الموضوع: الزكرتي
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-26-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي الزكرتي

صفحة من أيام زمان

من المهن الغريبة التي انقرضت من حياتنا العامة, نتيجة التطور السياسي والاجتماعي والفكري, والتوسع العمراني المترامي الأطراف مهنة »الزكرتي« التي عرفتها دمشق في مطلع القرن العشرين وكان »الزكرتي« يتلخص دوره بحماية حارته من شرور اللصوص ومن تطفل الشبان الغرباء الذين يتسللون إلى الحارة بهدف التحرش بالفتيات,

وكذلك إصلاح ذات البين بين المتخاصمين لأسباب واهية, والتصدي إلى »قبضايات« الحارات الأخرى الذين يسعون إلى فرض آتاوات وغفارات على أهالي الحارة المسالمة, أو يعمدون إلى تعكير صفو حفلات الأعراس, بذريعة أن أصحاب العرس أمسكوا المال عنهم..‏


وبصورة عامة.. فإن »الزكرتي« كان يمثل حالة من الشهامة والمروءة وإغاثة الملهوف بينما »القبضاي « يمثل الأنموذج الحقيقي للإنسان الشرير, الذي لا يتورع عن إلحاق الأذى بالآخرين, لقاء حصوله على مكاسب مالية عن طريق نشر الذعر بين الناس.‏


ومن العادات السائدة في مطلع القرن العشرين بدمشق, عادة التفاخر بين الأحياء, كما يذكر المؤرخ المحلي أحمد حلمي العلاف, فكان لكل حي هيئة وجوه يعدون وجهاء الحي, فإذا قدموا إلى زيارة إخوانهم في حارات أخرى, استقبلوا من قبل وجوهه بعز و إكرام, وألفاظ خاصة تنم عن المودة والتواضع, وينادي بعضهم بعضاً بالكنى والألقاب.‏


أبو حاتم , أبو صياح, أبو فهد, أبو سعيد, الخ بما يتناسب مع مواهب وإمكانيات صاحب الكنية, فإن كان نشيطاً خفيف الحركة سمي »أبو رياح« وإن كان جهوري الصوت سمي »أبو صياح« وإن كان كريماً يسمى »أبو حاتم« وإن كان محظوظاً يسمى »أبو سعيد« وإن كان من طبعه الفضول واستراق السمع سموه »أبو كاعود«.‏


وفي هذا الشأن فقد أوردنا هذه الألقاب والكنى الشعبية اللطيفة, على سبيل المثال لا الحصر, لكثرة شيوعها ورواجها في حياتنا اليومية وفي أحاديثنا العامة, من أجل التحبب إلى الآخر ورفع الكلفة, دون أن تعي شريحة واسعة من المجتمع, السر الخفي في استمرارها منذ القديم حتى أيامنا هذه دون أن يصيبها التحريف أو التبديل , وبخاصة أنها حلت عنوة محل الاسم الحقيقي الذي عذّب الأهل وأرهقهم حتى عثروا عليه بين ركام الأسماء
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس