عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2009
  #103
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

اللَّطِيفُ جَلَّ جَلالُهُ



" هو الذي يلطف بعباده في المقدور، وهو يعلم خفايا الأمور.

له ألطاف خفية، وإغاثات رحمانية.

له حيطة العلم بالحقائق والدقائق.

وله القدرة النافذة التي بها يدفع عن عباده، ويلطف بخلقه، وهو اللطيف الخبير، سبحانه وتعالى.
وما من حقيقة في الوجود إلا وقد أحاط بها سر هذا الاسم الشريف، ونالها قسطٌ وافر من "اللطيف" بسرِّ هذا الاسم تلطَّفت الأرواح؛ فشاهدت الفتَّاح.

وبسرِّ هذا الاسم لطف الكواكب والأفلاك، فنفذت أشعتها إلى العباد.

وبسرِّ هذا الاسم تلطَّفت الأرواح السماوية فنالت الرتبة العلية.

وبسرِّه يلطِّف الله كثائف المادة فتتلطَّف وتجانس اللطيف من الأرواح (1) .

ولو نظرت إلى لطف الله بالعبد وهو في بطن أمه، وإلى لطفه به عند خروجه إلى الدنيا، وإلى لطفه به في الشدائد، لرأيت العجب العجاب.


فما من نَفَسٍ إلا ولله فيه ألطاف خفيةٌ بالعبد، ويكفينا أن العبد إذا نام يلطف به اللطيف، ويدفع عنه شر حشرات المنـزل، وغوائل الحياة... .


وقد روي أن رجلاً من الصالحين رأى رجلاً نائماً وعلى رأسه ثعبان عظيم، يريد أن يلدغه، فما يشعر إلا وعقربة جاءت بسرعة وضربت الثعبان، فسرى سمها فيه؛ فمات !.

قال: فأيقظت النائم، وإذا هو سكران!، فقلت له: أيها المخالف لربِّك، العاصي لأمره، أنت في نومك، وقد أحاطت بك ألطافه، ودفع عنك شر البلاء.

فقال الرجل: نعم الرب الكريم!، حتى في المعصية يلطف بي؟!.

فتاب وحسنت توبته.


وإن اللطافة التي وهبها الله للروح فنفذت من الكثائف هي من سرِّ تجلي اسمه "اللطيف".

وإذا شاهدت عيونك لطافة أي مخلوق فشاهد "اللطيف" الذي منحه اللطف، وإن لطافة المعاملة، ولطافة الكلام، وكل لطيف في الوجود فما هو إلا من تجلي "اللطيف" (2) .


وقد أشار بعض العارفين إلى أن الاسم الأعظم هو "اللطيف"، لكثرة توالي لطفه على كل كائن.

والذي يولِّد المحبة في القلوب كثرة معاينة اللطف، وذكر هذا الاسم مع معاينة استحضار الألطاف التي نشرها في الوجود على العالمين.


وإذا رأيت كثافة في طبعك، أو غلظاً في قلبك، أو شدة في حياتك، وذلك بسبب الغفلة، فإذا تنبَّهت ورجعت تائباً نادماً بقلب حاضر، ولسان ذاكر، ترى اللطف قد أحاط بك في الحال، وتنجو من الأهوال.


ولكنِّي أوصيك أن لا تأخذ الأذكار من الكتب، ولا الأوراد من الدفاتر، ولكن خذها بالتلقي عن الرجال، فإن السرَّ كله في الإذن منهم، وهم أطباء، والأذكار أدوية... فربَّما اتخذت الأوراد وسيلة للأغراض النفسية أو الحيوانية، فكأنك جعلت الأسماء وسيلة، والشهوات مقصداً؛ فكانت الشهوات أعزَّ عليك من المذكور جلَّ جلالُه، وهذا هو السبب في أن بعض الناس يحصل عنده انزعاج أو خلل في العقل أو مرض في الجسم، وهذه من غيرة الحكم العدل جلَّ جلاله.


وقد بلغنا أن رجلاً من العارفين وهو في خلوته قال: يا لطيف!. فسمع من يقول له: لبيك!.
فقال له: من أنت؟.
فقال: أنا خادم اللطيف، أنا ملك روحاني خلقني الله من نور اللطف، وأنا مسخَّرٌ لقضاء حوائج من ينادي "اللطيف".
فقال له: أنا لم أقل يا خادم اللطيف، أنا قلت: يا لطيف!، ولم تتوجَّه همتي إلى غيره.
فقال له: أنا أجبتك باعتباري خليفة عن "اللطيف" في قضاء حوائج الذاكرين بهذا الاسم.
فقال له: لا حاجة لي عندك، ولكني أريد أن أتنعم بتجلي لطفه، فيكون أنسي بشهوده فوق الجنة قدرا، وفوق الأرواح عزاً وفخراً.


وإذا أردت أن تنال حظاً من اسمه "اللطيف"؛ فكن لطيفاً بين العباد، تبذل لهم لطيف الألفاظ، وتتلطف في دعوة العصاة إلى الحق، وتجذبهم بلطيف أخلاقك، وتهتم بأهل الفقر فتلطف لهم حالهم، وتدعو لهم، وتسأل الله اللطف في كل حال (3) ." اهـ




الدُّعـــــاءُ


" إلهي ... إن ألطافك أحاطت بالموجودات، وعمت الكائنات، وإن لك نفحات إذا سرت في قلب غافل أيقظته، أو إلى عبد مذنب قربته، وإن لك لحظات جعلت أولياءك عندك في أعلى الدرجات، ولك ألطاف صيرت الواصلين لا يلتفتون إلى الجنات.


إلهي.... لطفت بنا في كل مرحلة في هذه الحياة، فالطف بنا حتى نخرج من هذه الدار، والطف بنا عند سؤال الملائكة الأطهار، وأشهدنا تجلي اللطف في النفس والآفاق، فأنت الواحد الأحد الخلاق، وأنت على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".".



اقتباس:============================================

(1) : ولطفه تعالى بخلقه من وجوه كثيرة، أعظمها تسهيل الطاعات وتيسير الموافقات، وحفظ التوحيد في القلوب والتثبيت على الإيمان، وإبقاء المعرفة مع وجود الزلات - وهو أعجب من إخراج اللبن من بين فرث ودم - ولكن سنة الله سبحانه حفظ كل لطيفة في طي كل كثيفة، وصيانة الودائع في المواضع المجهولة، ألا ترى أنه جعل التراب الكثيف معدن الذهب والفضة وغيرها من الجواهر، والصدف معدن الدر، والذباب معدن الشهد، والدود معدن الحرير؟ وكذلك جعل قلب العبد محلاً ومعدناً لمعرفته ومحبته، وهو مضغة لحم .


ومن ذلك إطلاع القلوب على المكاشفة بعلم الغيوب، وصيانة العقائد من الارتياب، وسلامة القلوب من الاضطراب، قال تعالى: { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} .


(2) : ولا يستحق اسم "اللطيف" عند حجة الإسلام الغزالي إلا من يعلم دقائق المصالح وغوامضها، ومادقَّ منها وما لطف، ثم يسلك في إيصالها إلى المستحق سبيل الرفق، فإذا اجتمع الرفق في الفعل، واللطف في العلم فقد تم معنى اللطف، ولا يتصور كمال ذلك في العلم والفعل إلا لله تعالى. وإحاطته سبحانه بالدقائق والخفايا لا يمكن تفصيله، بل الخفي مكشوف في علمه كالجلي من غير فرق.


(3) : والتعلق بهذا الاسم: طلبك منه، وابتهالك إليه أن يكشف لك عن أسرار ذاته، وأنوار صفاته، وذلك بتلطيف عوالم بشريتك، واستيلاء نور روحانيتك. وعلى الثاني: أن يطلعك على كمائن النفوس ودقائقها. وعلى الثالث: أن يجري منافع عباده على يديك . وفي الحديث: (طوبى لمن خلقته للخير، وأجريته على يديه) الحديث والتخلق به: بالاعتناء بتلطيف بشريته، وتقوية روحانيته، حتى تتلطف في حقه جميع الأواني لغلبة شهود المعاني . وفي ذلك يقول ابن الفارض رضي الله عنه :-




ولطف الأواني في الحقيقة تابع=للطف المعاني والمعاني بها تسمو



وبتحصيل العلم بأسرار الذات، وأنوار الصفات، وبإغاثة الملهوف، وإرشاد المتلوف، وجبر المكسور، وإعطاء الميسور. والتحقق به: بالرسوخ والتمكين في المعاني الثلاثة. فالتعلق:طلب ومحاولة. والتخلق: مجاهدة ومكابدة. والتحقق: وصول ومشاهدة، وهكذا في جميع الأسماء، والله تعالى أعلم."اهـ




(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: الخَبِيرُ جَلَّ جَلالُهُ ....... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس