عرض مشاركة واحدة
قديم 05-14-2009
  #1
مروه
عضو شرف
 الصورة الرمزية مروه
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 364
معدل تقييم المستوى: 16
مروه is on a distinguished road
افتراضي اكل ادم عليه السلام للشجره ليس عنادا

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
أكل آدم عليه السلام لم يكن عنادا
فائدة جليلة: اعلم أن أكله عليه السلام للشجرة لم يكن عنادا ولا خلافا، فإما أن يكون نسي الأمر فتعاطى الأكل وهو له غير ذاكر، وهو قول بعضهم، ويحمل عليه قوله تعالى:

{ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما}. أو إن كان تناوله ذاكرا للأمر، فهو إنما تناوله لأنه قيل له: {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة، إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين}. فلحبه في الله، وشغفه به، أحب ما يؤديه إلى الخلود في جواره، والبقاء عنده، أو ما يؤديه إلى الملكية. لأن آدم صلى الله عليه وسلم عاين قرب الملكية من الله، فأحب أن يأكل من الشجرة لينال رتبة الملكية التي هي أفضل أو التي هي في ظنه كذلك على اختلاف أهل العلم وأهل المعرفة أيضا، أيهما أفضل؟ الملكية، أم النبوة لا سيما وقد قال سبحانه وتعالى: {وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين}. قال آدم عليه السلام: (ما ظننت أن أحدا يحلف بالله كاذبا). فكان كما قال تعالى: {فدلاهما بغرور}.


فائدة: اعلم أن آدم عليه السلام لم يكن لشيء مما كان يأكله أذى، بل كان رشحا كرشح المسك، كما يكون أهل الجنة في الجنة، إذا دخلوها، لكنه لما أكل من الشجرة المنهي عنها، أخذته بطنه، فقيل له: يا آدم أين؟ على الأسرة أم الحجال، أم على شاطىء الأنهار؟ انزل إلى الأرض التي يمكن ذلك فيها فإذا كان ما به المعصية، وصلت إليه آثارها، فكيف لا تؤثر المعصية في الفاعل بها فافهم.

تنبيــه واعتبار
اعلم أن كل شيء نهى عنه، فهو شجرة، والجنة هي حضرة الله، فيقال لآدم قلبك، ولحواء نفسك، ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. لكن آدم عليه السلام محفوف بالعناية لما أكل من الشجرة أنزل إلى الأرض للخلافة، وأنت إذا أكلت من شجرة النهي أنزلت إلى الأرض القطيعة فافهم. فان تناولت شجرة النهي، أخرجت من جنة الموافقة، إلى وجود أرض القطعية، فيشقى قلبك، وإنما يلاقي الشقاء وقت القطيعة القلب لا النفس، لأن وقت القطيعة يكون فيه ملائمات النفوس من ملذوذاتها وشهواتها، وانهماكها في غفلاتها.

ترتيب وبيان
اعلم أن الله تعالى تعرف لآدم عليه السلام، بالإيجاد فناداه يا قدير ثم تعرف له بتخصيص الإرادة فناداه يا مريد.

ثم تعرف له بحكمه في نهيه عن أكل الشجرة، فناداه يا حاكم ثم قضى بأكلها، فناداه يا قاهر.

ثم يعاجله بالعقوبة إذا أكلها، فناداه يا حليم.

ثم لم يفضحه في ذلك فناداه يا ستار.


ثم تاب عليه بعد ذلك فناداه يا تواب.


ثم أشهده أن أكله من الشجرة لم يقطع عنه وده فيه، فناداه يا ودود.

ثم أنزله إلى الأرض، ويسر له أسباب المعيشة، فناداه يا لطيف.


ثم قواه على ما اقتضاه منه، فناداه يا معين.


ثم أشهده سر الأكل والنهي والنزول فناداه يا حكيم.

ثم نصره على العدو، والمكائد لهو فناداه يا نصير.


ثم ساعده على أعباء تكاليف العبودية، فناداه يا ظهير.

فما أنزله إلى الأرض إلا ليكمل له وجود التصريف ويقيمه بوظائف التكليف، فتكلمت في آدم عليه السلام العبوديتان. عبودية التصريف، وعبودية التكليف، فعظمت منة الله عليه، وتوفر إحسانه إليه، فافهم.
من كتاب التنوير في اسقاط التدبير

التعديل الأخير تم بواسطة مروه ; 05-14-2009 الساعة 08:48 PM
مروه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس