عرض مشاركة واحدة
قديم 03-31-2009
  #14
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: تذكرة المحبيّن في أسماء سيّد المرسلين

فَصْل



"ومن آداب المحبّ لنبيّه أن يُكثر التّسمية باسْمِه، وأن يقصد بذلك البَركة في توسيع رزِقه، ويطلبَ من الله بها غُفران ذنبه.

رُوي عنه عليه السّلام: «ما مِن بيتٍ فيه اسمُ محمّد إلاّ رُزقُوا، ورُزِقَ جيرانُهم». وكذا ما كانت المَشُورة بين قومٍ وكان فيهم من تسمّى بمحمد أو أَحمد ولم يُدخلوهم في مَشُورتهم فلا خيرَ في مَشُورتهم، وإن أَدخلوهم فيها كان فيها الخيرُ والبَركة.

معنٰى هذا روي في بعض الآثار ومشهور (17ب) الأخبار، وهو إنْ لم يصحّ ورودُه ونقلُه، فالعِنايَةُ الربّانية بمقامِ نبينا ومكانتِه والحظِّ من الله تعالىٰ علىٰ احترامه تؤكِّدُه وتؤيِّدُه.

وقد، ورَد في بعض الآثار: إذا كان يومُ القيامة، نادىٰ منادٍ من قبل المولىٰ جلّ جلاله: ألا كُلّ مَن كان اسمُه باسمِ محمّد فليدخل الجَنّة إكراماً لنبيّ الله وحبيبه ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ.

ورُوِيَ في مَعْناه: يُؤتىٰ يوم القيامة برجلين أحدهما اسمه أَحمد، والآخر اسمه مُحَمّد، لم يَعْمَلا خيراً قطّ، فيقول الربّ سيروا بعبدي إلىٰ الجَنّة، فيقولان: يا رَبَّنا بأيّ شيء استَوْجَبْنا الجنة، ولا عمل لنا؟.
فيقول الربُّ جل جلاله: لأنّي آليتُ علىٰ نفسي أن لا أُعَذّب بالنّار من سُمِيّ باسمِ حبيبي محمّد إكراماً له عليه السّلام.

وروي أيضاً: ويُؤتىٰ يوم القِيامة برجلٍ اسمُه محمّد فيوقَفُ بين يَدي الله تعالىٰ، فيقول له: أَيْ عَبْدِي أما تستحي مِنّي في عِصيانك، أما استحيت من اسممٍ حبيبي محمد، تسمّيت به، وأنتَ تعصيني، وتُبارزني بالمخالفة؟.

قال: فيقعُ الحياءُ علىٰ العبد الآبق من مولاه لاتباعه هواه، ويفيضُ عرقُه، وينكسِرُ قَلبْهُ، ويَشْتَدُّ خوفُه وقَلقُه؛ فيقول المولىٰ جلّ جلاله، برحمتِه وإكرامِه لنبيّهِ: يا جبريل خُذ بيد عبدي، وادخُلْ به إلىٰ الجَنّة، فقد آليتُ علىٰ نفسي أن لا أعذّب من تَسمّى باسم حبيبي ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ.

والآثار في هذا المعنىٰ كثيرة، والإشارة إليها كافية؛ فأكِثرُوا يا أمّة محمّدٍ من أسماءٍ حبيبِ الرّحمن؛ لأَنّها بركةٌ لكم في الدنيا، ونجاةٌ لكم في الآخرة من النيران.

وتأدّبوا مع المِسَمَّىٰ باسمه، ووقّروه، واعْلَمُوا أنّ له حرمةً عند الله ومنزلةً فَلا تَنْتَهِروه، وإنْ وقع في أمر من المخالفة لسنة من تَسمّى باسمِه فارْحَمُوه، وإن كانَ صغيراً فرحبوا به، وابتهلوا بزيادة إكرامه علىٰ غيره، واقْبَلُوه؛ هٰذا شأنُ المحبّين في مَحْبُوبِهم والشّاغفين في مَشغُوفهم، يعظّمون أسماءَهم، ويستنشقونَ نسيمَهم ويقبّلون بقاعَهم، ويقولّون شوقاً لهم:



أَمُرُّ علىٰ الدِّيارِ ديارِ لَيْلٰى = أُقَبِّلُ ذا الجِدَارَ وذا الجِدَارا
وما حُبُّ الدّيارِ شَغَفْنَ قلبي = ولكن حُبُّ مَنْ سَكنَ الدّيارا



(18أ) فتعظيمك لمن سُمّي باسمِه الكريم، أو مَن انتسُب إلىٰ نسبه العظيم، إنّما هو في المعنىٰ تعظيمُ المصطفىٰ، وإكرامٌ لمن وصفه مولانا بكمال الصفح، وحُسن الوفاء." اهـ






فصل



"ومن آداب مَنْ تعلّق باسم المحبُوب أن يزيِّن به مجالسَه ويطّرز بالأَذكارِ أَسماءه ومحاسنه، فإنّها رحمةٌ من الله يَعُدّها حالاً ومآلاً، ونعمةٌ أنعم بها المولىٰ علىٰ مَنْ تخلَّق بها حُلولاً وإجلالاً.


فمن مَنَّ عليه ربُّه ومولاه بفصاحةِ لسانِه، وأَعطاهُ من حُسن البلاغة في كلامِه، جعَل طاعَته وعبادتَه أَمداحَه، وأَبلغ جدّه وجهده ومحاسنه وزيّن مدحه، فذكَر فيها أسماءه. فنعم الغنيمةُ لمن أراد السَّلامة، ونعم النَّجاةُ لمن طلبَ سُكنىٰ دار الكرامة.


والمحروم مَنْ مَنَّ مولاه عليه باللّسان، وحُسن التعبير عمّا يختلجُ له في الجّنان، فيضعُ لسانَه في أمداح ما لا يَعْنِيه، ويُفرِغ همتّه فِيما يعود عليه بالوبال في تلك الدّار ويعنيه.


فإنّه لا نافعَ له عند الله يومَ القيامةِ إلاّ مدحُه، وخدمتُه وخدمةُ أنبيائِه وأحبابه عند أهل الوُدّ والكرامة.
ومَنْ لا قُدرة له علىٰ ابتكار الكلام، وتشكيل خَرزات النِّظام، في مدحِ المُسَمَّى ببدرِ التَّمام، فلينظر في أمداح الصحابة ــــ رضي الله عنهم ــــ منظومهم ومنثورهم، كعليّ بن أبي طالب، وحَسّان ابن ثابت، وكَعب بن زهير وغيرهم، ويتصفّح أمداحَ مَنْ يَجْدَهم.


ويتأكدُ عليه إن كان من المُحبّين حفظ البُرْدَة والشّقراطيسيّة وغير ذلك مما لا يحصىٰ كثرةً وظهرت بركته، وبقي في الوجودِ رحمته.





أَمداحُ خيرِ الخَلْق أضحْتَ نعمةً= مشكورةً بينَ الأَناممِ ورحمةً
إنَّ الذي قد نالَ منها لمحةً=حازَ الأديبَ من المعالي رفعةً
تُنبيكَ عن شَرفِ القَريضِ الأَطْرَفا
فاسمعْ دلائل فضلِه بتلذُّذِ=والجأْ لجانبه العَلِي وتَعَوَّذِ
ما إنْ سرىٰ ذاك العَلا من مُنقِذ=جبريل أَيَّدَ مادح الهادي الذي
أْسرىٰ به الأَعلىٰ العظيمُ تَشرُّفا





(18ب) فهذا التّخميسُ ــــ والأَبيات ــــ العارفين بالله تعالى، وبأَخبار رسول الله ــــ أعادَ الله علينا من بركاتهم، وسَقانا من كأس محبّتهم ــــ وهو من أحسننِ التّجامِس وأجلّها، ورأيتُ مكتوباً من خَطّ الشيخ وليِّ الله محمّد المزدوري ــــ رَحِمَهُ الله ونفعَ به ــــ ما نصُّه، ويُطلَب مِن المُحِبِّ حفظُه:





أَلا إِنَّني بالحمد والشكْرِ أَبْدَأُ=ومن قُوّتي ــــ والحمدُ لله ــــ أَبْرَأُ
أُداوي بذكر المُصطفىٰ سُقْمَ مُهجتي=ولا داءَ من داءِ النَّوىٰ عنه أَدرأُ
أُفِيضُ علىٰ حَرّ الحَشا بَرْدَ ذِكرِه=عَسىٰ نار أَحزاني عن القَلببِ تُطْفَأُ





ثم ذكر ــــ رحمه الله ــــ كلاماً علىٰ قَدرِ مَقامه، ودقائقَ من المَواهب تدلُّ علىٰ علُوّ مكانه فقال في آخرها:


فاذكُر حبيبَ الله بنعمهِ الّتي ذَكرهُ الله بها في القِدَم، يَسُتُرْك من بلائه المُوْدَع في خَلْقِه ومن جميع النِّقَم؛ فيا لها من نِعَمٍ مَنَّ بها العلىُّ الأَعلى على الأحرار من عبيدهِ الخَدَمِ أُولي الهِمَم؛ ثم أنشَد قصيدةً طويلةً في مدح المصطفىٰ ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ ولولا الخروج عن المقصد من هذا التّقييد لذكرت جملةً من أَولياء المحبّين في حبيببِ رَبِّ العالمين.


ورأيت منقولاً بخط الثقات، عن خَطّ الشّيخ الصالح الوليّ العالم أبي الحسن محمّد الأَنصاري البَطرنيّ ــــ قدّس الله روحَه، ونفَع به ــــ تخميساً للقصيدة المُذهبة البديعة البليغة، الوجيزة في مدحه ــــ عليه الصلاة والسلام ــــ المنيعة المنسوبة إلىٰ الشيخ الصالح وليّ الله أبي محمد عبد الله البسكريّ ــــ رحمه الله تعالى ونفع به ــــ التي يقُول في آخرها:





الحَمْدُ للَّهِ الكريممِ وهٰذِهِ =نَجَزَتْ وَظَنِّي أَنَّهُ يَرْضَاها




فسمع قائلاً يقُول في قَبْرِ المُصْطَفىٰ ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ رَضِيْناها، رضيناها.


ويُحكى أَنّه لمّا أراد السَّفر من المدينة المشرَّفة، رأىٰ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم في مَنامِه لإقامته فقال له: تُوحِشُنا يا أبا عبد الله؛ فكانت هذه الرّؤيا سَبباً لإقامته ودفنِه قريباً من تُربته، ومَدْحِه وإنشاد قصيدته." اهـ3
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس