الموضوع: العَمَه
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-30-2012
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي العَمَه

إسماعيل ديب

تحفل اللغة العربية بألفاظ عميقة الدلالة، تحتاج الإحاطة بها أو ترجمتها للغات الأخرى إلى جملة بكاملها حتى تفسرها تفسيراً دقيقاً، فنقول مثلاً: رأيت الشمس بازغة وهي رؤية بصرية، ونقول رأيت الجُملة مفككة، وهي رؤية إدراكية عقلية، وكلها من “رأى”، فالإبصار والرؤية بالعين، والبصيرة بالقلب والعقل.

الكثيرون ممن أنعم الله عليهم بنعمة البصر، ولديهم عيون يبصرون بها، لا يرون فيها أبعد من ظلهم، بل هم عميان القلوب، ومن العميان من هم يبصرون أكثر من المبصرين بأعينهم، فهم يرون بقلوبهم وبصيرتهم، والأعمى ليس من فقد نعمة البصر، بل هناك من عميان القلوب الذين لهم عيون، ولكنهم لا يرون بها، إنه عمى البصيرة، بل هناك من أكثر عمىً وأولئك هم العُمّه.

العَمَهُ: العَمَهُ: التَّحَيُّر والتَّرَدُّد؛ أي تُرَدِّدُ النظرَ، وقيل: العَمَهُ التَّرَدُّدُ في الضلالة والتحير في مُنازعة أو طريق؛ وهو أن لا يعرف الحُجَّة؛ وقيل: هو ترَدّده لا يدري أين يتوجه.


الفرق أن العمى عام في البصر وفي الرأي، أي: العمى في البصيرة وفي البصر، أما العمه فهو خاص بالرأي، وهو التحير والتردد لا يدري أين يتوجه؛ ولذلك يقول الله تعالى: “وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ” أي: يزيدهم حيرة وتردداً وضلالاً.
وقوله: (في طغيانهم) فيه إشارة إلى أن هذا الطغيان غمرهم دنسُه وعلاهم رجسُه، حتى غرقوا في هذا الطغيان، فهم يترددون حيارى ضلالاً لا يجدون إلى المخرج منه سبيلاً، حيثما يمموا لا يرون إلا هذا الضلال، وهذا التردد، وهذا الطغيان!

وفي التنزيل العزيز: “ونذَرُهُم في طُغْيانهم يَعْمَهُون”؛ ومعنى يعمهون: يتحيرون.

وفي حديث عليّ، كرّم الله وجهه: فأينَ تَذْهَبُونَ بل كيف تَعْمَهُون؟ وقيل: العَمَهُ في البصيرة كالعمى في البصَر.

ورجل عَمِهٌ عامِهٌ أي يتَرَدُّدُ متحيّراً لا يهتدي لطريقه ومَذْهَبِه، والجمع عَمِهون وعُمَّهٌ.

وقد عَمِه وعَمَه يَعْمَهُ عَمَهاً وعُمُوهاً وعُمُوهةً وعَمَهاناً إذا حادَ عن الحق؛ قال رؤبة:

ومَهْمَهٍ أطْرافُه في مَهْمَهِ،... أعْمَى الهُدَى بالجاهِلينَ

العُمهِ والعَمَهُ في الرأْي، والعَمَى في البصَر. وقيل يكون العَمى عَمى القلب. يقال: رجل عَمٍ إذا كان لا يُبْصر بقلبه.

وأرض عَمْهاءُ: لا أعلامَ بها.

العمه يدل على شيء واحد وهو الحَيرة وقِلّة الاهتداء.

أبو العتاهية:

ألا يا بَنــي آدَمَ اسْــــتَنْبـِـهُوا، أما قـدْ نُهــيتُمْ فلا تنتهُــوا

أيَا عجــباً مِنْ ذَوِي الاعـتِبــارِ مَا منهـُــمُ اليـومَ مُســـتنبِهُ

طغَى الناسُ حتى رأيتُ اللبيبَ فِي غَــــيِّ طُــغيانِهِ يعْــــمِهُ


__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس