عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2012
  #96
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني

أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن يكون معظم قصدنا من قيام رمضان وغيره امتثال أمر الله عز وجل والتلذذ بمناجاة الحق لا طلب أجر أخروي ونحو ذلك هروبا من دناءة الهمة، فإن من قام رمضان لأجل حصول الثواب فهو عبد الثواب لا عبد الله تعالى، كما أشار إليه حديث: تعس عبد الدينار والدرهم والخميصة. اللهم إلا أن يطلب العبد الثواب إظهار الفاقة ليميز ربه بالغنى المطلق ويتميز هو بالفقر المطلق، فهذا لا حرج عليه، لكن هذا لا يصح له إلا بعد رسوخه في معرفة الله عز وجل بحيث يصير يجل الله تعالى أن يعبده خوفا من ناره أو رجاء لثوابه.


فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به حتى يدخله حضرة التوحيد فيرى أن الله تعالى هو الفاعل لكل ما برز في الوجود وحده، والعبد مظهر لظهور الأعمال إذ الأعمال أعراض وهي لا تظهر إلا في جسم، فلولا جوارح العبد ما ظهر له فعل في الكون ولا كانت الحدود أقيمت على أحد، فافهم.


ومن لم يسلك على يد شيخ فهو عبد الثواب حتى يموت لا يتخلص منه أبدا، فهو كالأجير السوء الذي لا يعمل شيء حتى يقول لك قل لي إيش تعطيني قبل أن أتعب؟ فأين هو ممن تقول له افعل كذا وأنا أعطيك كذا وكذا؟ فيقول والله ما قصدي إلا أن أكون من جملة عبيدك، أو أن أكون تحت نظرك أو أن أكون في خدمك لا غير، أليس إذا اطلعت على صدقه أنك تقربه وتعطيه فوق ما كان يؤمل لشرف همته، بخلاف من شارطك فإنه يثقل عليك وتعرف أنت بذلك خسة أصله وقلة مروءته، ثم بعد ذلك تعطيه أجرته وتصرفه عن حضرتك، وربما انصرف هو قبل أن تصرفه أنت لعدم رابطة المحبة التي بينك وبينه، فما أقبل عليك إلا لأجرته، فلما وصلت إليه ونسيك ولا هكذا من يخدمك محبة فيك فاعلم ذلك.


وسمعت سيدي عليا الخواص إذا صلى نفلا يقول أصلي ركعتين من نعم الله علي في هذا الوقت، فكان رضي الله عنه يرى نفس الركعتين من عين النعمة لا شكر النعمة أخرى فقلت له في ذلك فقال ومن أين يكون لمثلي أن يقف بين يدي الله عز وجل والله إني لأكاد أذوب خجلا وحياء من الله لما أتعاطاه من سوء الأدب معه حال خطابه في الصلاة، فإن أمهات آداب خطابه تعالى مائة ألف أدب، ما أظن أنني عملت منها بعشرة آداب، فأنا إذا وقفت بين يديه في صلاة أو غيرها من العبادات إلى العقوبة أقرب فكيف أطلب الثواب.


وسمعته مرة أخرى يقول: يجب على العبد أن يستقل عبادته في جانب الربوبية ولو عبد ربه عبادة الثقلين بل ولو عبده هذه العبادة على الجمر من ابتداء الدنيا إلى انتهائها ما أدى شكر نعمة إذنه له بالوقوف بين يديه في الصلاة لحظة ولو غافلا، وكذلك ينبغي له إذا قلت طاعاته أن يرى أن مثله لا يستحق ذلك القليل، ومن شهد هذا المشهد حفظ من العجب في أعماله وحفظ من القنوط من رحمة الله تعالى. وقال له مرة شخص يا سيدي ادع لي، فقال يا ولدي ما أتجرأ أسأل الله في حاجة وحدي لا لنفسي ولا لغيري، اصبر حتى تجتمع مع الناس في صلاة العصر وندعو لك معهم في غمارهم.


وسمعت أخي أفضل الدين يقول: والله إني لأقوم أصلي بالليل فأرى نفسي بين يدي الله كالمجرم الذي قتل النفس وفعل سائر الفواحش وأتوا به إلى الوالي يتلفه، وأرى الجميلة لله تعالى الذي أذن لي في الوقوف بين يديه ولم يطردني في جملة واحدة كما طرد التاركين للصلاة. وسمعته مرة أخرى يقول: من شرط الكامل في الطريق أنه يكاد يذوب حياء من الله تعالى إذا تلا كلامه وإن كان الله تعالى قد أذن في تلاوة كلامه للكبير والصغير ولكن من شرط العارف أن لا يتلو كلامه إلا بالحضور معه تعالى، لأن قراءة كلامه مناجاة له تعالى وكيف حال من يناجي رب الأرباب وهو غافل، فوالله لو رفع الحجاب لذاب كل تال للقرآن كما أشار إليه قوله تعالى إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا}. وقوله تعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وهنا أسرار يذوقها أهل الله تعالى لا تذكر إلا مشافهة لأهلها. وسمعت أخي الشيخ أفضل الدين رحمه الله تعالى يقول أيضا: من شرط الفقير أن يرى نفسه كصاحب الكتبة من الحشيش واللواط والزنا وغير ذلك، فإذا قال له شخص من المسلمين ادع لي يكاد يذوب حياء وخجلا لأن معاصيه مشهودة له على الدوام.


ورأيته مرة في وليمة فقال له شخص من العلماء، ادع الله لي فصار يعرق جبينه ولم يقدر ينطق من البكاء وقال لي ما كان إلا قتلني هذا. ولما أراد التزوج عرض عليه الناس بناتهم فكان كل من خطبه لابنته يقول يا أخي بنتك خسارة في مثلي فلم ير نفسه أهلا لواحدة يتزوجها، ثم قال لي: ما رأيت يقارب شكلي ورذالتي إلا عرب الهيتم الذين يطوفون على أبواب الناس يأكلون الطعام الذي يصبه الناس على المزابل في أقنية بيوتهم رضي الله عنه. وقد قلت مرة لصاحب كتبة ادع لي فاستحيى وعرق جبينه وقال يا سيدي لا تعد من فضلك تقول لي ذلك تؤذيني، فإني والله لما قلت لي ادع لي رأيت نفسي كيهودي قال له شيخ الإسلام ادع لي.


وكان سيدي أبو المواهب الشاذلي يقول حكم الملك القدوس أن لا يدخل حضرته أحد من أهل النفوس. وكان سيدي إبراهيم الدسوقي يقول: لا تبرز ليلى لمن يطلب على الوقوف بين يديها عوضا منها وإنما تبرز لمن يرى الفضل والمنة لها التي أذنت له في الوقوف بين يديها. وكان يقوم من كان الباعث له على حب القيام بين يدي الله تعالى في الظلام لذته بمناجاته فهو في حظ نفسه ما برح، لأنه لولا الأنس الذي يجده في مناجاته ما ترك فراشه وقام بين يديه، فكأن هذا قام محبة في سواه وهو لا يحب من أحب سواه إلا بإذنه، فإن الأنس الذي يجده في قلبه سواه بيقين. وكان يقول: ما أنس أحد بالله قط لعدم المجانسة بينه وبين عبده بوجه من الوجوه، وما أنس من أنس إلا بما من الله تعالى من التقريب الإلهي، لا بالله تعالى.


ومن هنا قامت الأكابر حتى تورمت منهم الأقدام لعدم اللذة التي يجدونها في عباداتهم، فإن اللذة تدفع الألم فلا يتورم لهم أقدام، فاعلم أن عبادتهم لله تعالى محض تكليف لا يدخلها اللذة، ولو دخلها لذة لكانوا عبيدها وهو مطهرون مقدسون عن العبودية لغير الله تعالى.


فاسلك يا أخي الطريق على يد شيخ حتى يخرجك من العلل وتصير تأتي العبادات امتثالا لأمر ربك لا غير ولا تريد بذلك جزاء ولا شكورا.


وقد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: إذا وقع لأحدكم تقريب في المواكب الإلهية فلا يقتصر على الدعاء في حق نفسه فيكون دنئ الهمة وإنما يجعل معظم الدعاء لإخوانه المسلمين. وقد من الله تعالى علي بذلك ليلة من الليالي لما حججت في سبع وأربعين وتسعمائة، فمكثت في الحجر أدعو لإخواني إلى قريب الصباح، فأعطاني الله تعالى ببركة دعائي لهم نظير جميع ما دعوته لهم بسهولة، ولو أني دعوت ذلك الدعاء لنفسي لربما لم يحصل لي ذلك، فالحمد لله رب العالمين.


وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لا تقتصروا في قيام رمضان على العشر الأواخر من رمضان، بل قوموه كله واهجروا نساءكم فيه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، فإني رأيت ليلة القدر في ليلة السابع عشر منه قال: وقد أجمع أهل الكشف على أنها تدور في ليالي رمضان وغيره ليحصل لجميع الليالي الشرف، وبه قال بعض الأئمة أي إنها تدور في جميع ليالي السنة فإذا تمت الدورة افتتحت دورة ثانية، هكذا سمعته يقول: وظواهر الأدلة كلها يعطي تخصيصها بشهر رمضان وهو المعتمد فاعلم ذلك (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}.


روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيره مرفوعا: من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر. وزاد الطبراني فقال أبو أيوب كل يوم بعشرة يا رسول الله؟ فقال: نعم قال الحافظ المنذري ورواة الطبراني رواة الصحيح.


وفي رواية لابن ماجه والنسائي مرفوعا: من صام ستة أيام بعد الفطر كان كصيام السنة، من جاء بالحسنة فله عشرة أمثالها.


وفي رواية للنسائي مرفوعا: فشهر رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة بشهرين، فذلك صيام سنة.


وفي رواية للطبراني مرفوعا قال الحافظ المنذري في إسناده نظر: من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعة فكأنما صام السنة كلها. وفي رواية له أيضا مرفوعا: من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. والله تعالى أعلم." اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس