أجده بهذا اللفظ.

(5) : ‏قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (كاد الحليم أن يكون نبياً) أي قرب من درجة النبوة وكاد من أفعال المقاربة وضعت لمقاربة الخبر من الوجود لعروض سببه، لكن لم يكن لفقد شرط أو عروض مانع. قال العسكري: كذا يرويه المحدثون ولا تكاد العرب تجمع بين كاد، وأن، وبهذا نزل القرآن. رواه الخطيب في ترجمة محمد البزدوي (عن أنس) وفيه يزيد الرقاشي متروك، والربيع بن صبح ضعفه ابن معين وغيره ومن ثم أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح.‏ انظر: فيض القدير شرح الجامع الصغير - الحديث رقم 6198.

(6) : روى الرازي أن شاباً كان كثير الذنوب ولكنه لم يكن مصراً على ذنبه، بل كان يتوب ثم يرجع إلى الذنب، فلما كثر منه ذلك وسوس له الشيطان فقال له: إلى متى تذنب وتتوب ثم تعود؟ وأراد أن يقنطه من رحمة الله سبحانه وتعالى، فلما جاء الليل قام الشاب وتوضأ، وصلى ركعتين، ثم رفع بصره إلى السماء قِبلة الدعاء، ونادى ربه قائلاً: يا من عصمت المعصومين، ويا من حفظت المحفوظين، ويا من أصلحت الصالحين، إن عصمتني تجدني معصوماً، وإن أهملتني تجدني مخذولاً، ناصيتي بيدك، وذنوبي بين يديك، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك . فقال الله سبحانه وتعالى للملائكة : يا ملائكتي ... أما سمعتم قوله ؟ اشهدوا أني قد غفرت له ما مضى من ذنبه، وعصمته فيما بقي من عمره .

(7) : في الحديث القدسي الجليل الذي رواه سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ربه عز وجلَّ قال: (قال اللّه تعالى إني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري) لكن وسعهم حلمه فأخرهم { لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارمُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} أي متخوفة لا تعي شيئاً فيقال لهم: {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان}.

قال الغزالي: المنعم هو اللّه والوسائط مسخرون من جهته فهو المشكور وتمام هذه المعرفة في الشك في الأفعال فمن أنعم عليه ملك بشيء فرأى لوزيره أو وكيله دخلاً في إيصاله إليه فهو إشراك به في النعمة فلا يرى النعمة من الملك من كل وجه بل منه بوجه ومن غيره بوجه فلا يكون موحداً في حق الملك وكمال شكره أن لا يرى الواسطة مسخرة تحت قدرة الملك ويعلم أن الوكيل والخازن مضطران من جهته في الإيصال فيكون نظره إلى الموصل كنظره إلى قلم الموقع وكاغده فلا يؤثره ذلك شركاً في توحيده من إضافته النعمة للملك فكذلك من عرف اللّه وعرف أفعاله على أن الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره كالقلم في يد الكاتب واللّه هو المسلط على الفعل شاءت أم أبت. الحديث رواه الحكيم الترمذي ، والبيهقي، والحاكم بسندهم عن أبي الدرداء.

انظر: المناوي - فيض القدير شرح الجامع الصغير - الحديث رقم 6008.

( 8 ) : فالتعلق بهذا الاسم باستمطار حلمه تعالى بستر مساويك، ونشر محاسنك، وبشكر منته في خلقه، والرجوع إليه قبل ظهور أمره بإنفاذ حكمه. أما التخلق فيكون بالصفح عن الجناة، والعفو عنهم فيما يعملونه به من السيئات، بل تجازيهم بالإحسان تحقيقاً للحلم والغفران.

(9) : صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد حين كسروا رباعيته وشجوا وجهه: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) وهذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان على سبيل الحكاية عمن تقدمه من الأنبياء والدليل عليه ما رواه مسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون). وفي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر نبيا قبله شجه قومه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يخبر عنه بأنه قال: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)."اهـ .




(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: العَظِيمُ جَلَّ جَلالُهُ....... )

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس