شخصيات من التاريخ ( ابن الرومي )




يعد ابن الرومي واحدًا من شعراء العرب المعدودين، وقد عُرف بغزارة شعره وتمكنه من ناصية فن العربية الأول، فقد أبدعت قريحته الشعرية في كل غرض ولون؛ فبرع في الوصف والفخر والمدح

والنسيب والرثاء، حتى فاق كثيرين من أقرانه ومعاصريه، وكان له السبق في توليد المعاني اللطيفة واختراع التعبيرات البليغة النادرة، فكان بحق أحد أعلام الشعر العربي ومن رواده الأوائل.‏

وُلد "علي بن العباس بن جريج"، المعروف بابن الرومي ، ببغداد ، وكان جده "جريج" من أصل رومي، وكان مولى لعبد الله بن عيسى بن جعفر بن المنصور العباسي.‏

وكان أبوه على شيء من الغنى واليسار، وهو ما هيأ له أن يتجه إلى التعليم وهو في سن صغيرة، فالتحق ببعض الكتاتيب ليحفظ القرآن الكريم ويتلقى شيئا من علوم النحو واللغة والأدب والحساب، وأبدى " ابن الرومي " شغفا بالعلم ونهما بالمعرفة منذ حداثة سنه، ثم تخلف بعد ذلك إلى حلقات العلماء في المساجد ينهل العلم والأدب من علماء العربية ورواة الشعر واللغة، مثل: "محمد بن حبيب"، و"ثعلب".. ثم قصد "دار الحكمة" التي كانت عامرة بكنوز العلم والمعرفة كتب الفلسفة وعلوم المتقدمين، فنهل منها، وكان مثالا نادرا للحفظ والاستيعاب.‏

ظهرت موهبة ابن الرومي الشعرية منذ وقت مبكر في حياته وهو لا يزال صبيا في الكتاب،‏

كان من الطبيعي أن يتخذ ابن الرومي من الشعر حرفة وصناعة، وقد بلغ في هذا الفن ما بلغ وأصبح له شأو بعيد، فاتجه ابن الرومي إلى علية أهل بغداد، يعرض عليهم بضاعته، ويستعرض فيهم بدائع قريحته وموهبته الشعرية، ولكنه لم يجد إقبالا من "بني طاهر" وكبار رجال الدولة في بغداد، ولم ييأس " ابن الرومي "، وعاود المحاولة من جديد، فمدح "محمد بن عبد الله بن طاهر" حامي بغداد؛ طمعا في ثوابه ومكافأته، وأملا في أن يشق طريقه إلى بلاطه بمدائحه، ولكنه لم يلق ما كان يطمع إليه من المكافأة، وهو ما جعله يحمل عليه ويهجوه، بل امتد هجاؤه ليعم أسرة الطاهريين جميعا؛ يصب عليهم جام غضبه، ويلهبهم بسياط هجائه‏

ولابن الرومي ديوان ضخم من الشعر في ستة مجلدات بلغ 2570 صفحة، ويضم 1562 قطعة، يصل بعضها إلى 300 بيت، ولا يتجاوز البعض الآخر بيتًا واحدًا.‏