عرض مشاركة واحدة
قديم 01-26-2010
  #6
admin
مدير عام
 الصورة الرمزية admin
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: uae
المشاركات: 717
معدل تقييم المستوى: 10
admin تم تعطيل التقييم
افتراضي رد: من كلام الإمام ابن عطاء الله السكندري



[/SIZE][/CENTER]

بسم الله الرحمن الرحيم






:قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه







مَا نَفَعَ القَلبُ شَيء مِثْلَ عُزلةٍ يَدخُلُ بِهَا مَيدانَ فِكرَةٍ




الشرح



وذلك لأنه يوصل إلى معرفة حقائق الأشياء وتزداد به معرفة الله ويطلع به المتفكر على خفايا آفات النفس ومكائد الشيطان وغرور الدنيا. والشأن في العزلة أن تكون بالقلب والقالب، بأن يتباعد صاحبها عن الخلق. وقد تكون بالقلب فقط بأن يختلط بجسمه معهم مع تعلّق قلبه بالحق كما قالت رابعة العدوية




ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي وأبحت جسمي من أراد جلوسي



فالجسم مني للجليس مؤانس وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي



ويقول الدكتور البوطي: وهذه الحكمة تُركز على ضرورة اتخاذ الإنسان ساعات من العزلة بين الفينة والأخرى يخلو فيها إلى نفسه كي يُقومها، وليس المقصود بها العزلة الدائمة عن المجتمع، إنما هي عُزلات متفرقة، فهي بمثابة الحمية للمريض. والدليل عليها فعل الرسول صلى الله عليه و سلم سلسلة الخلوات في غار حراء، و التي واظب عليها حتى بعد البعثة حين كان يقوم في الليل فيصلي و يقرأ القرآن





كَيْفَ يُشْرِقُ قلب صُوَرُ الأكوان مُنْطَبِعَةٌ في مِرْآتهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَرْحَلُ إلى اللهِ وَهُوَ مُكَبَّلٌ بِشَهْواتِهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَطمَعُ أنْ يَدْخُلَ حَضرة اللهِ وَهُوَ لَمْ يَتَطَهَرْ مِنْ جَنْابِةِ غفلاته؟ أَمْ كَيْفَ يَرْجو أَنْ يَفْهَمَ دَقائِقَ الأسرار وَهُوَ لَمْ يَتُبْ مِنْ هَفْواتِهِ؟




الشرح



المطالب أربعة: إشراق القلب، والرحيل إلى حضرة الله تبارك وتعالى، ودخولها، والإطلاع على أسرارها. وكل واحدة وسيلة لما بعدها. والموانع أربعة : انطباع صور الأكوان في عين القلب، والتكبّل بالشهوات، وعدم التطهير من جنابة الغفلات، وترك التوبة من الهفوات




طَلَبُكَ مِنهُ اتِّهامٌ لَهُ. وَطَلَبُكَ لَهُ غَيْبَةٌ مِنْكَ عَنْهُ. وَطَلَبُكَ لغيره لِقِلَّةِ حَيائِكَ مِنْهُ. وَطَلَبُكَ مِنْ غيره لِوُجودِ بعدك عَنْهُ.




الشرح:


أي طلبك منه تعالى حوائجك معتمدا على الطلبمعتقدا أنه لولاه لما حصل مطلوبك اتهام له تعالى بأنه لا يرزقك إلا بالطلب. وأما إذا كان الطلب على وجه التعبد امتثالا لقوله تعالى : { ادعوني أستجب لكم } فلا يكون معلولا. (يشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم مالم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يستجب لي) فمعناه: يستجاب لأحدكم ما لم يظن أن له حق على الله أن يستجيب دعاءه إن دعاه).


وكذلك طلبك له تعالى، بأن تطلب قربك منه والوصول إليه بعملك، غيبة منك عنه، إذ الحاضر لا يُطلَب، وهو تعالى أقرب إليك من حبل الوريد. (فالأصل أن لا تغيب عنه ولا تغفل عنه البتة وذلك بدوام ذكره والأنس به جل جلاله).


وكذلك طلبك لغيره من الأعراض الدنيوية أو المراتب الأخروية لقلة حيائك منه إذ لو استحييت منه لم تؤثر عليه سواه.


وكذلك طلبك من غيره تعالى غافلا في حال الطلب عن مولاك إنما يكون لوجود بعدك عنه إذ لو كان قريبا منك لكان غيره بعيدا عنك .


فالطلب بأوجهه الأربعة معلول سواء كان متعلق ا بالحق أو الخلق إلا ما كان على وجه التعبد والتأدب واتباع الأمر وإظهار الفاقة












إحَالَتُكَ الأَعمَالَ عَلَى وُجُود الفَرَاغ منْ رُعُونَات النَّفسِ





الشرح


أي إحالتك أيها المريد الأعمال الصالحة على وجود الفراغ من أشغال الدنيا، تعدّ من رعونات النفس (أي حماقتها) لما في ذلك من إيثار الدنيا على الآخرة، وأشغال الدنيا لا تنقضي. وفي الحديث: ما من يوم إلا وهو ينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فاغتنم مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.





ما أرادت همّة سالك أن تقف عند ما كُشف لها إلا ونادته هواتف الحقيقة: الذي تطلب أمامك، ولا تبرّجت ظواهر المكوّنات إلا ونادته حقائقُها (إنّما نحن فتنة فلا تكفر)






الشرح



أي ما قصد سالك (أي سائر إلى الله تعالى) أن يقف بهمّته عند ما كُشِف لها من الأنوار والأسرار في أثناء السير، ظناً منه أنه وصل إلى النهاية في المعرفة، إلا ونادته هواتف الحقيقة (جمع هاتف وهو ما يُسمع صوته ولا يرى شخصه) أي قالت له بلسان الحال: الذي تطلب (الله ورسوله، "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" ) أمامك، فلا تقف. وما ألطف قول أبي الحسن التستري في هذا المعنى




ولا تلتفت في السير غيراً فكل ما سوى الله غيرٌ فاتخذ ذكره حصنا




وكل مقام لا تقم فيه إنه حجاب فجُدَّ السير واستنجد العونا



ومهما ترى كل المراتب تجتلى عليك فحل عنها فعَن مثلها حُلنا



وقل ليس لي في غير ذاتك مطلب فلا صورة تجلى ولا طرفة تُجنى






وقوله: ولا تبرّجت (أي أظهرت له زينتها ظواهر المكونات التي هي كالعروس في تبرجها) ، إلا ونادته حقائقها (أي بواطنها بلسان الحال): إنما نحن فتنة (أي ابتلاء واختبار) ، فلا تكفر، أي فلا تفتتن بنا ، ولا تقف عندنا ، فتحجب بنا عن معرفة الله التي لا تتناهى في دار البقاء الأبدية ، فضلاً عن هذه الدار الدنية ، وهو كفر بحق المنعم جل شأنه


وبالجملة فالوقوف بالهمّة على شيء دون الحقّ جل جلاله خسران ، والاشتغال بطلب ما يقرب إليه كرامة من الله ورضوان . فجد في الطلب ، والتزم حسن الأدب







ما تَوَقَّفَ مَطْلَبٌ أنْتَ طالِبُهُ بِرَبِّكَ، وَلا تَيَسَّرَ مَطْلَبٌ أَنْتَ طالِبُهُ بنفسك



الشرح




أي ما تعسّر مطلب من مطالب الدنيا والآخرة أنت طالبه بربك ؛ أي بالاعتماد عليه ، والتوسل إليه . فمتى أنزلت حوائجك به فقد تمسكت بأقوى سبب ، وفزت بقضائها من أفضاله بغير تعب . { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } ومعنى قوله : ولا تيسر مطلب أنت طالبه بنفسك ؛ أنك لو اعتمدت أيها المريد على حولك وقوتك ، تعسرت عليك المطالب ، ولم تتحصل على بغيتك









***************************************









:قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه







لا تَرْفَعَنَّ إلى غيره حاجَةً هُوَ مُوْرِدُها عَلَيْكَ. فَكَيْفَ يَرْفَعُ غَيْرُهُ ما كانَ هُوَ لَهُ واضِعاً! مَنْ لا يَسْتَطيعُ أَنْ يَرْفَعَ حاجَةً عَنْ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَسْتَطيعُ أنْ يَكونَ لَها عَنْ غيره رافِعا



الشرح


أي لا ترفعن إلى غيره تعالى حاجة ؛ كفقر أو نازلة هو موردها عليك اختباراً لك، بل ارفع إليه ذلك ، فإنه سبحانه يحب أن يُسأل ، وفي الحديث : من لم يسأل الله يغضب عليه. وما ألطف قول بعضهم


لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب



الله يغضب أن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب





ومن المحال أن يرفع غيره سبحانه ما كان هو له واضعاً ، فإن الله غالب على أمره ، والعبد شأنه العجز عن رفع النازلة عن نفسه ، فكيف يستطيع أن يرفعها عن غيره ؟ فالطلب من الخلق غرور وباطل ، وليس تحته عند أرباب البصيرة طائل ،وهذا إذا كان على وجه الاعتماد عليهم ، والاستناد إليهم ، مع الغفلة في حال الطلب عن الله تعالى . وأما إذا كان من باب الأخذ بالأسباب ، مع النظر إلى أن المعطي في الحقيقة الملك الوهاب ، فهو من هذا الباب








إنْ لَمْ تُحْسِنْ ظَنَّكَ بِهِ لأَجْلِ حُسْنِ وصفه، فَحَسِّنْ ظنَّكَ بِهِ لِوُجودِ معاملته مَعَكَ. فَهَلْ عَوَّدَكَ إلّا حَسَناً! وَهَلْ أَسْدى إلَيْكَ إلّا مِنَناً؟



الشرح


اعلم أن تحسين الظن بالله تعالى أحد مقامات اليقين ، والناس فيه على قسمين : فالخاصّة يحسنون الظن به ؛ لاتصافه بالصفات العلية ، والنعوت السنية . والعامّة لما عودهم به من الإحسان ، وأوصله إليهم من النعم الحسان ، فإن لم تصل أيها المريد إلى مقام الخاصة ، فحسن ظنك به لحسن معاملته معك ، فإنه ما عودك إلا عطاءً حسناً ، ولا أسدى ؛ أي أوصل ، إليك إلا مننا. والله عودك الجميل فقس على ما قد مضى.


وينبغي للعبد أن يحسّن الظن بربه في أمر دنياه وأمر آخرته ؛ أما أمر دنياه فأن يكون واثقاً بالله تعالى في إيصال المنافع إليه من غير كد ولا سعي، أو بسعي خفيف مأذون فيه مأجور عليه ، بحيث لا يفوته شيئاً من فرض ولا نفل ، فيوجب له ذلك سكوناً وراحة في قلبه ، فلا يستفزه طلب ، ولا يزعجه سبب . وأما أمر آخرته فأن يكون قوي الرجاء في قبول أعماله الصالحة ، فيوجب له ذلك المبادرة لامتثال الأوامر ، والتكثير من أعمال البر. ومن أعظم مواطن حسن الظن بالله تعالى حالة الموت لما في الحديث: لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله. وورد: أنا عند ظن عبد بي فليظن بي ما شاء



لا تفرحك الطاعة لأنها برزت منك ، وافرح بها لأنها برزت من الله إليك { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }(58) يونس



الشرح


أي لا يكون فرحك بالطاعة لأجل كونها برزت منك ، فإنك إذا فرحت بها من هذه الحيثية ، أورثتك العجب المحبط لها ؛ لأنك شاهدت أنها بحولك وقوتك . وإنما يكون فرحك بها ، لأجل كونها برزت من الله إليك ، وتفضل بها عليك قال تعالى : { وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (96) الصافات . ولذا استدل بآية : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }(58) يونس












***************************************




















__________________
اللهم يا من جعلت الصلاة على النبي قربة من القربات نتقرب اليك
بكل صلاة صليت عليه من اول النشأة الى ما لا نهاية الكمالات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 04-24-2017 الساعة 11:40 PM
admin غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس