عرض مشاركة واحدة
قديم 04-12-2010
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي







خَفْ مِنْ وُجودِ إحْسانِهِ إلَيْكَ

وَدَوامِ إساءَتِكَ مَعَهُ
أنْ يَكونَ ذلِكَ اسْتِدْراجاً لَكَ

{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}
الشرح:
أي خف أيها المؤمن من وجود إحسانه سبحانه وتعالى عليك مع دوام إساءتك معه (بترك أوامره) أن يكون ذلك استدراجا لك شيئا فشيئا حتى يأخذك بغتة. فإن الخوف من الاستدراج بالنعم من صفات المؤمنين كما أن عدم الخوف منه مع الدوام على الإساءة من صفات الكافرين. قال تعالى: { سنستدجهم من حيث لا يعلمون } أي لا يشعرون بذلك، وهو أن يلقي في أوهامهم أنهم على شيء وليسوا كذلك، يستدرجهم بذلك حتى يأخذهم بغتة . كما قال تعالى : { فلما نسوا ما ذكروا به } إشارة إلى مخالفتهم وعصيانهم { فتحنا عليهم أبواب كل شيء } أي فتحنا عليهم أبواب الرفاهية { حتى إذا فرحوا بما أوتوا } من الحظوظ الدنيوية ولم يشكروا عليها { أخذناهم بغتة } أي فجأة { فإذا هم مبلسون } أي آيسون قانطون من الرحمة. وقيل في قوله تعالى { سنستدجهم من حيث لا يعلمون } نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها، فإذا ركنوا إلى النعمة وحجبوا عن المنعم أُخذوا.

مِنْ جَهْلِ المُريدِ أنْ يُسيءَ الأَدَبَ

فَتُؤَخَّرَ العُقوبةُ عَنْهُ، فَيَقولَ:

لَوْ كَانَ هذا سُوءَ أدَبٍ لَقَطَعَ

الإِمْدادَ وَأَوْجَبَ الإِبْعادَ.

فَقَدْ يَقْطَعُ المَدَدَ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُ،

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلّا مَنْعُ المَزيدِ.

وَقَدْ يُقامُ مَقامَ البُعْدَ وَهُوَ لا يَدْري،

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلّا أنْ يُخَلِّيَكَ وَما تُريدُ
الشرح:
يعني أن من جهل المريد بحقائق الأشياء أن يسيء الأدب إما مع الله بنحو الاعتراض عليه في أفعاله كأن يقول: ليت هذا الأمر لم يكن. وإما مع المشايخ بنحو الاعتراض عليهم وعدم قبول إشارتهم فيما يشيرون به عليه. وإما مع بعض الناس بنحو الازدراء بهم. فتؤخر العقوبة عنه أي عن ذلك المريد بأن لا يعاقب في ظاهره بالأسقام والبلايا ولا في باطنه بحسب زعمه فيقول: لو كان الذي وقع منه سوء أدب لقطع الإمداد (وهو ما يرد من بحر إفضال الواحد الصمد) وأوجب الإبعاد عن الله تبارك وتعالى. وإنما كان ذلك جهلا من المريد لأنه قد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر ولو لم يكن من قطع المدد عنه إلا منع المزيد أي الزيادة من المدد لكان كافيا في قطعه. وقد يقام ذلك المريد مقام (أي في مقام) البعد وهو لا يدري ولو لم يكن من إقامته في مقام البعد إلا أن يخليك أيها العبد المسيء وما تريد بأن يسلط نفسك عليك ويمنع نصرتك عليها لكان ذلك كافيا في البعد.

****************
من كتاب "الحكم العطائية" للإمام ابن عطاء الله السكندري
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 04-12-2010 الساعة 06:22 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس