الموضوع: شبابية القرآن
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-15-2009
  #2
admin
مدير عام
 الصورة الرمزية admin
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: uae
المشاركات: 717
معدل تقييم المستوى: 10
admin تم تعطيل التقييم
افتراضي رد: شبابية القرآن

معاني المنير والمضيء والسراج في القرآن
والجامع المشترك في اللغة بين معنى المنير والمضيء والسراج، هو نقيض الظلمة. ثم إن كلمة المنير تنفصل عن المضيء أو السراج في أن المنير هو ما ينعكس إليه النور من جرم آخر، أما المضيء والسراج فهو كل ما ينبثق منه النورُ حرارةً، أما المنير فلا يطلق إلا على ما ينعكس إليه النور دون أن يبث أي حرارة.
إذن، فحديث القرآن عن كل من الشمس والقمر يحمل معنى ذا ثلاث درجات: سطح قريب يفهمه الناس كلهم، ألا وهو الجامع المشترك الذي هو نقيض الظلمة؛ وعمق يصل إليه المتأملون، ألا وهو التنبيه إلى أن ضياء الشمس مصحوب بحرارة أما نور القمر فخال ومجرد عنها؛ وجذر بعيد يدركه الباحثون المتخصصون أو المثقفون من أهل هذا العصر، ألا وهو أن القمر ينعكس إليه الضياء من جرم آخر هو الشمس، في حين أن ضياء الشمس ينبعث من داخلها.
وهكذا فإن هذه الآيات تفيد كل فئات الناس على اختلاف ثقافاتهم واختلاف عصورهم حسب قدراتهم الفكرية، دون أن يقوم أي تعارض علمي بين حظوظ هذه الفئات فيما يفهمونه من معانيها. إذ هي معان لغوية صحيحة متساوقة ومتدرجة من السطح إلى العمق فالجذور.
حقا إنها شبابية علمية دائمة مستمرة يتّسم بها كتاب الله عز وجل، الذي يمخر أطوار المعارف والعلوم في جدّة تستعصي على التقادم، وهيمنة علمية سامية لا تقهر.
ولكن إياكم أن تتصوروا أننا بهذا الذي أوضحناه نجنح إلى موقف أولئك الذين يحمّلون نصوص القرآن كل ما يروق لهم من النظريات أو التصورات العلمية الرائجة، في تكلف لا موجب له، وبطريقة هي أشبه بالعبث بالقرآن والتلاعب بقانون دلالاته..!
إننا لسنا من هؤلاء العابثين في شيء، ولسنا ممن يدعون إلى إخضاع القرآن لقراءة معاصرة تجعله مـرآة دقيقة ينطبع عليها سائر التيارات الفكرية الجانحة والعقائد والتصورات الزائفة والتنبؤات العلمية المتداولة.
إننا نتحدث عن دلالات لغوية ثابتة يحضنها كتاب الله تعالى منذ فجر نزوله، طبقاً لقواعد تفسير النصوص، وقبل أن تتطور المعارف ويســير النـاس في طريـق اكتشاف الحقائق العلمية المتنوعة.
إن القرآن يقول منذ فجر نزوله (أَلَمْ نَجْعَلِ اْلأَرْضَ كِفَاتاً * أَحيَاءً وَأَمْوَاتاً) (المرسلات: 25-26). والكِفْت معناه في اللغة الجذب، فمعنى الآية إذن: ألم نجعل الأرض جاذبة لكم إذ تتنقلون على وجهها وأنتم في طور الحياة، وتُدفنون في باطنها إذا حاق بكم الموت. ولقد فسر العلماء الآية بهذا المعنى بسائق من ضرورة الدلالة اللغوية، قبل أن يكتشف الغربيون ما يسـمى بجاذبية الأرض، بل إن يونس بن قره هُدِي إلى هذه الجاذبية ووجودها قبل اكتشاف الغربيين لها بآماد طويلة اتباعاً لهذا الذي نطقت به دلالة القرآن.
إننا هنا نتحدث عن المواقف التي يهدي القرآن فيها الناس إلى الحقائق الكونية والعلمية، ولسنا نتحدث عن المواقف التي يستجرُّ فيها القرآن من قِبل بعض الناس إلى النظريات والافتراضات العلمية، وشتان بين الموقفين.
كل ما في الأمر أننا نقف مع بديع الزمان رحمه الله أمام هذه الجدّة المستمرة في كتاب الله؛ إذ يخاطب فئات الناس على اختلاف مستوياتهم وعصورهم؛ فلا يحمّل القرآنُ الجاهلَ من الناس من معانيه المتراكمة أكثر مما يطيق، ولا ينجلي على العالم منهم بتلقينه من معانيه تلك كل ما يطيق. وكل ذلك يتم ضمن دلالة لغوية مستقرة ثابتة منذ صدر الإسلام وأول نزول القرآن.
أما من حيث جدة المبادئ والقيم التي يخاطب بها القرآن الناس في كل عصر، دون أن تشيخ أو تتقادم، والتي يركز عليها بديع الزمان ويضرب لها أمثلة عديدة، فهو رحمه الله إنما ينبه من ذلك إلى أمر بالغ الأهمية، وهو أن الإنسان قد يتقدم صُعُداً في مجال المعارف والعلوم، كلما امتدّ به الزمن؛ ذلك لأن أداة المعرفة والعلم هي الفكر والعقل، وحركةُ كل منهما في اجتياز معلوم إلى معلوم آخر أشبه ما تكون بالحركة الآلية التي تقوم على الاندفاع الذاتي؛ أما فيما يتعلق بمجال الأخلاق والمبادئ والقيم، فالشأن في الإنسان كلما امتدّ به الزمن وتعرض لتطورات المعايش واختلاف أسبابها، أن يتراجع في ذلك كله إلى الوراء. ذلك لأن التقدم المادي والازدهار المعاشي من شأنهما أن يزجّا بالإنسان في حالة من الترف والاستكبار والاعتداد بالقوة والتنكر لموازين الحق.
وهذا هو مصداق قول الله عز وجل: (إنَّ اْلإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) (العلق:6-7).
__________________
اللهم يا من جعلت الصلاة على النبي قربة من القربات نتقرب اليك
بكل صلاة صليت عليه من اول النشأة الى ما لا نهاية الكمالات
admin غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس