عرض مشاركة واحدة
قديم 03-20-2013
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي منهج العلماء الرّبّانيّين في مواجهة الأزمات (2)

منهج العلماء الرّبّانيّين في مواجهة الأزمات (2)
كيف تأخّر سقوط دولة الإسلام في الهند مائتي سنة؟
د. نصوح الشامي
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول علي الطنطاوي رحمه الله: "إنّ تاريخ المسلمين في الهند يشكّل ثلث التاريخ الإسلامي .. فقد فتح المسلمون بلاد الهند سنة 92هـ، واستمرت الهند إسلامية إلى سنة 1247هـ".
وهذا المقال يحكي قصّةَ فترة دقيقة وعصيبة جدّاً في تاريخ الإسلام والمسلمين في الهند؛ فقد أوشكت الهند أن تنسلخ من دينها، وكان سبب ذلك أن الملك المغولي جلال الدّين أكبر بن همايون بن بابر مؤسس الحكومة المغولية في الهند - و"أكبر" هذا هو أكبر ملك عرفه تاريخ الهند - كان مسلماً ثم ارتد وعادى الإسلام والمسلمين عداءً شديداً، حتى يُروى أنّه كان لا يطيق أن يسمع اسم "محمد"، وأنّه كانت تثور ثائرته إذا سمع هذا الاسم الكريم، وأباح الخنزير والخمر، كما أصدر أوامره الشديدة بأنّ كل من يذبح بقرةً فإنّه يُقتل، وحرّم على رجال بلاطه أن يسمّوا أولادهم محمداً وأحمد.
في هذه الفترة الدّقيقة قيَّض الله تعالى لمواجهة هذه الفتنة رجلاً ربّانيّاً عظيماً، يعدّ من أعظم رجال الإصلاح في تاريخ أمّتنا الإسلامية، ذلك الرّجل هو الإمام الجليل أحمد بن عبد الأحد الفاروقي السّرهندي (971 - 1034هـ)، المعروف بالإمام الربّاني، وهو مجّدد الألف الثاني، وهو من كبار أئمّة التصوّف، ومن سادات سلسلة الطريقة النقشبندية.
أجل لقد ارتّدّ الملك "أكبر" عن الإسلام وجاهر بردّته وبمعاداته للإسلام، وعظّم شعائر الكفر والشّرك .. يقول السيّد أبو الحسن الندوي رحمه الله: "أقول لكم - أيها الإخوان - عن تجربة واختبار: إنّ الذي يرتدّ عن الإسلام يكون أكثر عناداً للإسلام، وأكثر معارضة للإسلام والمسلمين من الذين ليس لهم عهد بالإسلام، ومن أتباع كل ديانة، مسيحيّين كانوا أو يهوداً، وهذا الذي تشهدونه اليوم في بعض البلاد العربية والإسلامية، التي يحكمها الذين وُلِدوا في الإسلام ونشؤوا في بيت مسلم وفي بيئة مسلمة، ثمّ كرهوا الإسلام وأبغضوه لتأثير أجنبي أو بفعل ثقافة أو فلسفة، فهم دائماً أشدّ عناداً للإسلام من الهنادك والمجوس والمسيحيّين"[1].
وهكذا أصبحت الهند الإسلامية، مهدّدة في وجودها الإسلامي، فكيف واجه الإمام السّرهندي رضي الله عنه هذه المحنة؟.
الإمام السرهندي في مواجهة الفتنة: كان الإمام السّرهندي يحظى بالقبول عند المسلمين عامّة في الهند، فقد كان الجميع يسلِّمون له برسوخ القدم في العلم، وكان مع علمه الغزير من أئمّة التقوى المشهود لهم بالاستقامة والزّهد في الدّنيا، والتّحرُّق على الإسلام والمسلمين .. لقد كانت كلمة واحدة منه كافية ليهبّ الملايين من المسلمين، لخوض الجهاد ضدّ هذا الملك الذي ارتدّ عن الإسلام وتلبّس بالكفر البواح، ولكن الإمام لم يشأ أن يزجّ المسلمين في هذه المعركة الخاسرة، لأنّ الإمام الربّاني - وهو ذو القدم الرّاسخة في العلم والولاية، والعارف بأسرار التشريع ودقائق الأحكام - كان يعلم أنّ الشرع يأمرنا أن نوازن بين المصالح والمفاسد التي قد تترتّب على هذا الخروج، فرأى أنّ المفسدة التي تنجم عن الخروج ستكون عظيمة جدّاً، وستكون كارثية، بل رأى أن الخروج يعني الانتحار، فلم يوافق على أن يعارض الملك والحكومة بالسيف؛ لأنّ هذه الحكومة إذا ضعفت؛ فمعنى ذلك أنّ الهنادك سيستولون عليها، وأنّهم سيخلفون المسلمين في حكم الهند، فكان من الاحتياط ومن الحكمة وكان من السياسة ألاّ تضعف شوكة المسلمين المادية والعسكرية، فاقتصر على الدّعوة، واقتصر على الرّفق والحكمة.
نعم. لقد نهى الإمام السرهندي الناس عن القيام في وجه الحاكم الكافر؛ فانقاد جميع المسلمين في الهند لرأيه حبّاً وكرامة وثقة، وما تردّدوا - ولو للحظة - في خضوعهم للرّأي الذي أشار به عليهم .. لقد كان المسلمون آنذاك يتلقّون تعاليمهم من الكتاب العزيز والسنة المطهّرة، إذ كانا هما الموجّهين لأفكارهم وتطلّعاتهم وآمالهم، ولم يكن الموجّه الفضائيات، ولا نشرات الأخبار وتحليلات السياسيّين، كما أنّ قادتهم كانوا علماءهم الربّانيّين، وليس الفيسبوك وشبابه المجهول، الذي لا تتبيّن الصالح الذي يكتب فيه من الطالح الذي يبغي الفساد، نعم لقد كان المسلمون يعلمون أن العالم الربّاني يحسن الفهم عن الله تعالى، ويتكشّف له من الحقائق ما لا يتكشّف لغيره، وكانوا يفهمون معنى قوله تعالى: (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ) وقوله تعالى: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً) من الذي يؤمن بهذا الكلام الرّبّاني ثم يزاحم الإمام السّرهندي في الرّأي؟!.. فما الذي صنعه الإمام؟.
كان الإمام منعزلاً عن مركز الحكم، ولكن كان له اتّصال برجال البلاط والأمراء، يكتب إليهم الرّسائل البليغة التي تسيل عذوبة، وتشتعل ناراً في وقت واحد، والتي تعتبر من أقوى الرسائل الدعوية والإصلاحية في المكتبة الإسلامية .. لقد كان يثير فيهم غيرتهم الإيمانية، ويلهب فيهم جمرة الإيمان التي كانت مدفونة تحت الرّماد، فيزيل عنها التّراب، فيقول للواحد منهم: "أنت مسلم، والحياة عارضة، والملك لا يعيش دائماً، وهذا الحكم لا يدوم، اتّق الله في نفسك، واتّق الله في أمّتك، واتّق الله في بلادك" هذا كان دأبه على مرّ الأيام، حتى استطاع أن يجرّ إليه عدداً كبيراً من الأمراء والوزراء.
مات "أكبر" وانتهت أيامه، فخلفه ابنه "جهانكير" وكان أحسن حالاً من أبيه .. طلب جهانكير الإمام السرهندي لزيارته فذهب إليه، ولمّا دخل عليه لم يأت بالآداب والتقاليد التي كان يلتزم بها الوافدون على السلطان، فلفت بعض أبناء الدنيا - ممّن لا يخافون الله - نظرَ السلطانِ إلى أنّ الإمام لم يراع أدب الدخول عليه، ولم يأت بالتحيّة المعتادة للملوك، فسأله السلطان عن السبب، فقال: "إنّني لم أزل متقيّداً بالآداب والأحكام التي دعا إليها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أعرف غير هذه الآداب"، فغضب السلطان وقال: "اسجُدْ لي"!! .. فقال الإمام: "ما سجدت لغير الله قطّ، ولن أسجد لغيره أبداً"، فتغيّظ السلطان وزاد غضبه فسجنه .. فما الذي كان؟ هل ثار الشيخ ودعا الناس إلى الثورة على هذا الحاكم؟. لا، ولكنّه صبر على هذا الابتلاء لغاية أكبر... بيد أنّه لم يستسلم ولم يسكت، بل اتّخذ من السّجن ساحة للدّعوة، ليس للقيام في وجه الحاكم، بل لم يكن يذكر الحاكم أصلاً، ولكن للدّعوة إلى الله تعالى، فكان سجنه له خلوةً زادته زكاءَ نفس وسموّ روح وإشراق باطن، فشمّر هذا السّجين كسجين مصر عن ساعد الجدّ والاجتهاد والدعوة والإرشاد في أولئك المسجونين، الذين كانوا معه، ونادى وراء جدران السجن بأعلى صوته: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) ممّا اهتزت له أركان السجن، وسُمع صداه في الخارج، فأسلم على يديه الآلاف من غير المسلمين، وصلح حال الآلاف من المسلمين، فترقّوا في درجات الولاية .. وكان من ثمرات دعوته هذه أن تأثّر بها الملك جهانكير نفسه؛ فأزال كثيراً من مفاسد أبيه، فحرّم الخنزير والخمر، وذبح البقر، وقرّب المسلمين وأقصى الهندوس، وأظهر شعائر الإسلام .. ثم مات الملك، فخلفه من بعده ابنه (شاه جهان) الرّجل الصالح العابد الخاشع، وتوفّي الإمام رضي الله عنه، فخلفه في الإرشاد والدّعوة ابنه النجيب، المتمّم لعمله والأمين على دعوته الشيخ محمد معصوم بن أحمد السرهندي (1007-1079هـ)، وله فضل كبير في تربية السلطان (عالمكير أورنك زيب) بن شاه جهان، الذي يُعَدّ من أكبر ملوك المسلمين، ليس في الهند فقط، بل في تاريخ الإسلام، وهو الذي دوّن "الفتاوى الهندية" وجعلها قانوناً للدولة، وهو الذي طبّق الأحكام الشرعية بدقّة وعناية، وحفظ القرآن الكريم، وجمع أربعين حديثاً وشرحها، وله عوائد والتزامات لا يقدر عليها كثير من العلماء والعُبّاد؛ فضلاً عن الملوك والسلاطين، هذا الرّجل قلب تيّار الحياة وأرسخ قواعد الإسلام في بلاد الهند وربط مصيرها بالمسلمين وبالعلم والدّين وأزال خطر زوال الإسلام وجلاء المسلمين، كما وقع في إسبانيا.
إنّ أول درس نقتنصه ممّا سبق وأعظم عبرة نأخذها هي، أنّ المسلمين ينبغي أن يرجعوا في الملمّات والدّواهي إلى علمائهم الرّبّانيّين .. ولعلّ قائلاً يقول إنّ العلماء كثيراً ما يختلفون، فكيف نعرف العالم الرّبّاني؟! .. ولا أظنّ أن الإنسان الذي يصدق مع نفسه يخطئ هذا العالم الرّبّاني، إنّ أول معيار - بعد العلم - هو الزّهد في الدّنيا، فإذا رأيت عالماً قادراً على أن يجمع المال ويسكن القصور ويمتلك المزارع ويركب السيارات الفارهة، ثم يعرض عن ذلك كلّه؛ فاعلم أنّه عالم ربّاني .. وإذا رأيت هذا العالم الزّاهد مخالطاً للسلطان ولا ينتفع منه بشيء فاعلم أنّه عالم ربّاني .. وإذا رأيته ينصح الحاكم برفق ولين، ولا يثور في وجهه؛ فلا تتّهمه بممالأة السلطان؛ لأنّ هذه هي طريقة الأنبياء مع الحكام الظلمة، ألم يقل الله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام حين وجّههما إلى فرعون (فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) وإنّك تعلم أن فرعون كان يذبّح أبناء بني إسرائيل ويستحيي نساءهم وأنّه كان يدّعي الرّبوبية .. وإذا رأيت العالم لا يلتفت إلى مديح الناس له و لا يكترث بشعبية؛ فاعلم أنّه عالم ربّاني .. ثمّ اعلم أنّ من حق المسلم على المسلم - أيّاً كان هذا المسلم، فضلاً عن يكون عالماً زاهداً - أن يحسّن الظنّ به .. فإذا رأيت من هذا العالم موقفاً يزجّ بك في الحيرة، فردّ موقفه الذي تراه من المتشابه إلى المُحْكَم من حاله وصفاته وتاريخه الطويل الناصع.
الدّرس الثاني: أنّه لا يكفي أن يكون العالم صالحاً حتى يُستفتى، بل لا بدّ أن يكون من أهل البلد الذي يستفتى بشأنه؛ لأنه أخبر به، فإذا رأيت الذي يتكلّم بشأن بلدٍ ما، ولا يبالي بمن فيها من العلماء؛ فاعلم أنّه ليس من هؤلاء الرّبّانيّين الذين يرجع إليهم، بل العالم الرّبّاني حقّاً هو الذي يوجّهك إلى علماء بلدك الصالحين .. قد سئل العالم الفقيه الأصولي عبد الله بن بيه حفظه الله عن الأوضاع في سورية مرّات؛ فكان جوابه أنّ علماء سورية هم الذين يتكلّمون في شأنها .. مع أنّك ترى أناساً متعالمين يتكلمون فيما يجري في سورية، وهم لا يبلغون كعب الشيخ ابن بيه لا علماً ولا حالاً.
الدّرس الثالث: أنّ الشأن العام يجب أن لا يتكلّم فيه غير العلماء الحكماء الرّبّانيّين، فما ينبغي أن نلتفت إلى الشباب ذوي العواطف الهائجة، ولا إلى علماء لا يحرصون على دماء الناس وأعراضهم، وليس لديهم من الحصافة والفطنة ما يصدّهم عن قول الكلمة التي تؤدّي إلى اشتعال البلد كلها ناراً على رؤوس الناس، كهؤلاء العلماء الذين يدندنون أحياناً حول كلمة الطائفية وأخواتها .. إنّهم لو تنبّهوا لعلموا أن التفوّه بهذه الكلمات في هذه الظروف يكاد يلحق بالكفر.
الدّرس الرابع: أنّه يجب على الناس أن يتحمّلوا المفسدة الأدنى لدرء المفسدة الأشد، فإّن الإمام السرهندي صبر على الكفر البواح، ودعا المسلمين في الهند إلى أن يصبروا عليه، لا رضاً به، ولكن من أجل ألاّ تذهب دولة الإسلام في الهند إلى الهندوس.. فكان ثمرة هذه الحكمة العالية أن امتدّ عمر دولة الإسلام في الهند مائتي سنة .. ليتنا نحن في سورية وغيرها اعتبرنا، أليست إسرائيل خنجراً مغروزاً في خاصرتنا، ألا نرى مسؤولي الأمن القومي والاستخبارات والسياسيّين الأمريكيّين والإسرائيليّين كيف ينشطون فيلتقون ويتباحثون بشأن سورية في هذه الأيام .. ونحن أنهكْنا جيشنا بل دمّرناه ودمّرنا أنفسنا وبلدنا بأيدينا .. إن الجيش كان جيش البلد، والحكام لا يدومون ولكن الجيش يبقى، نعم لقد كان جيشنا مع الأسف منحرفاً إلى حدّ كبير عن مهمّته، وشاعت فيه معاصٍ كثيرة، بل كان كثيرون من أفراد الجيش يمارسون الكبائر وأكثر منها، ولكن أحداً لا يرتاب في أنّ هذا الجيش ما كان ليتخلّف للحظة عن مواجهة إسرائيل، لو أنّها سوّلت لها نفسها أن تحاربنا.
الدرس الخامس: أنه ما ينبغي أن يكون تعويلنا كلّه أو جلّه على تغيير رأس الهرم السلطوي لجلب الصلاح، بل إن الذي يعوّل عليه أكثر هو صلاح حال الناس في المجتمع، من خلال التربية الإسلامية الصالحة، فقد لاحظنا أن الإمام السرهندي لم يتجه باهتمامه إلى الحاكم، بل توجّه إلى الناس ليهديهم إلى الله تعالى، لأنّه - رضي الله عنه - كان يعلم أنّ سنّة الله في المجتمعات الإنسانية تسير مع الأكثرية، فإذا صلحت الأكثرية صلح المجتمع بسائر مرافقه، بما فيه الحاكم، وإذا كانت الأكثرية فاسدة فهيهات هيهات أن يصلح الحال بتغيير الحاكم، ألم يقل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمّ سلمة رضي الله عنها حين سألته أنهلك وفينا الصالحون: (نعم إذا كثر الخبث).. لنكن صادقين مع أنفسنا .. كم كانت نسبة الباعة الأمناء في بلادنا، وكم كانت نسبة الموظّفين والمسؤولين الصالحين، وكم كانت نسبة الذين يؤدّون حقّ الله تعالى في أموالهم، وكيف كانت صلة الرّحم، وكم كان عدد المتخاصمين وكم عدد الدّعوات في محاكمنا؟ سيقول أناس كلُّ ذلك ذنب الحاكم، لأنه هو الفاسد وهو أفسدَ الناس؟ هب أن هذا الأمر فيه شيء من الصّحّة، ولكن أليس القسط الأكبر من الخطيئة على هذه الجماهير الغفيرة التي استجابت له، بل الحقّ أن الناس كان فيهم قابلية لا يستهان بها للفساد .. لقد قال عالم كبير من علماء الشام الصادقين يوماً: "إنّ العدو قد يتمكّن منك فيقتلك و يسلب مالك، ويجرّدك من ثيابك، ولكنه لن يستطيع بشكل من الأشكال أن يصل إلى قلبك فيفسد علاقة ما بينك وبين أخيك" .. وحقٌّ ما قال هذا العالم الجليل، فهل غشُّ بعضنا لبعض ووشاية بعضنا ببعض كان بسبب الحاكم، أم بسببنا نحن؟.
وبعد، فإذا علمنا أن سبب فساد حالنا هو فساد أنفسنا ورداءة تربيتنا وضعف علاقتنا مع ربّنا؛ فلنرجع إلى الأسباب الحقيقية للأدواء التي يعاني منها مجتمعنا، فلنعالجها، فإنّ الانشغال بها أولى من الانشغال بالعوارض الناجمة عنها.
حبذا لو أننا أخذنا من منهج الإمام السرهندي ما نستطيع به معالجة أزمتنا في بلادنا، بدلاً من سفك الدماء وإقامة جدار يحول دون هداية الآخرين بدافع العصبية وإثارة مشاعر الكراهية التي لم نجن منها سوى الخسائر والتراجع. (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً).

[1]من محاضرة للسيد أبو الحسن الندوي بعنوان" منهج أفضل في الإصلاح للدّعاة والعلماء".




__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس