عرض مشاركة واحدة
قديم 04-06-2011
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 445
لو سأل اهل الايمان - الذين يعدون بالمليارات - في يوم المحكمة الكبرى منكم وسألوا الذين يضيقون على طلاب رسائل النور (الذين يعملون على اظهار حقائق القرآن) ويحكمون عليهم بالسجن، وقالوا:
انكم كنتم في غاية التسامح مع كتب الملاحدة والشيوعيين ومنشوراتهم باسم قانون الحرية وتسامحتم مع الجمعيات التي ربت وغذت الفوضى، ولم تتعرضوا لهم ابداً، ولكنكم اردتم ان تقضوا على رسائل النور وعلى طلابها بالسجن وبشتى وسائل التضييق، مع انهم كانوا يحاولون انقاذ الوطن والامة من الالحاد ومن الفساد وانقاذ مواطنيهم من الاعدام الأبدي.. لو سألوكم هذا فماذا سيكون جوابكم؟ ونحن ايضا نوجه هذا السؤال اليكم.. لقد قلت هذا لهم، وعند ذلك قام اولئك الذوات المحترمون الذين كانوا من اهل الانصاف والعدالة باصدار قرار بتبرئتنا واظهروا عدالة جهاز العدالة.
الرابعة:
كنت انتظر ان تستدعيني "انقرة" او "آفيون" الى لجنة الشورى وتعاطي الاسئلة والاجوبة حول المسائل الكبيرة التي أخذت رسائل النور على عاتقها القيام بها.
أجل! ان رسائل النور هي اقوى وسيلة وانجع دواء لهذه الامة في هذا البلد في سبيل اعادة الاخوة الاسلامية السابقة والمحبة السابقة وحسن الظن والتعاون المعنوي بين ثلاثمائة وخمسين مليون مسلم، وفي سبيل البحث عن وسائل هذا التعاون. ونذكر ادناه امارة واضحة على ذلك:
لقد قام في هذه السنة في مكة المكرمة عالم كبير بترجمة اجزاء كبيرة من رسائل النور الى اللغة الهندية والى اللغة العربية وارسل هذه التراجم الى الهند والى الحجاز قائلاً:
"ان رسائل النور تحاول تحقيق وحدتنا واخوتنا الاسلامية التي هي اقوى سند نستند اليها، وهي بذلك ترينا ان الامة التركية هي دائماً في المقدمة من ناحية الدين والايمان".
الشعاع الرابع عشر - ص: 446
كما كنت اتوقع ان تثار اسئلة في مسائل كبيرة كالجبال الشوامخ امثال: "ما درجة خدمة رسائل النور وطلابها ضد الشيوعية التي تحولت الى حركة فوضوية في وطننا؟ وكيف يمكن صيانة هذا الوطن المبارك وحفظه من هذا السيل الجارف المخيف؟"... كنت انتظر واتوقع هذا، فاذا بي افاجأ بمسائل تافهة لا تزن جناح ذبابة، ولاتتجاوز مسائل جزئية لاتستلزم مسؤولية، نابعة من احقاد شخصية وافتراءات مقصودة تجعل من الحبة قبة... وهكذا قاسيت من هذه الشروط والظروف القاسية آلاما لم اتجرعها حتى الآن. وقد وجهت الينا الأسئلة نفسها حول المسائل التي وجهت الينا في ثلاث محاكم سابقة والتي برأتنا منها هذه المحاكم مع اضافة مسألة او مسألتين شخصيتين تافهتين واسئلة لا معنى لها.
الخامسة:
لايمكن الوقوف امام رسائل النور ومبارزتها، لانها لاتُغلب فهي تسكّت منذ عشرين سنة اكثر الفلاسفة عناداً وتعلن حقائق الايمان كالشمس في رابعة النهار. لذا فعلى الذين يحكمون هذا البلد الاستفادة من قوتها.
السادسة:
ان التهوين من شأني بأخطائى الشخصية التي لا اهمية لها واسقاطى في نظر عامة الناس بانزال الاهانات بي، لا يضرّ رسائل النور، بل يمدّها - من جهة - اذ لو سكت لساني الفاني فان ألسنة مئات الالاف من نسخ رسائل النور لن تكفّ عن النطق، ولن تسكت عن الكلام والتبليغ، كما ان الالوف من طلبتها الاوفياء الذين منحوا قوة النطق ووضوح الحجة سيديمون تلك الوظيفة النورية القدسية الكلية ان شاء الله الى يوم القيامة، كما كان شأنهم الى الآن.
السابعة:
كما ذكرنا في دفاعاتنا امام المحاكم السابقة والتي سردنا فيها حججنا، فان اعداءنا السريين ومعارضينا الرسميين وغير الرسميين الذين خدعوا الحكومة واستغفلوها واستغلوا الاوهام والمخاوف المتسلطة على بعض اركانها ووجهوا جهاز العدالة ضدنا، إما أنهم من المخدوعين بشكل سئ جداً أو من المنخدعين أو هم يعملون لصالح
الشعاع الرابع عشر - ص: 447
الفوضويين من الذين يحاولون قلب نظام الحكم بشكل غادر، أو هم من اعداء الاسلام ومن المرتدين الذين يحاربون الحقيقة القرآنية ومن الملاحدة الزنادقة.. فهؤلاء لم يترددوا ابداً عندما حاربونا من اطلاق صفة النظام على الردة التامة، ومن اطلاق صفة "المدنية" على السفاهة والتسيب الاخلاقي الرهيب، ومن اطلاق صفة "القانون" على نظام الكفر القهري المنفلت والمرتبط بالاهواء. وهكذا استطاعوا ان يضيقوا علينا تضييقاً شديداً، واستغفلوا الحكومة وخدعوها ووجهوا جهاز العدالة للانشغال بنا دون اي داعٍ، لذا فاننا نحيل هؤلاء الى قهر القهار ذي الجلال ونلتجئ الى حصن (حسبنا الله ونعم الوكيل) ليحفظنا من شرور هؤلاء.
الثامنة:
قامت روسيا في السنة الماضية بارسال العديد من الحجاج الى حج بيت الله الحرام من اجل الدعاية واظهار الروس بمظهر من يحترمون القرآن اكثر من الامم الاخرى، ولتأليب العالم الاسلامي من الناحية الدينية ضد هذه الامة المتدينة في هذا الوطن. ثم انه نظراً للانتشار الجزئي لاجزاء كبيرة من رسائل النور في مكة المكرمة وفي المدينة المنورة وفي دمشق وحلب وفي مصر،وحيازتها على تقدير العلماء وقيامها بكسر الدعاية الشيوعية، فانها اظهرت للعالم الاسلامي بان الامة التركية واخوتهم لايزالون متمسكين بدينهم وبقرآنهم، وانها بمثابة الأخ الكبير للعالم الاسلامي وبمثابة قائد مقدام في سبيل خدمة القرآن. اي ان رسائل النور بينت هذه الحقيقة في تلك المراكز والمدن الاسلامية واظهرتها. فاذا كانت الخدمات الجليلة لرسائل النور تقابل بهذه الانواع من التضييق والالام ألا ترون من الممكن ان تحتد الكرة الارضية وتغضب؟.
التاسعة:
اورد هنا تلخيصاً لاثبات مسألة معينة اوردتها في مرافعتي امام محكمة "دنيزلي":
لو فرضنا ان قائداً رهيباً وعبقرياً استطاع بذكائه ان ينسب لنفسه جميع حسنات الجيش، وان ينسب سيئاته وسلبياته الشخصية للجيش، فانه يكون بذلك قد قلل عدد الحسنات التى هى بعدد افراد الجيش الى حسنة شخص واحد، وعندما نسب
الشعاع الرابع عشر - ص: 448
سيئاته واخطاءه الى الجيش يكون قد كثّر هذه السيئات بعدد افراد الجيش، وهذا ظلم مخيف ومجانب للحقيقة، لذا فقد قلت للمدعي العام في احدى محاكماتي السابقة عندما هاجمني لكوني وجهت صفعة تأديب لذلك الشخص 1 عندما قمت قبل اربعين سنة بشرح حديث نبوي، قلت للمدعى العام: حقاً انني اقلل من شأنه بايراد اخبار من الاحاديث النبوية، إلاّ أننى اقوم في الوقت نفسه بصيانة شرف الجيش وحفظه من الاخطاء الكبيرة، واما انت فتقوم بتلويث شرف الجيش الذي يعد حامل لواء القرآن، وقائداً مقداماً للعالم الاسلامي، وتلغي حسناته لأجل صديق واحد لك. فخضع ذلك المدعى العام للانصاف، باذن الله، ونجا من الخطأ.
العاشرة:
لما كان من المفروض ان يقوم جهاز العدالة بحفظ حقيقة العدالة وحفظ حقوق جميع المراجعين له دون اي تمييز، والعمل في سبيل الحق وباسمه وحده، فاننا نرى ان الامام علياً(رضي الله عنه) في ايام خلافته يمثل امام المحكمة مع يهودي ليتحاكما. وقد شاهد احد مسؤولي العدل ان احد الموظفين احتد وغضب على سارق ظالم وهو يقطع يده فاصدر امره بعزل ذلك الموظف في الحال، وقال آسفاً: "من خلط مشاعره الذاتية باجراء العدالة فقد اقترف ظلماً كبيراً".
أجل، ان الموظف عندما يقوم بتنفيذ حكم القانون ان لم يشفق على المحكوم فليس له ان يحتد عليه، فان فعل ذلك كان ظالماً. حتى ان احد الحاكمين العادلين قال: "ان الشخص الذي يقوم بتنفيذ قصاص القتل ان احتد وغضب اثناء ذلك التنفيذ يُعد قاتلاً".
اذن فما دامت الحقيقة الخالصة والبعيدة عن الاغراض هي التي لا بد ان تسود في المحكمة، فان من الغريب ان يتعرض طلاب النور - البريئون والمحتاجون الى من يسرّي عنهم والى تجلي العدالة في حقهم - الى اهانات ومعاملات قاسية هنا، رغم صدور قرار بتبرئتنا من ثلاث محاكم، ورغم وجود امارات عديدة لاستعداد تسعين في المائة من هذه الامة للشهادة وهذا يدل على انه لايمكن صدور اي ضرر من طلاب النور،
_____________________
1 المقصود هو مصطفى كمال اتاتورك.- المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 449
بل على العكس من ذلك فانهم يقدمون فوائد جمة لهذه الامة ولهذا الوطن، ولأننا قررنا ان نتحمل كل مصيبة وكل اهانة بكل صبر، فاننا نسكت ونحيل الأمر الى الله تعالى ونقول: "لعل في هذا الامر خيراً". ولكنني خشيت ان تؤدي هذه المعاملات الموجهة الى هؤلاء الابرياء نتيجة لتبليغات مغرضة الى قدوم البلايا، لذا اضطررت الى كتابة هذا الأمر. واذا كان هناك اي تقصير او ذنب في هذه المسألة فانه يعود الي. ولم يمد لي هؤلاء المساكين يد المساعدة إلاّ بدافع من ايمانهم ومن أجل آخرتهم ضمن مرضاة الله تعالى، ومع انهم كانوا يستحقون التقدير فان القيام بمثل هذه المعاملات القاسية تجاههم قد اغضب حتى الشتاء. ومن الغريب ايضاً والمحير أنهم ساقوا اوهام تشكيل جمعية مرة اخرى، مع ان ثلاث محاكم دققت هذه الناحية واصدرت قرارها بالبراءة. ثم انه لايوجد فيما بيننا اي امر يستدعي اتهامنا بتشكيل اية جمعية، ولم تجد المحاكم ولا رجال الأمن ولا اهل الاختصاص اية امارة حول ذلك، اذ لاتوجد بيننا سوى رابطة الاخوة الأخروية مثلما يوجد ما بين المعلم وتلاميذه وما بين استاذ جامعي وبين طلابه ومابين حافظ القرآن وتلاميذه الذين يسعون لحفظ القرآن. فالذين يتهمون طلاب النور بتشكيل جمعية عليهم ان ينظروا بنفس المنظار الى جميع اهل المهن والى جميع الطلاب والى جميع الوعاظ ايضاً، لذا فقد وجدت لزاماً علي ان ادافع عن هؤلاء الذين جئ بهم الى السجن هنا نتيجة اتهامات تافهة لا اساس لها ابداً.
ولما قمت بالدفاع ثلاث مرات عن رسائل النور التي يهتم بها هذا البلد والعالم الاسلامي والتي صدرت منها فوائد مادية ومعنوية كبيرة لهذه الامة، فساقوم بالدفاع عنها مرة اخرى منطلقا من الحقيقة نفسها، وليس هناك اي سبب يمنع دفاعي هذا ولايوجد اي قانون او اية سياسة تستطيع ان تحول بيني وتمنعني عن هذا.
اجل نحن جمعية... جمعية لها منتسبون يبلغ عددهم في كل عصر ثلاثمائة وخمسين مليوناً، وفي كل يوم يُظهر كل منتسب حرمته وتوقيره الكامل لمبادئ هذه الجمعية المقدسة بادائه الصلاة خمس مرات ويظهر استعداده لخدمة هذه المبادئ، ويهبون لمساعدة بعضهم بعضاً بادعيتهم وبمكاسبهم المعنوية حسب دستورهم المقدس (انما المؤمنون اخوة) (الحجرات:10). هانحن اولاء افراد هذه الجمعية
الشعاع الرابع عشر - ص: 450
العظيمة المقدسة، وظيفتنا الخاصة ايصال حقائق الايمان القرآنية بشكلها اليقيني الى أهل الايمان، وانقاذهم وانقاذ انفسنا من الاعدام الأبدي ومن السجن البرزخي الانفرادي، ولكن لاتوجد لنا اية علاقة بالجمعيات الدنيوية والسياسية المتسمة بالالاعيب وبالاساليب الملتوية، ولاتوجد لنا اية علاقة بلعبة الجمعيات او باية جمعية سرية مع ان هذه هي التهمة الموجهة الينا على الدوام ونحن اصلا لا نتدنى ابداً اليها.
وبعد ان قامت اربع محاكم بتدقيق هذا الأمر وتمحيصه جيداً قررت اصدار قراراتها بالبراءة.
سعيد النورسي

* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 451
تتمة ومرفق للدفاع
المقدم الى ستة مراجع في "انقرة" والى محكمة "آفيون" للجنايات الكبرى

اقول واصرح لمحكمة "آفيون" بان تحملي وصبري قد نفدا وانه يجب وضع حد لهذا الأمر. فنحن منفيون منذ إثنتين وعشرين سنة دون اي سبب، وتحت الترصد الدائم وكأن حبسي المنفرد وعزلي المطلق عن العالم لايكفي، فقد قدموني للمحاكم ست مرات وادخلوني السجن ثلاث مرات دون اي مبرر قانوني (سوى مسألتين او ثلاث) بل جراء اوهام وتوقع احتمالات، لانهم لم يجدوا في مائة رسالة من رسائل النور اي مأخذ قانوني ضدنا وعاقبوا طلاب النور بغرامات مالية بلغت مئات الالاف من الليرات، وهذا ظلم وغدر لامثيل له، وستلعن الاجيال القادمة بكل شدة مسببي هذا الظلم والقائمين به، اما يوم المحكمة الكبرى فاننا نؤمن الايمان كله بان هؤلاء الظالمين سيرمون الى جهنم وفي أسفل سافلين، وهذا ما جعلنا نجد بعض التسرية، والا فانه كان في مقدورنا ان ندافع بكل قوة عن حقوقنا.
وهكذا ففي خمس عشرة سنة دخلنا ست محاكم، وتم تدقيق رسائل النور ومكاتيبنا مدة عشرين سنة، وكانت النتيجة أننا بُرٍّئنا من قبل خمس محاكم تبرئة كاملة، اما محكمة "اسكي شهر" فلم تجد ما يوجب الادانة الا بضع جمل في رسالة صغيرة هي رسالة "الحجاب" واتخذتها عذراً، واستندت الى مادة قانونية مطاطة، واصدرت حكماً بعقوبة بسيطة ضدنا، ولكننا كتبنا في "اللائحة التصحيحية" التي قدمناها رسميا الى انقرة بعد محكمة التمييز واشرنا الى امر واحد فقط كانموذج على عدم قانونية الحكم، وقلنا:
"ان آية الحجاب التي توضح عادة من العادات الاسلامية القوية الواردة في الدستور المقدس لدى ثلاثمائة وخمسين مليونا منذ الف وثلاثمائة وخمسين عاماً.. هذه الآية الكريمة تعرضت لاعتراض احد الزنادقة، ولانتقاد المدنية؛ لذا قمت
الشعاع الرابع عشر - ص: 452
بتفسيرها والدفاع عنها متبعاً اجماع ثلاثمائة وخمسين الف تفسير 1 مقتدياً في ذلك نهج اجدادنا طوال الف وثلاثمائة وخمسين عاماً. فاذا كانت هناك عدالة في الدنيا فيجب اصدار حكم بنقض العقوبة الصادرة والحكم الصادر بحق رجل قام بمثل هذا التفسير، لكي تمسح هذه اللطخة العجيبة عن جبين جهاز العدالة في هذه الحكومة الاسلامية". وعندما قدمت هذه اللائحة التصحيحية التي كتبتها الى المدعي العام هناك اصيب بالذعر وقال:
"ارجوك! لا ضرورة لكل هذا، فعقوبتك خفيفة، والفترة الباقية قليلة جداً فلا حاجة لتقديم هذه اللائحة".
ولاشك انكم على علم بانني ادرجت نماذج اخرى عجيبة من الاتهامات ضمن الاعتراضات والدفاعات التي ارسلتها اليكم والى المراجع الرسمية في انقرة على غرار هذا الانموذج، لذا فاني اطلب من محكمة "آفيون" وآمل منها باسم العدالة اعطاء الحرية الكاملة لرسائل النور التي لها بركة وخدمة تعادل خدمة جيش باكمله في سبيل مصلحة هذه الامة وهذا الوطن. والا فان دخول بعض اصدقائي الى السجن بسببي يسوقني الى اقتراف ذنب يستحق اكبر عقوبة لكي اودع مثل هذه الحياة، فقد خطر على قلبي مايلي:
بينما كان من المفروض ان تقوم الحكومة بحمايتي وبمد يد العون والمساعدة لي، لوجود مصلحة كبيرة للامة او منفعة كبيرة للوطن في هذا الأمر، فان قيامها بالتضييق علي يشير الى ان عصابة الالحاد الخفية التي تحاربني منذ اربعين سنة والبعض من افراد عصابة الشيوعيين التي التحقت بها الآن، استطاعوا احتلال اماكن مهمة في المراكز الرسمية، وهؤلاء هم الذين يقودون الحملة ضدي. اما الحكومة فهي اما تجهل هذا الأمر او انها تسمح بذلك عن علم، وهناك امارات عديدة مقلقة حول هذا الأمر.
السيد رئيس المحكمة!
لو سمحتم فانني اود ان اطرح سؤالاً يحيرني كثيراً...
_____________________
1 لعل المقصود كلّ مؤلَّف يتناول آيات كريمة بالتفسير والتوضيح.- المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 453
لماذا يقوم اهل السياسة بتجريدي من جميع حقوقي المدنية ومن حقوقي في الحرية بل ربما من حقوقي في الحياة مع انني لم اشترك في السياسة ولم ادخل معتركها؟ لقد عاملوني وكانني سفاح خضب يديه بدماء مئات الضحايا، فوضعوني في حبس منفرد ومنعزل ثلاثة اشهر ونصف، وحاولوا اثناءها التعرض لحياتي واقدموا على تسميمي احدى عشرة مرة. وعندما اراد اصدقائي الحريصون وتلاميذي الصادقون حمايتي من شر هؤلاء منعوا اتصالهم بي، بل انهم حرموني حتى من مطالعة كتبي المباركة والخالية من اي ضرر والتي أجد الأنس معها في وحدتي وشيخوختي ومرضي وغربتي.
لقد رجوت المدعي العام ان يعطيني كتاباً واحداً من كتبي، ومع انه وعد بذلك الا انه لم يفعل، فاضطررت الى البقاء وحيداً في قاعة كبيرة ومقفلة وباردة دون اي شاغل اشغل به نفسي، واوعزوا الى الموظفين والى الخدم والحراس التعامل معي بعداوة وبخشونة بدلاً من المعاملة الحسنة التي قد اجد فيها بعض السلوان وبعض التسرية. وهاكم انموذجاً صغيراً من معاملتهم هذه:
كتبت عريضة الى المدير والى المدعي العام والى رئيس المحكمة، وارسلتها الى احد اخواني لكي يكتبها بالحروف الجديدة التي اجهلها، وفعلا تمت الكتابة وقُدمت العريضة لهم. لقد عدوا هذا جرماً كبيراً صادراً مني، فقاموا بتغطية وسد جميع نوافذ غرفتي وسمّروها، ومع ان الدخان كان يؤذيني، فانهم لم يتركوا نافذة واحدة دون تغطيتها وسدها. ومع ان انظمة السجن تقضي بالا تتجاوز مدة الحبس الانفرادي خمسة عشر يوماً، فانهم حبسوني حبساً انفرادياً مدة ثلاثة أشهر ونصف، ولم يسمحوا لاي صديق بالاتصال بي. ثم انهم أروني لائحة اتهام باربعين صفحة كتبوها وهيأوها في ثلاثة أشهر، ولانني لا اعرف الحروف الجديدة ولكوني مريضاً وذا خط ردئ، فقد رجوتهم ان يبعثوا اليّ من يقرأ هذه اللائحة مع طالبين من طلابي - من الذين يفهمون لغتي لكي يقوما بكتابة اعتراضي ودفاعي - فلم يأذنوا بذلك ولم يقبلوه وقالوا:
"ليأت المحامي لكي يقرأه". ثم لم يسمحوا حتى بذلك، بل قالوا لأحد الاخوان "اكتب اللائحة بالحروف القديمة واعطها له". ولكن كتابة تلك اللائحة لايمكن ان
الشعاع الرابع عشر - ص: 454
تتم الا في ستة أو سبعة أيام. وهكذا فبدلاً من قراءة تستغرق ساعة واحدة فقد مددوا هذا العمل الى ستة او الى سبعة ايام، وذلك لكي يمنعوا اي اتصال معي، وهذا عمل استبدادي مذهل يلغي كل حقوقي في الدفاع. ولا يتعرض سفاح ارتكب مائة جريمة وحكم عليه بالاعدام الى مثل هذه المعاملة في اية بقعة من بقاع الدنيا، والحقيقة انني في ألم شديد لانني لا اعرف اي سبب لمثل هذا التعذيب. لقد قيل لي بان رئيس المحكمة شخص عادل ورحيم، لذا فقد قمت بتقديم هذه الشكوى الى مقامكم كتجربة اولى وأخيرة.
توجد اربعة اسس في لائحة الاتهام:
الاساس الاول:
وهو الادعاء بانني شخص افخر بنفسي وامجدها. وقد رددت هذا الادعاء بكل ما املك من قوة، وكانت اللجنة المختصة في محكمة "دنيزلي" قد ذكرت انه "لو ادعى سعيد انه المهدي المنتظر لقبل كل طلابه ذلك".
الاساس الثاني:
قيامه باخفاء مؤلفاته.
يجب ألاّ تُعطى معاني خاطئة من قبل الاعداء المتسترين، لأن الإخفاء لم يكن بقصد سياسي او باي قصد يضر بأمن البلاد، ولايعد وجود جهاز طبع بالحروف القديمة عذراً لهم للهجوم علينا. اما قضية الصفعة الموجهة من "رسائل النور" الى مصطفى كمال 1 فقد عرفتْ بها ست محاكم وكذلك المراجع الرسمية في "انقرة" فلم يعترضوا عليها واصدروا قرارهم بتبرئتنا واعادوا لنا جميع كتبنا ومن ضمنها
_____________________
1 اورد الادعاء العام اتهاماً نتيجة سوء فهم فيما ورد من كرامة «رسائل النور» التي تجلى بعضها كصفعات تأديبية. إذ زعموا اننا نقول ان البلايا والزلازل التي حدثت في اثناء الهجوم على طلاب النور وعلى رسائل النور انما هي صفعات من رسائل النور... حاشا ثم حاشا، نحن لم نقل ولم نكتب هذا، بل ذكرنا في مواضع عدة مع ايراد الادلة، ان "رسائل النور" بمثابة صدقات مقبولة، لذا فهي وسيلة لدفع البلايا، فعندما يتم الهجوم على «رسائل النور» تبهت الانوار وتجد المصائب الفرصة سانحة للظهور. أجل ان مئات الحوادث والوقائع وشهادة وتصديق الآلاف من طلاب النور ترينا استحالة وجود المصادفة في توافق تلك الحوادث كما أظهرنا ذلك جزئياً في المحاكم فاننا نؤمن بشكل قاطع بان هذه التوافقات دليل على قبول رسائل النور ودليل على الكرم الالهي وهو نوع من الكرامة المهداة من القرآن الكريم الى رسائل النور.- المؤلف.
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس