عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #22
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

فدعا الشيخ لضيوفه وللأمير بالهداية بعد الضلال. وقام الفتاك، فقبلوا يد الشيخ، وظلوا يقبلونها حتى غسلوها بدموع الندم!.. وطلبوا منه الدعاء، فطلب منهم أن يتوضأوا ليصلي بهم. وحين فرغوا من الوضوء أمهم الشيخ في صلاة توبة على خضرة الأرض، تحت شعاع النجوم!.. وطلب أبناء الشيخ منه أن يبلغ السلطان، فأبى.

حتى إذا جاء يوم العيد، وخرج السلطان في أبهة الملك الى القلعة، وحوله الأمراء يتشامخون ـ وفيهم ذلك الأمير ـ واجه الشيخ سلطانهم بما روع الأمراء وألقى الهيبة من الشيخ في قلوبهم. ويصف السبكي ذلك المشهد في طبقات الشافعية: «طلع شيخنا من عز الدين مرة الى السلطان في يوم عيد الى القلعة، فشاهد العساكر مصطفين بين يديه ومجلس المملكة وما السلطان عليه يوم العيد من الأبهة، وقد خرج على قومه في زينة على عادة سلاطين الديار المصرية، وأخذت الأمراء تقبل الأرض بين يدي السلطان فالتفت الشيخ الى السلطان وناداه:

«يا أيوب.. ما حجتك عند الله إذا قال لك ألم أبوىء لك ملك مصر ثم تبيح الخمور؟»

قال السلطان: «هل جرى ذلك؟»

قال: «نعم الحانة الفلانية تبيع الخمور وغيرها من المنكرات وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة.»

وأخذ الشيخ يناديه كذلك بأعلى صوته والعساكر واقفون.

فقال السلطان: «يا سيدي هذا أنا ما عملته. هذا من زمان أبي.»

فقال الشيخ: «أنت من الذين يقولون إنا وجدنا آباءنا على أمة؟!»

فأمر السلطان بإغلاق الحانة.

وبعد أن انصرف سأله أحد تلاميذه عما فعله، فقال الشيخ:

– رأيته في تلك العظمة فأردت أن أهينه لكيلا تكبر نفسه فتؤذي.

فقال التلميذ: أما خفته؟

قال الشيخ: والله يا بني لقد استحضرت هيبة الله تعالى فصار السلطان أمامي كالقط.»

وعاد الشيخ من القلعة، فطاف ببيوت بعض أصدقائه وتلاميذه يهنئهم بالعيد، ثم عاد الى بيته يستقبل المهنئين.

اهتم الشيخ عز الدين بوضع أصول للفقه، فألف كتابه «قواعد الأحكام في مصالح الأنام» وقد ضمه كثيرا من القواعد الفقهية. وقال في أوله: «الشريعة كلها إما درء مفاسد أو جلب مصالح. فإذا سمعت الله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا) فلا تجد إلا خيرا يحثك عليه أو شرا يزجرك عنه أو جمعا بين الحث والزهر. وقد أبان الله تعالى ما في بعض الأحكام من المفاسد فحث على اجتناب المفاسد وما في بعض الأحكام من المصالح فحث على إتيان المصالح.»

ثم يقول: أما مصالح الدارين «الدنيا والآخرة» وأسبابها ومفاسدها فلا تعرف إلا بالشرع. فإن خفي طلب بأدلة الشرع وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستدلال الصحيح. أما مصالح الدنيا وأسبابها ومقاصدها فمعروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون والمعتبرات. فإن خفي شيء من ذلك طلب من أدلته. ومن أراد أن يعرف المصالح والمفاسد فليعرضها على العقل.

فهو يدعو الى إعمال العقل في استنباط الأحكام، وفي التعرف على المصالح. وهو يرى أن الاحكام إن لم يمكن استنباطها من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس، فيجب أستنباطها بما يحقق مصلحة ويدرأ مفسدة. والعقل هو أداة هذا الاستنباط.

ويقول: «إن الطب كالشرع وضع لجلب مصالح السلامة والعافية ولدرء معاطب الأسقام. الذي وضع الشرع هو الذي وضع الطب فإن كل واحد منهما موضوع لجلب مصالح العباد ودرء مفاسدهم.» " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس