عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #32
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

"مرض وغلبه الوهن، فأدرك كل من عرفوه أنه مفارقهم، وحدثهم أنه سيفارقهم الى جوار الله عندما يبلغ الثالثة والثمانين، كما تنبأ لنفسه من قبل.


وعاده السلطان الظاهر بيبرس في مرضه، ورآه يشرف على التلف، فاستأذنه في أن يعين أبناءه مكانه في مناصبه، فقال له الشيخ: «ما فيهم من يصلح، والمدرسة الصالحية للقاضي تاج الدين.»


وكانت أخبار كراماته قد ذاعت، وكان هو يكذب أن له كرامات.


فحين أشرف الشيخ على الموت أذاعوا عنه أنه عندما قدم الصليبيون دمياط بقيادة الملك لويس التاسع، وهبت الريح لصالح سفائن الفرنج، دعا الشيخ ربه أن يغير اتجاه الريح، فتغيرت لصالح المسلمين وكان هذا هو سبب الانصار..!!


وحكوا أن صديقا من ريف مصر اسمه البلتاجي تعود أن يهديه هدايا من خيرات الفلاحين، فأهداه حمل جمل من الهدايا وكان فيها إناء جبن، فسقط في الطريق فانكسر وفسد الجبن، وأخذ حامل الهدية يصرخ، فجاءه رجل رومي فسأله، فحكى له أن الجبن قد فسد، فقال له الرومي: أنا أعطيك خيرا منه، وأعطاه إناء جبن. وعندما وصلت الهدايا الى الشيخ تقبلها ورد إناء الجبن قائلا أنه عرف فيه ريح الخنزير فقد صنعته امرأة رومية متنجسة.


وكان الشيخ وهو على فراشه يسمع حكايات أخرى عن كرامته، فيغضب وينكر ما يسمع، ويستغفر الله لنفسه وللرواة، ويطالب الناس ألا يبالغوا فيما يحكون عنه فما هو إلا عبد فقير لله عمل جهده ليفيد الناس ويقيم الشريعة ويدافع عن السنة ويميت البدعة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر..


وبلغ الثالثة والثمانين، فطلب الى أبنائه أن يسندوه الى المدرسة الصالحية التي تعود أن يدرس فيها.. وكان شديد الضعف من المرض، فحاولوا أن يثنوه ولكنه صمم.!!


وساندوه الى المدرسة، فألقى الدرس..


كان درسه الأخير، فقد مات في المدرسة وهو يفسر الآية الكريمة: (الله نور السموات والأرض).


فاضت روحه.. لتعود الى نور السموات والأرض، التي نعمت من فيضه طوال الحياة.


وشيعته مصر كلها برجالها وأطفالها ونسائها.. وأمر السلطان الأمراء أن يحملوا نعش الشيخ، واشترك معهم السلطان نفسه في حمل النعش.


وأقيمت له في دمشق جنازة ضخمة وصلوا عليه صلاة الغائب.


وحين استقر جثمان الشيخ آخر الدهر تحت سفح المقطم، وعاد السلطان اظاهر بيبرس الى قصر ملكه تنفس الصعداء وقال: «الآن استقر أمري في الملك لأن هذا الشيخ لو كان يقول للناس: أخرجوا عليه، لانتزعوا الملك مني»


لقد صدق الظاهر بيبرس!


فقد كان الشيخ سلطانا فوق السلاطين!. كان سلطان العلماء! " اهـ










........


عبد الرحمن الشرقاوي ـ أئمة الفقه التسعة ـ العصر الحديث للنشر والتوزيع 1985

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس