عرض مشاركة واحدة
قديم 03-03-2010
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الحكاية الرابعة

قال بعضهم: كنت أنا ورجل آخر أخوين فـي الله عز وجل، فاتفقنا على أن نسيح فـي الأرض ونطلب وليا من أولياء الله تعالى يأخذ بأيدينا ويجمعنا على الله سبحانه، فلم نزل نسيح حتى جمعنا الله بولي من أوليائه فوجدناه يتعاطى صنعة الثريد، فجلس واحد منا يوقد النار والآخر يزن الثريد للناس والشيخ يصنعه فبقينا على ذلك مدة طويلة، ثم إن الشيخ قرب أجله فحصلت له مرة غيبة عن حسه، فجاءه أخي فـي الله فقال له: يا سيدي الشيخ إني أريد منك أن تعطيني السر، فقال الشيخ رضي الله عنه: إنك إلى الآن لم تطق، فقال له: لا بد أن تعطيه لي يا سيدي، قال: فالتفت إلي الشيخ وقال: أتسمح؟ فقلت يا سيدي إن كان بخاطرك فإني أسمح، فقال أسمح والله تعالى يعاوض لك من عنده، قال: فسمحت وأخذ أخي فـي الله السر وبقي الشيخ يومين وتوفـي وانصرف أخي إلى بلاده وبقيت فـي حانوت الشيخ أخدم فـيها وكل ما زودته أصرفه على بيت الشيخ، وكانت له امرأة وثلاث بنات وذكر، فبقيت فـي الحانوت أخدمهم اثني عشر عاما وأنا على المحبة ما نقص منها شيء، فلما كملت المدة تزوجت بنات الشيخ وذهبت كل واحدة إلى دارها وسافر ولد الشيخ إلى ناحية المغرب وتزوج أخوه زوجته، فلم أجد على من أراد الألفة فضقت وعزمت على السفر إلى بلادي، فـيسرت الزاد وبعت جميع ما عندي ولم يبق إلا زيارة قبر الشيخ رضي الله عنه، فلما ذهبت نحو قبره للزيارة وكان فـي موضع مخوف بعيد من العمارة، فلما زرته وأردت أن أنصرف قال لي قلبي: ويحك أتذهب ولا ترى قبر شيخك أبدا فأدركتني حنانة فـي الشيخ ووحشة عظيمة فرجعت وبقيت عنده ساعة، فأردت أن أنصرف، فأدركتني الوحشة ثانيا كما أدركتني أولا فرجعت وبقيت عنده إلى الزوال فأردت أن أنصرف فعاودني الأمر فبقيت عنده إلى الليل وأنا أبكي من حب الشيخ ووحشته مع إرادتي فراقه، ثم بت على قبره والحال يتزايد إلى أن طلع الفجر، فجاءني سيدنا الخضر عليه السلام فلقنني الذكر وفتح الله علي فذهبت إلى بلادي كيف أحب، فمررت على بلاد أخي وكانت فـي الطريق فلما دخلتها وجدتهم يجمعون الحطب لرجل يريدون حرقه، فذهبت لأنظر الرجل من هو؟ فإذا هو أخي فـي الله عز وجل، فقلت للجماعة الذين يجمعون الحطب ما ذنب هذا الرجل؟ فقال: إنه يقول كذا وكذا لسر من أسرار الله تعالى أفشاه وسمعوه منه ولم تطقه عقولهم، فاستفتوا فـيه العلماء فأفتوا بحرقه، فتقدمت إلى أخي فعرفته ولم يعرفني هو لشدة البلاء الذي نزل به، فقلت له: ولم أراد هؤلاء قتلك وحرقك؟ فقال: إنهم سمعوني أقول كذا وكذا وما قلت لهم فـيه إلا الحق، فقلت له: وهل قلت غير هذا؟ فقال: ما قلت شيئا غيره، قال: فالتفت إلى الجماعة وقلت لهم لا تحدثوا فـيه شيئا حتى أجيء من عند السلطان فإني ذاهب إليه وأكلمه وأقول له: إن هذا الرجل لا يلزمه قتل فعليكم بالصبر حتى أجيء من عند السلطان، ومن أحدث فـيه شيئا فإنه يخاف على نفسه فإني أرجو إذا كلمت السلطان فـي أمره أن يرجع، فقالت الجماعة إنا نصبر حتى ترجع، فانطلقت إلى السلطان فدخلت عليه فوجدت العلماء عنده يتحدثون فـي شأنه ويحرضونه على قتله، فقلت: أيها السلطان نصرك الله نصرا عزيزا، وسددك ووفقك لما يحبه ويرضاه، إن ذات بني آدم عليها ثلثمائة وستة وستون ملكا، وهذا العدد على كل ذات ذات، فمن قتل ذاتا بغير حق فإن هذا العدد من الملائكة الذين فـي الذات المقتولة إذا خرجوا منها بعد القتل لا يكون لهم شغل إلا الدعاء باللعنة على من قتل الذات وأخرجهم منها بغير حق ودعاء الملائكة مستجاب، فـيخاف أيها الملك من هذا الدعاء وأيضا فإن الذات عليها سبعة من الكرام الحفظة الكاتبين، فإذا قتلت الذات بغير حق فإنهم لا شغل لهم إلا نقل كل ما فـي صحيفة المقتول من سيئات فـينقلونه من صحيفته ويجعلونه فـي صحيفة القاتل، وكل ما فعل القاتل من حسنة فإنهم ينقلونه منها ويجعلونه فـي صحيفة المقتول، وهذا شغلهم إلى أن يموت القاتل، ثم يصير هذا ذكرا لهم فـيذكرون ما فعل القاتل من السيئات، وذكر الملائكة كالمطر فكل ذكر ينزل معه، فإن ذكروا أحدا بسوء نزل عليه السوء، وإن ذكروه بخير نزل عليه الخير فلا يزالون يذكرون المقتول بخير والخير ينزل عليه، ولا يزالون يذكرون القاتل بشر والشر ينزل عليه، أما تخاف من هذا أيها الملك؟ فقال الملك: إن العلماء هم الذين أفتوا بقتله، فقلت له: عجلوا حيث أفتوا بقتله، وكان من حقهم أن ينظروا فـي لفظه وقصده؛ فإذا اقتضى لفظه قتله فـيسأل عن قصده، فإن كان قصده صحيحا فلا قتل عليه فابعثوا للرجل حتى يحضر واسألوه عن قصده، قال فقال العلماء رضي الله عنهم: هذا حق وصواب، يجب علينا أن نعمل به فبعثوا إلى الرجل فسألوه عن قصده فوجدوه صحيحا لا يجب عليه به قتل فخلوا سبيله، قلت لشيخنا رضي الله عنه فما فعل بعد تخلية سبيله قال: سلبه أخوه الذي فكه وصيره من جملة العوام وأخذ جميع السر الذي كان الشيخ أعطاه له، فقلت: فما حال صاحب الحكاية الأولى والثانية بعد قتلهما فقال رضي الله عنه: ماتا على الولاية، وأما صاحب الحكاية الثالثة فإنه مات فـي كفر، نسأل الله السلامة.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس