عرض مشاركة واحدة
قديم 04-28-2010
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي فوقية الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أليس الله فوق العرش؟سمعت من أحد الأساتذة أن من يقول :إن الله فوق السماوات والارض يكون مشركاً، ويقول بأن الله ليس لديه مكان لأنه ليس محتاجاً إليه




الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ..

فلتعلم أخي السائل أن أهل السنة والجماعة يثبتون العلو لله تعالى، وليس معنى علوه تعالى الاستقرار أو الجلوس على العرش، لأن هذا المعنى باطل يفيد التجسيم، ثم هو معنى لم يرد به كتاب ولا سنة، وقد رده الشرع والعقل قال الحافظ العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري: (ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محالا على الله أن لا يوصف بالعلو لأن وصفه بالعلو من جهة المعنى، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس).

وقال الإمام الخطابي رحمه الله: (وليس معنى قول المسلمين إن الله على العرش هو أنه تعالى مماس له أو متمكن فيه أو متحيز في جهة من جهاته، لكنه بائن من جميع خلقه، وإنما هو خبر جاء به التوقيف فقلنا به ونفينا عنه التكييف إذ ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).

وقال الإمام أحمد بن حنبل قبلهما كما في عقيدة الإمام أحمد المطبوعة في آخر المجلد الثاني من طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى: (وكان يقول - الإمام أحمد - في معنى الاستواء: هو العلو والارتفاع، ولم يزل الله عاليا رفيعا قبل أن يخلق عرشه، فهو فوق كل شيء والعالي على كل شيء، وإنما خص الله العرش لمعنى فيه مخالف لسائر الأشياء، والعرش أفضل الأشياء وأرفعها، فامتدح الله تعالى نفسه بأنه على العرش استوى، أي عليه علا. ولا يجوز أن يقال: استوى بمماسة ولا بملاقاة. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، والله تعالى لم يلحقه تغير ولا تبدل، ولا يلحقه الحدود قبل خلق العرش ولا بعد خلق العرش).

وقال الإمام الباقلاني في "الإنصاف": (وإن الله - جل ثناه - مستو على العرش، ومستول على جميع خلقه كما قال تعالى: (الرحمن على العرش استوى) بغير مماسة وكيفية ولا مجاورة).

وقال الإمام الغزالي في "قواعد العقائد": ( وأنه مستو على العرش على الوجه الذي قاله، وبالمعنى الذي أراده، استواءاً منزهاً عن المماسة والاستقرار، والتمكن والحلول والانتقال، لا يحمله العرش، بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته... تعالى الله عن أن يحويه مكان، كما تقدس عن أن يحده زمان، بل كان قبل خلق الزمان والمكان، وهو الآن على ما عليه كان).

فإذا فهمت فوقية الله على العرش بالمعنى الذي قرره الإمام أحمد ومن ذكرنا من العلماء فهو معنى صحيح، وإذا فهمت الفوقية بمعنى المماسة أو الجلوس أو الاستقرار فهو معنى باطل، لا يجوز أن يعتقده المسلم في ربه، وقد أوضح هذا الذي قلناه الإمام أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا النفراوي المالكي في كتابه الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني فقال (1/49): "والحاصل أنه يجوز إطلاق لفظ الفوقية الغير المقيدة بلفظ الذات على الله , فيجوز قول القائل الله فوق سمائه أو فوق عرشه, وتحمل على فوقية الشرف والجلال والسلطنة والقهر، لا فوقية حيز ومكان، لاستحالة الفوقية الحسية عليه تعالى، لاستلزامها الجرمية والحدوث، الموجبين للافتقار المنزه عنه الخالق جل وعلا ... إذا تقرر هذا فالناس عالة على الصدر الأول , فإذا كان إطلاقهم هذا فيتعين علينا تفهمه بالتمثيل والبسط، إذ قد غلبت العجمة على القلوب حتى ظنت أن هذا الإطلاق يلزم منه إثبات الجهة في حق المنزه عنها تقدس وتعالى...واعلم أن الفوقية عبارةٌ عن كون الشيء أعلى من غيره، وتكون حسية ومعنوية، كزيد فوق الفرس, والسلطان فوق الوزير, وأن الذي يجوز عليه المكان يجوز أن تكون فوقيته حسية ومعنوية , والذي يستحيل عليه المكان والجسمية لا تكون فوقيته إلا معنوية...ففوقية الرحمن على عرشه المراد بها فوقية معنوية لما قدمنا, وحمل الفوقية في حقه تعالى على المعنوية مبني على طريقة الخلف وهي المؤولة, وعليها إمام الحرمين وجماعة كتأويل اليد بالقدرة, وأما السلف فيقفون عن الخوض في معنى ذلك ويفوضون علم ذلك إلى الباري - سبحانه وتعالى).

ومن فسر الفوقية بفوقية المكان، وأن الله بذاته فوق العرش فقد ابتدع.

قال الإمام المحدث البيهقي في شعب الإيمان (1/103) نقلاً عن الحليمي: (وأما البراءة من التشبيه بإثبات أنه ليس بجوهر ولا عرض، فلأن قوما زاغوا عن الحق، فوصفوا الباري جل وعز ببعض صفات المُحدَثِين: فمنهم من قال : إنه جوهر. ومنهم من قال : إنه جسم ..ومنهم من أجاز أن يكون على العرش قاعدا، كما يكون الملك على سريره، وكل ذلك في وجوب اسم الكفر لقائله كالتعطيل والتشريك.

فإذا ثبت أنه ليس كمثله شيء، وجماع ذلك أنه ليس بجوهر ولا عرض، فقد انتفى التشبيه، لأنه لو كان جوهرا أو عرضا لجاز عليه ما يجوز على سائر الجواهر والأعراض، وإذا لم يكن جوهرا ولا عرضا لم يجز عليه ما يجوز على الجواهر من حيث إنها جواهر كالتأليف والتجسيم، وشغل الأمكنة والحركة والسكون، ولا ما يجوز على الأعراض من حيث إنها أعراض كالحدوث وعدم البقاء).

وقال بدر الدين الزركشي في كتابه البحر المحيط في أصول الفقه (8/280) : (وأما المخطئ في الأصول والمجسمة : فلا شك في تأثيمه وتفسيقه وتضليله. واختلف في تكفيره، وللأشعري قولان، قال إمام الحرمين وابن القشيري وغيرهما: وأظهر مذهبيه ترك التكفير, وهو اختيار القاضي في كتاب "إكفار المتأولين" وقال ابن عبد السلام: رجع الأشعري عند موته عن تكفير أهل القبلة, لأن الجهل بالصفات ليس جهلا بالموصوفات. وقال: اختلفنا في عبارة والمشار إليه واحد).



والخلاصة
مجمل القول: أن حكم أهل العلم من المحققين أن المخطي في الأصول والمجسمة غير كافر وهو أظهر قولي الامام أبي الحسن الأشعري رحمه الله كما نبه عليه إمام الحرمين وابن القشيري وهو اختيار القاضي أبوبكر الباقلاني رحمه الله ، وذلك لأن الجهل بالصفات ليس جهلاً بالموصوف والله أعلم
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس