عرض مشاركة واحدة
قديم 01-15-2010
  #112
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية


الحَفِيظُ جَلَّ جَلالُهُ

هو الذي حفظ مراتب الوجود، ومنازل الكائنات، فالسموات يمسكها أن تقع على الأرض، والأرض يثبتها بالجبال فلا تميد بنا (1) .
ويحفظ الضعفاء من الأقوياء، حتى تبقى صور الأشياء.
ويحفظ النبات من الحشرات لغذاء المخلوقات.
ويحفظ أسرار السماء من استراق السمع. قال تعالى: { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } (2) .
ويحفظ الإنسان من شر الشياطين وغوائل الحياة بالملائكة الحفظة.
قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ }(3) .
وقال سبحانه: { فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } (4) .

ومن تأمل في معنى اسمه"الحفيظ" وذكره بشوق وحنان إلى جنابه، تولَّد في قلبه حبٌّ لمولاه الذي يحفظ العبد وهو عاصٍ غافل، مقصِّرٌ متأخِّر، فينبه القلب ويصحو من غفلته، ويبرأ من علَّته. وعند ذلك يجعل الله قلبه يمنـزلة كنـز محفوظ فيه أسرار الحفيظ، ويقف موقف الشجاعة محافظاً على جوارحه من المعاصي، محافظاً على قلبه من الخطرات (5) ، محافظاً على إخوانه من الوقوع في الزلات، محافظاً على أنفاسه من الضياع في المنكرات، محافظاً على الأمانة التي أودعها الله فيه في كل اللحظات (6) .

الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... أنت الحفيظ لكل مخلوق، المغيث لكل حي مرزوق، تجليت بنور الحفيظ فحفظت السموات، وأخرجت النبات، وحفظت البحر من العفونة بالأملاح، وحفظت قلوب العارفين ومنحتها عيون البصيرة، فشاهدت حق اليقين،.... اجعل جوارحي محفوظة بحفظك، وقواي خاضعة لأمرك.

إلهي .... إنك قلت: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }، فاحفظني بما حفظت به الذكر الحكيم، واجعلني حفيظاً عليماً، واحفظني من شهود الأغيار، والركون على الآثار، فأنت الحفيظ للخلائق الفعال المختار. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
". " اهـ

(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف "المُقِيتُ جَلَّ جَلالُهُ... )



ـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ

(1) : و"الحفيظ" أشد مبالغة من الحافظ، كالعليم والعالم، وإذا أردت أن تعرف نعمة "الحفيظ" عليك بحفظه، فتأمل أحوالك في دينك ودنياك، أما الدين فانظر إلى الأكابر الذين زاغوا بأدنى شبهة: أما إبليس فانظر كم عَبَدَ الله وكم أطاعه، ثم ضلَّ بأدنى شبهة!! . وانظر إلى أكابر الطبيعيين وحذاق المهندسين والمنجمين كيف زاغوا بأخس شبهة!!، حتى تعرف أنك إنما بقيت على الحق بحفظ الحق سبحانه وعنايته، وانظر إلى الخليل على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، مع جلالة قدره، كيف قال: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين} وقال: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَك} وقال الكليم عليه السلام : { رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} ، وقال تعالى لسيد الوجود سيدي وحبيبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً }، وقال: { وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} ، وقال المؤمنون: { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا }.

وأما الدنيا : فاعرف كم فيها من جهات الآفات، وأسباب المخافات !!! ، ثم تأمل من الذي دفعها عنك ؟ كما قال تعالى : { قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ }.

وأيضاً وكَّل على عباده أشخاصاً من الملائكة ليحفظوهم عن الآفات، قال تعالى { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ } أي بأمره . وأيضاً يحفظ على الخلق أعمالهم، ويحصي أقوالهم، كما قال { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} .

(2) : سورة الصافات - الآيتان 6و7.

(3) : سورة الانفطار - الآيتان 10و11.

(4) : سورة يونس - الآية 64.

(5) : الخطرات: هي دواعي القلوب إلى كل خير وشر. انظر: موسوعة مصطلحات التصوف مادة خطر - 324.

(6) : وحظ العبد من هذا الاسم أن يحفظ أمانة الله بما أنعم عليه،وآتاه ، فإنه مسؤولٌ عن أربع: عن عمره فيم قضاه، وعن شبابه فيم أبلاه، فهذه القدرات أمانة ، وإن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا، ثم عن ماله من أين اكتسبه، أين أنفقه؟. وعن علمه وماذا عمل به؟. ويحفظ الحقوق والواجبات وما أمره الله بحفظه وهو "الحفيظ" الذي لا تخفى عليه من أمر العباد خافية، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، قائلاً: { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}. وعليه أن يحفظ نفسه من الظنون لحفظ إيمانه، ومن الشهوات لحفظ جوارحه، ومن حفظ الله في جوارحه : حفظ الله عليه قلبه ، ومن نعم حفظ الله لعباده الصالحين: حفظ سيدنا موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام من عهد حمله ورضاعه من بطش فرعون إلى حين إغراق فرعون على يديه، وحفظ الفتية الذين آمنوا بربهم، كما جاءت في سورة الكهف، وحفظ سيدنا يونس في بطن الحوت إذ كان من المسبحين، وحفظ سيدنا يوسف من الأخطار التي حاقت به، وحفظ أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام من النيران، ثم حفظ سيد الوجود وحبيب الرب المعبود سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعصمته من كيد الكائدين، وغير ذلك من آيات حفظ الله تعالى لأوليائه ، والعبر ليثبت قلوب المؤمنين، فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين. وحفظ الإنسان بالذاكرة معارفه، وبالعادة ما ألفه، وفي العمل مرونته، وخبرته، كما حفظ لكل شيء وجوده في عالم متحول متبدل كثير التفاعل، فصانه وحفظه بهويته وأطواره، ومختلف ظواهره، " إن ربي على كل شيء حفيظ"، وأجلُّ نعمة حفظاً أنه حقَّق وعده سبحانه { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }، حفظاً للإنسان بأكرم ما خصه به من العلم، وأشرف ما دعاه إليه وهو الهداية في نية وقول وعمل ، وحفظ عمله ليوم الجزاء يزنها بالذرة. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس