عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضا

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و به نستعين
و صل اللهم و سلم على سيدنا و مولانا محمد الذي أسر القلوب بجماله و الأرواح بكماله و آل بيته الأطهار و صحابته الأخيار
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
يقول بن عطاء الله السكندري رضي الله عنه: " ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضا و يطلب منه غرضا فإن المحب من يبذل لك ليس المحب من تبذل له "
إن الذي يدعي محبة محبوبه ثم ينتظر منه جزاءا على حبه فإنه ليس بمحب و إنما هو مصانع لقضاء الحاجة لأن من أحب أحدا ليعطيه أو ليدفع عنه فإنما أحب نفسه إذ لولا غرض نفسه فيه ما أحبه فهو كالبائع يعطي لينال عوضا على ذلك و المحب حقيقة هو المقتول في محبة سيده يحبه و يسعى إلى إرضائه دون عوض على ذلك.
و قد قالوا عن المحبة: "هي أخذ الرب بقلب العبد بحيث لا يلتفت إلى غيره أو أخذ جمال المحبوب بمحبة القلب حتى لا يجد مساغا للإلتفات لسوى المحب فمتى وقع الالتفات نقص الحب على قدره."
أي تملك حب الرب و جماله من قلب المحب فلم يبق فيه متسع لمحبة غيره لذبك لم يلتفت إلى غير محبوبه لأنه لم يجد جمالا كجماله و لا وصفا كوصفه و لا نعتا كنعته و لا نورا كنوره فكيف يمكنه أن يستسيغ محبة غيره و قد فنا في هوى ربه و من التفت إلى الغير فليس بمحب.
قال أحد الناس لامرأة: إني أحبك فقالت: و كيف وخلفك من هو خير مني فالتقت فقالت: قبحك الله من محب تدعي المحبة و تلتفت للغير
و كذلك العبد إذا ادعى محبة سيده ثم أحب شيئا أو استحسن شيئا من السوى أو اشتكى شيئا أو خاف من شيء سوى محبوبه فهو ناقص المحبة أو مدعيها و من ادعى شيئا ليس فيه أتته الامتحانات و الابتلاءات لتظهر حقيقة ما خفي فيه من صدق أو كذب من إخلاص أو خذلان لذلك لا تدعي المحبة حتى تجد في نفسك الصدق فيها و تعرف أنك مستعد لتبذل فيه كل ما تملكه دون أن تنتظر منه شيئا كما قال السكندري: " فإن المحب من يبذل لك ليس المحب من تبذل له" اي تبذل في سبيل محبوبك الغالي و النفيس و ليس هو الذي يبذل لك لكي تحبه فمن أراد الوصول إلى محبة الله أعطى نفسه و ماله و كل ما يملك دون أن يندم و يحزن على ما فقده لأن حب الله أغلى و أعلى من كل الممتلكات و لأجله كان هذا الكون و أرسلت الرسل و كان الأولياء و الشيوخ ليظهروا لنا عظمته و يذيقوننا أسرارها و يفتحوا لنا باب أنوارها فمحبة الله هي الغاية و المنتهى و لأجلها باع سادتنا أرواحهم في طلب مولاهم ثم استصغروا ما باعوا و استحيوا مما بذلوا لقلة ما أعطوا في مقابل ما طلبوا لأنهم عرفوا أن حب الله أغلى و أكبر من أن يكون له ثمن فقد شاهدوا جماله و بهائه و غابوا في شهود جماله و تاهوا في حضرة بهائه و في ذلك يقول سلطان العشاق ابن الفارض رضي الله عنه:
لو أن روحي في يدي و وهبتها
لمبشري بقدومكم لم أنصف
مالي سوى روحي و باذل روحه
في حب من يهواه ليس بمسرف
فلئن رضيت بها فقد أسعفتني
ياخيبة المسعى إذا لم تسعف
و في الختام يقول سيدي بن عجيبة: و بالجملة فأمر المحبة كبير و بحرها خطير و في ذلك قالوا ما خاضوا بحر الرباح حتى خاضوا بحر الخسارة لا تنال إلا بذبح النفوس و ترك الفلوس
إن ترد وصلنا فموتك شرط
لا ينال الوصال من فيه فضله
....

إيقاظ الهمم في شرح الحكم لسيدي بن عجيبة الحسني
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 11-02-2011 الساعة 07:18 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس