من هم أهل البيت وما جاء في فضلهم
من هم أهل البيت وما جاء في فضلهم
قال الله تعالى: {إنَّما يُريدُ اللهُ ليُذْهِبَ عنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرَكُم تطهيرًا} [سورة الأحزاب/33]، وقد اختلف المفسرون في المراد بأهل البيت ها هنا على أقوال [1]:
الأول: أنهم نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهن في بيته، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وابن السائب، ومقاتل، وذهب إلى ذلك جماعة من المفسرين، وذكر المحتجون بهذا القول أن ما قبله وبعده متعلق بأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأجاب المعارضون بأن جمع المؤنث بالنون وسياق الآية: "عنكم" "ويطهركم".
الثاني: أنها خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، قاله أبو سعيد الخدري، وروي عن أنس، وعائشة، وأم سلمة رضي الله عنهم وواثلة بن الأسقع نحو ذلك، وحكاه جماعة من التابعين منهم مجاهد وقتادة رضي الله عنهما.
الثالث: أنهم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه، قاله الضحاك [2].
وأما حجة أصحاب القول الثاني أنه يدل على ذلك ما رواه مسلم [3] من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مِرطٌ مُرَحَّلٌ [4] من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: {إنَّما يُريدُ اللهُ ليُذهبَ عنكُم الرجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرُكم تطهيرًا} [سورة الأحزاب/33].
وما رواه الترمذي [5] من حديث عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم {إنَّما يُريدُ اللهُ ليُذهبَ عنكُم الرجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرُكم تطهيرًا} [سورة الأحزاب/33] في بيت أم سلمة فدعا فاطمة وحسنًا وحسينًا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجللهم بكساء ثم قال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا" قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله؟ قال: "أنت على مكانك وأنت على خير"، قال الترمذي: "هذا حديث غريب"، وأخرجه الحاكم [6] بنحوه عن ام سلمة وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه".
وأخرج الترمذي [7] عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساء ثم قال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا" فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: "إنك إلى خير"، قال الترمذي: "هذا حديث حسن وهو أحسن شيء روي في هذا الباب" اهـ.
وروى أيضًا [8] عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: "الصلاة يا أهل البيت {إنَّما يُريدُ اللهُ ليُذهبَ عنكُم الرجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرُكم تطهيرًا} [سورة الأحزاب/33]، قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه إنما نعرفه من حديث حماد بن سلمة، وفي الباب عن أبي الحمراء ومعقل بن يسار وأم سلمة" اهـ.
وأخرج أحمد والحاكم والبيهقي [9] واللفظ له عن واثلة بن الأسقع قال: جئت أريد عليا رضي الله عنه فلم أجده فقالت فاطمة رضي الله عنها: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه فاجلس قال: فجاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلا فدخلت معهما قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حسنًا وحسينًا فأجلس كل واحد منهما على فخذه وأدنى فاطمة من حجره وزوجها ثم لف عليهم ثوبه وأنا منتبذ فقال: "{إنَّما يُريدُ اللهُ ليُذهبَ عنكُم الرجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرُكم تطهيرًا} [سورة الأحزاب/33] اللهم هؤلاء أهلي اللهم أهلي أحق"، قال البيهقي: "هذا إسناد صحيح"، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".
وأخرج مسلم وغيره [10] عن سعد بن أبي وقاص قال: لما نزلت هذه الآية {فقل تعالوا ندْعُ أبناءنا وأبناءَكُم ونِساءَنا ونساءَكم وأنفُسنا وأنفسكم} [سورة ءال عمران/61] دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا وفاطمة وحسنًا وحسينًا فقال: "اللهم هؤلاء أهلي"، وعند البيهقي [11]: "اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي".
وأخرج ابن جرير [12] عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نزلت هذه الآية في خمسة: فيَّ وفي علي وحسن وحسين وفاطمة"، قال الهيثمي [13]: "رواه البزار وفيه بكر بن يحيى بن زبان وهو ضعيف" اهـ.
وعلى كل فإن القول الثالث هو القول المشهور الصحيح.
أما ما جاء في فضلهم في القرءان الكريم قوله تعالى: { إنَّما يُريدُ اللهُ ليُذهبَ عنكُم الرجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرُكم تطهيرًا} [سورة الأحزاب/33]، وقوله: {قُلْ لا أسئلُكم عليهِ أجرًا إلا المودَّةَ في القُربى} [سورة الشورى/23].
وأما الأحاديث في ذلك فكثيرة منها حديث مسلم عن عائشة رضي الله عنها المتقدم، وما رواه البخاري [14] عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: "ارقبوا محمدًا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته"، قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري ما نصه [15]: "يخاطب بذلك الناس ويوصيهم به، والمراقبة للشيء المحافظة عليه يقول: احفطوه فيهم فلا تؤذوهم ولا تسيؤا إليهم" اهـ، وهذا من أبي بكر الصديق رضي الله عنه دال على محبة عظيمة لعلي وفاطمة وللسبطين رضي الله عنهم.
وروى أحمد [16] عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله عز وجل حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض"، قال الحافظ الهيثمي [17]: "رواه أحمد وإسناده جيد" اهـ.
ويكفي في فضلهم ما رواه البيهقي والحاكم وغيرهما [18] من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا ما كان من سببي ونسبي" قال البيهقي: "مرسل حسن، وقد روي من أوجه أُخر موصولاً ومرسلاً" اهـ.
وأخرجه الطبراني في الكبير [19] من حديث جابر قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ينقطع يوم القيامة كل سبب ونسب إلا سببي ونسبي"، قال الحافظ الهيثمي [20]: "رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار ورجالهما رجال الصحيح غير الحسن بن سهل وهو ثقة" اهـ.
وأما ما ورد في كتب الاحاديث من فضائل كل من الإمام علي وفاطمة الزهراء وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين رضي الله عنهم فشيء كثير يضيق هذا الكتاب عن ذكرهم.
وقد ذكر الشيخ حسن العدوي في كتابه "مشارق الأنوار" ما نصه:
حبُّ ءالِ النبي خالطَ قلبي *** فاعذروني في حُبهم فاعذروني
أنا والله مُغرمٌ بهواهم *** عَللوني بذكرهم عللوني
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 11-19-2012 الساعة 12:22 AM
سبب آخر: تصحيح كلمة عائضة الى عائشة