عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

ولم يعرف أحد لماذا ثار فقهاء دمشق على السهروردي، واتهموه بالشعوبية وهي الدعوة الى تغليب الفرس على العرب، ثم اتهموه بالكفر!... وعلى الرغم من ان الظاهر بن صلاح الدين كان سنيا كأبيه، فقد بسط حمايته على السهروردي معجبا بأفكاره الصوفية وبفكرة الإشراق، والفيض الإلهي الذي تشرق به قلوب الصالحين فيحصلون المعرفة الذوقية مع المعرفة العقلية.

ومهما يكن من أمر فقد جمع الظاهر بن صلاح الدين خصوم السهروردي من الفقهاء... وبدت المناظرة أو المحكمة التي صدر فيها سلفا أمر صلاح الدين بقتل السهروردي حكيم الإشراق!!

سأله خصومه: «الله قادر على أن يخلق ما يشاء؟!»

قال السهرودي: «نعم». فسألوه: «ونبي الإسلام أليس هو خاتم الأنبياء؟.»

قال: «بلى». قالوا: «الا يستطيع إله هكذا أن يبعث نبيا بعد نبي الإسلام؟.»

كان السؤال مصيدة للرجل!

قال السهروردي بعد لحظة: «ختمت النبوة ولكن الولاية قائمة».

وأخذوه برأيه في الولاية.. فهو يرى أن ولي الله وهو الإمام المعصوم قطب الأقطاب خليفة الله في الارض يجب أن يكون من نسل النبي ... وهذا النظر يحكم بعدم شرعية الخلفاء والملوك إلا إذا كانوا من نسل الرسول (صلى الله عليه وسلم)... أي من ابناء علي وفاطمة رضي الله عنهما... وصلاح الدين نفسه ليس عربيا على الإطلاق فهو كردي الأصل.. وهكذا اضطر الظاهر بن صلاح الدين أن يودع السهروردي غيابة السجن ليموت فيه صبرا وجوعا!

لقد وقعت الواقعة بالسهروردي بينما كان عز الدين بن عبد السلام صبيا في نحوه العاشرة من عمره، وزلزلت نهاية السهروردي الفاجعة نفس الصبي زلزالا شديدا، ولم يفارقه الحزن والعجب.. كيف يقضى على رجل بالموت لأنه قال رأيا يخالف فيه بعض الفقهاء، ولا يرضى عنه الحاكم!؟

ولكن أفكار السهروردي في الإشراق قد ذاعت وملأت أماكن العلم، واصطك فيها الناس بين مستنكر ومعارض.. منهم من يرى القتيل شهيدا مات دفاعا عن تصوفه ومنهم من يراه كافرا!! حتى ظهر في دمشق رجل آخر تسمى باسم السهروردي، وأذاع أفكار السهروردي في الإشراق، ولكنه لم يعد يتحدث عن الإمامة والولاية، ولبس خرقة التصوف، ومضى في الطرقات يهتف بالناس: «الله نور السموات والأرض.» وأخذ يشرح أفكار السهروردي عن النور والفيض الإلهي..

وتبعه قوم لبسوا خرق التصوف، وأطلقوا كلمات في الأسواق وندوات لعلم. كلمات مكثفة تحمل رموزا كثيرة..

وبهر الشاب عز الدين بهؤلاء وأحوالهم.. وبهرته بصفة خاصة شخصية السهروردي الجديد، فلزمه على الرغم من نصيحة شيخه.. ولبس عز الدين خرقة التصوف عاما أو بعض عام ملتمسا علم الحقيقة على يد السهروردي الجديد، حتى إذا علم ما عنده، عاد الى أستاذه ابن عساكر يلتمس عنه علوم الشريعة من جديد..

وسمع عز الدين أن في العراق شيخا عنده من علم الحديث ما ليس عند غيره في دمشق فحمل متاعه وزاده وزواده وسار الى بغداد، وجلس الى ذلك الشيخ وحفظ عنه الحديث.. ثم عاد من جيد الى دمشق." اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس