شرح الصلاة المشيشة للشيخ سعد الدين العارف الحموي
ومن الشروح العظيمة على الصلاة المشيشية شرح سيدي الشيخ سعد الدين العارف الحموي
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح صلاة
سيدي العارف بالله عبد السلام بن مشيش
رضي الله تعالى عنه
الشيخ سعد الدين العارف الحموي
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، وبه نستعين، والعاقبة للمتقين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وحبيب رب العالمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته نجوم الدين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
لاشك أن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم امتثالا لأمر الله تعالى، وهي بلا ريب سبب للوصول إلى رضاه، كيف لا وقد رغب عليه الصلاة والسلام من الإكثار منها، وبين لنا ثوابها ودرجاتها، وكشف عن بصائرنا مكنون فوائدها ومزاياها، ولذلك تقرب العارفون إلى الله تعالى بها، وتنافس المتنافسون في التفنن بصيغها إلهاماً أو كشفاً أو مقاماً، شوقاً إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم واغتناماً، ومن جملة صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة المشيشية لمولانا العارف بالله تعالى سيدي (عبد السلام بن مشيش) رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا ببركاته وعلومه وأسراره، فلكمالها ودقة أسرارها شرحها كثير من العارفين والعلماء الربانيين تبركاً بها وإظهاراً لشأنها، ولنوال القرب من صاحبها، وبعث الهمة في قارئها وتاليها.
ومن المعلوم أن من جملة أوراد السادة الشاذلية رضوان الله تعالى عليهم والتي تقرأ صباحاً ومساءً هذه الصلاة المباركة، فأحببت أن أجمع منها ما تناثر، وأوضح منها ما تعاسر تبسيطاً لما أحكم، وتنويراً لما أغلق، كي يفهمها الصغير والكبير، والسالك والمريد، لتكون له خير معين في الطريق.
(ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
(صلاةـ سيدي ـ ابن مشيش رضي الله عنه)
اللهم صلِّ على من منه انشقت الأسرار وانفلقت الأنوار، وفيه ارتقت الحقائق، وتنزَّلت علومُ آدم فأعجز الخلائق، وله تضاءلت الفهومُ فلم يدركه منَّا سابقٌ ولا لاحق، فرياضُ الملكوت بزهرِ جمالِهِ مونقة، وحياضُ الجبروت بفيضِ أنوارِهِ متدفقة، ولا شيء إلا وهو به منوط، إذ لولا الواسطةُ لذهبَ (كما قيل) الموسوط، صلاةً تليقُ بك منك إليه كما هو أهله، اللهم إنَّه سركَ الجامعُ الدَّالُ عليك، وحجابُكَ الأعظمُ القائمُ لك بين يديك، اللهم ألحقني بنسبهِ، وحققني بحسبه، وعرفني إياهُ معرفةً أسلمُ بها من موارد الجهل، وأكرعُ بها من موارد الفضل، واحملني على سبيله إلى حضرتِكَ حملاً محفوفاً بنصرتك، واقذِف بي على الباطل فأدمغه، وزجَّ بي في بحار الأحدية، وانشلني من أوحال التوحيد، وأغرقني في عين بحر الوحدة، حتى لا أرى ولا أسمعَ ولا أجد ولا أحس إلا بها، واجعلِ الحجابَ الأعظمَ حياةَ روحي، وروحَهُ سِرُّ حقيقتي، وحقيقته جامع عوالمي بتحقيق الحق الأول، يا أولُ يا آخرُ يا ظاهرُ يا باطن اسمع ندائي بما سمعتَ به نداء عبدك زكريا، وانصرني بك لك، وأيدني بك لك، واجمع بيني وبينك، وحل بيني وبين غيرك، الله، الله الله، {إن الذي فرض عليك القرآن لرادُّكَ إلى معاد}، {ربنا آتنا من لدنك رحمةً وهيئ لنا من أمرنا رشداً}.
يتبع إن شاء الله تعالى