روى أبو نعيم في الحلية عن يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: كنت في مجلس سفيان بن عيينة فاجتمع عليه ألف إنسان أو يزيدون أو ينقصون
فالتفت في آخر مجلسه إلى رجل كان عن يمينه فقال:قم فحدث القوم حديث الحية فقال الرجل :أسندوني فأسندوه وشال جفون عينيه ثم
قال :ألا فاسمعوا وعوا حدثني أبي عن جدي أن رجلا كان يعرف بابن حمير وكان له ورع يصوم النهار ويقوم الليل فخرج ذات يوم يتصيد إذ عرضت له حية
فقالت الحية : يا محمد بن حمير أجرني أجارك الله
قال لها : ممن
قالت الحية: من عدو وقد ظلمني
فقال لها :وأين عدوك ؟
قالت له :من ورائي
قال لها : من أي أمة أنت؟
قالت:من أمة محمد صلى الله عليه وسلم
قال :ففتحت ردائي وقلت ادخلي فيه
قالت: يراني عدوي,
فقال:فشلت طمري وقلت:ادخلي بين طمري وبطني
فقالت: يراني عدوي
قلت لها: فما الذي أصنع بك
قالت : إن اردت اصطناع المعروف فافتح لي فاك أنساب فيه
قلت: أخشى أن تقتليني
قالت: لا والله ما أقتلك الله شاهد بذلك علي وملائكته وأنبياؤه وحملة عرشه و سكان سمواته إن أنا أقتلك
قال محمد : ففتحت فمي فانسابت فيه ثم مضيت فعارضني رجل معه صمصامة,
فقال لي :يا محمد
قلت: وما تشاء,
قال :لقيتَ عدوي؟
قلت :ومن عدوك ؟ قال :حية
قلت :اللهم لا واستغفرت ربي من قولي لا مائة مرة ثمَّ مضيت قليلاً فأخرجت رأسها من فيّ
وقالت: انظر مضى هذا العدو فالتفت فلم أر أحدا
قلت: لم أر أحدا إن أردت أن تخرجي فاخرجي
فقالت :الآن يا محمد اختر واحدة من اثنتين إما أن أفتت كبدك وإما أن أثقب فؤادك فأدعُك بلا روح
فقلت: سبحان الله أين العهد الذي عهدتِ إليَّ واليمين الذي حلفتِ ما أسرع ما نسيتيه
قالت: يا محمد لم نسيت العداوة التي كانت بيني وبين أبيك آدم حيث أخرجته من الجنة على أي شيء أردت اصطناع المعروف مع غير أهله
قلت لها :ولا بد أن تقتليني
,قالت :ولا بد من ذلك
قلت لها : فامهليني حتى أسير تحت هذا الجبل فأمهد لنفسي موضعاَ
قالت:شأنك
قال محمد: فمضيت أريد الجبل وقد آيست من الحياة فرفعت طرفي إلى السماء
وقلت : يا لطيف يا لطيف يا لطيف الطف بس بلطفك الخفي يا لطيف بالقدرة التي استويت بها على العرش فلم يعلم العرش أين مستقرك منه ألَّا كفيتني هذه الحية
ثم مشيت فعارضني رجل طيب الرائحة نقي الدرن فقال لي :سلام عليك
فقلت: وعليك السلام يا أخي
قال :ما لي أراك قد تغير لونك
قلت :من عدو قد ظلمني
قال: وأين عدوك؟
قلت: في جوفي
قال لي:افتح فاك ففتحت فمي فوضع فيه مثل ورقة زيتونة خضراء
ثم قال : ابلع ثم امضغ فمضغت وبلعت فلم ألبث إلا يسيرا حتى مغصني بطني فرميت بها من أسفل قطعة قطعة فتعلقت بالرجل
فقلت :يا أخي من أنت الذي من الله علي بك فضحك
ثم قال :ألا تعرفني؟
قلت : اللهم لا
قال: يا محمد بن حميرانه لما كان بينك وبين الحية ما كان ودعوت الله بذلك الدعاء ضجت ملائكة سبع سموات إلى الله عز وجل
فقال :وعزتي وجلالي بعيني كل ما فعلت الحية بعبدي وأمرني الله سبحانه وتعالى وأنا يقال لي المعروف مستقري في السماء الرابعة ,انطلق إلى الجنة وخذ ورقة خضراء والحق بها عبدي محمد بن حميرانه

يا محمد عليك اصطناع المعروف فإنه يقي مصارع السُّوء والله والٍ ضيعه المصطنع إليه لم يضع عند الله عز وجل

من كتاب تفريج المهج بتلويح الفرج