فائدة في قوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ
هذا ما أملاه علينا سيدنا الشيخ حفظه الله تعالى من هامش مصحفه الشريف
فائدة في قوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ .غافر 7
قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله تعالى في تفسيره:
مما حكى الله عن هؤلاء الملائكة هو قوله تعالى: ويؤمنون به فإن قيل فأي فائدة في قوله ويؤمنون به فإن الاشتغال بالتسبيح والتحميد لا يمكن إلا وقد سبق الإيمان بالله؟ قلنا الفائدة فيه ما ذكره صاحب «الكشاف» ، وقد أحسن فيه جدا فقال إن المقصود منه التنبيه على أن الله تعالى لو كان حاضرا بالعرش لكان حملة العرش والحافون حول العرش يشاهدونه ويعاينونه، ولما كان إيمانهم بوجود الله موجبا للمدح والثناء لأن الإقرار بوجود شيء حاضر مشاهد معاين لا يوجب المدح والثناء، ألا ترى أن الإقرار بوجود الشمس وكونها مضيئة لا يوجب/ المدح والثناء، فلما ذكر الله تعالى إيمانهم بالله على سبيل الثناء والمدح والتعظيم، علم أنهم آمنوا به بدليل أنهم ما شاهدوه حاضرا جالسا هناك، ورحم الله صاحب «الكشاف» فلو لم يحصل في كتابه إلا هذه النكتة لكفاه فخرا وشرفا.
أقول: واعتقاد أهل السنة والجماعة أن الله جل وعلا ليس له مكان لا في الأرض ولا في السماء، لأنه كان ولا مكان، فهو إذاً ليس له مكان. وكذلك يدل على أن الملائكة عليهم السلام - ولو كانوا في السموات – فإنهم لا يشاهدون الله تعالى، فإيمانهم إيمان غيبيٌّ.
ويضيف الامام الرازي أيضا
دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَرْشِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ. [الْحَاقَّةِ: 17] وَلَا شَكَّ أَنَّ حَامِلَ الْعَرْشِ يَكُونُ حَامِلًا لِكُلِّ مَنْ فِي الْعَرْشِ، فَلَوْ كَانَ إِلَهُ الْعَالَمِ فِي الْعَرْشِ لَكَانَ هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةُ حَامِلِينَ لِإِلَهِ الْعَالَمِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُونَ حَافِظِينَ لِإِلَهِ الْعَالَمِ وَالْحَافِظُ الْقَادِرُ أَوْلَى بِالْإِلَهِيَّةِ وَالْمَحْمُولُ الْمَحْفُوظُ أَوْلَى بِالْعُبُودِيَّةِ، فَحِينَئِذٍ يَنْقَلِبُ الْإِلَهُ عَبْدًا وَالْعَبْدُ إِلَهًا، وَذَلِكَ فَاسِدٌ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ إِلَهَ الْعَرْشِ وَالْأَجْسَامِ مُتَعَالٍ عَنِ الْعَرْشِ وَالْأَجْسَامِ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات