عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2021
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب حقائق عن التصوف

مقدمة الكتاب





نحمدك اللهم أن وفقتنا سواء السبيل، فأنت نعم المولى ونعم النصير، ونصلي ونسلم على حبيبك الأعظم المبعوث رحمة للعالمين، ومنقذاً للإنسانية، وهادياً للبشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القدوة المثلى والأسوة الحسنة، وعلى آله وأصحابه الذين زكوا أنفسهم فأفلحوا، ونصحوا إخوانهم فنفعوا ؛ اللهم أكرمنا بكرامتهم، ووفقنا لهديهم، وألحقنا بهم، واجمعنا معهم تحت لواء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنك أكرم مسؤول وخير مأمول.

وبعد: فلقد مُني الإسلام منذ انبثاق فجره بخصوم ألداء، حاولوا تهديم أركانه، وتقويض بنيانه، بشتى الأساليب ومختلف الوسائل. ونحن اليوم نعاني موجات إلحادية، وتيارات إباحية، ترد إلينا من الشرق والغرب، تضلل شبابنا، وتفسد أجيالنا، وتهدد مستقبلنا الفكري العقائدي بمصير أسود قاتم، وتنذر أمتنا بتدهور خطير، وشر مستطير، ولا يسعنا في هذا الجو المائج بالصراع الفكري، إلا أن نعتصم بحبل الله المتين، وننبذ الخلافات الفرعية الاجتهادية ونربط القلوب بالله تعالى، لنستمد منه القوة والطمأنينة والعزة والكرامة.

وإذا كانت مهمة دعاة الإسلام المخلصين أن يعيدوا لهذا الدين روحه، وأن يفتحوا له مغاليق القلوب، فما قصد الصوفية في كل عصر وزمان إلا العودة بالمسلمين إلى ظلال الأنس بالله تعالى، ونعيم مناجاته، وسعادة قربه، بإرجاع روحانية الإسلام إليه.

وإذا كان خصوم الإسلام قد عملوا على تشويه معالمه، فوصموه بالجمود والقصور، واتهموا أتباعه بالرجعية والتأخر، ومن ثَم صبوا عليه حملاتهم المغرضة بأساليبهم المدروسة المبتكرة ؛ فتارة يشككون الناس في المذاهب الفقهية المعتمدة، وتارة أُخرى يطعنون في بعض رواة الحديث من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُقوضوا دعائم الإسلام، وحيناً يثيرون الشبهات حول المسائل الإيمانية، ليفسدوا عقائد الأمة.

إذا كنا نرى كل هذا في شتى العصور، فإن الذي يثير الانتباه، ويلفت الأنظار الطعنُ المقصود، والهجوم العنيف على التصوف الإسلامي، وما ذلك إلا لأنه جوهر الإسلام، وروحه النابضة، وحيويته الفعالة، فلقد أراد المبطلون تشويه معالمه، وتصويره سَبْحاً فلسفياً خيالياً، وضعفاً وزهداً وانعزالاً، وابتداعاً خرافياً، وهرباً من واقع الحياة ونضالها. ولكن الله تعالى قد أذن لدينه بالحفظ والبقاء، فتحطمت أقلامهم، وذهبت الريح بدعواهم، وبقي التصوف منارة السالكين إلى الله تعالى، ومنهجاً إيجابياً لنشر الإسلام، وتدعيم بنيانه.

لهذا الذي ذكرت، أقدم كتابي عن التصوف، دفاعاً عنه، وتمييزاً للبه من قشره، ولحقائقه مما علق به، وإظهاراً للحق، ودمغاً للباطل، مستنداً إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال الأئمة الأربعة رضي الله عنهم، وأتباعهم من أعلام الفقهاء، والأصوليين والمحدثين، وأئمة الصوفية، ورجال الفكر الذين خدموا الإسلام خدمات حسنة.

وفقنا الله تعالى جميعاً لخدمة الإسلام ولما يحبه ويرضاه، ونسأله التوفيق والسداد. فمنه المبتدأ، وإليه المنتهى، وما توفيقي إلا بالله تعالى، عليه توكلت وإليه أنيب.



عبد القادر عيسى رحمه الله تعالى

حلب في 24 رمضان 1381هـ

الموافق 17 شباط 1961م

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس