الموضوع: اللمعات
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-01-2011
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: اللمعات

اللمعة الـخامسة

ستكون هذه اللمعة رسالة تبين حقيقة جليلة للآية الكريـمة: } حَسبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ{ (آل عمران:173) ضمن خـمسة عشرة مرتبة، الا ان تأليفها قد تأجل في الوقت الـحاضر لكونها ذات علاقة بالتفكر والذكر اكثر من علاقتها بالعلم والحقيقة، لذا جاءت باللغة العربية(1).

اللمعة السادسة

في بيان ((لاحول ولاقوة الاّ بالله العلي العظيم)) التي تعبّر عن حقيقة جليلة تنبع من كثير من الآيات الكريـمة. توضحها هذه اللمعة في مراتب فكرية تقرب من عشرين مرتبة والتي كنت استشعر بها في نفسي واشاهدها في سيري الروحي اثناء الذكر والتفكر كما في اللمعة الـخامسة ولكن لكونها ذات علاقة بالذوق الروحي والـحال القلبي اكثر من تعلقها بالعلم والحقيقة ارتؤي وضعها في ختام اللمعات وليس في بدايتها(2).

اللـمعة السابعة

(تـخص سبعة انواع من اخبار الآيات التي في ختام سورة الفتـح بالغيب)

بسم الله الرحـمن الرحيـم

} لَقدْ صَدَق الله رَسُولـه الرُؤيا بالـحق لَتَدْخُلُنّ الـمسْجدَ الـحرامَ إن شَاء الله آمنينَ مـحلـّقين رؤسَكُم ومُقصّرين لاتـخافونَ فَعَلـم مَالـم تَعلـموا فَجَعلَ مِنْ دون ذلك فتـحاً قريباً ` هو الذي أرسلَ رسولـه بالـهدى ودين الـحق ليُظهره على الدين كلـه وكفى بالله شَهيداً ` مـحـمدٌ رَسولُ الله والذينَ مَعَه اشداءُ على الكُفّار رُحـماءُ بينَهم تَريهم رُكّعاً سُجّداً يَبتَغُونَ فَضْلاً منَ الله ورِضواناً سيـماهُم في وجُوهِهِم مِن أثَرِ السُّجُودِ ذلك مَثَلـهم في التَورية وَمَثلـهم في الانـجيلِ كزَرعٍ أخرَجَ شَطْئَهُ فآزَرَهُ فاستَغلَظَ فاستَوى عَلى سُوقِهِ يُعجبُ الزرّاعَ ليَغيظَ بهمُ الكُفّارَ وَعَدَ الله الذينَ آمنوا وَعملوا الصالـحات منهُم مَغفرةً وأجراً عظيـماً{ (الفتـح:27-29)

هذه الآيات الثلاث في سورة الفتـح لـها وجوه اعجازية كثيرة جداً.

فوجه من الوجوه الكلية العشرة لاعجاز القرآن هو الاخبار عن الغيب الذي يظهر في هذه الآيات الكريـمة بسبعة أو ثمانية وجوه:

u الوجه الاول:

قولـه تعالى: } لَقدْ صَدَق الله رَسُولـه الرُؤيا بالـحق لَتَدْخُلُنّ الـمسْجدَ الـحرامَ إن شَاء الله آمنينَ ...{ الـخ الآية، تـخبر اخباراً قاطعاً عن فتـح مكة قبل وقوعه. وقد فتـحت فعلاً بعد سنتين كما اخبرت هذه الآية.

u الوجه الثاني:

قولـه تعالى: } فَجَعلَ مِنْ دون ذلك فتـحاً قريباً{

تنبىء هذه الآية: ان صلـح الـحديبية وإن بدا ظاهراً انه ليس في صالـح الـمسلـمين وان لقريش ظهوراً على الـمسلـمين الى حدٍ ما، الاّ أنه سيكون بـمثابة فتـح معنوي مبين، ومفتاحاً لبقية الفتوحات. وان السيوف الـمادية وان دخلت أغمادها في الواقع الاّ أن القرآن الكريـم قد سلّ سيفه الالـماسي البارق وفتـح القلوب والعقول، اذ بسبب الصلـح اندمـجت القبائل فيـما بينها واختلطت فاستولت فضائل الإسلام على العناد فمزّقت انوارُ القرآن حـجبَ التعصب القومي الذميـم.

فمثلاً: ان داهية الـحرب خالد بن الوليد وداهية السياسة عمرو بن العاص اللذين يأبيان أن يُغلبا، غلبهما سيف القرآن الذي سطع في صلـح الـحديبية، حتى سارا معاً الى الـمدينة الـمنورة وسلـما الإسلام رقابهما، وانقادا اليه انقياد خضوع وطاعة حتى اصبـح خالد بن الوليد سيف الله الـمسلول تفتـح به الفتوحات الإسلامية.

سؤال مهم:

ان صحابة الرسول الكريـم e ، وهو حبيب رب العالـمين وسيد الكونين e ، قد غُلبوا امام الـمشركين في نهاية معركة اُحد وبداية معركة حنين. فما الـحكمة في هذا؟

الـجواب: لأنه حينذاك كان بين الـمشركين كثيرون من امثال خالد بن الوليد، مـمن سيكونون في الـمستقبل مثل كبار الصحابة في ذلك الزمان، فلأجل الاّ تُكسر عزّتُهم كلياً اقتضت حكمة الله ان تكافأهم مكافأة عاجلة لـحسناتهم الـمستقبلية، بـمعنى ان صحابةً في الـماضي غُلبوا امام صحابة في الـمستقبل، لئلا يدخل هؤلاء – أي صحابة الـمستقبل – في الإسلام خوفاً من بريق السيوف، بل شوقاً الى بارقة الـحقيقة، ولئلا تذوق شهامتهم الفطرية الـهوان كثيراً.

u الوجه الثالث:

ان الآية الكريـمة تـخبر بقيد } لاتـخافون{ بأنكم ستدخلون البيت الـحرام وتطوفون حول الكعبة بأمان تام، علـماً ان معظم قبائل الـجزيرة العربية ومن هم حوالي مكة الـمكرمة وغالبية قريش كلـهم اعداء للـمسلـمين، فهذا الإخبار يدل على انكم تدخلون في اقرب وقت الـمسجد وتطوفون دون أن يداخلكم الـخوف، وان الـجزيرة ستدين لكم بالطاعة، وقريش تكون في حظيرة الإسلام ويعم الامن والامان. فوقع كما اخبرت الآية.

u الوجه الرابع:

قولـه تعالى: } هو الذي أرسلَ رسولـه بالـهدى ودين الـحق ليُظهره على الدين كلـه{ .

هذه الآية تـخبر إخباراً قاطعاً: ان الدين الذي جاء به الرسول الكريـم e سيظهر على الاديان كلـها، علـماً ان النصرانية واليهودية والـمـجوسية التي يعتنقها مئات الـملايين من الناس كانت أدياناً رسمية لدول كبرى كالصين وايران وروما، والرسول الكريـم e لـم يظهر بعدُ ظهوراً تاماً على قبيلته نفسها، فالآية الكريـمة تـخبر عن ظهور دينه على الاديان كافة وعلى الدول كافة، بل تـخبر عن هذا الظهور بكل يقين وجزم اخباراً قاطعاً. ولقد صدّق الـمستقبل هذا الـخبر الغيبي بامتداد سيف الإسلام من بـحر الـمـحيط الشرقي الى بـحر الـمـحيط الغربي.



u الوجه الـخامس:

} مـحـمدٌ رَسولُ الله والذينَ مَعَه اشداءُ على الكُفّار رُحـماءُ بينَهم تَريهم رُكّعاً سُجّداً يَبتَغُونَ فَضْلاً منَ الله ورِضواناً سيـماهُم في وجُوهِهِم مِن أثَرِ السُّجُودِ { .

هذه الآية صريـحة في معناها من ان الصحابة الكرام هم افضل بني الانسان بعد الانبياء عليهم السلام لـما يتـحلون به من سجايا سامية ومزايا راقية، وفي الوقت نفسه تبين ما تتصف به طبقات الصحابة في الـمستقبل من صفات مـمتازة مـختلفة خاصة بهم، كما تبين بالـمعنى الاشارى – لدى اهل التـحقيق – الى ترتيب الـخلفاء الذين سيـخلفون مقام النبي e بعد وفاته، فضلاً عن اخبارها عن ابرز صفة خاصة بكل منهم مـما اشتهروا به.

وذلك: فان قولـه تعالى: } والذينَ مَعَه{ يدل على سيدنا الصديق رضي الله عنه الـمتصف بالـمعية الـمـخصوصة والصحبة الـخاصة، بل بوفاته اولاً دخل ضمن معيته ايضاً.

كما ان قولـه تعالى: } اشداءُ على الكُفّار{ يدل على سيدنا عمر رضي الله عنه الذي سيهز دول العالـم ويرعبهم بفتوحاته، وسيشتهر بعدالته على الظالـمين كالصاعقة.

وتـخبر الآية بلفظ } رحـماء بينهم{ عن سيدنا عثمان رضي الله عنه الذي لـم يرض باراقة الدماء بين الـمسلـمين حينـما كانت تتهيأ اعظم فتنة في التأريـخ، ففضّل بكمال رحـمته ورأفته ان يضحي بروحه ويسلـم نفسه للـموت، واستشهد مظلوماً وهو يتلو القرآن الكريـم.

كما ان قولـه تعالى: } تَريهم رُكّعاً سُجّداً يَبتَغُونَ فَضْلاً منَ الله ورِضواناً{ يشير الى اوضاع سيدنا علي رضي الله عنه الذي باشر مهام الـخلافة بكمال الاستـحقاق والاهلية وهو في كمال الزهد والعبادة والفقر والاقتصاد واختار الدوام على السجود والركوع كما هو مصدّق عند الناس. فضلاً عن اخبارها أنه لا يكون مسؤولاً عن حروبه التي دخلـها في تلك الفترة وفي الـمستقبل، والذي كان يبتغي فيها فضلاً من الله ورضواناً.

u الوجه السادس:

} ذلك مَثَلـهم في التَورية{ هذه الـجهة فيها اخبار غيبي بـجهتين:

الـجهة الاولى:

انها تـخبر عن اوصاف الصحابة الواردة في التوراة، وهي في حكم الغيب بالنسبة لرسول أمي e . اذ قد وضح في الـمكتوب التاسع عشر ان في التوراة وصفاً لصحابة الرسول الذي سيأتي في آخر الزمان ((معه الوف الاطهار)) في يـمينه او ((معه رايات القديسين)) بـمعنى ان اصحابه مطيعون وعبّاد صالـحون واولياء لله حتى يوصفون بالقديسين الاطهار.

فعلى الرغم مـما طرأ من تـحريفات كثيرة على التوراة بسبب ترجـماتها العديدة لألسنة متنوعة، فانها مازالت تصدّق بآيات كثيرة منها هذه الآية الكريـمة في ختام سورة الفتـح } مَثَلـهم في التَورية{ .

الـجهة الثانية من الاخبار الغيبي هي:

ان } مَثَلـهم في التَورية…{ تـخبر عن ان الصحابة الكرام والتابعين سيبلغون مرتبة من العبادة بـحيث أن ما في ارواحهم من نور سيشع على وجوهم وستظهر على جباههم علامة ولايتهم وصلاحهم بكثرة السجود لله.

نعم، فلقد صدّق الـمستقبل هذا بكل يقين ووضوح وجلاء فان زين العابدين رضي الله عنه الذي كان يصلي الف ركعة ليلاً ونهاراً وطاووساً اليـماني رضي الله عنه الذي صلى الفجر بوضوء العشاء طوال اربعين سنة، رغم التقلبات السياسية والاوضاع الـمضطربة، وكثيرين كثيرين امثالـهما قد بينّوا سراً من اسرار هذه الآية الكريـمة: } مَثَلـهم في التَورية{ .





u الوجه السابع:

} وَمَثلـهم في الانـجيلِ كزَرعٍ أخرَجَ شَطْئَهُ فآزَرَهُ فاستَغلَظَ فاستَوى عَلى سُوقِهِ يُعجبُ الزرّاعَ ليَغيظَ بهمُ الكُفّارَ{ .

هذه الفقرة ايضاً فيها اخبار غيبي بـجهتين:

اولاها:

ان اخبار مافي الانـجيل من اوصاف الصحابة الكرام اخبار هي في حكم الغيب بالنسبة لرسول امي e .

نعم! لقد وردت آيات في الانـجيل تصف الرسول الذي سيأتي في آخر الزمان مثل: ((ومعه قضيب من حديد وامته كذلك)) بـمعنى انه صاحب سيف ويأمر بالـجهاد واصحابه كذلك اصحاب السيوف ومأمورون بالـجهاد وليس كسيدنا عيسى عليه السلام الذي لـم يك صاحب سيف. فضلاً عن أن ذلك الـموصوف معه قضيب من حديد سيصبـح سيد العالـم، لأن آية في الانـجيل تقول: ((سأذهب كي يـجىء سيد العالـم)).

فنفهم من هاتين الفقرتين من الانـجيل: ان الصحابة الكرام وإن بدا عليهم في بادىء الامر ضعف وقلة الاّ انهم سينـمون نـمو البذرة النابتة وسيعلون كالنبات النامي الناشىء ويقوون حتى يغتاظ منهم الكفار، بل يرُضخون العالـم بسيوفهم فيثبتون ان سيدهم الرسول الكريـم هو سيد العالـم. وهذا الـمعنى الذي تفيده آية الانـجيل هي معنى الآية في ختام سورة الفتـح.

الوجه الثاني:

تفيد هذه الفقرة: ان الصحابة الكرام وان كانوا قد قبلوا بصلـح الـحديبية، لقلتهم وضعفهم آنذاك فانهم بعد فترة وجيزة يكسبون بسرعة قوة وهيبة بـحيث ان البشرية التي انبتتها يد القدرة الإلـهية في مزرعة الارض تكون سنابلـها قصيرة وناقصة ومـمـحوقة بسبب غفلتهم ازاء سنابلـهم العالية الشامـخة القوية الـمثمرة الـمباركة، حتى انهم يكونون من القوة والكثرة بـحيث يتركون دولاً كبرى تتلظى بنار غيظها وحسدها.

نعم ان الـمستقبل قد بين هذا الاخبار الغيبي باسطع صورة. وفي هذا الاخبار الغيبي ايـماء خفي ايضاً وهو:

انه لـما اثنى على الصحابة الكرام لـما يتـحلون به من خصال فاضلة مهمة كان الـمقام يلزم وعد ثواب عظيـم ومكافأة جليلة لـهم، الاّ انه يشير بكلـمة ((مغفرة)) الى انه ستقع اخطاء وهفوات مهمة من جراء فتن تـحدث بين الصحابة، اذ الـمغفرة تدل على وجود تقصير في شيء وحينذاك سيكون اعظم مطلوب لـهم وافضل احسان عليهم هو الـمغفرة. لان اعظم إثابة هو: العفو، وعدم العقاب.

فكما أن كلـمة (مغفرة) تدل على هذا الايـماء اللطيف كذلك فهي ذات علاقة مع مافي بداية السورة: } ليغفرَ لكَ الله مَا تَقدّم مِن ذَنبكَ ومَا تأخّر{ (الفتـح:2) فالـمغفرة هنا ليست مغفرة ذنوب حقيقية لأن في النبوة العصمة، فلا ثمة ذنب. وانـما هي بشرى الـمغفرة بـما يناسب مقام النبوة. وما في ختام السورة من تبشير الصحابة الكرام بالـمغفرة يضم لطافة اخرى الى ذلك الايـماء.

وهكذا فوجوه الاعجاز العشرة للآيات الكريـمة الثلاث في ختام سورة الفتـح، لـم نبـحث فيها الاّ عن وجه الاعجاز في إخبارها الغيبي بل لـم نبـحث الا في سبع وجوه من الوجوه الكثيرة جداً عن هذا النوع من الإخبار.

وقد اشير الى لـمعة اعجاز مهمة في اوضاع حروف هذه الآية الاخيرة في ختام ((الكلـمة السادسة والعشرين)) الـخاصة بالقدر والـجزء الاختياري، فهذه الآية موجهة بـجـملـها الى الصحابة الكرام كما تشمل بقيودها احوالـهم ايضاً، ومثلـما تفيد بالفاظها اوصاف الصحابة فهي تشير بـحروفها وتكرار اعدادها الى اصحاب بدر وأحد وحنين واصحاب الصفة وبيعة الرضوان وامثالـهم من طبقات الصحابة الكرام. كما تفيد اسراراً كثيرة بـحساب الـحروف الابـجدية والتوافق الذي يـمثل نوعاً من علـم الـجفر ومفتاحه.

} سُبـحانَكَ لاعِلـم لنا إلاّ ما عَلـمتَنا إنك أنتَ العَليـم الـحكيـم{ (البقرة:32 )





ان الاخبار الغيبي الذي تـخبر به آيات ختام سورة الفتـح بالـمعنى الاشاري، تـخبر به كذلك هذه الآية الآتية وتشير الى الـمعنى نفسه، لذا نتطرق اليها هنا.

تتـمة

} ولـهديناهُم صراطاً مُستَقيـماً ` ومَن يُطع الله والرسولَ فأولئكَ مَع الذينَ أنعَم الله عليهم مِنَ النَبيينَ والصِدّيقينَ والشُهداء والصالـحين وحَسُنَ أولئكَ رَفيقاً{ (النساء:68-69)

نشير الى نكتتين فقط من بين الوف نكات هذه الآية الكريـمة:

النكتة الاولى:

ان القرآن الكريـم مثلـما يبين الـحقائق بـمفاهيـمه وبـمعناه الصريـح يفيد كذلك معاني اشارية كثيرة باساليبه وهيئاته. فلكل آية طبقات كثيرة من الـمعاني؛ ولان القرآن الكريـم قد نزل من العلـم الـمـحيط، فيـمكن ان تكون جـميع معانيه مرادة، اذ معاني القرآن لاتنـحصر في واحد او اثنين من الـمعاني كما ينـحصر كلام الانسان الـحاصل بإرادته الشخصية وبفكره الـجزئي الـمـحدود.

فبناءً على هذا السر فقد بيّن الـمفسرون مالا يـحد من الـحقائق لآيات القرآن.

وهناك حقائق كثيرة جداً لـم يبينها الـمفسرون بعدُ. ولاسيـما حروف القرآن واشاراته ففيها علومٌ مهمة سوى معانيه الصريـحة..

النكتة الثانية:

تبين هذه الآية الكريـمة:

} مِنَ النَبيينَ والصدّيقينَ والشُهَداءِ والصالـحين وحَسُنَ أولئكَ رَفيقاً{ (النساء:69)

ان اهل الصراط الـمستقيـم والـمنعم عليهم بالنعم الإلـهية حقاً هم طائفة الأنبياء وقافلة الصديقين وجـماعة الشهداء واصناف الصالـحين وانواع التابعين. فكما تبين الآية هذه الـحقيقة فهي تفيد صراحة اكملَ مَن في تلك الاقسام الـخـمسة في عالـم الإسلام وتدل على أئمة تلك الاقسام الـخـمسة وعلى رؤسائهم الـمتقدمين بذكر صفاتهم الـمشهورة. ثم تعّين بـجهة بلـمعة اعجاز أئمة تلك الاقسام في الـمستقبل واوضاعهم بنوع من إخبار غيبي.

نعم! كما أن لفظ } مِنَ النَبيينَ{ ينظر صراحة الى الرسول الكريـم e فان فقرة } والصدّيقينَ{ تنظر الى ابي بكر الصديق، مشيرة الى أنه الشخص الثاني بعد الرسول الكريـم e ، واول من يـخلفه. وان اسم الصدّيق عنوانه الـخاص الذي لقّب به وهو الـمعروف لدى الأمة جـميعاً. وانه سيكون على رأس الصديقين.

كما تشير بكلـمة } والشُهَداءِ{ الى عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم اجـمعين وتفيد افادة غيبية ان هؤلاء الثلاثة سينالون الـخلافة بعد الصديق رضي الله عنه، وانهم سيستشهدون. مـما يزيد فضيلة الى فضائلـهم.

وكما تشير بكلـمة } والصالـحين{ الى اصحاب الصفة وبدر، وبيعة الرضوان وتشوّق بـجـملة } وحَسُنَ أولئكَ رَفيقاً{ وبـمعناه الصريـح على اتباعهم وتبين جـمال اتباع التابعين لـهم وحُسنه مشيرةً بالـمعنى الإشاري الى الـحسن رضي الله عنه انه خامس الـخلفاء الأربعة، مصدقة حكم الـحديث الشريف: ((الـخلافة بعدي في امتي ثلاثون سنة))(1). فمع قصر مدة خلافته فهي عظيـمة الشأن.

الـحاصل:

ان الآية الأخيرة من سورة الفتـح تنظر الى الـخلفاء الأربعة كما تنظر هذه الآية وتشير الى مستقبل اوضاعهم وتؤيدها بنوع من الاخبار الغيبي.

فالإخبار الغيبي الذي هو احد انواع اعجاز القرآن لـه لـمعات اعجازية كثيرة وكثيرة لاتعد ولاتـحصى، لذا فان حصر اهل الظاهر تلك الإخبارات الغيبية في اربعين او خـمسين آية فقط انـما هو ناشىء من نظر ظاهري سطحي بينـما في الـحقيقة هناك ما يربو على الألف منها بل قد تكون في آية واحدة فقط اربعة او خـمسة إخبار غيبية.

} ربـَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسينَا أو أخطأنا{ (البقرة:286)

} سُبـحانَكَ لاعِلـم لنا إلاّ ما عَلـمتَنا إنك أنتَ العَليـم الـحكيـم{

(البقرة:32 )

اللـمعة الثامنة

ستنشر ضمن مـجـموعة اخرى باذن الله

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس