عرض مشاركة واحدة
قديم 10-31-2011
  #1
عمرأبوحسام
محب فعال
 الصورة الرمزية عمرأبوحسام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 47
معدل تقييم المستوى: 0
عمرأبوحسام is on a distinguished road
افتراضي 1.إشارات قرآنية ، من خلال فصوص الحكم لإبن عربي

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد و على آله و صحبه ، وبعد
ينغص الرأس كل دعي عند قرائته لكتب ابن عربي رضي الله عنه ، سعة أفق ، والخيال الخصب ، والنسقية الفريدة ، وتدفق المعاني ، وتجليات لحقائق قلبية لا يسعها عقل و لاروح و لاوجدان.ولقد أخذت كتب ابن عربي رضي الله عنه حيزا كبيرا من الجدال و النقاش، فقد صرح ابن تيمية رحمه الله تعالى في نقده لكتاب فصوص الحكم أن الشيخ الأكبر امتدح قوم لوط و صالح و هود ، وجاء بما لم يأت به أحد من الأولين و الآخرين ، و للجدال العقيم الممتنع السهل ، أكد أهل الله تعالى لمريدهم في ترك بل عدم مطالعة كتب ابن عربي رضي الله عنه لما فيها من السكر و الشطح.
1.إني جاعل في الأرض خليفة :
وصف الوجود الآدمي بالحكمة الإلهية و الحجة البالغة و الكرم الرباني ، ذالك أن العبد بحسب ابن عربي رضي الله عنه على صورة خالقه ، يستمد منه المدد الفائض و النور التام ، وسمة الخلافة.فقال رضي الله عنه : (...لما شاء الحق سبحانه وتعالى من حيث أسمائه الحسنى التي لا يبلغها الإحصاء أن يرى أعيانها و إن شئت أن يرى عينه في كون جامع يحصر الأمر كله. لكونه متصفا بالوجود ، ويظهر به سره إليه.فإن رؤية الشيء نفسه بنفسه ماهي رؤيته نفسه في أمر آخر يكون له كالمرآة.......).شرح الجامي لفصوص الحكم 49، 50. فبحسب الشيخ الأكبر فإن رؤية الحق سبحانه وتعالى أعيان الأسماء في كون جامع يببغي أن يكون غير العلم بها ، فإن العلم بها ثابث أزلا و أبدا لا احتياج فيه إلى مظهر و لاسبق مشيئة ، فالمراد بها إما العلم بعد الوجود فيكون التغير في المعلوم لا في العلم ، فالعلم بالشيء قبل وجوده علم و بعد وجوده رؤية و شهود ، و ليس فيه مزيد فائدة ، وأما الأبصار إما نظرا إلى مقام الجمع على أن يثبت البصر للحق سبحانه و تعالى مغايرا لنسبة العلم سواءا كانت صفة وجودية أو نسبة اعتبارية ، فالشيء قبل وجوده معلوم و بعد وجوده مرئي مبصر ، فإن الشيء مالم يوجد لم يبصر ، و إما نظرا إلى مقام الفرق فتكون الأشياء مرئية للحق سبحانه باعتبار ظهوره في المظاهر فيكون رائيا في المظاهر ، كما أنه مرئي فيها فإن قلت : أعيان الأسماء أمور معقولة فكيف تتعقل الرؤية لها ، قلت ذالك أنما هو باعتبار اتحاد المظاهر بالوظهر فإن قلت : بعض المظاهر أيضا غير مدركة بالبصر كالمجردات ، قلت : إذا كان البصر مستندا إلى مقام الجمع فيمكن أن لا يكون مشروطا بأن يكون البصر ماديا ، و إذا كان مستندا إلى مقام الفرق فيمكن أن يكون المراد به قوة العلم و الحضور سواء كان بالبصر أو البصيرة. فإن قلت : أعيان بعض الأسماء و آثارها إنما تدرك بسائر القوى كالسمع و اللمس و الذوق و الشم و القوى الباطنة ، فما وجه التخصيص بالرؤية ؟....مقتبس من كتاب شرح الجامي لفصوص الحكم.
ما المقصود بالرؤية ؟ أن يرى الله عبده الخليفة ، و قد جعله كاملا في صورته الآدمية ، وحلاه بالنفخ الروحي ، لتسجد له ملائكته اعترافا بالنعمة الكاملة و التكريم الإلهي ؟.يمنع النظر صاحبه الإعتبار بالصور من خلال مرآة التذكر. وحدة العين لا تمنع من تعدد الصور و اختلافها و مصدرها الواحد في سريان الفيض الوجودي قائم دائم لا ينقطع ، لكنها لا تدلك عن الحلول والوحدة ، و لاتومئ هذه قاعدة إذ تبرئ الشيخ الأكبر رضي الله عنه من هذه الفرية في أكثر من موضع في كتابه الفتوحات المكية ، وخصوصا في مقدمة الكتاب مصرحا و علنا عقيدته المطابقة لأهل الأعتقاد.و عليه فإن التجلي الخصيص بحقائق الجوهر الروحاني و النفساني مجلى متعين من حضرة القدس و النزاهة و العلو و الفعل و الشرف و الحياة و النورية ، فكان الوجود الآدمي استعداد و قابلية لتلقي حقائق المعرفة الربانية في القلب ، ومطالعة لأسرارها بالمجاهدة و المنازلة ، فجمع ابن آدم عليه السلام بين الحياة و العلم و الأرادة من جهة ، ومن جهة أخرى تلك الخصوصية الأستخلافية فهو عبد لله ، رب للكون فبه كمل العالم و ما كمل العالم بالأنسان ؟
2.في الصورة والمرآة :
من أجل ما يكتبه أهل الله تعالى عن الوجود الآدمي ، صلة العبد بربه ، وأنه على صورته ، و للصورة و المرآة كمفهوم وجودي ، حيز كبير في عرفان الطائفة العلية يقول مولانا عبد القادر الجزائري : (........خلق الله-تعالى- الأنسان على صورة ما خلق عليها أحدا من المخلوقات ، وهي الصورة الإلهية التي هي خاصة بالإنسان و أبدعه على شكل و هيئة ما جعلها لشيء من المبدعات ، و جعلها بين لطيف و كثيف ، فهو اللطائف بلطيفه ، ومن الكثائف بكثيفه ، فالصورة الإنسانية أكمل الصورة و أفضلها ، فهي أفضل و أكمل من صورة الملائكة الكرام.
و خصه الله تعالى بالقوة الخيالية التي يتصرف بها في الواجب و المستحيل فضلا عن الممكن و يحفظ به المحسوسات بعد غيبتها عنه ، و جعل الله هذه القوة الخيايلة محلا تجتمع فيه جميع المدركات ، ولهذا سميت بالحس المشترك ، و بها صح الحكم على المدركات مع بعضها بعضا ، إذ كل قوة من قوى الإنسان لها إدراك يخصها لا تتعداه في العموم.فلولا اجتماعها عند حاكم واحد أدرك الجميع ما صح الحكم عليها ، كقولنا هذا الأبيض حلو ، فإن الذائقة ما أدركت إلا الحلاوة لا غير ، والبصر ما أدرك إلا اللون ، وهو البياض لاغير ، و الذي اجتمع عند إدراك الذوق و إدراك البصر حكم بأن هذا الأبيض حلو وهو السكر مثلا ، ولوتجردت الروح الجزئية عن صورتها العنصرية الطبيعية التي هي مركبها ما تخيلت و ما أدركت الإشياء إلا إدراكا كليا كإدراك الملائكة ، و لهذا أحبت الأرواح أجسامها و صورها الطبيعية و لم تفارقها عند الموت إلا بكره ، حيث أدركت بها الجزئيات ، و لم تدركها في تجردها.
لأن الأرواح إذا تجردت عن المواد العنصرية و الأجسام الطبيعية التجرد التام لا تلتذ و لا تتألم و لا يحكم عليها سرور و لا حزن ، و كانت الأشياء عندها علما فقط ، لأن التلذذ و التألم الروحاني أنما سببه إحساس الحس المشترك بما يتأثر له المزاج من الملائم والمنافر فأن رأيت عارفا تمر عليه اسباب اللذة و الألم و لايلتذ و لا يتألم ، فاعلم أن وقته التجرد التام عن طبيعته ، و أما إذا لم تتجرد الروح الجزئية عن الجسم و حصل للجسم سبب لذة أو ألم حست به الروح الحيوانية حسا ، وكان ذلك الملذ أو المؤلم للروح الجزئية خيالا. و للرحمن الوجود المفاض علما ، ولما خص الحق تعالى الإنسان بالقوة المتخيلة دون الملك أمره الشارع أن يتخيل معبوده في عبادته.ففي الصحيح عن حديث جبريل : الإحسان ، أن تعبد الله كأنك تراه.
فهو مأمور أن يحعل لمعبوده صورة يخلقها كيف يشاء حسب استعداده ، وهو تعالى ينفخ في تلك الصورة روحا ، فتصوير المعبود تعالى ، أي جعل صورة له في الخيال ، غير ممنوع بل مشروع. ففي الصحيح :
أنه تعالى قبل وجه المصلي ، و في رواية :انه بينكم و بين القبلة . وفي رواية : في قبلة أحدكم. ونحو هذه الروايات .وما في العالم من يعبده على الشهود إلا الإنسان ....) كتاب المواقف الروحية و اليوضات السبوحية ، م 342/ج2.
يتنازع ممن استحوذ عليهم النظر العقلي لواعج و عوائق هذه الإدراكات و المفاهيم التي أسس لهاالشيخ الأكبر في مفهومه الخاص و العام ، و المقيد و المطلق ، لحقائق الوجود.فعند الوجود مسرح لتجليات الذات الألهية المنزهة و المقدسة عن كل تشبيه إنساني ، فكل ما يتخيله أو يدركه العبد عن الله تعالى فهو مخالف لما عليها الذات اللإلهية ، و قد أنذر بل شدد ابن عربي رضي الله عنه في مقدمة كتابه الفتوحات المكية على عقيدته ، وأنه على ما أجمعت عليه الأمة ، و أنه بريء من كل نظر فلسفي ، أو حلولي اتحادي.
لكن القارئ قد تشكل عليه الإشارات المتدفقة في شكل أفقي متواز كلما ختم فصا و قرأ آخر ، لما يجده من الترابط و النسقية و الحد النبوي.
و الحقيقة ، أن ابن عربي رضي الله عنه في الفص الآدمي يوطئ لأمرين :
أ.في بيان.....( أن الحقيقة المحمدية و الآدمية مشتملة على حقائق النبوة كلها ، فأحدية جمع حقائق النبوة ظاهرها و أحدية جمع حقائق الولاية باطنها ، فالأنبياء من حيث أنهم أنبياء مستمدون من مشكاته نبوته الظاهرة ومن حيث أنهم أولياء مستمدون من مشكاته و لايته الباطنة و كذلك الأولياء التابعون يستمدون من مشكاة ولايته ، فالأولياء و الأنبياء كلهم مظاهر لحقيقته ، فالأنبياء لظاهر نبوته و الأولياء لباطن و لايته ، وخاتم الأولياء مظهر أحدية جمع لحقائق و لايته الباطنة إستمداد من مشكاة خاتم الأولياء بالحقيقة هو إستمداد من مشكاة خاتم الأولياء ، فإنما أضيف الإستمداد إلى خاتم الأولياء باعتبار حقيقته التي هي بعض متن حقيقة خاتم الأنبياء ، ومعنى أستمداد خاتم الأولياء منه بحسب ولايته استمداده بحسب النشاة العنصرية من حقيقة هي بعض من حقيقته وذلك الولي الخاتم مظهره فهذا بالحقيقة استمداد من نفسه لا من غيره و الله أعلم بالحقائق.) مقتبس من شرح الجامي لفصوص الحكم ، ص 101.و كأن الحبيب صلى الله عليه وسلم الصورة الكاملة لحقيقة الإنسان الكامل التي يستحقها ، و الأولياء صورته الظاهرة في الكون عبر امتداد الزمان. وهذا ما يقصده في مسألة خاتم الأولياء باعتباره امتداد نوراني و تجل خاص لبركة النبوة ، فهو التابع المقتد المقتفي و ليس له أفضلية و رفعة مكان ممن يستمد منه صلى الله عليه وسلم.ب.في الختم الإدمي :
يقول الجامي في شرحه لفصوص الحكم : ( ......فإن فهمت ما أشرت به من أن الأنبياء من كونهم أولياء و الأولياء كلهم لا يرون الحق إلا من مشكاة خاتم الأولياء الذي هو مظهر و لاية خاتم الرسل فقد حصل لك العلم النافع المفضي إلى كمال متابعة خاتم الرسل المنتج كمال التحقيق تحقيقه الولاية فكل نبي من لدن آدم عليه السلام إلى آخر نبي بل آدم عليه السلام ايضا ما منهم من أحد يأخذ النبوة إلا من مشكاة روحانية خاتم النبيين و إن تأخر وجوده طينته ، من وجود ذلك النبي الذي ياخذ النبوة من مشكاته ، فأنه أي خاتم النبيين بحقيقته و روحانيته موجود قبل وجود الأنبياء كلهم حتى آدم عليهم السلام منعوت بالنبوة في هذا الوجود مبعوث إليهم و إلى من سواهم في عالم الأرواح و هو أي وجوده صلى الله عبيه وسلم قبل وجود الجميع و اتصافه بالنبوة بالفعل في هذا الوجود قوله : - كنت نبيا- أي من عند الله مختصا بالإنباء عن الحقيقة و الأحدية الجمعية الكمالية مبعوث إلى الأرواح البشريين و الملكيين و- و آدم بين الماء والطين- .لم يكمل بدنه العنصري بعد فكيف من دونه من أنبياء أولاده و بيان ذالك : أن الله سبحانه و تعالى لما خلق النور المحمدي كما أشار إليه صلى الله عليه وسلم بقوله : - أول ما خلق الله نوري -، جمع في هذا النور المحمدي جميع أرواح الأبياء و الأولياء جمعا أحديا قبل التفصيل في الوجود الجمعي ، وذالك في مرتبة العقل الأول ثم تعيتن الرواح في اللوح المحفوظ الذي هو النفس الكلية و تميزت بمظاهرها النورية ، فبعث الله الحقيقة المحمدية النورية إليهم ينبئهم عن الحقيقة الأحدية الجمعية الكمالية ، فلما وجدت الصور الطبيعية العلوية من العرش إلى الكرسي ، ووجدت صور ومظاهر تلك الأرواح ظهر سر تلك البعثة المحمدية إليهم ثانيا فآمن من الأرواح من كان مؤهلا بالإيمان بتلك الأحدية الجمعية الكمالية ، ولما وجدت الصور العنصرية ظهر حكم ذلك الإيمان في كمل النفوس البشرية بمحمد صلى الله عليه وسلم .) شرح الجامي ، ص103-104.
عمرأبوحسام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس