بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
من منا لا يحب أن يوصف بالرجولة؟ ومن منا لا يفتخر برجولة أبيه أو ابنه أو أخيه؟ ومن مِنَ النساء لا تريد زوجها رجلا؟
ولكن السؤال الأبرز: هل فرقنا بين الرجولة وبين الذكورة أم اختلط علينا المعنيان..؟
فإذا تدبرنا آيات القرآن الكريم نجد أن الله تعالى ذكر الرجولة في أكثر من خمسين موضعًا، ويقصد بالرجولة أحيانا توافر صفات الرجولة في الذكر فقد قال سبحانه وتعالى: “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدلُوا تَبْدِيلاً” (الأحزاب: 23) ففي قوله تعالى:”من المؤمنين رِجَالٌ”، أتت من للتبعيض أي ليس كل ذكر رجلاً وإنما كل رجل ذكر فأراد هاهنا صفة الرجولة ولم يرد النوع أي الذكورة. فقد استخدم القرآن الكريم كلمة الرجولة للدلالة على كمال الإيمان والتضحية في سبيل هذا الإيمان
وكذلك الرجل هو من لم تشغله عوارض الدنيا الزائلة عن الآخرة، يقول الله تعالى: “في بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُو وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصلاةِ وَإِيتَاءِ الزكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ” (النور: ،36 37)، ومنه أيضا قوله تعالى: “وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبيَ الله” (غافر: 2
إن الشباب في كل عصر هم الشباب، ولكن ينقص البعض منهم التربية الصحيحة وفهم الحياة ومعرفة هدفه فيها، وهذه الأشياء لا تتحقق من تلقاء نفسها، بل لابد من دور للأسرة أولاً، ثم مؤسسة التعليم، وهناك من الشباب من يفهم الرجولة على أنها تحكم في الأخت وضرب للزوجة
يروى أن سيدنا عمر مرّ يوما على ثلة من الصبيان يلعبون فخافوا، وبقي صبي منهم في مكانه، هو “عبدالله بن الزبير” فسأله عمر: لِمَ لم تفعل كأصحابك؟، فقال: يا أمير المؤمنين، لم أفعل ذنباً فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك
ودخل غلام عربي على خليفة أموي ليتكلم باسم قومه، فقال الخليفة: “ليتقدم من هو أسن منك”، فقال الغلام: “يا أمير المؤمنين، لو كان التقدم بالسن لكان في الأمة من هو أولى منك بالخلافة
وعندما سقطت الأندلس وقف آخر ملوكها يبكي، فقالت له أمه
ابكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال
ولكن الواقع أن شبابنا في هذه الأيام واقع بين رذيلتين: إما فقدان لمعاني الرجولة الحقيقية كتحمل المسؤولية وصيانة المجتمع والدفاع عن الأمة وتربية الأبناء وقيادة مسيرة التقدم والتطور، وإما مبالغة مفرطة، كفهم البعض للرجولة بأنها تسلط على المرأة وتملك للأبناء وتفرد بالقرارات
إن الإسلام يريد رجالا بالمعنى الحقيقي للكلمة.. يريد من يكون على قدر المسؤولية التي حملها الله تعالى للرجال من أنهم قوامون على النساء قوامة تكليف لا تشريف، أما ما نراه من بعض شبابنا من سلوكيات وتصرفات وأفكار لا تمت للرجولة ولا لمعناها بصلة.. فهذه هرطقات مستوردة نرفضها ونرفض العمل بها
أيها الشباب في كل بلاد العالم العربي والإسلامي انظروا إلى رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم في شبابه وتعلموا.. انظروا إلى شباب عمر وأبي بكر وعثمان وعلي.. انظروا إلى شباب خديجة وعائشة وفاطمة .. انظروا إلى أسامة بن زيد، كيف قاد جيوش المسلمين وهو لم يتجاوز العشرين من العمر
أيها الشباب.. كونوا رجالا بالأفعال وليس بالشوارب واللحى والأقوال فقط.
_________________