عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

" ومن هنا شطح الشاطحون فخرجوا بألفاظهم عن الحدود ؛ (1)

حتى أدى بالجهَّال (2) إلى الجحود... .


قال الإمام أبو العزائم (3) - رضي الله عنه وأرضاه:

يرى الحسُّ آثاراً ، يرى القلبُ آيةً *** ترى الروح وجه الله في التقريب

فلو أعطيت مشهد الروح للحسّ وقعت في الإلحاد.

وهذه النقطة ضلَّ فيها خلقٌ كثيرون، فلا تقرأ كلام الرجال حتى تعرف مشاهدهم (4) .

==============================================

(1) الشطح: معناه عبارة مستغربة في وصف وجدٍ فاض بقوته، وهاج بشدة غليانه وغلبته. أو هو كلامٌ يترجمه اللسان عن وجد يفيض عن معدنه مقرونٌ بالدعوى، إلا أن يكون صاحبه مستلباً محفوظاً، قال أبو حمزة: سألني رجل خراساني عن الأمن؟ فقلت: أعرف من لو كان على يمينه سبع وعلى يساره مِسورة ما ميّز على أيهما اتَّكى؟ فقال لي: هذا شطحٌ فهات العلم!. وكان بعضهم إذا سأله إنسان مسألة فيها دعوى يقول: أعوذ بالله من شطح اللسان. ويأتي الشطح نتيجة وجد عنيف لا يستطيع صاحبه كتمانه، فينطلق بالإفصاح عنه لسانه، وفيه يتبين الهوية الجوهرية فيما بين العبد الواصل والمعبود الموصول إليه، فيتحدث على لسان الحق لأنه صار والحق شيئاً واحداً بمعنى أنه فني فناء كلياً ، لا كما يتوهم البعض حلولاً أو اتحاداً معاذ الله من هذا ، ومن هنا ينتقل الخطاب إلى صيغة المتكلم بعد أن كان في حال المناجاة بصيغة المخاطب، وفي حال الذكر بصيغة الغائب. لكن من المخاطِب؟ ومن المخاطَب؟، الأحرى أن يكون كلاهما واحداً، ولذا لا يفترض هنا غير يتوجه إليه الخطاب، وهذا هو الأصل في تحريم إذاعة ما يجري في النفس إبان هذه الحال، ومن أذاع فقد شطح. لكن هل كان في وسعه ألا يذيع؟ ذلك هو مأزق الصوفي : فشدة الوجد ترغمه على الإذاعة، والمذاع سر بين العبد والرب، لأن التفرقة انتفت وصارت اتحاداً! نتيجة الفناء الكلي. والكلام في هذا طويل طويل يكفي منه ما ذكرنا ، والله أعلم وأحكم.


(2) : ومن الجهَّال من تزيّا بزي العلماء، فنصَّب من نفسه مفتياً يوزع شهادات التكفير يميناً وشمالاً لكل من نطق بكلام لم يفهمه هو، فوقع في أعراض كبار الأولياء والصلحاء دون أن يدري، فنعوذ بالله من الجهل، ونسأله كمال الفهم، بحق مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.


(3) : هو سيدي العارف بالله تعالى الإمام الرباني الشيخ محمد ماضي أبو العزائم ، شيخ المؤلف، رضي الله عنهما. كان رضي الله عنه فقيه وقته، ولد في مدينة رشيد، وانتقل مع أبيه إلى محلة أبي علي - بالغربية من بلاد مصر المحمية - فتعلَّم بها، وعين مدرساً للشريعة الإسلامية بكليىة "غوردون" بالخرطوم، ثم ترأس "جماعة الخلافة" بالقاهرة، وتوفي بها سنة 1356هجرية، موافق 1937م. له مجموعة من المؤلفات النافعة، منها: "أصول الوصول إلى معيَّة الرسول" و"معارج المقرَّبين" ، و"مذكرة المرشدين والمسترشدين"، و"النور المبين لعلوم اليقين"، و"أساس الرق" ، و"الإسراء" وكلها كتب نافعة ، ومطبوعة متداولة.
انظر: معجم المطبوعات ليوسف إليان سركيس 1/325، والأعلام للزركلي 7/16.


(4) : وتفهم كلامهم، وقد قال كثير منهم :" من لم يصل مقامي لا يفهم كلامي". ولا يكون ذلك كذلك إلا إذا كانت قراءتك على يد شيخ مربٍ عارف. ومن هنا فإن كتب القوم رضي الله عنهم على غاية من الخطورة فهمت أو لم تفهم، فإن فهمت فإن العمل بمقتضاها لا يناله إلا من باع نفسه وهواه، وأعرض عن دنياه، وهذا لا يكون هذا إلا بواسطة التربية على يد شيخ التربية.وأما إن لم يفهمهما فالخطر أعظم وأعظم فربما يقع نتيجة غبائه وعدم فهمه في عرض من أعلن الله سبحانه الحرب على من عاداه، أعني أولياء الله سبحانه وتعالى من العارفين والصلحاء ، وذلك فيما ورد في الحديث القدسي الشريف الذي أخرجه البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله عز وجل قال : من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ، وماتقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مساءته ).
انظر: صحيح البخاري 8/105 - باب التواضع ." اهـ



(يتبع إن شاء الله تعالى ... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس