عرض مشاركة واحدة
قديم 08-04-2012
  #1
عمرالحسني
محب فعال
 الصورة الرمزية عمرالحسني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 93
معدل تقييم المستوى: 15
عمرالحسني is on a distinguished road
افتراضي 1.رشحات نورانية : ( قم ياعبدي و صل فقد نويت وصالك)

.رشحات نورانية : ( قم ياعبدي و صل فقد نويت وصالك)

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد و على آله و صحبه و بعد،

تكاد تكون الرحمة الخاصة و الرحمة العامة و النداء الإلهي للعام و الخاص من عباده ديدن العارفين به سبحانه، و قد أسهب علماء الباطن - كما يحلو للبعض تسميتهم ، من باب تسمية الأشياء بمسمياتها - ، في سلوك البر و البحر ، ودلائل الليل و النهار ، و ربط المدركات بمدركاتها ، والعلوم بسراجها ، وكأن القارئ لهذه العلوم و المعاني ، في بحر لجي ، من مشاهد و مراتب و مقاعد ، و مشاهدات ومعاينات ، لما في النداء من الحب و التحبب ، والدعوة و للدلالة عليه على قدم الود والمودة و التودد ، ثم الاستجابة باضطرار تام في القعود و القيام ، ثم التدبر في النشأة الدنيوية و مقتضياتها واختلافها عن النشأة الأخروية ومافيها من ثمراة وتحقق. وكأن الإنسان من حيث نشاته نائم في غفلته ، لا يستيقظ إلا بعد الموت ، و ميلاده الروحي ، و تقلبه في سر الليل و النهار ، و الموت و الحياة ، و الغفلة و الذكر.
( ليس كمثله شيء و هو السميع العليم) ، وكأن الله في تنزله الرحماني اليلي لسماء الدنيا ، يتودد للموتى من خلقه ، يبسط يديه لينشئهم في الثلث الأخير من الليل ، ليخرجهم من ظلمات الموت إلى نور الحياة ، فيكون استغفارهم بابا للرحمة و الميلاد ...
* ميلاد بعد موت : ( مثل الذي يذكر ربه و الذي لايذكر ربه كمثل الحي و الميت ) .

يشقى العبد في سيره البري ، فتدكدك جسده أعماله البدنية ، وتظل بلا روح إن لم تكن كاملة نية و سنة واتباعا ، وتزداد شقوته إن كان عمله محض اختيارا عن هوى ، لا خبير فيها و لامرشد ، فتنقبض بذاته ، وتتقلص أنفاسه ، فإذا بمسيره كله كدح ونكد وفصم وفرق.

فلا ينبعث فيها سر الإضافة و الإفاضة إلا بعد أن يداس خذه ، وتقهر واردات زوره ، و يستحيل إشراقه.
فيدق باب وصله ووصاله ، وحضرته و بساطه ، فيجد الدال مبتسما ، ووارد الحق منبسطا ، ووجوه الخير مشرقة ، فيقوم على بساط شوقه ، مبايعا رفيق سيره ، وباب فرحه ، فينقلب كدحه فرحا ، وقبضه بسطا ، و فراقه ومقا ، و تنجبس من جهاته الست عيونا و أنوارا ، فإإذا به على مقام وصل ، فقد نوى الله وصاله ، وكانه يسمع بسره ونجواه لا بعقله و فهمه لا تصحب إلا من ينهضك حاله ، ويدلك على الله مقاله).
فيخلع نعليه استعدادا لسلوكه ، و يتسنن في وضوئه ، ويطرح عن ذاته أوزاره ، ويدق باب سيده ، فيجد في خطوة الباع والذراع و الشبر و الهرولة ، فتشرق لتوها روحه ، بعد أن قض القيام مضجعه : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع).

يقول الشيخ الأكبر في هذا المقام : ( ....اعلم ايها الولي الحميم تولاك الله بعنايته أن الله تعالى يقول في كتابه العزيز : " فسوف يأت الله بقوم يحبهم و يحبونه " المائدة آ 54 فقدم محبته إياه على محبتهم إياه. وقال " أحيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي " البقرة آ 186 ، فقدم إجابته لنا إذا دعوناه على إجابتنا له إذا دعانا، و جعل الاستجابة من العبيد لأنها أبلغ من الإجابة ، فإنه لا مانع له من الإجابة سبحانه فلا فائدة في التأكيد ، وللأنسان موانع من الإجابة لما دعاه الله إليه وهي : الهوى ، والنفس ، والشيطان ، والدنيا ، فلذلك أمر بالاستجابة ، فإن الاستفعال أشد في المبالغة من الإفعال ، وأين الاستخراج من الإخراج ؟ ولهذا يطلب الكون من الله العون في أفعاله ، و يستحيل على الله أن يستعين بمخلوق ، قال الله تعالى تعليما لنا أن نقول :" و إياك نستعين" الفاتحة آ 5 ، من هذا الباب ، فلهذا قال في هذا الباب : " صل فقد نويت وصالك " ، فقد قدم الإرادة منه لذالك فقال : صل ، فإذا تعلمت الوصلة فذلك عين وصلته بك فلذلك جعلها نية لا عملا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا " ، وهذا قرب مخصوص يرجع إلى ماتقرب إليه سبحانه به من الأعمال و الأحوال ، فإن القرب العام قوله تعالى :" ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" ق آ 16 ، " ونحن أقرب إليه منكم و لكن لاتبصرون " الواقعة آ 85 فضاعف القرب بالذراع ، فإن الذراع للشبر أي قوله : صل هو قرب ثم تقريب إليه شبرا فتبدى لك أنك ما تقربت إليه إلا به لأنه لولا ما دعاك و بين لك طريق القربة وأخذ بناصيتك فيها ما تمكن لك أن تعرف الطريق التي تقرب منه ماهي ، ولو عرفتها لم يكن لك حولا و لاقوة إلا به) .

* كتاب ، الفتوحات المكية في أسرار المالكية و الملكية ، باب في معرفة اقطاب صل فقد نويت وصالك ص 251/252


و لأهل هذا المشهد نؤر خلع النعلين ، ونور لباس النعلين ، فهم المحمديون الموسويون المخاطبون من شجرة الخلاف و لسان النور المشبه بالمصباح وهو نور ظاهر يمده نؤر باطن في زيت من شجرة مباركة في خط الاعتدال ، منزهة عن تاثير الجهات....

ثم يتبرئ العبد من حركته ، قاطعا عن وارده و تحققه عن القوة و الحول ، فينسب كل كل الخير إلى من وفقه للوقوف في بابه ، لتكمل نيته و قصوده ، فيحمد الله على التوفيق لهذه المنة ، و يوحده نفيا و إثباتا لربوبيته و ألوهيته ، و من تفضله على عبده بالقيام في الثلث الأخير من الليل : " ولئن شكرتم لأزيدنكم" ..يكمل رحلته الفانية للدار الاخرة ، متوسما إشراق نهاية سلوكه ، ليكون منامه بالليل استعدادا للنشأة الروحية الأخروية ، و بالنهار متيقظا من موته الحسي ، متوجها لقبلة سيده : " الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " ....ي
علم في ليله جياته ، ونهاره موته في قواطع الغفلة ، وذل المعصية ، وغرور العبادة ، و عجب النفس لتوقانها الزهادة دون عناية ، يرى عمله هباءا مخلصا للشيطان فيه غواية.....تأتي زواجر الحق أن قم ، بعد هذا الشرك الخفي الخسيس لنور التوحيد و الهداية .

يقول الشيخ الأكبر في هذا المقام : ( فلاح لي من خلف الستارة هذه الآية و حسن العبارة عنها الرافعة سترها وهو قوله : " منامكم بالليل والنهار" الروم آ 23، أمر زائد على ما يفهم منه في العموم بقرائن الأحوال في ابتغاء فضل للنهار و المنام بالليل ما تذكره ، وهو أن الله نبه بهذه على أن نشاة الاخرة الحسية لا تشبه هذه النشاة الدنيوية و أنها ليست بعينها بل تركيب آخر كما وردت به الشرائع و التعريفات النبوية في مزاج تلك الدار ، وإن كانت هذه الجواهر عينها بلا شك فإنها تبعثر في القبور و تنشر ، و لكن يختلف التركيب و المزاج بأعراض و صفات تليق بتلك الدار لا تليق بهذه الدار ، و إن كانت الصورة واحدة في العين و السمع و الأنف و الفم و اليدين و الرجلين بكمال النشأة ، ولكن الاختلاف بين ، فمنه ما يشعر به و يحس ومنه لا يشعر به.



ولما كانت صور ة الإنشاء في الدار الاخرة على صورة هذه النشاة لم يشعر بما أشرنا إليه ، و لما كان الحكم يختلف عرفنا أن المزاج اختلف فهذا الفرق بين حظ الحس و العقل فقال تعالى : '" ومن آياته منامكم بالليل والنهار " الروم آ 23 ، ولم يذكر اليقظة وهي من جملة الايات فذكر المنام دون اليقظة في حال الدنيا ، فدل على أن اليقظة لا تكون إلا عند الموت ، وأن الإنسان نائم أبدا مالم يمت ، فذكر أنه في منام بالليل و النهار في يقظته ونومه ، وفي الخبر : " الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوه" ألا ترى أنه لم يات بالباء الليل ليحقق بهذه المشاركة أنه يريد المنام في حال اليقظة المعتادة فحذفها مما يقوي الوجه الذي أبرزناه في هذه الاية ، فالمنام هو ما يكون النائم فيه في حال نومه ، فإذا استيقظ يقول : رأيت كذا و كذا ، فدل أن الإنسان في منام مادام في هذه النشأة في الدنيا إلى أن يموت ، فلم يعتبر الحق اليقظة المعتادة عندنا في العموم ، بل جعل الإنسان في منام في نومه و يقظته ، كما أوردناه في الخبر النبوي من قوله صلى الله عليه وسلم : " الناس نيام فإذا ماتوا انتبهو " فوصفهم بالنوم في الحياة الدنيا ، و العامة لا تعرف النوم في المعتاد إلا جرت به العادة أن يسمى نوما ، فنبه صلى الله عليه وسلم بل صرح أن الإنسان في منام مادام في الحياة الدنيا حتى ينتبه في الآخرة) .....


* كتاب الفتوحات المكية ، في أسرار المالكية و الملكية ، باب في معرفة الأقطاب المدبرين أصحاب الركاب من الطبقة الثانية. ص 269.

فيتدبر حينها العبد في آيات ربه ، فيدرك من جهات غير المعتادة علوما وهبية غير مكتسبة ، فيرى التنزل الإلهي كما بدأنا أول الأمر نعيده .....

يرى عقل المؤمن علوم الباطن من جهة سريرته ، فإن كان ظنه بالله حسنا ، أعطاه الله من خزائن معرفته محقه ، فيحاصر جميع أنوائه ، فلا يحس بتعب في عبادته ، و يكون نوره من بين يديه منارا لسلوكه فتنمحق واردات الظلمة ، لتلوح في المعارج القلبية معارف قدسه ....

عمرالحسني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس