عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2013
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي حكم زيارة المشاهد بمكة والمدينة (دراسة فقهية مقارنة)

حكم زيارة المشاهد بمكة والمدينة
دراسة فقهية مقارنة
عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ومن اهتدى بهداه وبعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم وعليه المذاهب الأربعة إلى أنه يستحب لمن ورد مكة أو المدينة أن يزور المشاهد والمواطن الشريفة الموجودة هناك كغار حراء والبيت الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والآبار التي شرب منها ونحو ذلك, وسنذكر بعض أقوالهم في ذلك إن شاء الله ضمن المباحث التالية:

المبحث الأول :
من أقوال الحنفية :
في شرح فتح القدير 3/183 :
- ( ويستحب أن يخرج كل يوم إلى البقيع بقيع الغرقد فيزور القبور التي بها خصوصا يوم الجمعة ويبكر كي لا تفوته صلاة الظهر مع الإمام في المسجد فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يزوره, وقال لأم قيس بنت محصن لما أخذ بيدها فذهبا إليه [أي البقيع]: تَرين هذه المقبرة؟ قلت: نعم, قال: يبعث منها سبعون ألفا على صورة القمر ليلة البدر ويدخلون الجنة بغير حساب, وإذا انتهى إليه قال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون للهم اغفر لأهل بقيع الغرقد اللهم اغفر لنا ولهم
- ويزور القبور المشهورة كقبر عثمان بن عفان رضي الله عنه وقبر العباس وهو في قبته المشهورة وفيها قبران الغربي منهما قبر العباس رضي الله عنه والشرقي قبر الحسن بن علي وزين العابدين وولده محمد الباقر وابنه جعفرالصادق رضي الله عنهم, كلهم في قبر واحد, وعند باب البقيع عن يسار الخارج قبر صفية أم الزبير عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , وفيه قبر فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنهما
- ويصلي في مسجد فاطمة بنت رسول الله بالبقيع وهو المعروف ببيت الأحزان وقيل قبرها فيه وقيل بل في الصندوق الذي هو أمام مصلى الإمام في الروضة الشريفة واستبعده بعض العلماء وقيل إن قبرها في بيتها وهو في مكان المحراب الخشب الذي خلف الحجرة الشريفة داخل الداربزين قال وهو الأظهر
- وبالبقيع قبة يقال إن فيها قبر عقيل بن أبي طالب وابن أخيه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب والمنقول أن قبر عقيل في داره وفيه حظيرة مستهدمة مبنية بالحجارة يقال إن فيها قبور من دفن من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنهن, وفيه قبر إبراهيم ابن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو مدفون إلى جنب عثمان بن مظعون ودفن إلى جنب عثمان بن مظعون عبد الرحمن بن عوف رضوان الله عليهم أجمعين وعثمان هذا أول من دفن بالبقيع في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة
- ويأتي أحدا يوم الخميس مبكرا كي لا تفوته جماعة الظهر بالمسجد فيزور قبور شهداء أحد ويبدأ بقبر حمزة عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويزور جبل أحد نفسه ففي الصحيح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أحد جبل يحبنا ونحبه وفي رواية لابن ماجة أنه على ترعة من ترع الجنة وأن عيرا على ترعة من ترع النار, وعن ابن عمر رضي الله عنهما مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمصعب بن عمير فوقف عليه وقال أشهد أنكم أحياء عند الله فزوروهم وسلموا عليهم فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه السلام إلى يوم القيامة
- ويستحب أن يأتي مسجد قباء يوم السبت اقتداء به صلى الله عليه وآله وسلم لأنه كان يأتيه في كل سبت راكبا وماشيا متفق عليه وهو أول مسجد وضع في الإسلام وأول من وضع فيه حجرا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان رضي الله عنهم وينوي زيارته والصلاة فيه فقد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أن الصلاة فيه كعمرة
- ويأتي في قباء بئر أريس التي تفل فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفيها سقط خاتمه صلى الله عليه وآله وسلم من عثمان رضي الله عنه فيتوضأ ويشرب
- ويزور مسجد الفتح وهو على قطعة من جبل سلع من جهة الغرب فيركع فيه ويدعو روى جابر أنه صلى الله عليه وآله وسلم دعا فيه ثلاثة أيام على الأحزاب فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين, والمساجدَ التي هناك منها مسجد يقال له مسجد بني ظفر وفيه حجر جلس عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويقال ما جلست عليه امرأة تريد الولد إلا حبلت
- ويقال إن جميع المساجد والمشاهد المفضلة التي بالمدينة ثلاثون يعرفها أهل المدينة ويقصد الآبار التي كان صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ منها ويشرب وهي سبعة منها بئر بضاعة والله أعلم ) اه

المبحث الثاني :
من أقوال المالكية :
في القوانين الفقهية لابن جزي 1/96: ( ومن المواضع التي ينبغي قصدها تبركا:
- قبر إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر وهما في الحجر
- وقبر آدم عليه السلام في جبل أبي قبيس
- والغار المذكور في القرآن وهو في جبل أبي ثور
- والغار الذي في جبل حراء حيث ابتدأ نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
- وزيارة قبور من بمكة والمدينة من الصحابة والتابعين والأئمة ) اه
وممن ذكر مشروعية زيارة المشاهد بمكة والمدينة من المالكية ابن فرحون في منسكه المسمى ( إرشاد السالك إلى أفعال المناسك) 2/899
لكن يشكل على هذا: ما في البدع لابن وضاح ص 43 قال ابن وضاح : ( وكان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار للنبى صلى الله عليه وآله وسلم ما عدا قباء وحده) اه ونقله عنه الطرطوشي في الحوادث ص 115
والجواب عن ذلك:
- أن الأمر راجع إلى مسألة البدعة الإضافية وهل هي مكروهة أم لا؟ وجمهور أهل العلم على عدم كراهتها والإمام مالك وأكثر متقدمي المالكية على كراهتها وقد اختار أكثر متأخر المالكية قول الجمهور وصار هو المعمول به لما في قول الإمام مالك ومتقدمي أصحابه من المشقة على الأمة ولأن الدليل الشرعي يقوي مذهب الجمهور وتفاصي المسألة في كتاب العبد الفقير (البدعة الإضافية بين المجيزين والمانعين دراسة مقارنة)
- ثم وقفت على سبب كراهة مالك لذلك ففي البدع والنهي عنها لابن وضاح (ص 44) (ولقد كان مالك يكره المجيء إلى بيت المقدس!!! خيفة أن يتخذ ذلك سُنة وكان يكره مجيء قبور الشهداء ويكره مجيء قبا!!! خوفاً من ذلك وقد جاءت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم بالرغبة في ذلك ولكن لما خاف العلماء عاقبة ذلك تركوه!!!- قال أبن كنانة وأشهب- سمعنا مالكاً يقول لما أتاها سعد بن أبي وقاص قال وددت أن رجلي تكسرت وأني لم أفعل قيل وسئل أبن كنانة عن الآثار التي بالمدينة فقال أثبت ما عندنا في ذلك قبا إلا أن مالكاً كان يكره مجيئها خوفاً من أن تتخذ سُنة)اه

المبحث الثالث :
من أقوال الشافعية :
قال الإمام النووي في المجموع 8/276: (يستحب أن يزور المشاهد التي بالمدينة، وهي نحو ثلاثين موضعاً يعرفها أهل المدينة، فيقصد ما قدر عليه منها، وكذلك يأتي الآبار التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ منها، أو يغتسل، وهي سبع آبار، فيتوضأ منها ويشرب) اه
وفي المجموع أيضا 8/197: ( ويستحب أن يزور المواضع المشهورة بالفضل في مكة ، وهي ثمانية عشر منها : بيت المولد ، وبيت خديجة ، ومسجد دار الأرقم ، والغار الذي في ثور والغار الذي في حراء ، وقد أوضحهتا في كتاب المناسك والله أعلم ) اه
وقال الشربيني في مغني المحتاج 1/511 وشيخ الإسلام في أسنى المطالب 1/201: ( وأن يزور المواضع المشهورة بالفضل بمكة وهي ثمانية عشر منها بيت المولد وبيت خديجة ومسجد دار الأرقم والغار الذي في ثور والذي في حراء ) اه
وفي حاشية الشرواني على التحفة 4/143 : ( ويسن أن يزور الأماكن المشهورة بالفضل بمكة وهي ثمانية عشر موضعا ) اه
وقال الإمام عز الدين بن جماعة في هداية السالك 3/1397 : ( ويستحب كما قال جماعة من الشافعية وغيرهم أن يأتي الآبار التي شرب منها وتوضأ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فيتبرك بمائها، وأن يتبرك بسائر المشاهد التي بالمدينة ) اه
وقال الدمياطي في إعانة الطالبين 2/315 : ( ويسن أن يزور المشاهد وهي نحو ثلاثين موضعا يعرفها أهل المدينة ) اه
وقد ذكر مشروعية زيارة تلك المشاهد كثير من الأئمة الشافعية غير من سبق ومنهم :
- الغزالي في الإحياء 1/260
- والقسطلاني في المواهب 2/401
- والسمهودي في الوفاء 3/819 و 4/1390
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس