دَعوا الوُشاةَ وَما قالوا وَما نَقلوا = بَيني وَبَينَكُم ما لَيسَ يَنفَصِلُ
لَكُم سَرائِرُ في قَلبي مُخَبَّأَةٌ = لا الكُتبُ تَنفَعُني فيها وَلا الرُسُلُ
رَسائِلُ الشَوقِ عِندي لَو بَعَثتُ بِها = إِلَيكُمُ لَم تَسَعها الطُرقُ وَالسُبُلُ
أُمسي وَأُصبِحُ وَالأَشواقُ تَلَعَبُ بي = كَأَنَّما أَنا مِنها شارِبٌ ثَمِلُ
وَأَستَلِذُّ نَسيماً مِن دِيارِكُمُ = كَأَنَّ أَنفاسَهُ مِن نَشرِكُم قُبَلُ
وَكَم أُحَمِّلُ قَلبي في مَحَبَّتِكُم = ما لَيسَ يَحمِلُهُ قَلبٌ فَيَحتَمِلُ
وَكَم أَصَبِّرُهُ عَنكُم وَأَعذِلُهُ = وَلَيسَ يَنفَعُ عِندَ العاشِقِ العَذَلُ
وارَحمَتاهُ لِصَبٍّ قَلَّ ناصِرُهُ = فيكُم وَضاقَ عَلَيهِ السَهلُ وَالجَبَلُ
قَضِيَّتي في الهَوى وَاللَهِ مُشكِلَةٌ = ما القَولُ ما الرَأيُ ما التَدبيرُ ما العَمَلُ
يَزدادُ شِعرِيَ حُسناً حينَ أَذكُرُكُم = إِنَّ المَليحَةَ فيها يَحسُنُ الغَزَلُ
يا غائِبينَ وَفي قَلبي أُشاهِدُهُم = وَكُلَّما اِنفَصَلوا عَن ناظِري اِتَّصَلوا
قَد جَدَّدَ البُعدُ قُرباً في الفُؤادِ لَهُم = حَتّى كَأَنَّهُمُ يَومَ النَوى وَصَلوا
أَنا الوَفِيُّ لِأَحبابي وَإِن غَدَروا = أَنا المُقيمُ عَلى عَهدي وَإِن رَحَلوا
أَنا المُحِبُّ الَّذي ما الغَدرُ مِن شِيَمي = هَيهاتَ خُلقِيَ عَنهُ لَستُ أَنتَقِلُ
فَيا رَسولي إِلى مَن لا أَبوحُ بِهِ = إِنَّ المُهِمّاتِ فيها يُعرَفُ الرَجُلُ
بَلِّغ سَلامي وَبالِغ في الخِطابِ لَهُ = وَقَبِّلِ الأَرَضَ عَنّي عِندَما تَصِلُ
بِاللَهِ عَرِّفهُ حالي إِن خَلَوتَ بِهِ = وَلا تُطِل فَحَبيبي عِندَهُ مَلَلُ
وَتِلكَ أَعظَمُ حاجاتي إِلَيكَ فَإِن = تَنجَح فَما خابَ فيكَ القَصدُ وَالأَمَلُ
بهاء الدين زهير
581 - 656 هـ / 1185 - 1258 م
زهير بن محمد بن علي المهلبي العتكي بهاء الدين.
شاعر من الكتاب، ولد بمكة ونشأ بقوص، واتصل بالملك الصالح أيوب بمصر، فقرّبه وجعله من خواص كتّابه وظلَّ حظيّا عنده إلى أن مات الصالح فانقطع زهير في داره إلى أن توفي بمصر.