عرض مشاركة واحدة
قديم 10-08-2008
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: جواهر من كلام الشيخ احمد جامي

يقول سيدي الشيخ أحمد حفظه الله تعالى:

3) الإيمان الجيّد العالي لا يوجد عند أكثر النّاس ؛ فالإيمان على مراتب: عِلْمُ اليقين وعَيْنُ القين وحَقُّ اليقين. الإيمان العالي هو ماكان مبنيّاً على عين اليقين وحقّ اليقين، فيعيش صاحبه تحت مراقبة الله تعالى أو يصل إلى مقام المشاهدة: ((أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك)). وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِقال الله تعالى: [ق / 16]، قال: نَعلَمُ؛ فهل هذه الكائنات بلا صاحب؟ هذا الإيمان نَفْسُهُ لا يوجد عند أكثر النّاس. هذه المفاهيم الإيمانيّة من القرآن الكريم.
يقولون: نحن أهل الطّريق. هل أهل الطّريق هكذا؟
عِلمُ اليقين يمكن أن يدخل فيه شكٌّ ؛ كما حصل لعبد الله بن أَبي سَرْحٍ الذي كان من كُتّاب الوحي ثمّ ارتدَّ، القصّة في تفسير القرطبي. عند قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} سورة المؤمنون، [المؤمنون / 14].
أمّا عَينُ اليقين فلا يدخل فيه شكّ ولا زندقة لأن صاحبه رأى.
أهل الطّريقة وليس المدّعون يَصِلون إلى الجزء الأوّل من الحديث، وهو: ((كأنّك تراه)).
أمّا حَقّ اليقين فهو مقام الصِّدّيقين. عينُ اليقين:كأنّه يرى، وحقّ اليقين: لباس.
ليس هناك أفضل من هذا الإيمان ولا أفضل من هذا الإسلام.
لا يمكن لأحد في هذه الدّار أن يرى الله تعالى ؛ ويكفي دليلاً على ذلك قصّةُ سيّدنا موسى عليه الصّلاة والسّلام. لكنْ تَحصل المشاهدة بعين اليقين وحقّ اليقين.
س: هل يمكن الوصول إلى هذا الإيمان العالي بدون واسطة؟
ج: قليل من وُرّاث رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذون مباشرة من أرواح الأولياء الكمّل كالشّيخ عبد القادر الجيلاني وأمثاله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا برزخ، وبدون هذا البرزخ (أي الواسطة) لا يمكن الوصول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم هو البرزخ إلى الله، فلا يمكن الوصول إلاّ به. فكلُّ مَن وصل إلى هذه المراتب إنّما وصل عن طريق هذا البرزخ في ظلِّ ؛ فبدون واسطة الرّسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وبدون آدابه لامعراج رسول الله يمكن الوصول، فهو الحجاب الأعظم. أمّا أمثالُنا من الضّعفاء فلا يمكن لهم الوصول إلاّ بالواسطة الظّاهرة (أي المرشد الحي) بحيث يأخذ واحد عن واحد، بشرط أن يكون لا يوجِّه الناس إلى نفسه ؛ فإذا وجّه إلى نفسه عطّل الكلّ، لأنّ توجيهه الناس إلى نفسه لا يرضي الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. لكنَّ العوامَّ بِحُسن نِيّاتِهم يستفيدون من الله ومن رسوله صلى الله عليه وسلم. عِلماً أن القسم الأول (أي الذين يجتمعون بأرواح الأولياء) كذلك أخذوا بالواسطة، وهؤلاء يقال لهم: أهل الدّيوان.
المبتدئ لا يمكنه أن يأخذ مباشرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل لا بدّ له من التّأدب بآداب رسول الله صلى الله عليه وسلم على يد شيخ، فهذا أسهل، ويساعده على إخراج نفسه من البَين، فيقول: هذا من شيخي، ولا يَنسب ما يأتيه من فضائل إلى نفسه، فيتخلّص من الأنانيّة التي إذا بقيت فيه يكون منقطعاً. هذه الواسطة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. الأنوارُ المحمّديّة لم تُطفأ، لكنْ لمن يعيش بالسنّة المحمّديّة. مَن حَماه الله عن البعد والغفلة يدخل في هذا ويكون عاليَ الإيمان، فيبني العبادة على الإيمان العالي، فيدخل في: ((أن تعبد الله كأنّك تراه)). علينا أن لا ننسب شيئاً لأنفسنا، فهذا كلُّه من الله جلَّ وعلا.

سئل حفظه الله تعالى:

س: ما هو دور الطّريق في هذه الأمور؟
ج: دور الطّريق في الخروجِ عن النّفس والتّمسُّكِ بالكتاب والسنّة أعني الشريعة، وذلك بموافقة أمر خادم الطّريق. هذا ليس من فضل خادم الطّريق، بل هو من أساس الطّريق ؛ فخادم الطّريق لا يعطي، لكن الله يعطي. هذه أوصاف الكُمَّل في الطّريق، وليست لخادم الطّريق فقط ؛ فآداب الطّريق موجودة، لكن الذين ينتسبون للطريق لا يعملون بها. وإذا كان خادم الطّريق مخالفاً لا نتَّبع مخالفته. ليس هناك نهاية للدّرجات والتّرقي والمقامات والإحسان الإلهي والفضل الإلهي. هذا كلُّه من الفضائل الإلهيّة ؛ فالله لا يعطي لأحد ثواباً باستحقاق عليه، لكنْ يعطي بوعده جلّ وعلا: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً}[النساء/122].

يقول سيدي احمد حفظه الله تعالى:

المعقول والموهوم والمكشوف والمشهود كلُّها داخلة في السِّوَى. يا لَها من نعمة عظيمة إذا كان الباطنُ مَعموراً بذكر الإله جلَّ شأنه والظاهرُ مُتَحَلِّياً بالأحكام الشرعية. علينا أن نَقلِبَ تلك الورقة، ونُبدِّلَ الكسل بالعمل، ونتوجَّه من الفراغ إلى المجاهدة، فإن الوقتَ وقتُ العمل والاشتغال لا موسم الأكل والمنام. وينبغي أن نختلط بالناس وننبسط إليهم بمقدار ما نؤدّي حقوقهم الضروريَّة، والضرورةُ تُقدَّر بقدَرِها. فالانبساط إلى الخلائق زيادةً عن قدر الحاجة من الفضول، وداخلٌ فيما لا يعني، وربما يتفرَّع عنه مَضرَّات كثيرة ويصير داخلاً في محظورات الشريعة والطريقة ؛ فالانزواء عن الخلائق ضروريٌّ، لأنّ الاختلاط والائتلاف معهم بلا داعٍ ولا حاجةٍ سُمٌّ قاتل.

يقول سيدي أحمد حفظه الله تعالى:

أكثر الناس لا يترقَّون لأنهم يطلبون من الله تعالى شيئاً ليس مَرْضيّاً عنده، وهو الأذواق والكشف والكرامات. المرضيَّ عند الله عزّ وجلّ هو العبوديّة، وهي الأصل. يتركون الأصل ويأخذون الفرع. فالذي يتأخّر عن التّرقّي مع صلاته وصومه وحجّه وزكاته وقيامه ببعض النوافل سببُهُ أنه يطلب من الله جلّ جلاله ما لم يرضَ الله به من الكشف والكرامات والأذواق، وهذا خلاف العبوديّة.


الخجل يكون مانعاً من الاستفادة ؛ لذا! على المؤمن أن يَسأل عن حاله وحال قلبه بينه وبين الله عزّ وجلّ، لأنّ القلب إذا كان مبتلىً بمرضٍ كما قال تعالى:{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [البقرة / 10] لا تنفعه عبادةٌ ولا طاعةٌ أصلاً. فلا بدّ من انتزاع هذا المرض القلبي من الحقد والحسد والكبر والعجب والرّياء وغير ذلك من الأخلاق الذّميمة، وإلاّ فالعبادة لا تنفعه.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 10-08-2008 الساعة 11:23 AM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس