عرض مشاركة واحدة
قديم 04-06-2011
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الخامس عشر


الشعاع الخامس عشر - ص: 697
تلك القوة الهائلة تذهب ادراج الرياح، فلايمكن ان يؤدي من الاعمال الاّ بمقدار مافي ساعده من قوة جزئية، وما يحمله على ظهره من اعتدة قليلة وطلقات محدودة.ولو طلب من ذلك الجندي ما يؤديه الجندي المستند المذكور من اعمال للزم وجود قوة جيش كامل في ساعده ومداخر أعتدة السلطان على ظهره!.
كذلك الامر، فان سلطان الازل والابد، الصانع القدير، من حيث واحدية سلطنته وواحدية حاكميته المطلقة يدير الكون بسهولة ادارة مدينة واحدة ويخلق الربيع بسهولة خلق حديقة واحدة، ويحيي جميع الموتى في الحشر بسهولة خلق اوراق اشجار تلك الحديقة وازاهيرها وثمراتها في الربيع المقبل ويخلق الذباب بنظام نسر عظيم في سهولة ويسر، ويجعل انساناً في حكم كون عظيم بسهولة ويسر ايضاً.
بينما اذا اسند الامر الى الاسباب فان خلق جرثومة واحدة يكون صعباً بصعوبة خلق كركدن عظيم وخلق ثمرة من الثمرات بصعوبة خلق شجرة كاملة ذات مشكلات.. بل يلزم ان يُعطى كل ذرة من الذرات العاملة في وظائف عجيبة في حجيرات جسم الكائن الحي بصراً تبصر به كل شئ وعلماً تدرك به كل شئ، لتؤدي تلك الوظائف الحياتية الدقيقة المتقنة.
ثم ان اليسر والسهولة يبلغان في الوحدة بدرجة، بحيث تسهل ورود تجهيزات جيش كامل من يدٍ واحدة من مصنع واحد، كسهولة تجهيز جندي واحد بالمعدات العسكرية، واذا ما تدخلت ايدٍ مختلفة اخرى واُخذ كل جهاز من تلك الاجهزة المتنوعة من مصانع متباينة، فان تجهيز جندي واحد - من حيث الكمية - لايمكن إلاّ بألف مشكلة ومشكلة اذ تصعب الامور الى صعوبة تجهيز الف جندي حيث يتدخل امراء متعددون وضباط عديدون.
ثم ان ادارة الف جندي والآمرية عليهم اذا اسندت الى ضابط واحد، تسهل سهولة ادارة جندي واحد، من جهة، بينما اذا تركت الادارة الى عشرة ضباط او الى الجنود انفسهم، فيحدث كثير من الاختلاطات والفوضى والمشكلات.
الشعاع الخامس عشر - ص: 698
كذلك الامر اذا اسند كل شئ الى الواحد الاحد فانه يسهل كسهولة الشئ الواحد، بينما اذا اسند الى الاسباب فان امر كائن حي واحد يكون صعباً وعسيراً كالارض كلها، بل يكون غير ممكن قطعاً.
بمعنى ان في الوحدة سهولة بدرجة الوجوب واللزوم، وفي الكثرة ومداخلة الايدي تبلغ الصعوبة بدرجة عدم الامكان.
فكما ذكر في "المكتوبات" من كليات رسائل النور انه اذا فوض اختلاف الليل والنهار وحركات النجوم وتحولات الفصول السنوية كالخريف والشتاء والربيع والصيف الى مدبّر واحد وآمر واحد، فان ذلك الآمر الاعظم يأمر الارض التي هي جندي من جنوده ان: قومي، دوري، سيري وهي بدورها تنهض منجذبة بنشوة الامر وتتحرك كالعاشق المولوي حركتين يومية وسنوية وتصبح وسيلة سهلة جداً لتحولات المواسم وحركات النجوم الظاهرية والخيالية، مظهرة السهولة التامة واليسر المتناهي في الوحدة.
ولكن لو ترك الامر - لا الى ذلك الآمر الواحد - بل الى الاسباب والى هوى النجوم ورغباتها، وقيل للارض: قفي لاتجولي، فلربما يحصل وضع الارض في حصول المواسم والليل والنهار بقطع الوف النجوم والشموس التي هي اضخم من الارض بالوف المرات مسافات تبلغ ملايين السنين بل مليارات السنين في كل ليلة وفي كل سنة! اي يكون الامر صعباً ومشكلاً بدرجة المحال وغير الممكن.

المرتبة الثالثة: وهي كلمة "تجلي الاحدية" تشير الى حقيقة في منتهى السعة والعمق والدقة والعظمة، نحيل ايضاحها واثباتها الى رسائل النور مبينين نكتة من نكاتها ضمن تمثيل قصير جداً.
نعم، كما ان الشمس تنور الارض كلها بضيائها، وتصبح مثالاً للواحدية، فهي بوجود صورتها ومثالها بالوانها السبعة وصورتها الذاتية في كل ما يقابلها من شئ شفاف كالمرآة فيها تصبح مثالاً للاحدية.
الشعاع الخامس عشر - ص: 699
فلو كان للشمس علم وقدرة واختيار وكانت للقطع الزجاجية وقطرات الماء والحباب التي تنعكس فيها الشميسات قابليات، لكانت توجد شمس كاملة بقانون الارادة الالهية في كل منها وبجنب كل منها، توجد بصفاتها وبصورتها، من دون ان يعيق او ينقص وجودها في سائر الاماكن عن تصرفها شيئاً، فتكون سبباً لمظاهر كبيرة جداً بأمر القدرة الربانية وتأثيرها وحكمها، فتبين ما في الاحدية من سهولة فوق المعتاد.
كذلك الصانع الجليل فانه باعتبار الواحدية يرى الاشياء كلها وهو رقيب عليها بعلمه وبارادته وبقدرته المحيطة بكل شئ، كما انه من حيث الاحدية وبتجليها موجود جنب كل شئ ولاسيما ذوي الحياة، باسمائه وصفاته الجليلة، بحيث يخلق بسهولة تامة في آن واحد الذبابة في نظام النسر، والانسان في نظام الكون العظيم. فيخلق ذوي الحياة بمعجزات كثيرة وكثيرة بحيث لواجتمعت جميع الاسباب لخلق بلبل واحد اوذبابة واحدة لعجزت. فالذي يخلق بلبلاً هو خالق الطيور لاغيره والذي يخلق انساناً هو خالق الكون لاغيره.

المرتبة الرابعة والخامسة: هما.. [وبسر الوجوب والتجرد ومباينة الماهية، وبسر عدم التقيد وعدم التحيز وعدم التجزي]
ان نقل ما تفيده هاتان المرتبتان الى افهام عامة الناس عسير جداً، لذا نبين فحواهما باختصار مع ذكر بضع نكات قصيرة منهما.
اي: ان قديراً مطلقاً يملك وجوداً هو اقوى وامتن مراتب الوجود وهي مرتبة الوجوب الذي هو ازلي وابدي والمنّزه عن الماديات والمجرد عنها، ويحمل ماهية مقدسة مباينة لجميع الماهيات.. هذا القدير المطلق يسيرٌ ازاء قدرته ادارة النجوم كإدارة الذرات، والحشر الاعظم سهل عليها كالربيع، واحياء الناس جميعاً في الحشر هين عليها كإحياء نفس واحدة.
لان مقدار أنملة من نوع قوى من طبقات الوجود يمسك جبلاً ضخماً لطبقة خفيفة من طبقات الوجود ويديره. فمثلاً المرآة، والقوة الحافظة وهما وجودان خارجيان -
الشعاع الخامس عشر - ص: 700
وهو وجود قوي - يمكنهما ان تضما وتديرا مائة من الجبال والفاً من الكتب من الوجود المثالي والمعنوي الذي هو ضعيف وخفيف.. وهكذا، فكم هو أدنى من حيث القوة الوجود المثالى من وجود خارجي، فان انواع الوجود الحادثة والعارضة للممكنات ايضاً هي ادنى بالوف المرات وأخف من وجود واجب سرمدي ازلي، بحيث ان تجلياً من ذلك الوجود المقدس بمقدار ذرة يدير عالماً من الممكنات.
آسف فان اسباباً ثلاثة شبيهة بالمرض الناشئ من التسمم في الوقت الحاضر، لا تسمح لبيان هذه الحقيقة العظيمة بنكاتها. فاحيلها الى رسائل النور والى وقت آخر بمشيئة الله.

المرتبة السادسة: وهي: [وبسر انقلاب العوائق والموانع الى حكم الوسائل المسهلات].
اي كما انه بقانون من جلوات الارادة الالهية والامر التكويني - والذي تعبّر عنه العلوم الحديثة بالعقدة الحياتية - تسري المواد اللازمة والارزاق بتوجه تلك الارادة والامر من تلك العقدة الحياتية التي هي كمحرك ونابض لها الى ثمرات شجرة عظيمة فاقدة للشعور والى اوراقها وثمراتها، ولاتكون اغصانها المتشعبة ولاجذوعها القوية الصلدة عوائق وموانع دونها، بل تكون وسائل تيسير ووسائط تسهيل. كذلك في خلق الكون وايجاد المخلوقات كلها تدع جميع الموانع الإحجام والممانعة ازاء تجلٍ للارادة الالهية ولتوجه الامر الرباني، وتصبح وسيلة تسهيل وتيسير. فالقدرة السرمدية تخلق الكون ومخلوقات الارض قاطبة بسهولة خلقها تلك الشجرة، لايصعب عليها شئ. فلو لم تسند جميع الخلق الى تلك القدرة فان انشاء تلك الشجرة، الواحدة وادارتها تكون صعبة صعوبة ادارة جميع الاشجار، بل صعوبة خلق الارض وادارتها. لان كل شئ عندئذٍ يكون مانعاً وحائلاً. ولو اجتمعت الاسباب جميعها في هذه الحالة لاتستطيع ان ترسل الارزاق اللازمة من معدة عقدتها الحياتية ومن زمبركها الناشئة من الامر والارادة، وتوصيلها بانتظام الى ثمراتها واوراقها واغصانها. الاّ اذا اسند الى كل جزء من اجزاء الشجرة بل حتى الى كل ذرة من ذراتها بصراً يبصر كل
الشعاع الخامس عشر - ص: 701
الشجرة وكل جزء منها وكل ذرة من ذراتها، وعلماً محيطاً بكل شئ وقدرة قادرة على كل شئ.
وهكذا اصعد، هذه المراتب الخمس وانظر كم في الشرك والكفر من مشكلات ومحالات. واعلم مدى امتناعهما وبعدهما عن معايير العقل والمنطق، ومدى السهولة في طريق الايمان والقرآن بل مدى ما فيها من حق وحقيقة مستساغة بدرجة الوجوب. ومدى معقوليتها وقطعيتها وسهولتها ومقبوليتها بدرجة اللزوم. شاهد هذه الحقيقة وقل: الحمد لله على نعمة الايمان.
(لقد سببت الضغوط والمضايقات تأجيل القسم الباقي من هذه المرتبة العظيمة الى وقت آخر بمشيئة الله).

المرتبة السابعة: وهي: [وبسّر ان الذرة والجزء والجزئي والنواة والانسان ليست بأقل صنعة وجزالة من النجم والكل والكلي والشجر والعالم]

تنبيه
ان اسس حقائق هذه المراتب التسع وكنزها وشمسها هي آيتي سورة الاخلاص: (قل هو الله احد_ الله الصمد) فهي اشارات قصيرة الى لمعات من تجليات سر الاحدية والصمدية.
نلقي نظرة الى فحوى هذه المرتبة السابعة بنكتة او نكتتين محيلين تفاصيلها الى رسائل النور.
وهي تعني ان الذرة التي تؤدي وظائف عجيبة في العين والدماغ ليست بأقل صنعة وابداعاً من النجم، وليس الجزء بأقل جزالة من مجموعه الكل. فمثلاً: ليس الدماغ والعين بأقل اتقاناً وابداعاً، من الانسان. ولا الفرد الجزئي بأقل ابداعاً من النوع عامة، من حيث جمال الاتقان والغرابة في الخلق. ولا الانسان باقل صنعة من جنس
الشعاع الخامس عشر - ص: 702
الحيوان الكلي، من حيث اجهزته العجيبة. ولا البذرة التي هي بمثابة فهرس وبرنامج وقوة حافظة بأقل اتقاناً من شجرتها الباسقة، من حيث كمال الصنع والخزن. ولا الانسان الذي هو كون صغير بأقل ابداعاً من الكون العظيم، من حيث انه في احسن تقويم ويملك اجهزة خارقة جامعة مهيأة للقيام بالوف الوظائف العجيبة.
فالذي يخلق الذرة اذاً لايعجز عن خلق النجم، والذي يخلق اللسان - وهو عضو في الانسان - يخلق الانسان بسهولة ويسر بلاشك. والذي يخلق الانسان في احسن تقويم لاشك انه قادر على خلق الحيوانات كلها بسهولة كاملة، مثلما يخلقها امام أنظارنا. والذي يخلق النواة بماهية فهرس وقائمة مفردات، ودفتر قوانين أمرية، وعقدة حياتية، لاشك هو الذي يكون خالق جميع الاشجار. والذي جعل الانسان اشبه ببذرة معنوية للعالم وثمرة جامعة له ومظهراً لجميع اسمائه الالهية ومرآة لها ومرتبطاً بالكائنات كلها وخليفة للارض، لاشك انه يملك قدرة قادرة على خلق الكون كله وتنسيقه بسهولة خلق الانسان. ولهذا فمن كان خالقاً وصانعاً ورباً للذرة والجزء والجزئي والنواة والانسان فبالبداهة ولاشك انه هوخالق النجوم والانواع والكل والكليات والاشجار وجميع الكائنات وصانعها وربها بالذات، فمحال ان يكون غيره وممتنع قطعاً.

المرتبة الثامنة: [وبسرّ ان المحاط والجزئيات كالامثلة المكتوبة المصغرة او كالنقط المحلوبة المعصرة فلابد ان يكون المحيط والكليات في قبضة خالق المحاط والجزئيات ليدرج مثالها فيها بموازين علمه اويعصرها منها بدساتير حكمته].
اي ان نسبة الجزئيات المحاطة والافراد والنوى والبذور التي تتضمنها الكل والكليات الى الكليّات الكبيرة المحيطة، شبيهة بنماذج مصغرة وامثلة مكتوب فيها ما كتب تماماً في الكل والكليات كتابةً دقيقة تناسب تلك القطع الصغيرة.ولهذا فالكليات المحيطة هي في قبضة خالق تلك الجزئيات وتحت تصرفه بلاشك وذلك ليدرج كتاب ذلك المحيط الكبير بموازين علمه وباقلامه الدقيقة في مئات من القطع والدفاتر الصغيرة.
الشعاع الخامس عشر - ص: 703
ثم ان نسبة الاجزاء والجزئيات المحاطة الى الكليات المحيطة، ومثالهما شبيه بالقطرات المحلوبة او القطرات المعصرة من الكليات المحيطة. فمثلاً نواة البطيخ كأنها قطرة محلوبة من جميع انحاء البطيخ او هي نقطة كتب فيها كتاب البطيخ كاملاً حتى انها تحمل فهرسه وقائمة محتوياته وبرنامجه.
فما دام الامر هكذا، يلزم ان تكون تلك الجزئيات والقطرات والنقاط والافراد بيد صانع ذلك الكل المحيط وتلك الكليات المحيطة، ليعصر تلك الافراد والقطرات والنقط منها بدساتير حكمته الحساسة.
بمعنى ان خالق نواة واحدة وفرد واحد هو خالق ذلك الكل الكبير والكليات وخالق الكليات والاجناس التي تكبرها وتحيط بها ايضاً وليس غيره. ولهذا فخالق نفس واحدة يخلق جميع الناس، والذي يبعث انساناً ميتاً واحداً يبعث الجن والانس والاموات جميعاً في الحشر، وسيبعثهم.
وهكذا شاهد مدى أحقية دعوى (ما خلقكم ولابعثكم الاّ كنفس واحدة) (لقمان: 28) ومدى ثبوتها وقطعيتها، شاهدها باسطع واجلى صورتها.

المرتبة التاسعة:
[وبسرّ كما ان قرآن العزّة المكتوب على الذرة المسماة بالجوهر الفرد بذرات الاثير ليس باقل جزالة وخارقية صنعة من قرآن العظمة المكتوب على صحيفة السماء بمداد النجوم والشموس كذلك ان ورد الزهرة ليست بأقل جزالة وصنعة من درّىّ نجم الزُهرة ولا النملة من الفيلة ولا المكروب من الكركدن ولا النحلة من النخلة بالنسبة الى قدرة خالق الكائنات فكما ان غاية كمال السرعة والسهولة في ايجاد الاشياء اوقعت اهل الضلالة في التباس التشكيل بالتشكل المستلزم لمحالات غير محدودة تمجها الاوهام كذلك اثبتت لأهل الهداية تساوي النجوم مع الذرات بالنسبة الى قدرة خالق الكائنات جلّ جلاله ولا إله إلاّ هو الله اكبر].
الشعاع الخامس عشر - ص: 704
كنت اود ان ابين مضمون هذه المرتبة الاخيرة باسهاب ولكن مع الاسف حال دون ذلك العنت والضيق الناجم من التحكم الاعتباطي، والضعف الذي اعترى جسمي من التسمم فضلاً عن الامراض المؤلمة. لذا اضطررت الى الاكتفاء باشارات قصيرة جداً الى مضمونها.
وهي تعني: كما لو كتب قرآن عظيم في الذرة - التي تطلق عليها في علم الكلام والفلسفة الجوهر الفرد غير القابل للانقسام - بذرات الاثير التي هي اصغر منها، وكتب ايضاً قرآن عظيم آخر في صحائف السموات بالنجوم والشموس، ثم قورن بينهما، فلاشك ان القرآن المكتوب بالجوهر الفرد ليس بأقل جزالة واعجازاً وابداعاً من القرآن العظيم والكبير الذي جمّل وجه السموات، وربما هو اكثر منه جزالة من جهة. كذلك ان ورد الزهرة ليست بأقل جزالة وصنعة من درّيّ نجم الزُهرَة ولا النملة ادنى من الفيل بل المكروب اكثر ابداعاً من الكركدن خلقة والنحلة بفطرتها العجيبة اعجب من النخلة بالنسبة الى قدرة خالق الكائنات. بمعنى ان خالق النحلة يخلق جميع الحيوانات، والذي يبعث نفساً واحدة يجمع الناس على صعيد الحشر ويبعثهم جميعاً، وسيحشرهم حتماً. فلا يصعب على تلك القدرة شئ ، كما تشاهد مئات الوف النماذج من الحشر في كل ربيع امام اعيننا.
ومضمون الجملة العربية الاخيرة وفحواها المختصر هو:
ان اهل الضلالة لجهلهم بالحقائق الثابتة الراسخة للمراتب المذكورة، ولظهور الموجودات الى الوجود في منتهى السرعة والسهولة، فقد التبس عليهم تشكيلها وايجادها بقدرة صانع قدير مطلق القدرة، مع تشكّلها ووجودها بنفسها، فاتحين لانفسهم ابواب خرافات ومحالات غير محدودة تمجّها الاوهام والاذهان.اذ في تلك الحالة - مثلاً - يلزم اعطاء كل ذرة من ذرات كائن حي قدرة قادرة على صنع كل شئ وعلماً وبصراً يبصر كل شئ. اى انهم بعدم قبولهم لإله واحد أحد اضطروا الى قبول آلهة بعدد الذرات حسب مذهبهم، مستحقين الدخول الى اسفل سافلي جهنم.
الشعاع الخامس عشر - ص: 705
اما اهل الهداية فقد منحت الحقائق القوية للمراتب السابقة والحجج الرصينة الى قلوبهم السليمة وعقولهم الصائبة قناعة تامة قاطعة وايماناً قوياً وتصديقاً بعين اليقين، حتى اعتقدوا بلاريب ولاشبهة وبكل اطمئنان قلب انه لا فرق بين النجوم والذرات، واصغر شئ واكبره ازاء القدرة الالهية، حيث نشاهد امامنا هذه المخلوقات العجيبة. فكل صنعة عجيبة منها تصدق دعوى الآية الكريمة (ما خلقكم ولابعثكم الاّ كنفسٍ واحدة) . وتشهد ان حكمها هو عين الحق ومحض الحقيقة. وتقول بلسان الحال: الله اكبر، ونحن بدورنا نقول: الله اكبر بعدد المخلوقات مصدقين حكم هذه الآية الكريمة بكل قوتنا وقناعتنا ونشهد ان حكمها هو عين الحق والحقيقة نفسها بحجج لامنتهى لها.
(سبحانك لاعلم لنا الاّ ما علمتنا انك انت العليم الحكيم)
اللهمّ صلّ وسلم على من ارسلته رحمةً للعالمين
والحمد لله ربّ العالمين
* * *
الشعاع الخامس عشر - ص: 706
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
يا الله، يا رحمن، يا رحيم،
يا فرد، يا حي، يا قيوم، يا حكم، يا عدل. يا قدوس
بحق الاسم الاعظم وبحرمة القرآن المعجز البيان وبكرامة الرسول الاعظمص، ادخل الذين قاموا بطبع هذه المجموعة ومعاونيهم الميامين جنة الفردوس والسعادة الابدية.. آمين.
ووفّقهم في خدمة الايمان والقرآن دوماً وابداً.. آمين .
واكتب في صحيفة حسناتهم ألف حسنة لكل حرف من حروف كتاب "المكتوبات".. آمين.
وأحســن الـيهـم الــثبات والـدوام والاخـلاص فـي نشر "رسائل النور.". آمين
يا ارحم الراحمين! آت جميع طلاب النور في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة.. آمين .
واحفظهم من شر شياطين الجن والانس.. آمين.
واعف عن ذنوب هذا العبد العاجز الـضعيف سعيد.. آمين
بإسم جميع طلاب النور
سعيد النورسي
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس