عرض مشاركة واحدة
قديم 07-08-2011
  #3
وراثة النبوة
محب جديد
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 5
معدل تقييم المستوى: 0
وراثة النبوة is on a distinguished road
افتراضي رد: في الصميم ___ أنحن مسلمون لأننا نؤمن بالله تعالى ؟ أم نحن نؤمن بالله لأننا مسلمون !؟!

والآن دعونا نرجع إلى السؤال: ماذا نستطيع نحن المسلمين أن نقدم للغرب؟




والجواب: كل شيء... أو لا شيء.




فنحن نملك الإيمان والإسلام وهما كل شيء، ونحن نملك فهما وتفسيرا معينا للإسلام الذي هو في كثير من الأحيان لا يسمن ولا يغني من جوع.




أما بالنسبة للكتب التي عرفتني بالإسلام، ولا سيما الكتب التي كتبت مع أخذ الغرب بنظر الاعتبار فهي ليست إلا نوعا من التبادل الثقافي البريء...
ولكن القضية المركزية الثابتة للإيمان إما أهملت تماما أو ذكرت هامشيا.




تكررت كلمة “ الله ” تعالى في القرآن الكريم (2500) مرة، بينما تكررت فيه كلمة “ الإسلام ” أقل من عشر مرات، غير أننا نرى أن
هذه النسبة عكست في الكتب الإسلامية المعاصرة،
ففي القرآن نرى أن النسبة بين الإيمان والإسلام هي (5/1) (خمسة مقابل واحد) وذلك لصالح الإيمان، بينما نرى أن النسبة بين الإيمان وبين الإسلام في عناوين الكتب الإسلامية المكتوبة باللغة العربية حتى أواخر القرن التاسع عشر هي (2/3) لصالح الإسلام. نرى أن هذه النسبة أصبحت في ستينيات هذا القرن (1/13) (أي 13 كتابا يبحث عن الإسلام مقابل كتاب واحد يبحث عن الإيمان) ولا شك أن هذه النسبة زادت في هذه الأيام. والنتيجة الحتمية لهذا هي أن التوجه نحو الغرب تركز في تقديم الإسلام بصفة نظام وبديل أيديولوجي، وتم هذا التقديم في الغالب دون الإشارة إلى حقائق الإيمان.




والسبب الآخر في عدم نجاحنا من الاقتراب من الغرب هو أننا أسأنا فهم الغرب. فالغرب ليس مجرد وجود سياسي وجغرافي Geopolitical Entity بل هو أيضا معنى ومجاز لأن الغرب كان من الناحية الجغرافية أول بلد شهد عصيانا وتمردا ضد الألوهية، وحسب علمنا فالمدنية الغربية المعاصرة هي المدنية الوحيدة التي لا تملك أي عقيدة دينية ظاهرية في قلبها، وهكذا فالغرب معنى ومجاز أو رمز لكسوف شمس العقيدة وخسوف الإيمان... رمز لإقصاء الإله. وبما أن هذا الإقصاء والكسوف لم يعد منحصرا في الغرب كموقع جغرافي، فإن الإنسان يستطيع أن يقول أنه أينما أقصيت حقائق الإيمان فالغرب موجود هناك. لذا يجب النظر إلى الغرب كحالة ذهنية خاصة وكمرض وكانحراف. ويشير بديع الزمان إلى أن السبب الأصلي والجذري لهذا

هو “الأنانية” وعبادة النفس.




فمنذ عصر النهضة الأوروبية جعل إنسان الغرب نفسه المرجع والمصدر الوحيد له، والمركز الوحيد للكون حواليه، أي جعل نفسه القسطاس والميزان الوحيد لحياته البائسة، لقد حاول سرقة أردية الأسماء الحسنى لله تعالى، وحاول لبسها وتقديم نفسه كإله. ولكن هذه الأردية لم تناسبه، ولا يمكن أن تناسبه أبدا.




إن الإنسان الغربي الذي لا يتقبل فكرة أن وظيفته تنحصر في إظهار وتجلية (عكس) الصفات الإلهية باسم الخالق وحسب إرادته ورضاه سبحانه وتعالى... بدلا من هذا نراه يرغب في إعلان هذه الصفات وكأنها ملك له، ويصرف حياته كلها في محاولة إدخالها ضمن ملكيته المتخيلة المزعومة. وفي أثناء حياته يجره بحثه عن اللانهائي إلى منافسة حادة (بل مميتة في أحيان كثيرة) مع أبناء جنسه.




ومما يزيد من ضرام الرغبات اللانهائية للإنسان معرفته بأنه محدود وعاجز ومرتبط (أي غير مستقل)، وأنه سيضطر في يوم من الأيام إلى تسليم كل شيء حسبه وتخيله ملكا له، وأنه سيواجه الفناء والزوال، وبدلا من أن تقوده محدوديته ونقصه إلى تذكيره بعجزه وبفقره المطلق، فإنه يحاول التهرب والاختباء من هذه الحقيقة، وذلك بتنويم نفسه تنويما مغناطيسيا.




والإنسان الغربي الذي يحاول الهرب من الأفكار الحزينة حول مصيره النهائي نراه يروم خنق وإخماد ما وهب له وما ركز في فطرته من قابلية معرفة وحب خالقه وعلى الوصول إلى أنه بحد ذاته ليس بذي شيء، وإنه لا يملك شيئا.




إن المجتمع الغربي الدنيوي المنهمك في شؤونه الذاتية فقط مصمم ومنظم (في جميع مستوياته) لكي يعمي الإنسان ويستغفله، ولكي يخفي حقيقة واضحة وهي أن عقيدة الأنانية فشلت في تحقيق وعودها، وأن عقيدة التثليث الدنيوية وهي (التقدم بلا حدود... الحرية دون حدود... البهجة دون قيود) أصبحت دون معنى، مثلها في ذلك مثل عقيدة التثليث المسيحية التي نبذت قبل قرون، وكذلك ليخفي حقيقة أن مبدأ “الإنسانية الدنيوية” Humanism Secular (الذي يشكل التقدم الاقتصادي والعلمي قادته وروحه)، قد حول الغرب إلى أرض قاحلة من ناحية الروح، واتلف أجيالا بعد أجيال، وخربها وأفسدها.




ومع ذلك فإن هناك من بدأ يستيقظ ويدرك أنه كان يعيش في عالم من الوهم والخداع.

إذن فمن الضروري أن يحذّر هؤلاء من مرض “أنا”
وإنه من العبث أن نقول لمن ابتلي بهذا المرض أن النظام الاقتصادي الإسلامي هو أفضل نظام،
أو أن نقول له أن النظام الحقوقي والقانوني للإسلام هو أعدل نظام،

لأنك لا تستطيع أن تشفي شخصا مصابا بمرض السرطان بأن تعطيه سترة جديدة، ولكنه يحتاج إلى
تشخيص صائب
وإلى
عملية جراحية جذرية وأساسية،
تعقبها معالجة ومداومة مستمرة،

ورسائل النور تقدم كل هذه الأمور.




تتذكرون أني كنت قد صرفت النظر عن رسائل النور في السابق على أساس أنها كتب تصوف. وسمعت آخرين يصفونها هكذا أيضا، ولكن الحقيقة كانت شيئا آخر، ذلك لأنه ما من إبهام أو غموض في الاختيار البراق والواضح تماما الذي يضعه سعيد النورسي أمامنا:
إما إيمان أو إنكار
إما سعادة أبدية أو شقاء أبدي
إما خلاص أو هلاك
إما جنة أو نار
وذلك في هذه الدنيا وفي الآخرة.




كما سمعت من وصف “رسائل النور” بالثورية،
وأنا مع هذا الوصف ولكن ليس بالمفهوم السياسي للكلمة، فهذا غير موجود في رسائل النور، مع إنني متأكد تماما أنه لو قام بديع الزمان بالدعوى إلى استعمال العنف لاسقاط الحكومات العلمانية لأصبحت رسائل النور مطلوبة القراءة في جميع الجامعات الغريبة، ولأصبح اسم بديع الزمان اسما مألوفا في كل بيت في العالم الغربي. ذلك لأن الغرب يحمل ضعفا أمام مظاهر التشدد، ولا سيما عندما يتلون هذا التشدد بعقيدة دينية، وهل هناك أحسن أو أجمل أو أشهى في عيون الوسط الغربي من منظر ينقل إليهم من بلد بعيد منظر آلاف المسلمين الغاضبين الذين يصرخون: “الموت لأمريكا”، ويطالبون بالثورة وبالعودة إلى الشريعة؟... فالغرب لم يعد بحاجة لإزعاج نفسه حول كيفية تشويه صورة الإسلام، لأننا _نحن المسلمين– نفعل ذلك لهم، ولا يبقى لهم إلا مهمة القيام بتسجيل ذلك على الفلم بكل بساطة ثم عرضه.




وأنا أتذكر مظاهرة مماثلة شهدتها قبل أكثر من عشر سنوات في بلد يعرف فيه أمريكا بأنه “الشيطان الأكبر”، ولكن الذي أذهلني آنذاك أن أرى أن 70 % تقريبا من ذلك الزحام كانوا يلبسون الملابس من ماركة “لويز” كما أن أعقاب السجاير التي بقيت بعد انفضاض المظاهرة كانت إما من سجائر “مالبرو” أو “ونستون”، فكأن هناك يد تقطع (أو تتظاهر بالقطع) الأربطة التي تقيدنا مع الغرب، ويدا أخرى تشد هذه الأربطة وتقويها أكثر فأكثر.




ومع هذا فنحن لا نزال نقول:
لقد تكلمنا بما فيه الكفاية، وقد حان وقت العمل.
حتى إنني سمعت القول نفسه بخصوص رسائل النور، فقد قال أحدهم عنها:
إنها عبارة عن مجرد أقوال، إذ لا تجد فيها حركة.




ولكننا
في الحقيقة


لم
نتكلم
حتى
الآن،
!!!!!!!!!


كل ما عملناه هو أننا عولنا وندبنا وبكينا، ولأننا

لم نتكلم،
ولم يحدث أحدنا الآخر حديث أخ لأخيه،
ومؤمن لمؤمن،
ومسلم لمسلم،

باسم الله وبلغة القرآن، وبلغة كتاب الخلق،

فإننا عندما بدأنا بالعمل أخطأنا الطريق،
وعملنا دون نظام ودون صلاحية ودون مقياس صحيح، أو مرجع صالح يتخذ إطار عمل. وهذا هو السبب في أننا في النهاية لم ننجح في الوصول إلى نتائج باقية ودائمة، والغرب يعلم هذا تمام العلم.




كلا... إن الثورية التي دافع عنها بديع الزمان ليست من نمط تلك الثوريات الصاخبة التي كانت تجوب شوارع طهران والقاهرة والجزائر.
إن الثورية التي تصورتها رسائل النور هي ثورة في العقل وفي القلب وفي الروح، إنها ليست ثورة إسلامية، ولكنها ثورة إيمانية،

وتعمل هذه الثورة في مستويين:




فهي مصممة أولا لكي تقود المسلمين من إيمان تقليدي إلى إيمان تحقيقي (أي قائم على التفكير والتأمل)، ثم لكي تغير المؤمنين وتحولهم من عبادة أنفسهم إلى عبادة الله، وهذا هو السبب في أن الذين يهيمنون على الغرب ويقودونه يخشون رسائل النور خشية كبيرة.




وختاما أود أن أقول ما يأتي:




بعد سنوات عديدة من البحث والمقارنة أستطيع أن أقول :

إن رسائل النور هي المؤلّف الإسلامي الوحيد الشامل والمكتفي بنفسه، والذي يرى الكون كما هو في الواقع، ويقدم حقائق الإيمان كما هي، ويفسر القرآن كما أراده نبينا صلى الله عليه وسلم، ويشخص الأمراض الحقيقية الماحقة التي ابتلي بها الإنسان، ويقدم له الدواء الناجع والشفاء.




إن مؤلَّفا مثل رسائل النور الذي يعكس نور القرآن، ويضيء الكون... مثل هذا المؤلف لا يمكن تجاهله أبدا، ذلك لأن الإسلام هو وحده الحائل والحاجز بين الإنسان وبين الكارثة،
وأنا أعتقد أن مستقبل الإسلام يعتمد على رسائل النور وعلى الذين يتبعونها ويستلهمون من تعاليمها ودروسها.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

[1] ، ترجمة: أورخان محمد عليA Revolution Of Belief .
[2] د. كولن تورنر، جامعة دورهام– انكلترة: ولد عام 1955 في مدينة برمنغهام في انكلترة. تشرف الانتساب إلى الإسلام عام 1975. أكمل تعليمه العالي في جامعة دورهام واختص باللغة العربية واللغة الفارسية. قدم فيما بعد رسالة دكتوراه في موضوع “الحركات السياسية والدينية في العهد الصفوي في ايران”. يدرّس حالياً في جامعة “مانشستر”. عكف على دارسة رسائل النور منذ عشر سنوات وهو متزوج واب لثلاثة أطفال.
[3]المسؤول الأول في الاتحاد السوفياتي السابق.
وراثة النبوة غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس