عرض مشاركة واحدة
قديم 02-25-2013
  #27
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

الباب الرابع [ سجود السهو والتلاوة والشكر ]
الفصل الأول : سجود السهو

- شرع سجود السهو جبرا للخلل الواقع في الصلاة فرضا أو نفلا وإرغاما للشيطان
دليل المشروعية
- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين فإذا استيقن التمام سجد سجدتين فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان . وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما لصلاته وكانت السجدتان مرغمتي الشيطان ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 197 / 1024 )

- حكمه :
- 1 - هو سنة :
آ - للمنفرد
ب - للإمام
ج - للمأموم لسهو إمامه إن لم يسجد إمامه
د - للمأموم المسبوق لسهو نفسه الواقع بعد انتهاء صلاة الإمام
ه - للمأموم لسهوه الواقع قبل الاقتداء بالإمام ( وصورة ذلك أن يبدأ الصلاة منفردا ويسهو في صلاته ثم يدخل في جماعة )
و - للمأموم إن كان الإمام حنفيا وسجد للسهو بعد السلام فلا يجب على المأموم أن يسجد مع الإمام للسهو لانقطاع القدوة بالسلام
ز - يسن للمأموم المسبوق أن يعيده في آخر صلاة نفسه لأن الأول فعله متابعة للإمام ولم يكن موضع سجوده
والدليل على أنه سنة قوله صلى الله عليه و سلم في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم : ( فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان )
- 2 - وهو واجب على المأموم إذا فعله إمامه قبل السلام حتى ولو سلم بعد سلام إمامه ساهيا عن سجود السهو لزمه أن يعود إليه إن قرب الفصل وإلا أعاد صلاته كما لو ترك منها ركنا لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 19 / 77 ، وسيرد الحديث تاما في بحث صلاة الجماعة )


- كيفيته :
- هو سجدتان وواجباته كواجبات سجود الصلاة ومندوباته كمندوباته وذكره كذكره واللائق بالحال أن يقول فيه : سبحان من لا ينام ولا يسهو أما إذا كان متعمدا سبب السهو فيسن له في سجود السهو الاستغفار
ولا بد له من نية لا يتلفظ بها فإذا سجد بدون نية و تلفظ بها بطلت صلاته أما المأموم فلا يحتاج إلى نية لتبعيته للإمام
وإن اجتمع سهوان أو أكثر من نوع واحد أو أنواع كفاه للجميع سجدتان ولا يجوز أكثر من سجدتين لأن النبي صلى الله عليه و سلم قام من اثنتين وكلم ذا اليدين واقتصر على سجدتين ( سيرد الحديث تاما بعد صفحات . ) ولأنه لو لم يتداخل لسجد عقب السهو فلما أخر إلى آخر صلاته دل على أنه إنما أخر ليجمع كل سهو في الصلاة فإن سها في سجود السهو فسجد ثلاثا لم يسجد لهذا السهو أما لو شك هل سجد للسهو سجدة أو سجدتين فيسجد أخرى ولا يعيد السجود وإن تبين له أنهن صرن ثلاثا لأن سجود السهو لو لم يجبر كل سهو لم يؤخر


- محله : - قبل السلام للأحاديث الصحيحة الكثيرة فيه ومنها حديث عبد الله بن بحينة رضي الله عنه قال : " صلى لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته نظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19 / 85 ، وسترد في البحث أحاديث أخرى تدل عليه )
ولأن فعله قبل السلام كان آخر الأمرين من فعله صلى الله عليه و سلم والمتأخر ينسخ المتقدم ولأنه يفعل لإصلاح الصلاة فكان قبل السلام كما لو نسي سجدة من الصلاة
ولا بد من كونه بعد التشهد وإتمام الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم فإن سجد قبل إتمامها بطلت صلاته حتى لو كان مأموما ولم يكمل تشهده وصلاته على النبي صلى الله عليه و سلم فإنه يجب عليه التخلف لهما ثم يسجد وجوبا لتوجيه عليه بفعل الإمام

- فواته :
يفوت بمجرد سلام المصلي عامدا عالما بالسهو وإن قصر الفصل أما إن سلم المصلي ناسيا للسهو فيعود إليه إن لم يطل الفصل عرفا وإلا فات وقته لأنه يؤتى به لتكميل الصلاة فلم يفعل بعد تطاول الفصل فإذا عاد إليه - في حال السهو وقصر الفصل - اعتبر عائدا إلى حكم الصلاة فلو تكلم عامدا أو أحدث في السجود مثلا بطلت صلاته


- أسبابه :
- تنحصر أسبابه في ثلاثة أقسام ( والتقسيم لتسهيل الدراسة فقط إذ تتداخل الأقسام أحيانا )
القسم الأول : ترك مأمور به . والمأمور به أن يكون ركنا أو بعضا أو هيئة :
- 1 - فالركن : إن ترك عمدا بطلت الصلاة وقد تقدم . وإن ترك سهوا أتي به وسجد للسهو لاحتمال الزيادة
- 2 - أما البعض : فيجبر بسجود السهو سواء تيقن الترك أو شك فيه
- 3 - أما الهيئة : فلا تحتاج إلى سجود السهو لجبرها سواء تركها عمدا أو سهوا وسواء تيقن الترك أو شك فيه بل لو سجد لتركها بطلت صلاته
القسم الثاني : فعل منهي عنه وذلك بأن يفعل سهوا شيئا يبطل الصلاة عمده
القسم الثالث : فعل شيء في الصلاة مع احتمال زيادته أو مع التردد فيه وتفصيل ذلك كما يلي :
القسم الأول : ترك مأمور به :
- 1 - ترك ركن سهوا :
آ - إن تذكر المنفرد أو الإمام ( سيأتي تفصيل حالة سهو المأموم بعد صفحات ) ترك ركن من الأركان ( عدا النية وتكبيرة الإحرام ) قبل أن يأتي بمثله : أتى به وجوبا فورا ويسن له سجود السهو في آخر الصلاة من أجل الزيادة ولم يعتد بما فعله بعد المتروك حتى يأتي بما تركه ثم يأتي بما بعده لأن الترتيب واجب في أفعال الصلاة فلو تذكر وهو في الركعة الأخيرة وقبل السلام أنه ترك سهوا سجدة من هذه الركعة فإنه يأتي بها ويعيد تشهده لوقوعه قبل محله ويسن أن يسجد للسهو ولو ترك سجدة من الركعة الأولى وذكرها وهو قائم في الثانية نظر فإن لم يكن قد جلس عقيبها حتى قام جلس ثم سجد وفي آخر صلاته يسن أن يسجد للسهو لأنه زاد قياما وإن كان قد جلس عقيب السجدة الأولى ولو بنية الاستراحة فإنه يخر ساجدا وتجزئه الجلسة لأنها وقعت في موضعها . وقيام جلسة الاستراحة مقام الجلسة الواجبة بين السجدتين لا يقاس عليه سجدة التلاوة فمن سجد للتلاوة في الصلاة وعليه سجدة من نفس الصلاة لم يجزئه عن المتروك لأن سجود التلاوة عارض وليس من الصلاة أما جلسة الاستراحة فمنها
ب - إن تذكر ترك الركن بعد أن أتى بمثله فأكثر : يقيمه مقامه ويتمم الركعة ويلغي ما بينهما ويتدارك الباقي من صلاته ويسن أن يسجد للسهو لجبر الزيادة
أما إن كان المتروك ركعة ثم تذكرها وهو في الصلاة فيلزمه أن يأتي بها
وإن علم ترك سجدتين فإن كانتا من الأخيرة سجدهما ثم تشهد وإن كانتا من غيرها فإن علمهما من ركعة واحدة لزمته ركعة وإن علمهما من ركعتين متواليتين كفاه ركعة وإن علمهما من ركعتين غير متواليتين أو أشكل الحال لزمه ركعتان
ج - إن تذكر ترك ركن بعد السلام ( عدا النية وتكبيرة الإحرام ) إن كان تذكره بعد سلامه بزمن قريب وكان المتروك من غير الركعة الأخيرة أتى بركعة تامة وإن كان المتورك من الأخيرة أتى به ثم يتمم ما بعده وفي كلتا الحالتين يسن أن يسجد للسهو لأنه سها بما يبطل عمده وهو السلام قبل تمام الصلاة
وإن كان المتروك ركعة أو ركعتين من صلاة ثلاثية أو رباعية دخل فورا في الصلاة بتكبيرة الإحرام فقط دون نية ودون دعاء توجه ويقرأ الفاتحة ويأتي بما تذكر تركه لأنه لم يزل بعد في الصلاة من وقت سلامه الأول ويسن أن يسجد للسهو
وإن تذكره بعد السلام بزمن بعيد أو بعد ملاقاة النجس الرطب لزمه أن يستأنف الصلاة وضابط طول الفصل يرجع فيه إلى العرف وقيل يقدر القصير بالقدر الذي نقل عنه صلى الله عليه و سلم في قصة ذي اليدين في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه وهو : " صلى لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( كل ذلك لم يكن ) فقال : قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم على الناس فقال : ( أصدق ذو اليدين ) فقالوا : نعم يا رسول الله فأتم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين . وهو جالس بعد التسلم " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19 / 99 ) وحيث جاز البناء لقصر الفصل لا فرق بين أن يكون تكلم بعد السلام وخرج من المسجد واستدبر القبلة ونحو ذلك وبين أن لا يكون لحديث ذي اليدين
د - أما النية وتكبيرة الإحرام فإن علم تركهما أو إحداهما فعليه استئناف الصلاة سواء كان تذكره أثناء الصلاة أو بعدها طال الزمن أو قصر
ه - إن كان المتروك هو السلام فإذا ذكره قبل طول الفصل سلم ولا يسجد للسهو وإلا استأنف الصلاة
- 2 - الشك في ترك ركن ( سواء كان الشك مستوي الطرفين أو ظن أنه فعل الأكثر ففي الحالين يلزمه الأخذ بالأقل ويجب الباقي ولا مدخل للاجتهاد فيه )
آ - إن شك قبل السلام بترك ركن من الأركان - عدا النية وتكبيرة الإحرام - بنى على اليقين فيصبح حكمه كمن تذكر ترك ركن وقد مر بيانه . وعليه إذا شك بترك الركن قبل أن يأتي بمثله أتى به وجوبا فورا ويسجد للسهو لاحتمال الزيادة أما إن زال الشك قبل أن يحتمل الزيادة فلا يسجد للسهو
كذلك لو كان المشكوك بتركه ركعة بأن شك وهو في الصلاة هل صلى ركعة أو ركعتين أو ثلاثا أو أربعا لزمه أن يأخذ بالأقل ويأتي بما بقي لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19 / 88 ) وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو ثنتين فليبن على واحدة فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 291 / 398 )
ب - أما إن شك بعد السلام بترك ركن من الأركان - غير النية وتكبيرة الإحرام - فليس عليه شيء وإن قصر الفصل لقوله تعالى : { ولا تبطلوا أعمالكم } ( محمد : 33 ) ولأن الظاهر أنه أداها على التمام فلا يضره الشك الطارئ بعده ولأنا لو اعتبرنا حكم الشك بعدها شق ذلك وضاق فلم يعتبر
ج - أما إن كان الشك في النية أو تكبيرة الإحرام فتبطل صلاته وعليه استئنافها سواء كان شكه أثناء الصلاة أو بعد السلام بزمن قصير أو طويل إلا أن يشك الإتيان بهما أو بأحدهما ويتذكر سريعا قبل أن يأتي أو يشرع بركن فعلي أو قولي وهو شاك
- 3 - تيقن ترك بعض من الأبعاض أو جزء من البعض سهوا أو عمدا :
يسن لمن ترك البعض عمدا أو سهوا أن يسجد للسهو في آخر صلاته والعامد أولى بالسجود لأنه مقصر
وفي جواز العودة إلى البعض المتروك تفصيل :
آ - إن ترك البعض سهوا :
- 1 - إن تلبس بالفرض الذي يلي البعض المتروك حرم عليه العودة إلى البعض وينبغي أن يتم صلاته ويسن له سجود السهو فإن عاد عامدا عالما بالتحريم بطلت صلاته
ومثال التلبس بالفرض أن يترك التشهد الأول حتى ينتصب قائما أو يترك القنوت حتى يسجد . وضابط التلبس بفرض القيام - في حال ترك التشهد - أن يصل إلى محل تجزئ فيه القراءة ويقصد بذلك أن يتجاوز أقل الركوع بالصعود وضابط التلبس بالسجود - في حال ترك القنوت - أن يضع أعضاء السجود كلها على الأرض مع التنكيس والتحامل وإن لم يطمئن
- 2 - إن لم يصل إلى حد التلبس بالفرض جاز له العود إلى السنة المتروكة سهوا ولا يسجد للسهو عندئذ مع الإتيان بها إلا إذا وصل في حالة ترك التشهد الأول إلى وضع هو فيه إلى القيام أقرب منه إلى السجود وفي حالة ترك القنوت بلغ أقل الركوع في هويه فعندئذ يجوز له العود إلى السنة ويسن له سجود السهو في آخر الصلاة
ب - إن ترك البعض عمدا
لا تجوز العودة إليه إلا إذا كان في حالة ترك التشهد الأول أقرب إلى السجود منه إلى القيام وفي حالة ترك القنوت لم يبلغ أقل الركوع في هويه ولا يسجد للسهو في هذه الحال أي إن عاد للبعض فإن لم يعد سن له سجود السهو
- 4 - الشك في ترك بعض من الأبعاض :
يسن له سجود السهو في هذه الحال لأن الأصل عدم الفعل
القسم الثاني : ارتكاب منهي عنه :
إن تيقن أنه فعل سهوا شيئا يبطل الصلاة عمده كأن زاد ركوعا أو سجودا أو تكلم قليلا ناسيا أو سلم في غير موضع السلام ناسيا سن له سجود السهو في آخر صلاته لأن النبي صلى الله عليه و سلم سلم من اثنتين وكلم ذا اليدين وأتم صلاته وسجد سجدتين . أما ما لا تبطل الصلاة بعمده كالالتفات والخطوة والاثنتين والضربة والاثنتين والإقعاء في الجلوس ( وهو أن يجلس المصلي على وركيه وهما أصل فخذيه ناصبا ركبتيه بأن يلصق ألييه بموضع صلاته وينصب فخذيه وساقيه كهيئة المستوفز ) ووضع اليد على الفم والخاصرة والنظر إلى ما يلهي والفكر في الصلاة والعبث باللحية وغيره فهذا وأمثاله لا يسجد لعمده ولا لسهوه لأن النبي صلى الله عليه و سلم نظر إلى أعلام الخميصة وقال : ( ألهتني آنفا عن صلاتي ) ( أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها البخاري ج 1 / كتاب الصلاة في الثياب باب 13 / 366 ) وتذكر في الصلاة تبرا كان عنده ( أخرجه البخاري عن عقبة رضي الله عنه البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 74 / 813 ) وحمل أمامة ووضعها ( أخرجه مسلم عن أبي قتادة ض مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 9 / 41 وقد تقدم ) ولم يسجد لشيء من ذلك ويستثنى مما لا يبطل عمده ولا سهوه القراءة في غير محل القراءة أو التشهد في غير محله أو الصلاة على النبي في غير محلها فيسن له سجود سهو إن كان هذا النقل القولي إلى غير محله بنيته سواء فعله عمدا أو سهوا
ولا يسجد لارتكابه ما تبطل الصلاة بعمده وسهوه كالعمل والكلام الكثير بل ولا يجوز السجود لأنه ليس في صلاة
القسم الثالث : زيادة ركن فعلي متحققا أو متوهما :
- 1 - فالمتحقق : أن يسهو فيزيد في صلاته ركعة أو ركوعا أو سجودا أو قياما أو غير ذلك فيسجد للسهو
- 2 - والمتوهم : أن يشك هل صلى ثلاثا أو أربعا مثلا فيلزمه أن يأتي بركعة أخرى ثم يسجد للسهو لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم وللتردد بالركعة التي أتى بها هل هي رابعة أم زائدة تقتضي السجود ولو زال تردده قبل السلام وقبل السجود وعرف أن التي أتى بها رابعة سن له السجود للتردد ( ولا يعمل المصلي بقول غيره له صليت ثلاثا أو صليت أربعا أو غيره مهما بلغ عددهم بل يجب عليه العمل بيقين نفسه في الزيادة والنقص ) وضابط الشك وزواله أنه إذا كان ما فعله من وقت عروض الشك إلى زواله لا بد منه على كل احتمال لم يسجد للسهو وإن كان زائدا على بعض الاحتمالات سجد . ومثاله ما لو شك في قيامه من الظهر في كون تلك الركعة ثالثة أو رابعة فركع وسجد على هذا الشط وهو عازم على القيام إلى ركعة أخرى أخذا باليقين ثم تذكر قبل القيام إلى الأخرى أنها ثالثة أو رابعة فلا يسجد لأن ما فعله على الشك لا بد منه على التقديرين فإن لم يتذكر حتى قام سجد للسهو وإن تيقن أن التي قام إليها رابعة لأن احتمال الزيادة وكونها خامسة كان موجودا حين قام

- متى يسجد المأموم لسهو إمامه وسهو نفسه :
- يسجد المأموم لسهو إمامه وإمام إمامه ( يقع هذا فيما لو أحدث الإمام وناب عنه أحد المأمومين ثم جاء جل واقتدى به وكان الإمام الأول ساهيا ) أيضا وإن كان سهوهما قبل القدوة لتطرق الخلل إلى صلاته من صلاة إمامه
فإن ترك المأموم موافقة إمامه في السجود عمدا بطلت صلاته ويستثنى من ذلك ما لو علم المأموم سبب سهو الإمام وتيقن غلطه في ظنه بأن ظن الإمام ترك أحد الأبعاض وعلم المأموم أنه لم يتركه فسجد فلا يوافقه المأموم
ولو ترك الإمام السجود لسهو نفسه عامدا أو ساهيا أو كان يعتقد تأخيره إلى ما بعد السلام سن للمأموم أن يسجد في آخر صلاته بعد سلام الإمام ولو لم يسجد الإمام لسهوه إلى سجدة سجد المأموم أخرى حملا له على أنه نسيها
ولا يسجد المأموم لسهو نفسه خلف إمامه فالإمام يتحمل سهو المأموم ما كانت القدوة لأن معاوية بن الحكم رضي الله عنه شمت العاطس في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه و سلم فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 7 / 33 ) ولم يأمره بالسجود فمثلا ولو ظن المأموم سلام إمامه فسلم ثم بان خلافه أعاد السلام معه ولا سجود عليه لأنه سها في حال القدوة أو ظن المسبوق سلام إمامه فقام لتدارك ما عليه وكان ما عليه ركعة مثلا فأتى بها وجلس ثم علم أن الإمام لم يسلم بعد وتبين أن ظنه كان خطأ فهذه الركعة غير محسوبة له لأنه وقعت في غير موضعها فيتداركها بعد سلام الإمام ولا يسجد للسهو لبقاء حكم القدوة . أما لو حصل الأم نفسه لكن سلم الإمام وهو قائم فيلزمه العود إلى القعود ثم يقوم منه ويسجد للسهو لأنه أتى بزيادة بعد سلام الإمام
وإن تذكر المأموم ترك ركن غير النية أو تكبيرة الإحرام فيصلي ركعة بعد سلام إمامه ولا يسجد للسهو بخلاف ما لو شك بترك ركن فإنه يأتي بركعة بعد سلام إمامه ويسجد للسهو لاحتمال الزيادة وكذلك لو أدرك مسبوق الإمام راكعا وشك هل أدرك الركوع المجزئ وهو أن يطمئن مع الإمام في الركوع - لم تحسب له هذه الركعة ويسجد للسهو ولا يتحمل عنه الإمام لأنه بعد سلام الإمام شاك في عدد ركعاته
أما إن كان سهو المأموم واقعا قبل الاقتداء بالإمام أو بعد سلام الإمام إن كان مسبوقا فهنا يسن له أن يسجد لسهو نفسه بعد سلام الإمام ولا يتحمل الإمام عنه سهوه لانقطاع القدوة


الفصل الثاني : سجود التلاوة

- دليله
- ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ القرآن فيقرأ سورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 20 / 103 )

- حكمه
- 1 - هو سنة للقارئ سواء كان في صلاة أم له وللمستمع ولو تركه القارئ وللسامع وهو للأولين آكد منه للثالث
- 2 - وهو واجب على المأموم إن سجد إمامه ويجب عليه الترك إن ترك الإمام وإلا بطلت صلاته في الحالتين لأن سجود التلاوة سنة ومتابعة الإمام فرض كما سيأتي في بحث صلاة الجماعة
وإذا قرأ المصلي آية سجدة في الصلاة بقصد السجود فقط بطلت صلاته
ولا يسجد لتلاوة آية السجدة إن كان التالي نائما أو سكرانا أو ساهيا لأن هؤلاء جميعا ليس لهم إرادة القراءة أو كان جنبا لأن قراءته غير مشروعة أو سمعها السامع من مسجلة أو مذياع فإن ذلك صدى الصوت وليس حقيقة القراءة

- شروطه :
- هي شروط صحة الصلاة التي تقدم بيانها

- وقته
- فور إنهاء آية السجدة فإذا أخر بقدر ركعتين فات وقته ولا يقضى . ولو قرأها في الصلاة ولم يسجد سجد بعد سلامه إن قصر الفصل . ولو كان القارئ أو المستمع محدثا حال القراءة أو السماع فإن تطهر على قرب سجد وإلا فات ولا قضاء

- تكراره :
يتكرر السجود بتكرر القراءة ولو في مجلس واحد أو ركعة واحدة أما إذا تكررت آية السجدة نفسها واتحد المجلس فيكفي السجود مرة


- كيفيته :
- سجود التلاوة إما أن يكون خارج الصلاة وإما أن يكون أثناءها وكيفيته تختلف بحسب ذلك :
- 1 - إن كان خارج الصلاة فأركانه أربعة هي :
( 1 ) النية : لأنه عبادة
( 2 ) تكبيرة إحرام قائما أو قاعدا : لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه " ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 333 / 1413 )
( 3 ) سجدة : يشترط فيها ما اشترط لسجود الصلاة
( 4 ) التسليمة الأولى دون التشهد


- وسننه :
( 1 ) التلفظ بالنية
( 2 ) رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام
( 3 ) تكبيرة للهوي للسجود ولا يسن رفع يديه فيها
( 4 ) أن يقول في سجوده : " اللهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا وضع عني بها وزرا واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود عليه السلام " لما روى ابن عباس رضي الله عنهما : " أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني رأتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها وهي تقول : اللهم اكتب لي بها عندك أجرا وضع بها عني وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود . قال ابن عباس فقرأ النبي صلى الله عليه و سلم سجدة ثم سجد فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 407 / 579 )
وإن قال فيه ما يقول في سجود الصلاة أجزأه
( 5 ) تكبيرة للرفع من السجود
( 6 ) التسليمة الثانية
- 2 - إما إن كان أثناء الصلاة فينوي المنفرد والإمام وجوبا - في القلب دون اللسان - وينوي المأموم ندبا وتجب عليه المتابعة ولا يكبر الساجد سجود التلاوة للافتتاح لأنه محرم بالصلاة لكن يستحب التكبير عند الهوي إلى السجود وعند الرفع منه دون رفع اليدين وإذا رفع رأسه من السجود قام ولا يجلس للاستراحة ولا يسلم ويتوجب انتصابه قائما لأن الهوي إلى الركوع من القيام واجب ويستحب له بعد انتصابه أن يقرأ شيئا ثم يركع


- ما يقوم مقام السجدة :
- يقوم مقامها أن يقول إذا سمعها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر يكرر ذلك أربع مرات قدر على السجود أم لم يقدر كأن لم يكن طاهرا من الحدثين مثلا

الفصل الثالث : سجود الشكر

- دليله :
- ما روى أبو بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : " أنه كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجدا شاكرا لله " ( أبو داود ج 3 / كتاب الجهاد باب 174 / 2774 )
وما روى كعب بن مالك رضي الله عنه في حديث توبته قال : " فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج " ( البخاري ج 4 / كتاب المغازي باب 75 / 4156 )

- حكمه :
يسن سجود الشكر عند هجوم نعمة أو اندفاع نقمة سواء خصته النعمة والنقمة أو عمت المسلمين . ولرؤية فاسق مجاهر بفسقه فيسجد شاكرا لله على معافاته ويظهر ذلك أمام الفاسق لعله يتوب إلا أن يخاف من إظهاره مفسدة أو فتنة ولرؤية المبتلى فيسجد لله على معافاته سرا كيلا يتأذى المبتلى
وإن أخر السجود فات ولا قضاء
ويستحب سجود الشكر عند تلاوة سورة ( ص ) في غير الصلاة لأنها سورة شكر أما في الصلاة فلا يفعل وإن سجدها في الصلاة عامدا عالما بالتحريم بطلت صلاته

- كيفيته :
- هو كسجود التلاوة خارج الصلاة من حيث الشروط والأركان والسنن


الباب الخامس : الصلوات المسنونة

الفصل الأول : السنن الراتبة التابعة للفرائض : هي قسمان [ مؤكدة وغير مؤكدة ] :

أولا - المؤكد :

- 1 - صلاة الوتر : عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 338 / 1422 ) وأقله واحدة للحديث وأكثره إحدى عشرة ركعة ولا تصح الزيادة عليها لما روت عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان قالت : " ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 17 / 125 )
فإن أوتر بواحدة جاز لكن الاقتصار على ركعة واحدة خلاف الأولى والمداومة عليها مكروهة
وأدنى الكمال ثلاث ركعات يقرأ في الأولى بعد الفاتحة { سبح اسم ربك الأعلى } وفي الثانية { قل يا أيها الكافرون } وفي الثالثة { قل هو الله أحد } والمعوذتين
النية فيها : ينوي سنة الوتر إذا صلاها متصلة أما إذا صلى كل ركعتين على حدة ثم ركعة مفردة فينوي قبل كل ركعتين أن يصلي من وتر الليلة وعندما يصل إلى الأخيرة يقول : نويت الوتر
وقتها : يدخل وقتها بفراغه من فريضة العشاء ولو جمعت جمع تقديم مع المغرب ( لكن إن أقام بأن وصلت به السفينة أو أي مركوب إلى وطنه بعد فعل العشاء وقبل فعل الوتر امتنع عليه فعل الوتر حتى يدخل وقت العشاء ) ولو قدمها على فريضة العشاء لم يجز . وينتهي بطلوع الفجر الصادق ودليل ذلك ما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " كل الليل أوتر رص وانتهى وتره إلى السحر " ( البخاري ج 1 / كتاب الوتر باب 2 / 951 )
وأفضل الوقت آخر الليل لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ) ( البخاري ج 1 / كتاب الوتر باب 4 / 953 ) فإن كان له تهجد أوتر بعده أما إن أوتر قبل التهجد فلا يعيده بعده وإن أعاده بعده فلا يصح لما رواه طلق بن علي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( لا وتران في ليلة ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 344 / 470 )
وإن كان لا يتهجد استحب له أن يوتر بعد فريضة العشاء وسنتها في أول الليل لما روي عن جابر رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم : ( من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 21 / 162 )
كيفيتها : يجوز لمن أوتر بما زاد على ركعة أن يؤدي الصلاة على إحدى صور ثلاث أفضلها الفصل بأن يفرد الركعة الأخيرة بعد ركعتين أو أكثر لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفصل بين الوتر والشفع بتسليمة ويسمعناها " ( مسند الإمام أحمد ج 2 / ص 76 ) وللنهي عن تشبيه الوتر بالمغرب . ويليها في الفضل الوصل بتشهد واحد في الأخيرة وأدناها في الفضيلة الوصل بتشهدين فتكون كالمغرب
- 2 - ركعتا سنة الفجر : روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 14 / 96 )
ما يندب قراءته فيهما : يندب أن يقرا من سورة البقرة : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم . . . } ( البقرة : 136 ) إلى آخر الآية ومن آل عمران : { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء . . . مسلمون } ( آل عمران : 64 ) لما روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما من فعله صلى الله عليه و سلم ( انظر مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 14 / 100 ) أو يقرأ الانشراح والفيل أو الكافرون والإخلاص لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه من فعله صلى الله عليه و سلم ( انظر مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 14 / 98 )
ويندب بصورة عامة أن تكونا خفيفتين لما روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول هل قرأ بأم الكتاب " ( البخاري ج 1 / كتاب التطوع باب 4 / 1118 )
كما يندب أن يفصل بينهما وبين الفرض باضطجاع على الشق الأيمن يتذكر فيه ضجعة القبر أو بذكر الله أو بدعاء غير دنيوي أو بانتقال من المكان لما روي عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا صلى فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة " ( البخاري ج 1 / كتاب التهجد باب 23 / 1108 )
- 3 - ركعتان قبل الظهر أو الجمعة : لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين " ( البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 37 / 895 )
والحديث هنا في صلاة ركعتين قبل الظهر ولم يذكر فيه صلاة ركعتين قبل الجمعة مع أن البخاري ترجم له بباب الصلاة بعد الجمعة وقبلها فكأنه أراد إثباتها قياسا على الظهر لأن الجمعة بدل الظهر . قال ابن المنير : " وكأنه - أراد البخاري - يقول : الأصل استواء الظهر والجمعة حتى يدل دليل على خلافه " ( فتح الباري ج 2 / كتاب الجمعة باب 39 / ص 426 )
- 4 - ركعتان بعد الظهر أو الجمعة : لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم
- 5 - ركعتان بعد المغرب : لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم ويسن فيهما قراءة الكافرون والإخلاص
- 6 - ركعتان بعد العشاء : لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم

ثانيا - غير المؤكدة :

- 1 - ركعتان قبل الظهر وركعتان بعده زيادة على المؤكد : روي عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر " ( البخاري ج 1 / كتاب التطوع باب 10 / 1127 ) وروي عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت : قال صلى الله عليه و سلم : ( من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 317 / 428 ) ويمكن قياس سنة الجمعة على سنة الظهر فتصلي أربعا قبلية وأربعا بعدية وروي عن أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا ) ( مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 18 / 67 )
وله أن يجمع الأربع القبلية بإحرام واحد وسلام واحد لكن الفصل أفضل وله ذلك في البعدية والفصل أولى كذلك وله أن يجمع القبلية والبعدية بإحرام واحد بعد الفرض ويقول : نويت أن أصلي ثماني ركعات سنة الظهر القبلية والبعدية
أما إذا صلى الظهر بعد الجمعة ( يفعل ذلك احتياطا في الأمصار التي تعددت فيها الجمعة لغير حاجة ويسرد التفصيل في بحث صلاة الجمعة ) فتقوم سنة الظهر القبلية مقام سنة الجمعة البعدية . ويندب قضاء القبلية والبعدية إذا خرج وقتهما الذي هو وقت الفرض ( وبصورة عامة إذا فات نفل مؤقت ندب قضاؤه وألحق بذلك التهجد . أما التي لها سبب فلا تقضي إن فاتت )
- 2 - أربع ركعات قبل العصر لحديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : ( رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 318 / 430 )
وله جمعها بإحرام وسلام أو فصلها بإحرامين وسلامين
- 3 - ركعتان قبل المغرب
- 4 - ركعتان قبل العشاء


الفصل الثاني : الصلوات المسنونة غير التابعة للفرائض هي قسمان [ ما تسن فيه الجماعة وما لا تسن ] :
أولا - ما تسن فيه الجماعة :
1 - صلاة العيدين :
تعريف : العيد مشتق من العود وهو الرجوع والمعاودة . وسمي بذلك لتكرره في كل عام
حكمها : هي سنة مؤكدة لمواظبة الرسول صلى الله عليه و سلم عليها ويكره تركها
ويسن حضور جماعتها للمقيم والمسافر والحر والعبد والخنثى والمرأة سوى الجميلة أو ذات الهيئة أما العجائز والنساء اللائي لا يشتهين فيحضرن بشروط ثلاثة هي : إذن الزوج وترك الطيب وعدم لبس ثياب الزينة والشهرة لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات ) ( أبو داود ج 1 / كتاب صلاة باب 53 / 565 ، وتفلات : غير عطرات )
وقتها : ما بين طلوع الشمس وزوالها ويكفي طلوع جزء من الشمس لكن يندب تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح فهي بذلك مستثناة من أفضلية فعل العبادة في أول وقتها . وفعلها قبل ارتفاع الشمس خلاف الأولى
كيفيتها : شرعت جماعة . وتصح فرادي والجماعة مطلوبة فيها للحاج فينس له صلاتها منفردا لاشتغاله بأعمال الحج . ويكره تعدد جماعتها بلا حاجة
ولا يسن لها أذان ولا إقامة لحديث جابر رضي الله عنه " صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة " ( مسلم ج 2 / كتاب صلاة العيدين / 7 ) بل ينادي لها : الصلاة جامعة قياسا على صلاة الكسوف
وهي ركعتان لقول عمر رضي الله عنه : " صلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان " ( النسائي ج 3 / ص 183 )
وصفتها المجزئة كصفة سائر الصلوات وسننها كغيرها من الصلوات وينوي بها صلاة العيد وهذا أقلها
وأكملها أن يحرم بالركعتين مع النية - ولا بد فيها من التعيين - أم يأتي بدعاء الافتتاح ثم يكبر قبل التعوذ ( ولا يفوت التكبير بالتعوذ لكن بالبدء بالقراءة ) سبع تكبيرات سوى تكبيرتي الإحرام والركوع ويجهر بالتكبير ولو كان مأموما أو قاضيا لها ويرفع يديه حذو منكبيه في الجميع ويضع يمناه على يسراه تحت صدره بعد كل تكبيرة ويسن جعل كل تكبيرة في نفس ويفصل بين كل تكبيرتين بمقدار آية معتدلة بأن يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ( وهي الباقيات الصالحات وعل صيغتها اتفق أكثر أصحاب الشافعي ) ويقولها سرا ويكره تركها ثم يتعوذ بعد التكبيرات ثم يقرأ الفاتحة ثم يقرأ الفاتحة ثم يقرأ سورة ق أو الأعلى أو الكافرون جهرا وفي الثانية يكبر خمسا عدا تكبيرتي القيام والهوي إلى الركوع ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة القمر إن قرأ في الأولى سورة ق ( لحديث رواه أبو واقد الليثي مسلم ج 2 / كتاب صلاة العيدين باب 3 / 14 ) أو الغاشية إن قرأ في الأولى الأعلى ( لحديث رواه النعمان بن بشير مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 16 / 62 ) أو الإخلاص إن قرأ في الأولى الكافرون . لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال نبي الله صلى الله عليه و سلم : ( التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 251 / 1151 )
ولو شك المصلي في عدد التكبيرات بنى على الأقل أما المأموم فيتبع إمامه زاد أو نقص ولا يكبر المسبوق إلا ما أدرك
على أن التكبيرات كلها ليست فرضا ولا بعضا ولو نسيها وشرع في القراءة فاتت حتى لو ذكرها وهو راكع فعاد إلى القيام ليكبرها عالما بالتحريم بطلت صلاته
ثم يخطب الإمام بعدهما خطبتين لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يصلون العيدين قبل الخطبة " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 8 / 920 ) ولما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظم ويوصيهم " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 6 / 913 )
ولا بد أن تكون الخطبتان بعد الصلاة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم فإن خطب قبل الصلاة بطلت الخطبة
وهما كخطبتي الجمعة في الأركان لا في الشروط ( انظر بحث صلاة الجمعة الباب السابع من كتاب الصلاة ) ويفتتح الأولى منها بتسع تكبيرات يسن جعلها متوالية ويكبر قبل الثانية سبعا ويندب للخطيب أن يجلس قبل الخطبة للاستراحة جلسة قصيرة قدر أذان ويستحب أن يعلمهم أحكام الفطرة في عيد الفطر وأحكام الأضحية في عيد الأضحى
ومن دخل والإمام يخطب فإن كان في الصحراء جلس ليستمع ما لم يخش فوات وقت العيد وإلا صلى ركعتي العيد . وإن كانوا في المسجد صلاهما مع التحية
ويستحب للناس استماع الخطبة وليست الخطبة ولا استماعها شرطا لصحة صلاة العيد وإن كان تركها أو التكلم فيها أو الانصراف منها مكروها
ولا خطبة لجماعة النساء إلا أن يخطب لهن ذكر أما لو قامت واحة منهن ووعظتهن فلا بأس
ولا تجزئ صلاة العيد عن صلا الضحى بل تسن صلاة الضحى سواء قبل صلاة العيد أو بعدها لكن الأفضل أن تصلي قبل صلاة العيد تجنبا لخلاف العلماء
سنن ليلتي العيدين ويوميهما :
( 1 ) إحياء ليلتي العيدين بالعبادة لما روي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من قام ليلتي العيدين محتسبا لله لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 68 / 1782 ، وهو ضعيف لكن يعمل به في فضائل الأعمال )
( 2 ) الغسل ويمتد وقته من منتصف ليلة العيد إلى آخر نهار يوم العيد وأفضل وقت لفعله بعد طلوع الفجر . لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى " ( ابن ماجة ج 1 / كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب 169 / 1315 ) وإسناده ضعيف لكن يعضده ما روي عن نافع " أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى " ( الموطأ ج 1 / كتاب العيدين باب 1 / 2 ) كما يعضده القياس على الجمعة
( 3 ) التنظيف والتطيب والتزين ولبس أحسن الثياب منها بخاصة يستوي في ذلك القاعد على والخارج والكبير والصغير والمصلي وغيره
( 4 ) الإفطار قبل الذهاب إلى صلاة عيد الفطر لتمييز عيد الفطر عما قبله ويسن أن يكون الفطور تمرات وأن يكون عددها وترا . روي عن أنس : " كان النبي صلى الله عليه و سلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 4 / 910 )
ويسن الإمساك عن الفطور قبل صلاة عيد الأضحى إلى أن يرجع ليأكل من أضحيته إذا ضحى وهو الغالب لذلك سن تأخير الفطور مطلقا في الأضحى
( 5 ) البكور بالخروج إلى صلاة العيد لغير الإمام . أما الإمام فيحضر مع دخول الوقت لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 6 / 913 )
( 6 ) الذهاب إلى الصلاة مشيا من طريق والعودة منها من آخر لحديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون ) ( البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 16 / 866 ) وهذا عام في كل صلاة تشرع فيها الجماعة ولحديث جابر رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 24 / 943 ) ( 7 ) إقامة الصلاة في المسجد لأنه أشرف وأنظف إلا إذا ضاق فتكره فيه وتصلى في الصحراء عندئذ
( 8 ) تعجيل صلاة عيد النحر وتأخير صلاة عيد الفطر لحديث أبي الحويرث " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران ( عجل الأضحى وأخر الفطر ) ( البيهقي ج 3 / ص 282 ) ولأنه يسن أن يخرج صدقة الفطر قبل الصلاة على حين أن السنة أن يضحي بعد صلاة الإمام على أنه يسن بصورة عامة تأخير الصلاة إلى ما بعد ارتفاع الشمس
التكبير في العيدين :
- هو سنة ودليل مشروعيته في عيد الفطر قوله تعالى : { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم } ( البقرة : 185 ) ودليل مشروعيته في عيد الأضحى قوله تعالى : { واذكروا الله في أيام معدودات } ( البقرة : 203 ) قال البخاري : قال ابن عباس : الأيام المعدودات أيام التشريق ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 11 )
والتكبير نوعان : مرسل ومقيد
( 1 ) التكيير المرسل : هو التكبير غير المقيد بالصلاة . ووقته من غروب شمس ليلتي العيدين إلى دخول الإمام المسجد لصلاة العيد فإن لم يصل مع الجماعة استمر تكبيره إلى إحرامه بصلاة العيد فإن لم يصل استمر التكبير في حقه حتى الزوال
ويندب هذا التكبير للذكر والأنثى والحاضر والمسافر والحر والعبد إلا الحاج فإنه يلبي إلى أن يتحلل لأن التلبية شعاره ما دام محرما ثم يكبر بعد تحلله لما أخرجه البخاري في باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة قال : " وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا . وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ( الفسطاط : بيت من شعر ) ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا وكانت ميمونة تكبر يوم النحر وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 12 )
ويتأكد التكبير عند تغير الأحوال كالاجتماع والذهاب والإياب والركوب
يصح التكبير في كل الأحوال والأمكنة في المنازل والأسواق والشوارع كما دل عليه حديث البخاري المتقدم
ويندب رفع الصوت بالتكبير إلا المرأة فتخفض صوتها في حال وجود أجانب بحيث تسمع نفسها فقط
والتكبير أفضل ما يشتغل به العبد في هذه الأوقات حتى إنه أولى من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ومن قراءة سورة الكهف إذا وافقت ليلة العيد ليلة الجمعة
( 2 ) التكبير المقيد : هو التكبير خلف الصلوات في عيد الأضحى فقط فرضا كانت الصلاة أو نفلا أداء أو قضاء ولا يشترط أن يكون التكبير عقب الصلاة مباشرة ولا يفوت بطول الفصل عن الصلاة
وهذا التكبير المقيد أفضل من التكبير المرسل لأنه تابع للصلاة
وقته : ويبدأ وقته من صبح يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق وهذا لغير الحاج . أما الحاج فيكبر من ظهر يوم النحر بعد أن يتحلل إلى صبح آخر أيام التشريق
والتكبير الواقع بين غروب شمس ليلة عيد الأضحى إلى صلاة العيد هو تكبير مرسل مقيد معا
صيغة التكبير : الله أكبر الله أكر الله أكبر ثلاثا نسقا ( نسقا : على نظام واحد ) وما زاد من ذكر الله فحسن من ذلك لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد " قال الشافعي في الأم : " أحب أن تكون زيادته : الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله " واحتجوا له بأن النبي صلى الله عليه و سلم قاله على الصفا وقد رواه مسلم في صحيحه من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخصر [ بأخصر ؟ ؟ ] من هذا اللفظ ( مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147 )
ويندب التكبير في غير العيدين في الأيام المعلومات ( الأيام المعلومات : أيام العشر - عشر ذي الحجة - ذكره البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما ج 1 / كتاب العيدين باب 11 ) ذكر البخاري عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم أنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 11 )


2 - صلاة الكسوف وصلاة الخسوف :
المعنى اللغوي لكل منهما : الكسوف هو الاستتار أو التغير إلى سواد وتوصف به الشمس حين يستتر نورها وتسود بحيلولة جرم القمر بينها والأرض ولذلك يحصل الكسوف غالبا عند تمام الشهور
والخسوف : هو المحو أو النقصان أو الذل ويوصف به القمر حين يظلم وهذا الوصف أليق بالقمر لأنه جرم عاتم يضيء بمقابلته للشمس فإذا حال جرم الأرض بين القمر والشمس منع وصول نور الشمس إلى القمر فيظلم ولذلك يحصل الخسوف غالبا في أنصاف الشهور
حكم الصلاتين ودليلهما : هما سنة مؤكدة لقوله صلى الله عليه و سلم في حديث روته عنه عائشة رضي الله عنها : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ( بعد أن قال الناس إن الشمس كسفت لموت إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه و سلم ) ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا . . . ) ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 2 / 997 ) ولقوله تعالى : { لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون } ( فصلت : 37 ) وتصح فرادى لكن يسن أن تصلى جماعة وأن ينادى لها : الصلاة جامعة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم نودي : إن الصلاة جامعة " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 3 / 998 ) ويجوز لمن صلاها وحده ثم أدركها مع الإمام أن يصليها معه ثانية كما يفعل في المكتوبة
ويسن الاغتسال لها لأنها صلاة شرع لها الاجتماع والخطبة فسن لها الاغتسال كصلاة الجمعة
كيفيتها : صلاتا الخسوف والكسوف سواء في الكيفية
وأقل إحداهما ركعتان عاديتان كسنة الظهر لما ورد في حديث قبيصة الهلالي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( فإذا رأيتم من ذلك شيئا فصلوا كأحدث صلاة مكتوبة صليتموها ) ( النسائي ج 3 / ص 144 )
ويجهر بهما في الخسوف ويسر في الكسوف لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما " . . . فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام قياما طويلا نحوا من قراءة سورة البقرة " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 9 / 1004 ) وهو يدل على أنه لم يجهر لأنه لو جهر لسمعه ولما قدره بغيره " عن سمرة رضي الله عنه قال : " صلى بنا النبي صلى الله عليه و سلم في كسوف لا نسمع له صوتا " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 397 / 562 ) ووردت أحاديث في الجهر منها حديث عائشة رضي الله عنها : " جهر النبي صلى الله عليه و سلم في صلاة الخسوف بقراءته " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 19 / 1016 ) فيجمع بين الأدلة بأن الإسرار في كسوف الشمس لأنها صلاة نهار والجهر في خسوف القمر لأنها صلاة ليل
وأقل الكمال : ركعتان في كل ركوعان وقيامان وسجدتان ويطيل القراءة والركوع والسجود . ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالناس فقام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم سجد فأطال السجود ثم فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى ثم انصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا ) ثم قال : ( يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ) " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 2 / 997 )
أما صورتها المثلى فتفصيلها كالتالي :
( 1 ) النية مع التعيين
( 2 ) دعاء الافتتاح
( 3 ) التعوذ وقراءة الفاتحة
( 4 ) التعوذ وقراءة الفاتحة
( 4 ) قراءة سورة طويلة كالبقرة مثلا في القيام الأول لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم
( 5 ) يركع ويسبح في ركوعه طويلا قدر مائة آية من سورة البقرة
( 6 ) يعتدل ويقرأ بعد الفاتحة طويلا نحو آل عمران كما ورد في سنن أبي داود ( انظر أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 263 / 1187 )
( 7 ) يركع ثانية ويسبح وأعلى الكمال أن يسبح بمقدار ثمانين آية من البقرة
( 8 ) يعتدل ثم يسجد سجدتين ويجعل تسبيح كل سجدة طويلا بقدر كل من الركوعين المذكورين
( 9 ) في الركعة الثانية يقرأ بعد الفاتحة نحو النساء ثم يركع فيسبح بقدر سبعين آية من سورة البقرة ثم يعتدل ويقرأ بعد المائدة ثم يركع ويسبح بقدر خمسين آية من سورة البقرة . ويسبح في السجودين مثل ذلك ( وذكر النووي في المنهاج قريبا مما ذكرنا فقال : الأكمل أن يقرأ في القيام الأول بعد الفاتحة البقرة وفي الثاني كمائتي آية منها وفي الثالث مائة وخمسين والرابع مائة تقريبا ويسبح في الركوع الأول قدر مائة من البقر وفي الثاني ثمانين وفي الثالث سبعين والرابع خمسين تقريبا وذكر غير ذلك رحمه الله )
ويسن أن يخطب الإمام بعد صلاة الخسوف أو الكسوف لما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم . ويستحب أن يخطب خطبتين هما كخطبتي الجمعة في الأركان ( انظر بحث صلاة الجمعة الباب السابع من كتاب الصلاة ) لكن لا يشترط فيهما من شروط خطبتي الجمعة إلا أن يسمع الناس وكونهما بالعربية وكون الخطيب ذكرا
وفي الخطبتين يحث الناس على التوبة وفعل الخير من صوم وصلاة وصدقة وعتق لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم . ولا ما روي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : " لقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالعتاقة ( العتاقة والإعتاق بمعنى واحد ) في كسوف الشمس " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 11 / 1006 )
فواتها : تفوت صلاة الكسوف بأحد أمرين :
( 1 ) بانجلاء قرض الشمس جميعه يقينا لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي ) ( مسلم ج 2 / كتاب الكسوف باب 3 / 10 ) فلو انجلى بعضه وبقي لم تفت وكذا لو شك بالانجلاء ( كما في حال وجود سحاب كثيف ) فتصلى . ولو حصل الانجلاء أثناء الصلاة أتمها
( 2 ) بغروب الشمس كاسفة فليس له أن يشرع في الصلاة إذا حان الغروب أما إذا كان في الصلاة وغربت الشمس وهي كاسفة فيتمها
وتفوت صلاة خسوف القمر بانجلائه جميعه يقينا أو بطلوع الشمس أما طلوع الفجر أو غروب القمر مخسوفا فلا يفوتها
وتسن صلاة ركعتين عند الفزع من الزلازل والصواعق ونحو ذلك من الآيات لكن لا تسن بها الجماعة لأن هذه الآيات كانت أيام النبي صلى الله عليه و سلم ولم ينقل عنه أنه صلى منها جماعة غير الكسوف


3 - صلاة الاستسقاء :
الاستسقاء لغة : طلب السقيا
وشرعا : سؤال الله تعالى أن يسقي عباده عند حاجتهم
والأصل في مشروعيته ما روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه و سلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم قائما فقال : يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا . قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يديه فقال : ( اللهم اسقنا ) - ثلاثا - قال أنس : ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال : والله ما رأينا الشمس ستا ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه و سلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال : يا رسول الله الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها . قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يديه ثم قال : ( اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر ) قال : فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس . قال شريك : فسألت أنسا : أهو الرجل الأول ؟ قال : لا أدري "
( البخاري ج 1 / كتاب الاستسقاء باب 5 / 967 . والقزعة : قطعة من السحاب رقيقة والجمع قزع . وسلع معروف بالمدينة . ومثل الترس : أي مستديرة ولم ير أنها مثله في القدر . والآكام : الهضاب . والآجام : الأجمة : الشجر الكثير الملتف والأجم : الحصن . والظراب : جمع ظرب وهو ما نتأ من الحجارة وحد طرفه أو الجبل المنبسط أو الصغير . )
أنواع الاستسقاء : والاستسقاء أنواع :
أدناها : الدعاء بلا صلاة ولا خلف صلاة فرادى ومجتمعين في مسجد وغيره وأحسنه ما كان من أهل الخير
وأوسطها : الدعاء خلف صلاة الجمعة أو غيرها من الصلوات وفي خطبة الجمعة ونحو ذلك
وأفضلها : الاستسقاء بصلاة ركعتين وخطبتين وتأهب لها قبل ذلك
وحكم صلاة الاستسقاء هذه أنها سنة مؤكدة لتكرر الأحاديث الصحيحة فيها من ذلك ما روى عباد بن تميم عن عمه قال : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج بالناس ليستسقي فصلى بهم ركعتين جهر بالقراءة فيهما وحول رداءه ورفع يديه فدعا واستسقى واستقبل القبلة " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 258 / 1161 ) وتجوز إعادتها أكثر من مرة حتى يسقوا
ويكون التأهب لها بأن يخطب الإمام الناس قبل عدة أيام من الخروج للصلاة فيعظهم ويذكرهم ويأمرهم بالخروج من المظالم والتوبة من المعاصي لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " ما طفف قوم الميزان إلا أخذهم الله بالسنين " ( البيهقي ج 3 / ص 347 ، والتطفيف : البخس في الميزان والمكيال . والسنين : مفردها سنة وهي القحط والجدب ) وبمصالحة المتشاحنين والصدقة والإقبال على الطاعات لأنه أرجى للإجابة وبصيام ثلاثة أيام ( وهذا الصيام يكون واجبا إذا أمر به الإمام ) قبل موعد الخروج ثم يخرج بهم في اليوم الرابع صائمين لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل والصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 48 / 1752 )
ويستحب لمن يخرج للاستسقاء التنظف بغسل وسواك لأنها صلاة يسن لها الاجتماع والخطبة فشرع لها الغسل والتنظف لكن يستحب ألا يتطيب وألا يخرج في زينة بل يخرج في ثياب بذلة وهي ثياب المهنة وأن يخرج متواضعا خاشعا متذللا متضرعا ما شيا ولا يركب في شيء من طريق ذهابه إلا لعذر كمرض ونحوه . روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم متبذلا متواضعا متضرعا " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 395 / 558 )
ويستحب إخراج البهائم وإيقافها بمعزل عن الناس لعل الله تعالى يرحمها لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم قول : ( خرج نبي من الأنبياء يستسقي فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء فقال : ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شان النملة ) ( المستدرك ج 1 / ص 325 )
ويكره إخراج الكفار وكراهة خروج الصبيان منهم أخف لأن كفرهم ليس عنادا بخلاف الكبار . فإن خرجوا ( أي الكفار عامة ) لا يمنعون إلا أنه يكره اختلاطهم بالمسلمين
والسنة أن تصلى في الصحراء بلا خلاف لأن النبي صلى الله عليه و سلم صلاها في الصحراء ولأنه يحضرها غالب الناس والصبيان والحيض والبهائم وغيرهم فالصحراء أوسع لهم وأرفق بهم
ولا يؤذن للصلاة ولا يقام بل يستحب أن يقال : الصلاة جامعة كصلاة الكسوف لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : " خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوما يستسقي فصلى ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا فدعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه " ( البيهقي ج 3 / ص 347 )
كيفية الصلاة : هي ركعتان كصلاة العيد من حيث الافتتاح والتعوذ والتكبير سبعا زائدة في الأولى وخمسا زائدة في الثانية لما ورد عن طلحة قال : أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء فقال : " سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين إلا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قلب رداءه فجعل يمينه على يساره ويساره على يمينه وصلى ركعتين وكبر في الأولى سبع تكبيرات وقرأ سبح اسم ربك الأعلى وقرأ في الثانية هل أتاك حديث الغاشية وكبر فيها خمس تكبيرات " ( الدار قطني ج 2 / ص 66 ) ويرفع يديه في كل مرة ويجهر بالقراءة والأفضل أن يقرأ في الركعتين ما يقرأ في العيد
والسنة أن يخطب الإمام بعد الصلاة خطبتين لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : " خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوما يستسقي فصلى ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا . . . " ( البيهقي ج 3 / ص 347 ) وخطبتا الاستسقاء كالخطبتين في العيدين في الأركان والسنن لكن يستغفر الله في الخطبتين بدلا عن التكبير فيفتتح الأولى بالاستغفار تسع مرات والثانية بالاستغفار سبعا يقول : " أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه " ويختم كلامه بالاستغفار ويكثر منه في الخطبة حتى يكون أكثر كلامه كما يكثر من قوله تعالى : { استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا } ( نوح : 10 - 12 )
والمستحب أن يدعو في الخطبة الأولى بما شاء من الأدعية والأفضل أن يقول : " اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا ( مريئا : حميد العاقبة ) مريعا ( مريعا ذا ريع وخصب ) مجللا طبقا ( طبقا : شاملا عاما ) سحا ( سحا : صبا ) دائما . اللهم اسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانتين . اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء ( اللأواء : الشدة ) والجهد والضنك ( الضنك : الضيق ) ما لا نشكو إلا إليك . اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري واكشف عنا ما يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا "
ويستحب في الخطبة الثانية أن يستقبل القبلة ويحول رداءه فيجعل يمينه يساره وينكسه فيجعل أسفله أعلاه ويفعل الناس فعله لما روى عبد الله بن زيد الأنصاري رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج إلى المصلى يصلي وأنه لما دعا أو أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه " ( البخاري ج 1 / كتاب الاستسقاء باب 19 / 982 ) ويفعل ذلك - تحويل الرداء - تفاؤلا بتغير الحال إلى الخصب والسعة ) وفي رواية عند أبي داود : " وحول رداءه فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 258 / 1163 )
كما يستحب فيها أن يدعو سرا ليجمع في الدعاء بين الجهر والإسرار ليكون أبلغ . وإذا أسر دعا الناس سرا وإذا جهر أمنوا
ويستحب أن يبالغوا جميعا في الدعاء ويرفعوا أيديهم فيه قال الشافعي : وليكن من دعائهم في هذه الحال : " اللهم أنت أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك وقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا اللهم امنن علينا بمغفرة ما قارفنا وإجابتك في سقيانا وسعة رزقنا "
ويسن لكل من حضر أن يستشفع سرا بخالص عمله وبأهل الصلاح ولا سيما أقاربه عليه الصلاة و السلام
ويسن أن يدعو عند نزول المطر بقوله : " اللهم اجعله صيبا هنيئا ( ابن ماجة ج 2 / كتاب الدعاء باب 21 / 3890 ، والصيب هو ما سال من المطر ) وسيبا نافعا ( ابن ماجة ج 2 / كتاب الدعاء باب 21 / 3889 ، وسيبا أي مطرا جاريا على وجه الأرض من كثرته ) مطرنا بفضل الله ( البخاري ج 1 / كتاب الاستسقاء باب 27 / 991 ) وله أن يدعو بما شاء
ويقول عند التضرر بكثرة المطر : " اللهم حوالينا ولا علينا " لما ورد في حديث أنس رضي الله عنه المتقدم



4 - صلاة التراويح :
وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات في كل ليلة من رمضان وينوي بكل ركعتين التراويح أو قيام رمضان . كما يدعو بدعاء التوجه في ركعتين . وإذا صلى أربعا بتسليمة واحدة لم تصح
ووقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الصادق مثل الوتر . ويندب تقديمها على الوتر وتسن قراءة جزء من القرآن فيها كل يوم كما تسن الجماعة فيها وفي الوتر بعدها
والدليل عليها وعلى سنية صلاتها جماعة ما روي عن عائشة رضي الله عنها : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج ليلة من جوف اللي - في رمضان - فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج صلى الله عليه و سلم لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال : ( أما بعد لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزا عنها ) فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم والأمر على ذلك " ( البخاري ج 2 / كتاب صلاة التراويح باب 1 / 1908 ) وبقي الأمر على ما هو عليه في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافه عمر رضي الله عنهما ثم جمع عمر رضي الله عنه الرجال لصلاتها وجعل أبي بن كعب رضي الله عنه إماما عليهم ( انظر البخاري ج 2 / كتاب صلاة التراويح باب 1 / 1906 ) وجمع النساء كذلك وجعل سليمان بن أبي حثمة إماما لهن . وقال عثمان رضي الله عنه في خلافته : " نور الله قبر عمر كما نور مساجدنا " مشيرا إلى فعله هذا
والدليل على أنها عشرون ما روي عن السائب بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قال : " كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة قال : وكانوا يقرؤون بالمئين وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه من شدة القيام " ( البيهقي ج 2 / ص 496 . والمئون : سور القرآن التي تزيد آياتها على مائة أو تقاربها )


ثانيا : ما لا تسن فيه الجماعة :

وهو كثير منه :

1 - صلاة الضحى : حكمها سنة مؤكدة ودليها ما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : " أوصاني حبيبي صلى الله عليه و سلم بثلاث لن أدعهن ما عشت : بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى وبأن لا أنام حتى أوتر " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 86 )
ووقتها : من ارتفاع الشمس في السماء قد رمح إلى الزوال ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 19 / 143 ، والرمضاء : الرمل الذي اشتدت حرارته من الشم أي حين تبرك الفصلان من شدة الحر في أخفافها . والفصال : هي الصغار من أولاد الإبل . )
وأقلها ركعتان وأدنى الكمال أربع وأفضلها ثمان . لثلاث روايات وردت في صحيح مسلم إحداها عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة . . . ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 84 . والسلامى : أصله عظام الأصابع وسائر الكف ثم استعمل في جميع عظام البدن ) والثانية عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 79 ) والثالثة عن أم هانئ رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل بيتها يوم فتح مكة فصلى ثماني ركعات " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 80 )
ويسلم من كل ركعتين لما روت أم هانئ رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم يوم الفتح صلى سبحة الضحى ثماني ركعات يسلم من كل ركعتين " 0 أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب / 301 / 1290 )
ويستبح فيها قراءة سورتي الكافرون والإخلاص ثم سورتي الشمس والضحى

2 - صلاة الأوابين : والأوابون هم الراجعون إلى الله تعالى . عن أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب 113 / 1167 )
وتسمى كذلك صلاة الغفلة وذلك لغفلة الناس عنها بعشاء أو نحوه وأقلا ركعتان وغالبها ست ركعات وأكثرها عشرون

3 - ركعتا تحية المسجد : ودليلهما ما روي عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 11 / 70 ) ويجوز أن يصليها أكثر من ركعتين لكن بتسليمة واحدة ويكره أن يجلس من غير تحية المسجد الحرام فهي الطواف . وشرط التحية ألا تشغله عن الجماعة بل ويكره له فعلها إذا وجد المكتوبة تقام لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 9 / 63 ) ويحصله ثواب التحية في هذه الحال لأنها تحصل بجمعها مع غيرها نافلة كانت أو فريضة ( لكنها لا تحصل بصلاة الجنازة ولا بسجدتي التلاوة والشكر ) ولو لم ينو التحية
ولا تسن التحية للخطيب إذا دخل للخطبة في غير المسجد الحرام أما في المسجد الحرام فعليه التحية بالطواف
ويكره دخول المسجد في وقت الحرمة بنية تحية المسجد
فواتها : تفوت بالجلوس عامدا أو ناسيا إن طال الفصل ولا تقضى . أما إن جلس ناسيا أو جاهلا وقصر الفصل فلا تفوت لما روي عن جابر رضي الله عنه قال : " جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه و سلم قاعد على المنبر فقعد سليك قبل أن يصلي . فقال له النبي صلى الله عليه و سلم ( أركعت ركعتين ؟ ) قال : لا قال : ( قم فاركعهما ) " مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 14 / 58 )

4 - ركعتا سنة الوضوء ولو مجددا وتسن ركعتان أيضا بعد الغسل وبعد التيمم حتى في أوقات النهي لأن هذه الصلاة ذات سبب متقدم وهو الوضوء . عن أبو هريرة رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لبلال رضي الله عنه عند صلاة الفجر : ( يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي الجنة ) قال : ما عملت عملا أرجى عندي : أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي " ( البخاري ج 1 / كتاب التهجد باب 17 / 1098 . والدف : الحركة الخفيفة والسير اللين )


5 - صلاة التسابيح : وهي أربع ركعات يسبح فيها ثلاثمائة مرة . ومن أجل هذا سميت كذلك
أما كيفيتها فمبسوطة فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال للعباس ابن عبد المطلب رضي الله عنه : ( يا عباس يا عماه ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أحبوك ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره قديمه وحديثه خطأه وعمده صغيره وكبيره سره وعلانيته عشر خصال : أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشر مرة ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا ثم تهوي ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشرا ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا ثم تسجد فتقولها عشرا ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات . إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة فإن لم تفعل ففي عمرك مرة ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 303 / 1297 )
قال التاج السبكي : " لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون في الدين "


6 - ركعتا الإحرام : بحج أو عمرة ويفعلهما قبله ودليهما ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يركع بذي الحليفة ركعتين " ( مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 3 / 12 )

7 - ركعتا الطواف : ووقتهما بعد الطواف ودليلهما ما روي عن جابر رضي الله عنه قوله في حديث طويل في صفة حجه صلى الله عليه و سلم " . . . ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ : { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى . . . } ( مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147 ) فهذا إشارة إلى أن صلاته بعد الطواف امتثال لهذا الأمر . وقد كان صلى الله عليه و سلم يواظب عليهما


8 - صلاة الاستخارة : وهي سنة لمن أراد أمرا من الأمور فيصلي ركعتين بنية الاستخارة ثم يدعو بما ورد في حديث جابر رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول : ( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به . قال : ويسمي حاجته ) " ( البخاري ج 1 / أبواب التطوع باب 1 / 1109 )
ويستحب له أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة الكافرون وفي الثانية بسورة الإخلاص ثم ينهض بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره فإن لم ينشرح صدره لشيء أعادها حتى ينشرح وقيل يعيدها إلى سبع مرات فإن لم يتبين له شيء سلك سبيل ذلك الأمر فتيسيره علامة للخير فيه


9 - صلاة الحاجة :
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بين آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله وليصل على النبي ث ثم ليقل : لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 348 / 849 )


10 - ركعتان عند السفر في بيته لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني أريد أن أخرج إلى البحرين في تجارة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( صل ركعتين ) " ( مجمع الزوائد ج 2 / ص 283 رواه الطبراني في الكبير )


11 - ركعتان عند القدوم من السفر لما روي عن كعب بن مالك رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا يقدم من سفر إلا نهارا في الضحى فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 12 / 74 )


12 - صلاة التطوع : وهو النفل المطلق غير المقيد بوقت ولا سبب . ولا حصر له ولا لعدد ركعات الواحدة منه وله أن ينوي عددا وله ألا ينويه بل يقتصر على نية الصلاة . فإذا شرع في تطوع ولم ينو عددا فله أن يسلم من ركعة وله أن يزيد فيجعلها ركعتين أو ثلاثا أو عشرا أو ألفا أو غير ذلك وله أن ينقص عما أحرم به بشرط تغير النية قبل الزيادة والنقص . ولو صلى عددا لا يعلمه ثم سلم صح
ثم إن تطوع بركعة فلا بد من التشهد عقبها وإن زاد عليها ولو ألفا بإحرام واحد وسلام فله أن يقتصر على تشهد واحد في آخر الصلاة وهذا لا بد منه على كل حال أو أن يتشهد في الأخيرة وما قبلها فقط أو يتشهد في كل ركعتين أو في كل أربع أو ثلاث أو ست أو غير ذلك . عن عائشة رضي الله عنها " ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 17 / 123 ) وفي رواية عنها " ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم . . . " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 18 / 139 )
والأفضل أن يسلم في كل ركعتين في نوفل الليل والنهار لما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 302 / 1295 )
والتطوع بالليل أفضل منه بالنهار وأفضله التهجد ( وأصل التهجد الصلاة في الليل بعد النوم ) لقوله تعالى في وصف المؤمنين : { كانوا قليلا من الليل ما يهجعون } ( الذاريات : 17 ) ولأنها تفعل في وقت غفلة الناس وتركهم الطاعات ولأن الصلاة بعد النوم أشق
وقد وردت أحاديث كثيرة في الحث عليها منها حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 324 / 438 )
ومنها ما روى جابر رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسال الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 23 / 166 ) وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين وهو قربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة للإثم ) ( الترمذي ج 5 / كتاب الدعوات باب 102 / 3549 )
وصلاة الليل سنة مؤكدة وأفضلها ما كان وسط الليل لمن قسم الليل أثلاثا ( وكل ما كان بعد العشاء فهو من الليل ولو كان العشاء مجموعا جمع تقديم ) لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويصلي ثلثه وينام سدسه ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 31 / 1712 وإسناده ضعيف لكن يعمل به لأن في فضائل الأعمال ) وتكون صلاة الليل إما نفلا مطلقا أو وترا أو قضاء أو نذرا
ما يسن للمتهجد :
- 1 - القيلولة : وهي النوم أو الراحة قبل الزوال لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( استعينوا بطعام السحر على صيام النهار وبالقيلولة على قيام الليل ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 22 / 1693 )
- 2 - ينبغي له أن ينوي عند نومه قيام الليل نية جازمة ليحوز ما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح كتب له م نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه عز و جل ) ( النسائي ج 3 / ص 258 )
- 3 - أن يمسح النوم عن وجهه عند اليقظة وأن يتسوك وينظر في السماء وأن يقرا الآيات التي في آخر آل عمران : { إن في خلق السموات والأرض . . . } ( آل عمران : 190 ) لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه بات - وهو صغير - عند ميمونة خالته وفيه : " فنام - يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم - حتى انتصف الليل أو قريبا منه فاستيقظ يمسح النوم عن وجهه ثم قرأ عشر آيات من آل عمران " ( البخاري ج 1 / كتاب الوتر باب 1 / 947 )
- 4 - يستحب أن يوقظ أهله وامرأته إذا استيقظ لقيام الليل والمرأة كذلك لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم ( رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء . رحم الله امرأة قامت من الليل فصلة وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت فيوجهه الماء ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 307 / 1308 ) كما يستحب ذلك لغيرهما أيضا
- 5 - أن يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : " كان صلى الله عليه و سلم إذا قام من الليل ليصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 26 / 197 )
- 6 - أما القراءة فله أن يجهر بها وله أن يخفض وله أن يتوسط للأحاديث الواردة في ذلك كله ومنها : حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : " كانت قراءة النبي صلى الله عليه و سلم بالليل يرفع طورا ويخفض طورا " ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 315 / 1328 ) وحديث أبي قتادة رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأبي بكر رضي الله عنه : ( يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك ) قال : قد أسمعت من ناجيت يا رسول الله قال : وقال لعمر رضي الله عنه : ( مررت بك وأنت تصلي رافعا صوتك ) قال فقال : يا رسول الله أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان . فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئا ) وقال لعمر : ( اخفض من صوتك شيئا ) " ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 315 / 1329 )
- 7 - أن يكثر من الدعاء والاستغفار لقوله تعالى { وبالأسحار هم يستغفرون } ( الذاريات : 18 )
- 8 - أن يترك الصلاة إذا نعس فيها ويرقد حتى يذهب عنه النوم لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه ) ( البخاري ج 1 / كتاب الوضوء باب 52 / 209 )
ما يكره للمتهجد :
- 1 - ترك تهجد اعتاده أو نقصه لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) ( البخاري ج 1 / كتاب التهجد باب 19 / 1101 )
لذا يستحب ألا يعتاد من قيام الليل إلا قدرا يغلب على ظنه بقرائن حاله أنه يمكن الدوام عليه مدة حياته لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قالت : " كان عمله ديمة " ( البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 63 / 1886 . ديمة : أي دائما )
- 2 - أن يقوم كل الليل دائما لقول الرسول صلى الله عليه و سلم : ( أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) ( في حديث رواه البخاري ج 5 / كتاب النكاح باب 1 / 4776 عن أنس رضي الله عنه ) ولأنه يضر بالعين وسائر البدن ولو استوفى في النهار ما فاته في الليل لضيع كثيرا من مصالح دينه ودنياه
أما بعض الليالي فلا يكره إحياؤها كلها لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله " ( البخاري ج 2 / كتاب صلاة التراويح باب 6 / 1920 ، وشد مئزره : قد يراد بهذا الجد في العبادة كما يقال : شددت لهذا الأمر مئزري أي تشمرت له وقد يراد به اعتزال النساء )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس