عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #11
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

ومع هذا لقد ورد في الحديث: (الفتنة نائمة لعن الله مثيرها). ومن تعرض إلى إثارتها قاتلناه مما يخلصنا من الله تعالى، وما يعضده كتاب الله تعالى، وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) .»

وعندما فرغ الشيخ من قراءة الرسالة طواها وقال للرسول: «قد وصلت وقرأتها وفهمت ما فيها فاذهب بسلام». فرد الرسول: «لقد تقدمت الأوامر السلطانية بإحضار جوابها.»

والطلاب ومؤيدون الشيخ ما زالوا خارج الدار ينتظرون ما يكون، وقد استبد بهم التوتر والقلق منذ دخل رسول السلطان!

وفي داخل الدار يجلس مع الشيخ ابنه عبد اللطيف وبعض الأصدقاء، وأحد العلماء الفضلاء ممن يغشون مجالس السلطان، وقد أقبل يتوسط بين السلطان والشيخ.. ولكنه لم يكد يسمع الرسالة حتى تغير لونه وأيقن أنه لا جدوى من وساطته، ودخل في نفسه أن الشيخ يعجز عن الجواب، وأنه هالك لا محالة!

غير أن الشيخ كتب للسلطان مترسلا بلا توقف وهو يقرأ ما يكتبه: «بسم الله الرحمن الرحيم. (فوربك نسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون). أما بعد. حمدا لله الذي جلت قدرته وعلت كلمته. فإن الله تعالى قال لأحب خلقه إليه وأكرمهم عليه: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن، وإن هم إلا يخرصون). وقد أنزل الله كتبه ورسله لنصائح خلقه. فالسعيد من قبل نصائحه وحفظ وصياه. وأما طلب المجلس وجمع العلماء فما حملني إلا النصح للسلطان وعامة المسلمين، وقد أديت ما علي في ذلك. والفتيا التي وقعت في هذه القضية يوافق عليها علماء المسلمين من الشافعية والمالكية والحنفية والفضلاء من الحنابلة، وما يخالف في ذلك إلا رعاع لا يعبأ بهم! وأما ما ذكر من أمر الاجتهاد والمذهب الخامس فأصول الدين ليس فيها مذاهب، إن الأصل واحد، والخلاف في الفروع. والحمد لله وحده. وصلى الله على سيدنا محمد وآل وصحبه وسلم..»

وختم الرسالة بتوقيعه وطواها وسلمها رسول السلطان.

وقال له العالم الذي جاء للوساطة بينه وبين السلطان: لو أن هذه الرسالة التي وصلت إليك وصلت الى قس بن ساعدة لعجز عن الجواب، وعدم الصواب، ولكن هذا تأييد من الله.

وتليت الرسالة على السلطان، فألقوا في روعه أن الشيخ يتحداه محتميا بالعامة والطلاب وسائر العلماء! فلينزل بالشيخ عقاب الفجار والكفار!

ولكن السلطان لم يستطع فقد وجد كل العلماء حتى فضلاء الحنابلة يؤيدون الشيخ! فما يقف مع السلطان إلا بعض رجال الحاشية من فقهاء الحنابلة وهم الذين أسماهم الشيخ في رسالته: الرعاع، والجهال، واتهمهم بالبلادة والإساءة الى الإمام أحمد بن حنبل!

وفكر السلطان مليا، ثم استدعى وزيره واسمه خليل ليشاوره في الأمر، وكان الرجل من الذين يحبون الشيخ عز الدين ويحترمونه. وما زال الوزير يحاور السلطان ويوضح له سوء عاقبة البطش بالشيخ حتى هدأ السلطان.

وذهب خليل وزير السلطان الى الشيخ العز يبلغه أمر السلطان: «ألا يفتي وألا يجتمع بأحد، وأن يلزم بيته».

وحاول الوزير خليل أن يهون على الشيخ عز الدين. فهذا العقاب أخف مما كان معدا له.

غير أن عز الدين ابتدره باسما: «إن هذا العقاب من نعم الله الجزيلة علي، الموجبة للشكر على الدوام.

أما الفتيا فإني كنت والله متبرما منها، وأعتقد أن المفتي على شفير جهنم ومن سعادتي لزومي لبيتي وتفرغي لعبادة ربي، والسعيد من لزم بيته، وبكى على خطئه، واشتغل بطاعة الله.»

وأراد الشيخ أن يقدم هدية للرسول شكرا على هذه الرسالة السارة، فلم يجد سجادة صغيرة.

ولما عاد خليل يروي للسلطان ما قاله الشيخ عز الدين قال السلطان محنقا: «قولوا لي ما أفعل به؟!... هذا رجل يرى العقوبة نعمة. اتركوه. بينا وبينه الله.» .. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس